شخصيات الإصلاح

بقلم
التحرير الإصلاح
البروفيسور كيث مور
 البروفيسور كيث مور «Keith Moore» من أكبر علماء التشريح والأجنــة في العالـم، درّس بعـدّة جامعات كنديّـة وترأس العديـد من الجمعيـات الدّوليـة؛ مثل جمعيّة علماء التّشريح والأجنــة في كندا وأمريكا، ومجلس اتحاد العلوم الحيوية. كما انتخب عضـوًا في الجمعية الطبية الملكيـة بكندا، والأكاديمية الدولية لعلوم الخلايــا، والاتحـاد الأمريكي لأطبـاء التّشريـح، وفي اتحـاد الأمريكيتيــن في التّشريــح، وشـارك في تأليف عــدّة كتب في مجــال التّشريح الأكلينكــي وعلم الأجنــة، منهــا: « The Developing Human: Clinically Oriented Embryology»  الذي تُرجم إلى أكثر من 25 لغة و  Clinically Oriented Anatomy وEssential Clinical Anatomy. 
ولد مور في 5 أكتوبر 1925 ببرانتفورد، أونتاريو، وترعرع فيها، ومرّ بمراحل التّعليم بالمؤسّسات التعليميّة الكنديّة إلى أن تحصّل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة «ويسترن أونتاريو» 
اهتم الدكتور مور بدارسة علم الأجنة ومراحل تكوين الجنين، وقام بأبحاث عديدة في هذا المجال، وتميّز فيه حيث تحصّل على جائزة جمعية الكتاب الطّبية الأمريكيّة لما يحتويه كتابه «تطوير الإنسان»  من تميّز وكان ذلك في عام 1974، وفي عام 1981م منحته جمعية الكتاب الطبيين الأمريكية جائزة الشرف عن كتابه «التشريح الموجه سريريا» وفي عام 1984، منحته الجمعية الكندية لعلماء التشريح جائزة J.C.B   تقديرا منها لإنجازاته العلمية في مجال التشريح وتحصّل على أكثر الجوائز بروزا في حقل علم التشريح في كندا (جي. سي. بي) جائزة جرانت من الجمعية الكندية لاختصاصيي التّشريح. وفي عام 1994م منحت الجمعية الأمريكية لأطباء التشريح السريري «كيث مور» الجائزة الفخرية.
تمّت دعوة «كيث مور» إلى حضور المؤتمر الدّولي للإعجاز العلمي الذي تمّ عقده في موسكو وكان ذلك في أواخر السّبعينيات، واستمع إلى مداخلة أحد العلماء المسلمين التي استعرض فيها بعض من الآيات القرآنية وبالتّحديد قوله تعالى: «يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ» (سورة السجدة: الآية 5). وتطرّق إلى موضوع خلق الإنسان، ومراحل تكوين الأجنة وذكر قوله تعالى: «وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ»(سورة المؤمنون: الآيات 12 - 14).
كان لتلك الآيات تأثير قوي على الجميع وخاصّة على «كيت مور»، وهو أدرى النّاس بعلم الأجنّة، وكان له تدخّل في غاية الأهمّية أعلن فيه عن مدى إعجاز القرآن الكريم، وأقرّ أن لا أحد يستطيع معرفة ما يحدث في تطور الجنين، لأنّ هذه التّطورات لم تكتشف إلاّ في الجزء الأخير من القرن العشرين. ثمّ اضاف مخاطبا العلماء المسلمين : «إن التعبيرات التي تفضلتم بها وأوجزتم فيها تكوّن الإنسان لتبلغ من الدقة ما لم يبلغه العلم الحديث، وهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدل على أن القرآن لا يمكن أن يكون إلا كلام الله، وأن محمداً رسول الله» 
بعد انتهاء ذلك المؤتمر، عاد مور إلى موطنه، وانزوى إلى دراسة معمّقة للقرآن الكريم خاصّة فيما يتعلّق بالآيات التي تتمحور حول دراسة تكوين الإنسان، وفي عام 1980 أعلن كيث مور إسلامه، وأيقن أنّ الإعجاز العلمي في آياته التي أنزلت في القرن السّابع، بكلّ ما فيها من علم  لا يعرفه سوى القليل . أعلن كيث إسلامه بعد أن تأثر بآيات القرآن الكريم، وانطبق عليه قول الله تعالي «قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ، يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ»(سورة المائدة - الآية 16). 
 ودعي من جديد لحضور المؤتمر العلمي للإعجاز القرآني الذي عقد بالقاهرة عام 1986، وهناك أخذ الجميع في مناقشته حول دراساته الخاصّة بالأجنة وإعجاز القرآن، وحينها أخذ يقول: «إنني أشهد بإعجاز القرآن الكريم وإعجاز اللّه تعالى في خلق كلّ طور من أطوار الإنسان، ولست اعتقد بأنّ محمداً صلى اللّه عليه وسلم أو أيّ شخص آخر يستطيع معرفة ما يحدث في تطور الجنين؛ لأنّ هذه التّطورات لم تكتشف إلاّ في الجزء الأخير من القرن العشرين، وأريد أن أذكر أنّ كل شيء قرأته في القرآن عن نشأة الجنين وتطوّره داخل الرّحم، ينطبق على كلّ ما أعرفه كعالم من علماء الأجنة، خاصّة وأنّ المراحل السّبع التي ذكرها القرآن في الآية السّابقة هي ذاتها المراحل التي أثبتها علم الأجنّة والتي تنطلق حتما من القرآن الكريم، وبالتالي أعلن أمامكم أنني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله». وبعد ذلك، واصل كيث مور دراساته العلمية وتعمقه في دراسات القرآن، وكان لمؤلفاته العلمية تأثير كبير في نشر الإسلام والدعوة إليه في الأوساط الغربية كافة. 
كان لـ Keith تأثير كبير على التعليم الطبي التشريحي ، ليس فقط على المستوى الوطني ، ولكن أيضًا على المستوى الدولي. قام الدكتور مور بتأليف 16 كتابًا في علم التشريح ، وهي علم التشريح الموجه إكلينيكيًا ، وتطور الإنسان ، وقبل أن نولد. نشر أكثر من 60 بحثًا ، بناءً على تعليمه وأبحاثه ، خاصة في علم الأجنة وعلم المسخ. تقاعد في عام 1991 لكنه ظل نشطًا في تحديث كتبه وحضور اجتماعات علم التشريح وإلقاء محاضرات في جميع أنحاء العالم.
توفّي البروفيسور في يوم 25 نوفمبر 2019 عن عمر يناهز 94 عاما