حوارت الاصلاح

بقلم
فيصل العش
مروة الرديــفي : « نعم للمناصفة وسنطالب بفرضهــــا فــــي الحكومـــات المقبلـــة، إذ لا تنقصنـــــا

 هي شابّة هادئة، شديدة الاتّزان في كلامها ، لا تغيب الابتسامة عن وجهها البريئ وهي تحدثك عن تجربتها السياسية كفتاة في ظل نظام قمعي بوليسي ثم عن ثورة الشباب التي استطاعت أن تزيح الدكتاتور وعن مشروع بناء دولة المواطنة التي تحلم به مثل كل التونسيين . هي مروة الرديفي، فتاة أصيلة المهدية من مواليد مدينة سوسة ، عمرها لم يتجاوز 22 سنة ، انطلقت تجربتها السياسية مع بداية دراستها الطلابية بانضمامها إلى الحزب الديمقراطي التقدمي لتنشط ضمن مكتب شباب الحزب بصفاقس لتنتهي هذه التجربة بسرعة بالانسحاب سنة 2009 مع مجموعة من قيادات الحزب وكوادره نتيجة اختلافات في المواقف والتمشي السياسي. 

 دخلت تجربة سياسية جديدة تحت تسمية " تيار الإصلاح والتنمية" إلى أن سقط الطاغية ونجحت الثورة في فتح الباب على مصراعيه أمام حريّة تكوين الأحزاب، فشاركت مع ثلّة من المناضلين من تيار الاصلاح ومن خارجه في تأسيس حزب الإصلاح والتنمية لتكون بذلك أصغر مؤسسة لهذا الحزب. التقيناها بمناسبة العيد الوطني للمرأة التونسية للتعرف عليها عن قرب ومحاورتها في مواضيع تتعلق بتجربتها السياسية بصفتها فتاة وموقع المرأة التونسية في الثورة وفي بناء الجمهورية الجديدة فكان الحوار التالي :
(1) من هي مروى الرديفي؟
 
شابة تونسية.. عمري22 سنة.. طالبة هندسة داخلية..عضو مؤسس لحزب الاصلاح والتنمية .. مؤسسة و رئيسة جمعية نور للتنمية البشرية .. شديدة الاهتمام بالشان العام. 
 
(2) ما الذي جاء بفتاة مثلك إلى عالم السياسة؟
 
إضافة إلى أنني نشأت في محيط عائلي معارض..جمود الناس و سلبيتهم أمام استبداد النظـــام السابــــق دفعاني الى طرق ابواب اول حزب معارض تعرّفت عليه في الجامعة وهو الحزب الديمقراطي التقدمي حيث شاركت فـــــي نشاطات مكتب الشبـــاب بصفاقـــس علــــــى مدى سنـــة ثم انضممت بعدهـــــا الى تيار الإصلاح و التنمية.
 
(3) ألم تجدي عراقيل من طرف محيطك الاجتماعي عند ولوجك الساحة السياسية ؟
 
في بادئ الأمر لم أعلم عائلتـــي بانضمامـــي للحزب الديمقراطي التقدمي الذي كان أكثر الأحزاب معارضة لبن علـــــي .. ثم شرعت فـــــــي اعلامهم تدريجيـــا فلقيت  معارضة شديــــــدة بتعلـــة اننــــي فتــــاة، معرضة للخطـــر وغير قادرة على حماية نفسي نظرا لصغر سني و كبقية العائلات التونسية التي تحاول تجنب المشاكــــل المترتبـــــة علـــــى المشاركة السياسيـــــة انذاك. إلاّ أنني تمسكت بموقفي رافضة السلبيــــة فـــــي التعامل مع النظام السابق.
 
(4) أنت أصغر عضو مؤســس في حـــــزب الإصلاح ؟ ماذا يعني لك ذلك؟
 
أن أكون من مؤسسي حزب الاصـــــلاح و التنميــــة، فهذا شرف لي كشابّة تونسيـــة تشارك في تأسيس حزب متأصــــل ومنفتــــح كحزب الاصلاح و التنمية، ناضـــل كتيــــار معــارض منـــذ 2009 و أسّس لصورة السياسي المبدئي والمتوازن والمعتدل .. وأن أكون أصغر عضو مؤسس  (21 سنة) دليل على أن للشباب التونسي القدرة على المشاركة في الحياة العامة من مواقع متقدمة.
 
(5) ما هي نسبة تواجد النساء المناضلات ضمن اطارات حزب الإصــــلاح والتنميـــة ؟ وهل تعتقديــــن أن المرأة تحتلّ المكانة التي تستحق داخل هياكل الحزب؟
 
مقارنة بمنظمات و أحزاب أخرى،  لدينـــا نسبة جيـــدة من النساء كمّا و كيفا (خاصــــــة).. فمناضلات الاصــــلاح و التنميـــة ينشطن في عدة منظمات بالمجتمع المدني و يساهمن ايجابيـــا في العمـــل على تطويـــــر الحــــزب.. كما أننــــا موجودات بالمجلس الوطني وهي أعلى هيئة بالحزب ونعمل على تعزيز وجودنا في جميع الهيئات القيادية للحزب.
 
(6) ماهو رايك في فكرة فرض المناصفة في القوائم الانتخابية ؟ وهل أنت مع فكرة التمييز الإيجابي للمرأة ؟ 
 
في بادئ الأمر لم أكن من مؤيدي فرض المناصفة في القوائم الانتخابية  لكـــن غيرت رأيي بعـــد الاطـــلاع على نتائج الانتخابات وسنطالب بفرض المناصفـــة في الحكومـــة في الانتخابات القادمة اذ لا تنقصنا الكفاءات النسوية.. اما عن التمييز الايجابي للمرأة فأعتبـــره ضرورة في هذه المرحلة لدفع المرأة للصفوف الأمامية في الحياة العامة الى أن  يحصل توافق داخل المجتمع و تتحقق المساواة الفعلية.
 
(7) هل تعتقدين أن الوضع ما بعد الثورة أصبح أفضل لكي تمارس المرأة السياسة وتعمل على افتكاك مكانتها مع الرجل في الحلبة السياسية؟
 
ارتفعت نسبــة المشاركة السياسيـــة بصفة عامّــــة بعد الثورة و بالتالي فمن الطبيعي أن تصبح الوضعية أفضل بالنسبة للمرأة التونسية لممارسة السياسة .
 
(8) فرض الشباب على بن علي الهروب . فمن أين استلهم شباب ثورة تونس قوتهم، وماهي مقومات هاته القوة؟
 
ثورة تونس هي نتيجة تراكمات لواقع مرير عاشه الشباب .. فتلاشي الأمل من شأنه ان يولد انفجارا يسقط دكتاتورا مثل بن علي.
 
(9) قام الشباب بالثورة على بن علي لكنه لا يزال في موضع المفكر عنه فتمثيليته ضعيفة جدا في مراكز القرار الآن . فكيف لشباب صنع الثورة أن يمسك بمصيره بيديه ؟ وكيف ترين تفعيل دور الشباب في حماية الثورة وتحقيق أهدافها وتشريكه في بناء مستقبل تونس الجديدة وهل تعتقدين أنه بالإمكان أن تنتج ثورة تونس حكومات شابة؟ 
 
للأسف الشديد نسبـــــة الشباب الذي شـــارك في الثورة لا تقارن بنسبة الشباب بمراكز القرار اليوم.. فضعف تمثيليته يعــــود الى صراع الأجيال وهيمنة ما يسمى بالنخب القديمة على مسار الثـــورة التي فجّرها الشباب متعلليـــــن بقلة الخبــــرة و غياب التأطيــــر دون ادراج ايـــة برامـــج لتاطيــــر الشبـــاب أو تشريكهم في اتخاذ القرار .. وأعتقد أن المشاركة الفعالة للشباب التونسي و فرض تواجده لتقرير مصيره  هو احد ضمانات نجاح الثورة.  اما عن الحكومــــات الشابـــة فهو هدف نعمل على تحقيقــــه لنبين أن الشباب الــــــذي أسقط النظام السابــــق قادر على ادارة شؤونـــه بنفســــه.
 
(10) هل نجحت الطبقة السياسية في بلورة المطالب التي قامت من اجلها الثورة؟ وبماذا تفسّرين غياب الشباب عن الفعل السياسي بعد أن فجّر الثورة؟
 
لا يمكننا تقييم نتائج ثورة لم تستكمل مسارها بعد لكن يمكننا الحكم على الأقل على  تمثيلية الشباب فيها.. شباب نسبة مشاركته مهمة في الشأن السياسي، ضعيفة على مستوى القيـــادة بحجة قلة الخبرة و غياب التأطيــــر كما ذكرت سابقا.
 
(11)عشت الحياة الطلابية قبل وبعد الثورة ... ما الذي تغيّر في الساحة الطلابية؟
 
من الطبيعي ان يكون هناك تغيير ايجابي لكنه بطـــيء.. فالطالب التونســــي لم يصل بعـــد الـــــى المستوى المطلوب من الوعـــي الاجتماعي و السياســــي .. فالعمل السياسي بقي نخبويـــا حتى داخل أسوارالجامعة.
 
(12) بوصفك طالبة بالجامعة التونسية، كيف تعلقين على ما جرى بكلية الآداب بمنوبة وبعض المؤسسات الاخرى  من أحداث على خلفيــــــــة منع المنقبــــــات مـــــن اجـــراء الامتحانــــــــــات ؟ وكيف تفسرين الانتشار السريع لهذا اللبـــــاس بحرم الجامعـــــة بين المتعلمــات؟ ومـــــا رأيــــــــك في موضوع النقاب الذي يراه البعض دخيلاً عن المجتمع التونسي ؟
 
ماوقع في كلية منوبة تجاذب سياسي بامتياز، وتجاوزات سيكون القانون هو الفيصل فيها. أما عن انتشار النقاب في حرم الجامعة فليس كبيرا بالشكل الذي يروّج إليه البعض. و بالنسبة للنقاب في حد ذاته  فأنا أرى أنه يدخل في اطار الحرية الشخصية و حرية اللباس فالحرية عندي لا تتجزأ .
 
(13) كيف تقيّمين دور ومساهمة المرأة التونسية في الثورة، وكيف ترين دورها في المرحلة الراهنة؟
 
لعبت المرأة التونسية دورا رياديا في الثورة  فقد ساهمت جنــــبا إلى جنب مع الرجل في المظاهرات والحركات الإحتجاجية ولم تغب عن قائمة شهداء و جرحى الثورة وهي الآن  تسجّل حضورهــــا في قائمة نواب المجلـــس الوطني الـتأسيسي والــوزراء و مؤسسي الأحزاب و الجمعيات.
 
(14) أنت من مؤسسي  ورئيســــة جمعية نور للتنمية البشرية .. ماهو نشاطها وما هي  أهدافها؟
 
نشاط الجمعية الأساسي توفير دورات تنمية بشرية  خاصّـــة للشباب ذكورا وإيناثا وتتمثل أهدافها  في :
-المساهمة في توعية المواطن العادي بالقدرات الكامنــــة داخلــــــه 
- المساهمــــة في تنمية الفكــــــــر البشري لاعداد مواطن فاعـــــــل داخل المجتمع
- المساهمة في تنشيط الحركة الابداعية كشرط أساســي للنهــــوض 
 
(15) يزعم البعض أن الحقوق التي تمتعت بها المرأة التونسية قبل الثورة وجعلت منها نموذجا للنساء العربيات ، تتعرض الآن للخطر وان هناك تراجع عن هذه الحقوق مع صعود الاسلاميين إلى دفة الحكم . هل هذا صحيح؟
 
المرأة التونسية بوصفها نموذجا للنساء العربيات لا يمكن ان تتنازل عن حقوقها و لا أن تسمح حتى بتهديدها فوعيها هو الضامن الوحيد لحقوقها مهما كان الطرف الحاكم. 
 
(16) الكثير من النساء المتدينات يدافعن عن قوانين الميراث الحاليــــــة ولا ينزعجــــــن من تعددت الزوجات بل يعتبرنه امرا مشروعا ويعتقدن أنَّ الكثير من الأشياء القيِّمة قد ضاعت بسبب تحرّر المرأة.ماذا تقولين لهؤلاء؟ 
 
أعتقد أنه من السابق للأوان الحديث عن تحوير قوانين الميراث و الحال أن هناك نسوة لا يرثن أصلا في الشمال الغربي و في بعض المناطق الريفية بالوسط و الجنوب الغربي. اما عن تعدد الزوجات فمجلة الأحوال الشخصية مكسب لا مجال للتنازل عنه مع العلم أنها تحتوي على اجتهادات علماء الزيتونة انذاك.. و لا اظن أن للدين علاقة بدعوات البعض للرجوع الى الوراء.
 
(17) يعتقد البعض أن حلّ مشكلة البطالــــة فــــي تونس هو عودة المرأة إلى العمل في البيت؟ ما موقفك من ذلك؟
 
أعتقد أن المقيــــاس الوحيد للتشغيـــل هو الكفاءة وليس الجنس.. والإناث يحتللن المــراتب الأولـــى في جل المعاهد والجامعات.
 
(18) هناك من يتهم الإسلام بأنه يعادي تعليمَ المرأة، ويستشهدون بارتفاع نسبة الأميَّة بين النساء في العالم الإسلامي، فما ردُّكِ على ذلك؟
 
الاســــلام بريء من هذه الاتهامات فأول اية في القرآن "اقرأ" أمْرٌ بالتعلم موجّه للنساء والرجال من دون تخصيص .. ولكن الواقع الاجتماعي و الوعي المترديين في العالم الاسلامي هما السبب في ارتفاع نسبة الأميــــة بين النسوة .
 
(19) ماذا تعني لك "المساواة" مع الرجل؟
 
المساواة بين الرجل و المرأة تقـــوم على أساس المواطنـــة .. فالمرأة والرجـــل ســواء في الحقوق  و الواجبات.. أما عن المساواة التامة و الفعليـــة بينهمــــا فلا تتحقق إلا بالخــــروج من معادلة الرجل/المرأة و الحديث فقط عن "مواطن" بغض النظر عن جنسه.
 
(20) هل يمكن أن نرى مروة الرديفي ضمن قيادات  الصف الأول في حزب الاصلاح والتنمية ؟
 
سأعمل على ذلك ان شاء الله.. فكما ساهمت في تأسيس حزب الإصلاح و التنمية سأساهـــم في العمل على تقدم الحـــزب و تطويره و على رسم صورة مميزة للشباب و نساء الحزب.
 
(21) كلمة الختام بمناسبة عيد المرأة ؟
 
أهنئ جميع النساء التونسيات وخاصة صديقاتي بحزب الإصلاح والتنمية بعيدهن الوطني وأغتنم هذه الفرصة لحثّهن على مزيد المشاركة في الشأن العام وأرجو أن تبقى المرأة التونسية رائدة النساء العربيات على الدوام