همسة

بقلم
محمد أمين هبيري
الرّسول القائد
 تمثّل قيمة الشّورى قيمة جوهريّة في إدارة شؤون النّاس في وعي الرّسول القائد ﷺ، إذ أنّ الصّحابة كرّروا ثلاث مرّات عبارة «أهو وحي أم شورى حرب وسياسة؟» فكان في كلّ مرّة جوابه على أنّها «شورى حرب وسياسة» ثمّ أتت الآية الكريمة «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ، وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ، فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ، فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ»(1) لتعزّز قيمة الشّورى خصوصا بعد الخطأ الإستراتيجي في موقعة أحد والذي حدث إثر المشورة.
لم يكن الرّسول القائد ﷺ يتعامل مع أصحابه على أنّهم أتباع أو رعيّة، بل كان يتعامل معهم على أنّهم مواطنون متساوون في الحقوق وفي الواجبات، وكلّ رأي فيه مصلحة الدّولة يُؤخذ بعين الإعتبار، كان ذلك تصرّف رسول اللّه ﷺ في مختلف المناسبات وفي جميع المواقف والأحداث، وحتّى في «الحديبيّة» كان له تفويض مسبق من الصّحابة ليقوم بالعمل الذي يراه صالحا حتّى لا يتمّ تعطيل الأمر زمانيّا.
ربّى الرّسول القائد ﷺ أصحابه على قيمتي العدل والحرّية، فأنتج جيلا من القادة يعملون بمنطوق الآية الكريمة «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ»(2) وبالتّالي فإنّنا نلاحظ أنّ الدّولة زمن الرّبيع الأول قامت على قيمة الشّورى والحرّية أي الدّيمقراطيّة في بعدها الإيجابي (سياسيّا) وعلى قيمة العدل والإحسان أي العدالة الاجتماعيّة في بعدها الإيجابي (اقتصاديّا)
الهوامش
(1) سورة آل عمران - الآية 159
(2) سورة النحل - الآية 90