ومضات قانونية

بقلم
اميمة السافي
حياد القاضي السياسي شرط لاستقلال القضاء

 لا يستقيم العدل في البلاد الا بوجود قاض نزيه ولا تكون النزاهة الا متى كان القاضي محايدا. ونظرا لان حياد القاضي يؤدي حتما وضرورة الى استقلال القضاء فكان لزاما الفصل بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية اي بين القضاء والسياسة

فماهو مفهوم الحياد ولماذا يجب الفصل بين القضاء والسياسة؟
مفهوم الحياد
 
نقصد من حياد القاضي هو اخد هذا الاخير موقف سلبي من عملية اثباث الخصوم وما يقدمونه من ادلة بحيث يقتصر دوره على تلقي ادلة المعروضة عليه ويدرسها ويقدر قيمتها وفقا للقانون دون مساعدة اي خصم في اثباثه وحتى انه لا ساهم باي شكل من الاشكال في جمع الادلة وهذا كله كقاعدة لانه يوجد استتناءات من ذلك.
ويختلف كل تشريــــع عن الاخــــر بخصــوص حياد القاضي وسبب هذا الاختـــــلاف هو المذهب الـــذي اعتمـــد عليـــه فقد يكون المذهب الحر اوالمقيد او المختلط.
اولا: المذهب الحر : جاء هذا المذهب بفكرة انا للقاضي دور اجابي اي لا وجود للحياد القاضي ذ يتدخل في جمع ادلة الاثباث وتوجيه الخصو في نوع الادلة الواجبة واستكمال ما نقص منها واستضاح ما غمض منه .
ثانيا :المذهب المقيد : هذا المذهب جاء بفكرة معاكسة تماما ما جاء به انصار المذهب الحر بحيث اقر على الدور السلبي الذي يلعبه القاضي اي لا يتدخل باي شكل من الاشكال في جمع الادلــة او توجيه الخصوم ويكتفي بتلقـــي الادلـــة وتقديرها طبا للقيمــة التي حددها القانون في حالة وجود ادلة مبهمة او ناقصة فلا يجوز له التدخل كطلب استكمالها او استضاحها انماياخد بالادلة كما قدمة له ويقدرها كما هي.
 ثالثا: المذهب المختلط: جاء هذا المذهب بموقف وسط بخلاف المذهبين السابقين والمختلفين تماما حيث للقاضي ان يتخد موقف وسطا من ادلة المقدمة امامه من قبل الخصوم ويكون هذا الموقف اقرب الى الدور الاجابي منه الى الدور السلبي فيسمح له بشيء من الحرية في توجيه الخصوم 
كل هذا شريطة ان لا يخرج عن ما جاء به القانون من طرق اثباث لها حجية ملزمة له بنص القانون كالكتابة والاقرار واليمين الحاسمة.
 ومع ان هذا المذهب اعطى حرية للقاضي في تدخل في عملية الاثباث الا ان هذا التدخل يكون في حدود معينة وبدون تحيز لاحد الخصوم ولا ياخذ القاضي بادلـــة اثباث جاءتـــه خارج الخصومــة او قدمت له شخصيا اي لايجوز للقاضي ان ياخذ بعيــــن الاعتبــار الا الادلة التـــــي اقرها القانــــون والتي يقدمها الخصـــوم قبل غلق باب المرافعة.
 
الفصل بين القضاء والسياسة
 شيء حتمي لاستقلال القضاء:
 
أول شـــــرط لتحقيـــــق الحيـــاد هو ابتعاد القاضي عن السياســة. غير أنه يجب أن لا يُفهَم من هذا الشرط، قيام حاجز مطلق بين القضاء والسياسة، لأن القضاة مواطنون، ومن حقهم أن يكون لهم رأي في شؤون بلدهم السياسية، مــــع حظــــر الانتماء إلى سياسة معينة تنحرف بالقضاء عن طبيعته المحايدة.
لذلك وانطلاقاً مما تقدم فإنه لا يجوز للقاضي الاشتغال بالسياسة واحترافها لأن ذلك يتعارض ومبدأ استقلال القضاء وحياده. والسؤال الذي نطرحه هنا هو ما مدى حيادية القاضي تجاه الشخص الذي يحاكمه على سبيل المثال، إذا كان هذا الشخص متهماً بإبداء آراء سياسية معارضة للسلطة أو للحزب الذي ينتمي إليه القاضي؟ فهل يستطيع هذا الأخير التوفيق بين قسم اليمين لانتمائه الحزبي، وقسم اليمين عند توليه مهمة القاضي؟ وهل يضع القاضي ولاءه الحزبي جانباً، ويحكم في القضية وفقاً لشرفه وضميره وتجرده ووفقاً لقسم يمين الولاء للقضاء، أم يصدر حكمه انسجاماً مع قسم اليمين لولائه الحزبي..؟ وفي هذه الحالة الأخيرة لابد أن يقع القاضي في تعارض مع قسم اليمين الذي أداه لدى توليه مهامه القضائية .
وانطلاقاً مما تقدم يتأكد أن استقلال القضاء شرط ضروري ولازم لتحقيق حياده. وحياد القضاء شرط لإقامة الحق والعدل بين الناس، فالعدل ينتفي من دون الحياد، والحياد ينتفي من دون استقلال.فهما يتكاملان أحدهما مـــع الآخــــر باعتبارهما وجهان لعملـــة واحدة، لا يتحقق وجه الواحد منهما إلا إذا كان ملتصقاً بالآخر. وإن استقلال القضاء وحياده هو المدخل الصالح والضامن لنجاح التنمية الحقيقية بمختلف جوانبها.