من وحي الحدث

بقلم
د.محرز الدريسي
انهيار الاستبداد: انتصار للحرية أم انتصار للدولة ؟

 مقدمة

 
انتهى العنوان أو العنــــاوين الأولـــى لبعض الثورات العربيـــة ولكن لم تكتمل بقية الفصول أو هي في حالة مخاض شدّيد. ويحق لنا السؤال بل من المفروض أن نسال مـــاذا بعد الحـــراك الثوري؟ وما هو الفصـــل العربي القادم الـــذي سيلي أو سيأتي بعد الربيـــع؟ ما هي المآلات الممكنــــــــة للثورات العربيـــــــــة؟ وما هي ملامح ما بعد الاستبداد؟هل سيكون الزخم السياسي سندا للحرية كقيمة فردية ومجتمعية وإنسانية أم سيكون مجرد تغيير "اللاعبين" السياسيين؟هل يفضي الربيع العربي إلى براعم الحرية أم إلى تجديد وتجدد أظافر دولة الاستبداد؟
 
لقد أحيت ثورة تونس طلبا اجتماعيا وسياسيا عميقا لفك عقدة الاستبداد التاريخي، وفتحت فرصا جديدة للانتقال من التفكير النظـــري والمجــــرد فــــي الديمقراطيــــة إلـــــى التفكير العملي في الديمقراطية، بجعلها في قلب التحولات السياسية. وأدخلت عوامل جديدة في مقاربة الانتقال الديمقراطي لتجاوز أوّلي لمآسي القمع والقهر.
يمكن ضبط الفرص في ثلاثة عناصر رئيسية:
(1) لم تسقط بعض الأنظمة الاستبدادية فقط، بل انهيار منظومة الاستبداد ككل.
(2) إحياء فكرة الوطنية و انبثاق روح إعادة صياغة التضامن الجماعي .
(3) حضور مكثف لمبدأ الانتصار لقيمة الحرية ومركزية الديمقراطية في بناء دولة المجتمع.
 
هذه الفرص الثلاث، وهذه الإمكانات المتاحة تواجهها جملة من التحديات والمآزق، تجعل من الوضع الثوري القائم في البلدان العربية ليس حالة انسيابية وسلسة أو وضعية ميكانيكيــــة تنتقل من طـــــور إلى طـــور أو من خطوة إلى أخرى،أو تتناسخ فيهــــا المســـارات من منطقة إلى منطقة، بل معادلة مركبــة مفتوحــــة على كافة الاحتمالات. ونحدد أربع تحديات رئيسية:
 
(1) تركت الأنظمـــــة المنهارة دولة غير مؤسسة على مبدأ أخلاقــي أو قانوني، وغائبة فيها المؤسسات والقيم، ولا تتضمن إلا الولاء والانتماء الشخصي ومنطق "الشللية".
(2) كيفية الانتقال من أنظمة مغلقة تندمج فيها الدولة بالحزب الحاكم وذات طابع أبوي مشخصن إلى أنظمة سياسية مؤسســـة على التعددية والمشاركة الشعبية.
(3) يلامس الحراك السياسي المجتمعات العربية- مع اختلافات طفيفة- ومؤسساتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية، في حالة من التهافت والهشاشة و العطالة شبه المطلقة.
(4) تعيش مجتمعاتنا وفئة الشباب خاصة أزمة انتماء وأزمة هوية أحدثت شرخا في ثقافته الوطنية ووضعتها بين كماشة التجاهل والتقديس وفي محنة الاستئصال والتقليد.
إن طرق التعاطي مع هذه التحديات ومواجهتها، يمنح التغيير الشعبي عمقه و يضفي على ثورته ملامح ابتكارية، ويعطي للتحولات السياسية في كل البلدان العربية أرضية اختمار تاريخي بإعداد شروط إمكان تحقق البناء الديمقراطي بما هو جوهر الحداثة ومقدمات تحققها.
 
الحرية جوهر الحداثة و الديمقراطية مدخلها الحقيقي
 
نفترض ونأمل أن الحراك الثــوري سيدخـــل المجتمعات العربيـــة في مسارات الحداثة بما هـي تعبير عن حرية الإنسان والمجتمعات ، وبما هي عقلنة للشأن السياسي في مبادئه وآليات اشتغاله ، فهابرماس يؤكد في قراءته لنظرية ”ماكس فيبر“ أن الحداثة عقلنة شاملة، وأن الحداثة ملازمة للعقلنة (1)، وأنها تنشئ مجتمعا غير قائم على الإكراهات والقمع، وإنما على التفاهم والتعاقد وفكرة طاعة القانون. وهو ما تفطن إليه رواد المدرسة الإصلاحية العربية من أن الحرية تفضي إلى الديمقراطية وأن الديمقراطية تتأسس على الحرية. فكتابات الجيل الأول التي تشمل كل من رفاعة الطهطاوي(2) وخير الدين التونسي (3) وابن أبي الضياف (4) وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، و حتى الجيل الثاني ممثلا أساسا في عبد الرحمان الكواكبي (5) أكدت أن التحديث السياسي مدخل لا مناص منه للحداثة المجتمعية ومقدمة ضرورية للنهوض الفكري والمجتمعي. فقد كانت البدايات الفكرية العميقة للإصلاحية العربية اكتشاف الاستبداد ومعاينــة ضرره، وبلورة معانيه، والأهم تنظيم مقارعته نظريــــا ومقاومته عمليــــا وإن كان بدرجة أقــــل، و تركزت مساهماتهم على ثلاث مسائل:
* نقد الاستبداد وإبراز مفاسده
* المطالبة بالإصلاح والدستور 
* إبراز فكرة مدنية السلطة في الإسلام لتجريد الحكم الاستبدادي من أي شرعية دينية
 
ويمكننا استنتاج أن المقاربة الإصلاحية مسّت "المأزق" الحقيقي لتعطب الحداثة وانغلاق أبوابها في مجتمعاتنا العربية، و أن  جوهر "الحداثة" أو ماهية "التقدم" تتمثل في إعادة صياغة علاقة الحاكم والمحكوم، وفق تصور بشري للحقل السياسي يشتغل على قوى سياسية وقوى اجتماعية وإرادة عامة. وأن الإنسان هو منطلق السياسة ومبتغاها ، لذا سعت إلى نزع طابعها الأخلاقي،أي تحديد طبيعتها وخاصياتها وفواعلها،وبالتالي أنسنة السياسة.
 
إلا أن التحديث السياسي اصطدم من ناحية بقوّة استعمارية جمدت وعطلت الانتقال إلى الحداثة، ومن ناحية أخرى احتكرت "الدولة الوطنية" الدولة وأفرغتها من قدراتها واختزلت دورهـــا التنمــوي في الاقتصادي دون البشري،مع خصوصيات في تجارب نظم الحكم العربية، و لم تشتغل مطلقا على التنمية السياسية بل رأت فيها برنامجــــا مؤجــــلا وغيــــر ذي جدوى وأنه ليس من أولوياتها على طاولة الحكم. وحتى القوى السياسية التي طرحت مشاريع تحررية ووحدوية لم تساهم إلا في تضخّم الدولة كآلة وأجهزة ، وتعاملت مع المواطنين كرعية، وحولت الدولة إلى "تنّين" بعبارة توماس هوبز، بمعنى أداة للاستبداد والقهر وتحقيق مصالح الفرد والأسرة والجهة ووسيلة للفساد والإفساد، وجعلت "الوطن حمارا" بعبارات عبد الرحمان منيف(6). هذا السلوك القهري للدولة "الوطنية" وتجاهلها للمطالب الإصلاحية الحيوية، جعل النظم أنظمة للفساد،لافظة المجتمع خارج فضاء الحداثة، و بان الاستبداد محملا بكل خيبات الشعوب العربية وانكساراتها، وانسداد الآفاق أمام تحقيق تطلعاتها في مختلف المجالات. فالاستبداد قيد الحريات وخيب الآمال وغذى التوترات و حصد الفشل واستباح كرامة الشعوب وعمّم الاحتقار "الحقرة". لكن بقي النزوع نحو الحداثة حاجة ملحّة ومطلبا ضاغطا، وإن كان بشكل خافت ومتردد، ومناضلا أحيانا قليلة، ذلك أن خصوصية السلطــــة وطبيعــة حكمها القسري، جعل من الحداثة أمرا مأمولا وغير واقعي، منشـــــودا وغير قائــــــم. و إذا سلمنا أن لا حداثة دون حريـــة ولا حرية دون ديمقراطيــــة، نتوصل إلـــــى أن بلداننا لم تدخل الحداثة بعد وأنه دون حرية لا يمكن الولوج إلى الحداثة في معناها العميق. وأن التحولات السياسية الخام في مجتمعاتنا تشكل أرضية تاريخية لاستنبات الحرية وخصالها الإنسانية، وتوطين الديمقراطية ثقافة و مؤسسات، وتؤسس لواقع عربي مغاير، أليست الحداثة في ماهيتها مغامرة ضدّ التقليد والمخاطرة ضدّ الخنوع؟ ألا تعد الحداثة انتصارالعبد على السيد كما يبين هيغل في جدلية العبد والسيد؟
 
انهيار الاستبداد وولادة الحرية
 
ما حدث في البلدان العربية منذ الاحتراق الرمزي للشهيد محمد البوعزيـــــزي يـــوم 17 ديسمبر2010 إلى انهيار الاستبداد ومحو الرموز المشحونة بالقهر والفساد، وما تبعه من حراك سياسي ومسارات انتقالية واستتباعات إصلاحية وزخـــم قيمي. انهار الاستبــداد لأن شرعيته ومشروعيته  تآكلت من الداخل وسقطت عنه "ورقة التوت"، وانكشف عقمه في تحقيق الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية، وانتهت أدواره المعيقة والمعطلة. وهنا تبرز قوّة الربيع العربي في إثبات حالة التغير العميق وتعزيز الرغبة المتفاقمة نحو الحرية والكرامة، وفي فتح الأبواب المغلقة أمام البناء الديمقراطــــــي وإعــــادة صياغـــة النظام السياســـي على أرضية دستورية وقانونية وشعبية ومؤسساتية جديدة. كما تتيح الوضعية التاريخية الجديدة إمكانية دفع المنطقة العربية نحو ظروف سياسية واجتماعية وثقافية أفضل، تمكنها من تجديد الحياة السياسية وتدعيما لتماسك الاجتماعي والتضامن المجتمعي وتحسين دورها الحضاري. ويبقى السؤال مشروعا، هل يعزز انهيار الاستبداد شروط إمكان دخول العرب في عصر الحداثة؟ هل دخلت شعوبنا مرحلة الحرية؟ هل نحن في مرحلـــــة ما بعد الاستبداد أم في مرحلة ما قبل الديمقراطية؟ هل يمكن انهيار الاستبداد من بناء ثقافة جديدة وإنشاء مؤسسات مغايرة وإقامة شبكة قيمية حديثة؟ 
 
يوجد في تونس - كمثال- إحساس عميق بضرورة استكمال أهداف الثورة وإنجاح التجربة الثورية بمشتقاتها المؤسساتية والدستورية والقانونية والثقافية. وبما أن فكرة "الدستور" جذابة تاريخيــا، حيث أن أول دستور في المنطقة العربية كانت صياغته تونسيــة سنة 1861 ، مرورا بشهـــــداء 9 أفريل 1938 منادين ببرلمان تونســـــــي تحت الاستعمـــــار الفرنســـــي، اعتبرت الانتخابات – بعد 14 جانفي 2011- الأداة الواقعيــــة والمؤسساتية للثــــورة، ووسيلة التعبير عن الإرادة العامة، وأسلوب تجسيم السيادة الشعبية و حـــــل الخلافات. و دون الدخــــــول في تفاصيل الأحداث أو قراءة ما فوق الأحداث وما تحت الأحداث، فإن الحراك التغييري، والمــد والجـــزر في صناعة الأحداث، والمخاض التدافعي للتجاذبات السياسية والحزبية، التي نعيشها منذ قرابة السنة، أدت إلى مسار تونسي متمحور حول فكرتي الانتخاب كأسلوب، والدستور كهدف وأساس، ولم تكن هذه الأفكار أو البرنامج الشعبي منذ البدايــــــة، بل تبلورت في نسق تصاعدي تدريجي لسقف المطالب السياسية، حتى بعد رحيل الدكتاتور. وقاد الوعي الحسي للجماهير نحو رغبة حقيقية لاستكمال المسار الثوري، والإطاحة بحكومات بقايا الدكتاتورية، ورفع شعار محوري "الحجامة في السعودية والعصابــــة هي هي" بمعنى المطالبة بتطهير الحكومات الانتقالية من كل رموز الفساد، وتعطيل العمل بالدستور القديم، والدعـــــوة إلى تكوين مجلس تأسيسي مرورا بالانتخابات.
 
أفرزت الثورة التونسية وعيا سياسيا ونواة ثقافة سياسية تحتاج للإثراء والتعميق، نحددها ضمن أربع نقاط مكثفة:
• تجاوز الاستقطابات الإيديولوجية والسياسية ووحدة صف مختلف القوى السياسية والمدنية وأن الثورة اتسمت بطابع ما فوق حزبي وما فوق إيديولوجي.
• ارتفاع منسوب الفداء والتضحية والمغامرة وتقلص الفوائض الذاتية وانحصار دلالاتها الفردية.
• إحياء قيم الوطنية وثقافة الانتماء وترسخ التضامن والتساند وانبثاق روح الجسد الاجتماعي.
• سريان روحانية ونضالية صافية و إيمان بالقدرة على التأثير والفعل والتغيير.
 
أنجزت انتخابات بتاريخ (23 أكتوبر 2011) وعدّ الاقتراع اليوم الثاني للثورة، و تمّ تحت تشكيك مضخم بصعوبة انجاز انتخابات شفافة وحرّة ومستقلة. وبغض النظر عن نتوءات  وفجوات الانتخابات، وما رافقها من مفاجآت التشظي والتشرذم وانفلات التشكلات الحزبية، وبروز نزعات ما تحت الوطنية من قبلية وعروشية، وعودة للتكتلات التجزيئية، وهي فعلا صورة مناقضة لحراك الثورة. و رغم ما شابها من خروقات طفيفة، كانت مناسبة مرئية ومقروءة لقيس مدى انخراط الشعب في الفعل الثوري، وتدعيمه واستكمال أهداف الثورة عبــــــــر المشاركة المكثفـــــة في الانتخابات، وهو ما لاحظناه بشكل جلي في كل من تونس ومصــر، و كأن نداء واحــــدا سكن جميـــع المواطنيــــن، وحفزهم للدفـــاع عن ثورتهم عبر صناديق الاقتراع. وأحدثت نتائج الانتخابات مفاجأة، فحزب النهضة تحصل على 89 مقعدا من 219 مقعدا بنسبة 37,04%، أما حزب العدالة والحرية "الإخوانـــي" فقد تحصـــل على 38% من مقاعد مجلس الشعب وحزب النور السلفي قرابة 29%. وأنا لا أحبذ الدخول في قــراءة "أريتميتية" أو "إحصائية" للنتائج وتجاويفها، لأني أعتقد أن انجاز الانتخابات في حد ذاته انتصار في ظروف "الانفلاتات الأمنية" وتضخم "الشكوك" حول مسارات الثورة ومآلاتها و"التهديدات" المعلنة والمضمرة. 
 
و تتضاعف المفاجأة مع حزب النهضة في تونس، حيث استطاع رغم القمع و العسف والتهجيـــــر والتجويــــع أن يتحرك بجـــلاء في المشهد الانتخابي، وبين أن لديه "ماكينة"( آلة) انتخابيــــة وأنه يمتلك حسا شعبيا قريبا، وخطابا مبسطا و يتحرك داخل فضاء الهوية والانتماء الحضاري، ويشتغل ضمن "رأس المال الدينـي". و يظهر إرباك "أول" يتمثل في انتشار لافت لخطاب الحركات الإسلامية أو الحركات "العاملة باسم الدين" بعبارة صلاح الدين الجورشي (7) وانتشار مظاهر التدين ، أما الإرباك "الثاني" فيتمثل في صعود هذه الحركات إلى سدّة الحكم. ولن أتعرض بالتحليل لردود الفعل المتشنجة لمن فاجأتهم نتائج الانتخابات من "إهانة" للشعب ووصفه بالجهل والتصويت ضد مصالحه، هذه المواقف الانفعالية ستشحن الساحة السياسية بعناصر توتر شديد. وفي قراءة انطباعية عامة للنتائج تبدو مخالفة لما تعلمناه في مناهج العلوم الإنسانيـــــة والعلوم الاجتماعية التي تقضي بأن المجتمعات تسير في اتجاه استيعاب القيم العقلية والمدنية، مع تراجع القيم الدينيـــة، هل البلدان العربيـــة تشكل استثنـــاء؟ أو بلغة برهان غليون "كيف يمكن تفسير هذا الشذوذ التاريخي؟"(8). فازت القوّة الإسلاميـــــة مقابــــل القوي التي ترفع عناوين الحداثة والعلمانية، والنتيجة الواضحـــــة بالأرقـــــــــام أن "الحداثيين" انهزمــــوا في الانتخابات، والأهم من كل ذلك أن الانتخابات المستقلة والشفافة قد نجحت، ووضعت اللبنات الأولى في العمارة الديمقراطية. وبالتالي يمكن القول أن الحداثة بما هي تحرير الدولة وتحرير الفضاء العمومي،و أنسنة الفضاء السياسي، شكلت منعطفا حضاريا يتيح إمكانية الالتقاء بين الدولة والشعب وبين السياسة والقيم وبين الحكم والحرية. هل أن الانتخابات بطبيعة النتائج التي أفرزتها تؤشر على تحولات سياسية أفقية ؟ هل تكون الانتخابات بوابة البناء الديمقراطي وإعادة تشكيل النظام السياسي؟وإذا أردنا توصيف اللحظة الحالية بتونس بدقة، ودون أن نكون لا متفائلين ولا متشائمين،  فنحن في مرحلة ما بعد الاستبداد، وأن الانتخابات أغلقت الباب أمام كل التفاف آني أو اختطاف للإرادة الشعبية ولكنها لم تغلق إمكانية الالتفاف أو اختطاف الدولة أو تجويفها من كل روح ديمقراطية. و الاحتكاكات التي وقعت، والخلافات المحتدمــــة بيـــن الفاعلين في المشهـــد السياسي، وضيـــــق أفق التسامح وتقلص هوامش قبول الاختلاف، تغذي التنافــــــــــي وأوصلتـــه أحيانـــــا إلى التصادم، وقد يفضي إلى الإحتراب. وهذه التعثرات وهذا التـــــردد يؤكد أن التجربة لازالت في مرحلـــة ما قبل الديمقراطية ثقافة وقيمــــا وأخلاقـــــا ومبادئ، فغياب الديمقراطية كما يرى الجابري "غياب مضاعف، فهي غائبة ليس فقط علــــــى مستـــوى ”السياسية“ (9) أي مرتكزات الحكم وأسلوب الحكم، بل أنها ”غائبة  في مستوى الإيديولوجيا“(10) أي بنية الثقافة. 
تشكلت الحكومة  في الحالة التونسية ضمن ائتلاف ثلاثي "الترويكا"، و تضم جبهة تجمع بين الإسلاميين والعلمانيين، وهي مسألة إيجابية في توصيف أولي، أن تدار شؤون الدولة بصفة مشتركة،وتم توزيع الرئاسات الثلاث، و تقاسم المناصب والوزارات . إلى حد الآن يبدو الأمر عاديا والمسار التونسي بخصوصياته وسياقاته وفاعليه يقدم مشهدا متميزا ومثيرا للإعجاب والاحترام.لكن مع هذا الهدوء الصارخ، نحن إزاء وضعية سياسية 'شبه سريالية" ، فقيادات النهضة انتقلت من سراديب السجن إلى سرايـــا الحكـــم، وتحولت من فتـــرة "كسر العظام" إلــــــى "إغماءة السلطــــــة"، ومــــن "سنــــــوات الجمــــــــر" إلى "حرير الدولة".فكيف ستتفاعل القوّة الإسلاميــــة الحاكمــــة مع جاذبية السلطة ورهانات الانتصار للحرية ؟ هل تنزع السلطة الجديدة نحو بناء دولتها أم بناء دولة تختزن معايير الحرية  وتسودها قواعد الديمقراطية؟
 
السلطة المنتخبة: جاذبية الحكم ورهانات الديمقراطية
 
من اليسير اللجوء إلى تفسير صعود الإسلام السياسي إلى الحكم  باستغلال الدين "كرأسمال انتخابي أو سياسي"، وهو تبرير تبسيطي، لا يمتد إلى عمق الحراك المجتمعي الباحث عن حاجات حقيقية للدين،وعن طلب ملح - مع التحولات العالمية وفقدان المرجعيات الإيديولوجية- عن هوية . ويتطابق ذلك مع ما ذكرنـاه أن الثورة وضعت مجتمعنا في دائرة الحداثـــــة والديمقراطيــــة، وأن الحداثة تنطلق مـن الداخـــــل ومـــــن الذات الثقافيـــة، والدفــاع عن الخصوصيـة. ألا يوجد طلب اجتماعي حقيقي للهوية وبين مكونات الخطاب الذي تقترحه النهضة؟ ألا توجد حاجات فعلية للدين تماهت مع شعارات النهضة؟ فهل يمكن تطبيق الحداثة السياسية أو الحداثة في بعدها الفكــــري بعد الحراك الثــــوري؟ وهل بإمكان القوى الإسلامية ممثلة في حزب النهضة إقامة حداثة سياسية؟ أي بعبارة أخرى هل يقدر الإسلاميون على بناء دولة ديمقراطية مدنية؟ وهل باستطاعة القوى الإسلامية أن تنضج الثورة وتحقق أهدافها؟ وهل يمكن للنهضة أن تنهض بأعباء الحكم في أفق يتجاوز التدبير والتصريف إلى نهضة حقيقية تشمل جميع المجالات؟ وهل تقدر على عقلنة الحياة السياسية ودمقرطتها؟ أم ستعيد إنتاج الدولة- الرعاية والدولة- الآلة؟ هل تقدر على إنتاج أسلوب جديـد في الحكم يستند إلى الحوكمة الرشيـــدة أم ستغير  وجـــوه الحكـــام و إفراز نخبة استبدادية جديدة تحيط بها هوامش المستنفعين، وطبقة زبائنية جديدة أو قديمة -جديدة؟ وهل يمكن للقوى الإسلامية أن تؤسس لفضاء حرّ يتيح الإبداع والاجتهاد؟ولأننا كباحثين وكفاعلين في الحقل السياسي والثقافي، نرغب بشدّة في نجاح التجربة الديمقراطية أي كان الفائز، وأن تكون منارة لتجارب سياسية أخــــــرى، نرى مـــــن الواجب المعرفـــي البحث والتساؤل عن المآلات الممكنة والاستعداد لتجاوز المآزق، نطرح خمس مفارقات رئيسية، بدون تجاوزها تبقى التجربة تهددها العواصف والمناورات. ويتوقف نجاح الحركة الإسلامية في لعب دور ايجابي في إعادة بناء الدولة والمجتمع السياسي علـــــى مدى قدرتهــــا على الحسم في طبيعة نشاطها الرئيسي وتجاوز التناقضات الفكرية التي ما تزال تعيق حركتها وتشوش وعيها وتبعث التخبط في سلوك جمهورها. ولأننا كباحثين وكفاعلين في الحقل السياسي والثقافي، نرغب بشدّة في نجاح التجربة الديمقراطيـــــة أي كان الفائـــــز، وأن تكون منارة لتجارب سياسية أخرى، نرى من الواجب المعرفي البحث والتساؤل عن المآلات الممكنة والاستعداد لتجاوز المآزق، نطرح خمس مفارقات رئيسية، بدون تجاوزها تبقى التجربة تهددها العواصف والمناورات. و يتوقف نجاح الحركة الإسلامية في لعب دور ايجابي في إعادة بناء الدولة والمجتمع السياسي على مدى قدرتها على الحسم في طبيعة نشاطها الرئيسي وتجاوز التناقضات الفكرية التي ما تزال تعيق حركتها وتشوش وعيها وتبعث التخبط في سلوك جمهورها.
 
المفارقة الأولى: ثنائية الدين والمجتمع
 
لا شك أن التصويت لقائمات الأحزاب الإسلامية (النهضة في تونس-العدالة والتنمية في المغرب- العدالة والحرية في مصر-...)، يدل عن فوز انتخابي كمي واضــــح، كما يعبر عن الانتصار لتيار يدعي الدفاع عن الخصوصية مقابل الاغتراب والمنحى الشعبي تجاه المنحى النخبــــوي. إذ لا يمكن إخفــــاء أن التنافـــس تم على أساس الهوية واستثمار "الرأسمال الدينـــي" و" رصيد التضحيات الكبيـــرة" في الحالة التونسية خاصة، و لم تكن للبرامج السياسية والاجتماعيـــــة والاقتصاديـــــة حضـــورا في الجـــدل السياســــــي والانتخابـــــي والإعلامـــــي. و هذا الفوز يمكن تفسيره بمتغيرات عديدة منها صلابة المكون التنظيمي للحركات الإسلامية وطبيعة خطابها المبسط وملامسته للمشاعر الدينية. مع وعينــــا أيضــــا بأن الإقبــــــال علــــى "الإسلاميــــة"، يشير إلى أن المصادر التعبوية واسمنت التماســك الاجتماعــــي فقــــدت شحنتهــــا مــــع الشعب، وأفضــــت إلــــى القطيعــــــة بين الدولة والمجتمع . لذا هناك بحث مجتمعي حثيث عن معايير جديدة للاجتماع المدني وحوامل مغايرة للاجتماع السياسي. ومقابل ذلك أو كردّ عن هذا "الانكسار" شكل الانتعاش الديني "مرجعا" و"الإسلامية" إحداثية و"الصحوة" تجسيما للحراك المجتمعي والتاريخي، "حيث يلتقي الدين المهمش بالشعب المستبعد من الحياة والحضارة، ليجعل منه قاعدة وإطارا  للاندمــــاج خــــارج الدولـــة أو ضد النظام".(11)
 
فبعد اتفاقيات "كامب دايفيد"(1978) لوحظ الإقبال الكبير على الأفكار الإسلامية بكافة تلويناتها، مقابل ضمور الأفكار العلمانية وتراجعها في الوعي والشعور وانكماشها في الفعل السياسي.ولعل انهيار التجارب الوطنية والليبرالية وسقوطها في منطق الدولة المهيمنة وتلبسها لبوس الاستبداد، وغلقها مساحات الحريات الشخصيــــة والعامــــة، عــــزّز "اللجوء" إلى الشعور الإسلامي كمصدر للإحساس بالذاتية الحضارية. فتجاه الدولة المستبدة واللامؤسساتية واللاقانونية، عدّت الأفكار الإسلامية في تعبيراتها المتنوعة حاضنة للهوية والحامية للخصوصية وعنـــــوان معارضـــــــة الفســــاد والقمــــع، وغذى "الإسلام السياسي" أحلام السيادة والحرية والعزة والكرامة والاستقلال، مقترحا موارد تجديد قيم التماسك الاجتماعــــي والتضامــــن المجتمعـــــي. ومن بين دلالات الطلب الاجتماعــــــي المكثف، جعــــل من الحركات الإسلامية مدار القوى السياسية والاجتماعية الفاعلة في المجتمعات العربيــــة، وهذا التطابـــــــق بين الحاجة الاجتماعية والطلب التاريخي للقـــــــوى الاجتماعيـــة مع الخطاب الإسلامي يفسر تنامي الحركات الإسلامية وانغراسهـــــا في العمق الشعبي وفي صفوف المعارضة ووصولهــــا أو وصول بعضهـــا إلى سدّة الحكم.
 
و يبرز الدين في خطابها النظري أو الفقهي أو السياسي كإحياء للمعاني الروحية وللصفاء العقائدي والإيمانية العميقة، بل يبدو كخطاب "جامع مانع" بعبارة الفقهاء، وأن الدين صالح لكل زمان ومكان وأن "الإســــلام هو الحـــل"، وأن الحلول لابد وأن تنطلق من التراث أو "الفهم الحقيقي للإسلام". فالإسلام كما يقول حسن البنا "نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعا، فهو دولة ووطـــن، أو حكومة وأمة، وهو خلق وقوة، أو رحمة وعدالة، وهو ثقافة وقانون،أو علم وقضاء، وهو مادة وثـــــروة، أو كسب وغنـــى، وهو جهــــاد ودعــــوة، أو جيش وفكـــرة، كما هو عقيدة صادقة وعبـــادة".(12) تـــــــــوارت بعض هذه الشعــــــارات "الطوطم"   - في سياق الحراك الثوري- دون أن تختفي تماما، لتفسح المجال للحديث عن مفردات وقاموس خاص بالديمقراطية وحقوق الإنسان والدولة المدنية. و نحن لا نعلم هل أن ذلك تم تحت ضغوطات موضوعية أم أن ذلك نتاج تطور في الفهم والمقاربة و مراجعات نظرية؟  فالحديث أو العمل على "أسلمة"  المجتمع وإعادة نشر أشكال التدين كنمط أو أنماط محددة،وحتى بإعادة تربية أفراد المجتمع من القاعدة إلى القمة، يحجب عنا رؤية أن الحركة الإسلامية ليست إلا قراءة للدين أو مقاربة في التأويــــــل أو مدرسة في فهم الإسلام. و أن أشكال الإسلام والدين والتدين متنوعــــة، وأن صفة "الإسلامية" أو "الإسلاميين" ليست إلا صيغة من صيغه المتعددة تاريخيا أو واقعيا مثل الليبرالية أو التنويرية أو اليسار الإسلامي و حتى أطياف اليسار الأخـــــرى لديهــــا تصورا للدين وفهما للإسلام ومنزلته في المجتمع. 
 
وتتعلق المفارقــــة أساســـا بأسئلـــــة تمــــس الدين والسياسـة، أي ما هو دور الدين في الحياة الاجتماعية؟ إلى أي حد لا يزال الدين يشكل مكونا فاعلا في تكوين الوعي المدني ؟ هناك صراع خفي يدور لاحتكار صفة الإسلامية أو الدخول في صنافة معينة  تجعل النظر إلى الإسلام القائم أو التعابير الإيمانية القائمـــة بأنها "خاطئــــة" أو "معوجة"، يعني رفض مقاربة  دينامية الإسلام في تشكلاته التاريخية وتطور تعبيراته و ثراء تجاربه التاريخية والشعورية والفكرية، والاحتماء بصورة ثابتة ولا تاريخية للديــن. وتؤدي إلى مجموعة من التخوفات في المعادلة الجديدة بين "القوّة الإسلامية" و"السلطة " تتعلق:
•  بفرض نمط أحادي لا تعددي في التعاطي مع أدوار الدين ومهامه في المجتمع.
•  بتحول الدين إلى مجرد واجهة دون عمق حقيقي يعيد صياغة الإنسان كفاعل.
•  بإقحام الدين في الصراعات السياسية والاجتماعية والمدنية يفقده روحانيته.
•  بإحياء الدين التقليدي بتراكماته التاريخية دون تجديده.
 
والتخوف، أن يحتكر "الإصلاح" الديني - إن تم-  وأن يضفي عليه طابعا رسميا، مما يفقده زخم الحراك الاجتماعي والفكري والقيمي، وأن يدخل السوق السياسية الاستثمارية، أو ما بعبارة عبد الإله بلقزيز "المضاربة"(13). إن فرض قراءة وحيدة للدين يعيق الديمقراطية والحرية و الإصلاح الديني، ويعيد تثبيت موقف الدولة أو دين الدولة. بينما المطلوب تشجيع القراءات وفتح أبواب الاجتهاد وإخراج الدين من بوتقة القراءة الأحاديــــة أو التقليدية، حتى لا يتحول الدين ضد المجتمع أو تجييش المجتمع ضد الديــن. في حين أن المطلوب أن تتقدم  مكونات المجتمع على طريق تحرير الدين من الاستغلال الحزبي لا بالقطع التــــام أو الرفض المطلـــق أو التعامل التكتيكي، بل أن يعيد الإصلاح الديني للإسلام دوره النهضوي والمحفز. إن أي محاولة لاختزال الدين كدعامة سياسية أو حامل لعقيدة سياسية  لن يعيد إلا إنتاج القمع، إذا وظف الدين من السلطة لأي غرض من الأغــــراض، قد يصبــــح في تضــــاد مع المجتمع وفي مواجهة مع قواه، مما يفقده عمقه وزخمه ويزج به في الصراعات الاجتماعية. و تبين العلوم الاجتماعية أن للمجتمع حاجياته و مطالبه ومصالحــــــه، ومن خــلال توافق قواه الذاتيــــة يفرز فهمه للدين وأشكال تدينه، والدين ليس خارج المجتمع ولا فوق المجتمع، بل هناك تفاعل يجعل الدين معززا لقدرات المجتمع ومحفزا لاستعدادات أفراده. فالاجتماع المدنــــــي يحتاج إلى الديــــن كحاضــــــن للخصوصيـــــــة ودافـــــــــــع للعطاء، وان تنشـــئ "الإسلامية الحاكمة" نمذجة جديدة تؤلف بين قيم المواطنة كأساس عصري للاجتماع المدنــــي، دون أن تكون في تعارض مع العمق الإيماني. وأن تصوغ معادلة جديدة وتركيب منسجم في مستوى الإيمان والوعي والسلوك، وطبيعة الانخراط  المجتمعي، تتعالى على تناقض الإيمان الكلي والمواطنة، أو المؤمن والمواطن. و أن تبقى السلطة وأجهزة الدولة محايدة في أدوار الدين ومهامه وبين "الأدلجة" أو "الأسلمة" و"مراقبة القلوب"، وتوفر أرضية حرية التفكير والتعبير والإبداع. 
 
وبعد الثورة العربية حيث أن المجتمع المتحرك في حاجة إلى ضبط إحداثياته ومرجعياته بشكل ذاتي وقاعدي، يمنح المجتمع المدني فرص التجلي المؤسساتي، والتخوف أن تستثمر "السلطات الجديدة" المشاعر الدينية للإحاطة بالمجتمع وضبط فواعله وآلياته. وحتى ينفذ تناولنا للعمق الفكري، يعيش المجتمع حالة من  التلاشي والإنفلاش تتطلب إعادة تأسيس "الجماعة الوطنية" و تجذير الولاء للوطن،يمثل الدين كإطار حضاري مع بناء الاجتماع الوطني على أساس الديمقراطية وبناء دولة متصالحة، ودين المجتمع يمكن أن يحول كافة القوى الاجتماعية إلى قوّة حقيقية في صياغة مشروع وطني يمتلك شروط الإنجاز التاريخي ويشحذ الهمم وإرادة المعرفة وإرادة الحياة وإرادة التعبير. فكيف سيتم التوفيق بين تقوية النوازع الدينية والمواطنة؟بأي مضمون ستشحن المواطنة كمبدأ حداثي، الذي يعني أن كل فرد يساهم في بناء السيادة العامة وتأسيس السلطة والعقد الاجتماعي، وهي أرضية الوحدة الوطنية، والمواطنة لا تنفصل عن الاعتقاد بأن العقل البشري هو المبدع للحلول ولأشكال التفاهم والتواصل الاجتماعي والتنظيم،و السؤال الرئيسي ما مدى قدرة السلطة الجديدة على أن تكون إطارا للتعبير لا سلطة مهيمنة وفضاء للحرية لا مجتمعا مقولبا؟ والتأرجح بين الإسلام دين ودنيا والإسلام دين ودولة، يجعل من: كيف يكون الدين باعث مقدرات ومحفزا للعمل والجهد.هل إن ظاهرة الإسلام السياسي مجرد حالة انتقالية لمرحلة حرجة أم أنها بداية تحول وتغير حقيقيين؟ هل ستنقص حرارتها الإيديولوجية أم ستتضاعف؟
 
في العدد القادم 
 
* المفارقة الثانية: ثنائية الشريعة والتطور
*المفارقة الثالثة: ثنائية الديمقراطية والشورى
*المفارقة الرابعة: ثنائية الدولة- الآلة والدولة- الإطار
*المفارقة الخامسة: ثنائية العقيدة والثقافة
 
 
المراجع
 
(1) - 
Habermas, Jurgen.La technique et la science comme idéologie, Paris, Gallimard, 1973.
(2) - الطهطاوي، رفاعة رافع. تخليص الإبريز في تلخيص باريز، الدار العربية للكتاب، طرابلس، 1991.
(3) -  خير الدين، التونسي.أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك، الدار التونسية للنشر، تونس، 1986.
(4) - ابن أبي الضياف، محمد.إتحاف أهل الزمان بأخبار تونس وعهد الأمان"دولة أحمد باي"، تحقيق محمد عبد السلام، منشورات الجامعة التونسية،تونس، 1971.
(5) - الكواكبي، عبد الرحمان. طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد، تحقيق أسعد السحمراني، دار النفائس، بيروت، 1984.
(6) -   منيف، عبد الرحمان. الأشجار واغتيال مرزوق،المؤسسة العربية للدراسات والنشر،بيروت،1973.
(7) - الجورشي، صلاح الدين."المجتمع المدني العربي الضرورات والتحديات، مجلة التسامح، الموقع:www.altasamouh.net/Article.asp
(8) -    غليون، برهان. بيان من أجل الديمقراطية، دار ابن رشد، بيروت، 1980.
(9) - الجابري، محمد عابد. وجهة نظر، نحو إعادة بناء قضايا الفكر العربي المعاصـــر، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط 3، 2004.
(10) - الجابري، محمد عابد. وجهة نظر، نحو إعادة بناء قضايا الفكر العربي المعاصر، مركز دراسات الوحدة العربيـــة، بيروت، ط 3، 2004
(11) - غليون، برهان.نقد السياسة، الدولة والدين،الدار البيضاء، المركز الثقافي العربي،2004.
(12) - مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا، بيروت، المؤسسة الإسلامية للطباعة والنشر،ط2،1981.
(13) - بلقزيز، عبد الإله. الدولة في الفكر الإسلامي المعاصر، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2002.