ومضات قانونية

بقلم
اميمة السافي
مقارنة بين الدعوى المدنية والدعوى الجزائية

 

لنتمكن من استرداد حقوقنا لابد من التمييز بين نوعين من الدعاوى الذين قد يرتبطان ببعضهما نتيجة حصولهما عن نفس الفعل وأقصد بذلك الدعوى المدنية والدعوى الجزائية.

فالدعوى الجنائية والدعوى المدنية من واد واحد وهى الجريمة وعلى الرغم من وحدة مصدر الدعوتين الا ان هناك اوجة عديدة لللاختلاف بينهما. فهنالك ما يميز الدعوى المدنية التبعية عن الدعوى الجنائية كما ان هناك ما يميز الدعوى المدنية التبعية امام المحاكم الجنائية عن الدعوى المدنية امام المحاكم المدنية.


أولا وقبل الخوض في الفروق بين الدعوتين،لابد من تعريف مصطلح الجريمة التي تعرّف بأنها كل فعل ايجابى او سلبى يعاقب القانون على القيام به ويترتب على وقوعه بشكل عام وقوع ضررين:
*الضرر العام:

وهو الذى يصيب افراد المجتمع حتى ولو لم يكونوا محلا مباشرا لوقوع الجريمة اذ ينتاب كل فرد احساس بانه من الممكن ان يكون هو ضحية المستقبل وهذا الضرر العام الذى يبرر تدخل النيابة العامة باعتبارها ممثلة للمجتمع بتحريك الدعوى الجنائية امام القضاء مطالبة بتوقيع العقاب.

*الضرر الخاص:

قد ينشا عن الجريمة ضرر خاص يصيب احد الافراد بشكل مباشر فى بدنه او ماله او عرضه وفى هذه الحالة يكون لمن اصابه ضرر من الجريمة ان يطالب بالتعويض عن هذا الضرر و وسيلتة فى ذلك الدعوى المدنية.

 

فالجريمة الواحدة ينشا عنها ضرر عام هو سبب اقامة الدعوى الجنائية وضرر خاص هو سبب الدعوى المدنية الا انهما يختلفان في ستّ نقاط:

 

اولا من حيث الموضوع:

اذا كان موضوع الدعوى الجنائية هو العقاب اى فرض عقوبة جنائية على المتهم مرتكب الجريمة فان موضوع الدعوى المدنية التبعية هو تعويض الضرر الناشئ عن الجريمة.

 

ثانيا من حيث الخصوم:

الخصوم فى الدعوى الجنائية هم المتهم والنيابة العامة والتى تمثل المجتمع فهى وحدها صاحبة سلطة ممارسة هذه الدعوى. فالدعوى الجنائية هى ملك للدولة لحماية سلطتها فى العقاب وتهدف من ورائها تحقيق الصالح العام الذى يتوقف على تحديد شخصية مرتكب الجريمة بإقرار سلطتها فى عقابه
امام الخصوم فى الدعوى المدنية التبعية هم المتضرر من جانب والمتهم او المسؤول عن الحق المدنى من الجانب الاخر.

 

ثالثا من حيث شخصية العقوبة:

لا يجوز اعمال مبدأ الشخصية فى الدعوى الجنائية لان الدعوى الجنائية لا تقام إلاّ على المتهم ولا يمكن ان يستند العقاب الى غير اهله. اما الدعوى المدنية فيلتزم فيها المتهم بالتعويض وهذا هو الاصل او غيره وهو المسؤول المدنى كالوصى فى جريمة القاصر.

 

رابعا من حيث السبب:

وان كانت كل من الدعوتين اشتركتا فى الأساس وهو الفعل إلاّ ان الدعوى الجنائية سببها المباشر هو الجريمة اما للدعوى المدنيـة فسببها المباشر هو الضرر الناشئ عن الجريمة.

 

خامسا من حيث القواعد الموضوعية:

القواعد الموضوعية التى تخضع لها الدعوى الجنائية هو قانون العقوبات بينما القواعد الموضوعية للدعوى المدنية القانون المدنى.

 

سادسا من حيث القواعد الاجرائية:

*من حيث المحكمة المختصة

تختص المحاكم المدنية بالفصل فى جميع المنازعات المدنية واختصاصها بذلك من النظام العام وهى صاحبة الولاية الاصلية فى ذلك . اما المحاكم الجنائية فاختصاصها بنظر الدعاوى المدنية التبعية المترتبة على جرائم تنظرها هو اختصاص استثنائى لا يتوسع فيه ومقتصر على طلب التعويض فقط ولذلك فحدود اختصاصاتها محدودة فى نطاق معين وفى اطار زمنى محدد وهو اثناء نظر الدعوى الجنائية امام محكمة الدرجة الاولى قبل قفل باب المرافعة.
*من حيث تأثير كل منهما على الاخر

من الثابت حجية الحكم الجنائى وما يتضمنه من حكم فى الدعوى المدنية التبعية على المحاكم المدنية وغالبا ما يكون هذا التعويض مؤقتا فيلجأ المتضرر لتكملته امام المحكمة المدنية.
وبخلاف ذلك فالدعوى المدنية امام المحاكم المدنية لها تأثيرها على الدعوى المدنية امام المحاكم الجزائية حيث يكون هناك مجالا للدفع بعدم القبول وهذا الدفع وهو ليس من النظام العام وإنما يتعلق بصالح الخصوم فى الدعوى المدنية فيجب إبداؤه من الخصوم قبل التحدث فى الموضوع.

*من حيث اجراءات كل منهما:

تخضع الدعوى المدنية التبعية المرفوعة امام المحكمة الجزائية لأحكام قانون الاجراءات الجزائية اما الدعوى المدنية المرفوعة امام المحاكم المدنية فهى تخضع لقانون المرافعات المدنية والتجارية.