في العمق

بقلم
د.علي الرابحي
رسالة في الإصلاح الاجتماعي (2) المجتمع والعلماء وسؤال الإصلاح
 أولا. حاجة المجتمع إلى الإصلاح
إنّ الإصلاح لا يُبتغى لذاته، وليس تجاوزا للواقع، لكنّه استيعاب للحياة العامّة، وحاجات المجتمع، الذي تنشأ فيه أحوال واسعة لا تغطّيها الأعراف. وهو امتداد أصيل لدعوات تجاوز الواقع تحت شعار اليقضة والنّهضة والصّحوة والإحياء والتّجديد التي توالت حلقاتها على امتداد التّاريخ وفي كلّ البقاع.  
ومجتمع اليوم، الموسوم بانفصام الذّات الإسلاميّة عن خصوصيتها، في أمسّ الحاجة إلى الإصلاح، وإعمال العقل، لبلورة منهج تُسطّر فيه معالم الطّريق، وتُرتّب فيه الأولويّات، وتُهيأ الظّروف لتحقيق الشّهود الحضاري من جديد. وقد أحسن الأستاذ علاّل الفاسي تشخيص الواقع المعيش، حين قال: «اتصلنا بالغرب ونحن في دركات الانحطاط وهو في الرّقي الأسمى. فجاءنا فاتحا مستعمرا، وحاكما مستعبدا. ومشينا إليه مشية المستجدي المتتلمذ، فلم نستفد من علومه ومعارفه... وكان حظّنا أن نكفر بوجودنا وماضينا وحاضرنا، ونرغب في أن نمسخ أنفسنا وأفكارنا مسخا عسى أن نتحوّل إلى شكله، ننطق بقوله، ونناضل عن رأيه، ونفتخر بحسباننا عليه»(1) . وشكّل هذا التّشخيص محطّة دعت إلى حاجة المجتمع إلى الإصلاح، وإلى من ينبري له، في عصر سريع التّجدّد، وظروف حادثة تُثقل الخطوات، وتحدّيات واقع منحسر انحسارا بائنا. 
الحاجة إلى إصلاح مجتمع، بددت طاقاته الإيجابيّة وإمكاناته المادّية المعتبرة، مشاكل داخليّة ذاتيّة من موروثات حقب الجمود الفكري والتّراجع الحضاري، ومراحل مقاطعة الحاضر والهجرة إلى الماضي. مجتمع وردت عليه حضارة تحمل روحا تجافي خصوصيته، وتوغّلت فيه ثقافات وافدة لا تمتّ لواقعه بصلة، ذهبت بأفراده كلّ المذاهب، وأدّت إلى خصام بين الواقع والمعايير الأصليّة الحاكمة، وأحدثت صورا وأحوالا مازالت تتكشّف. مجتمع وقفت له بالمرصاد هذه التّحديات تحرس تخلّفه وتكرّس تبعيته وتقطع عليه طريق النّهوض. 
وقد آن للمجتمع أن يخرج من الاكتفاء بالصَّلاح إلى سؤال الحاجة إلى الإصلاح، ووضع الخطوات الواجب اتخاذها. قال الله تعالى مخاطبا المصلحين من قوم شعيب: ﴿فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ، وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾(2)، ولم يقل: صالحون.
إنّ التّاريخ يشهد أنّ أكثر النّاس تحبُ الصّالحين وتعادي المُصلحين لاعتبارات عديدة ومتعدّدة. فهذا رسول الله ﷺ أحبّه النّاس جميعا قبل البعثة لأنّه كان صالحا. ولكن لمّا بعثه اللّه تعالى، وصار مصلحًا، عادوه، وقالوا: ساحر، كذاب، مجنون. يقول اللّه عز وجل: ﴿وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ، وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَٰذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ﴾(3)، وفي أية أخرى: ﴿وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ﴾(4)، وينفي اللّه تعالى عن رسوله هذه التّهمة فيقول: ﴿وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ﴾(5) ، وهي بنصّ القرآن تهمة شائعة تُلصق بالمصلحين من جانب خصومهم﴿كَذَٰلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ﴾(6). ويوجّه سبحانه الخطاب إلى الرّسول ﷺ، ومن خلاله إلى كافّة الدّعاة والمصلحين في كل زمان ومكان، فيقول: ﴿فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ﴾(7). 
في ظلّ هذا الوضع القائم، المطلوب الخروج من الحاجة إلى الإصلاح، إلى التّفكير الجدّي في تجديد عرض النّموذج الإصلاحي الإسلامي، ليواكب مستجدّات العصر، وليكون دليلا لمسير المجتمع ودافعا له. لتتحقّق به الخيريّة الموعودة.
ثانيا. مؤسّسة العلماء وسؤال الإصلاح
الحديث عن مؤسّسة العلماء وسؤال الإصلاح يندرج ضمن جدليّة الحضور والغياب بالنّسبة للعالم المسلم في بيئته، ومهمّته ضمن مفاصل الحياة العامّة، لمواجهة أسئلة المجتمع، والمشاركة الفاعلة في توجيه مساراته.
إنّ العالم بحكم رسالته موصول بمجتمعه، يتحرّك على أصعدة كثيرة، لصيانة هويّة المجتمع، ولحماية شخصيّته من أن تُمحى. ويشكّل العلماء بالنّسبة للأستاذ مصطفى ابن حمزة جماعة وظيفيّة ضامنة لانسجام المجتمع مع هدي الشّريعة (8) ، يمارسون- بوصفهم جزءا من أهل الحلّ والعقد- مهمّة إسداء النّصح للحكّام ولأفراد المجتمع على حدّ سواء، بناء على قول النّبي ﷺ: «الدّين النّصيحة»(9) . ويرى أنّ علماء الأمّة اليوم: «يمثّلون فيها عقلها النّير، وفكرها الموصول بمصدري التّوجيه الإسلامي الكتاب والسّنة. وهم بهذا، يمثّلون ما تمثّله كلّ النّخب المثقّفة في مجتمعها حاليا من قدرة على إنتاج الأفكار المؤسّسة للتّغيير الاجتماعي، كما أنّ العلماء يمثّلون في الأمّة وجدانها المفعم بمحبّة الخير للنّاس ممّا جعلهم ينذرون أنفسهم لأن يكونوا شخصيّات عامّة تفكّر بفكر الأمّة وتحرص على سلامتها فكريّا وخلقيّا وسلوكيّا. وتستشرف لها آفاق الغد المناسب لشرفها وما رشّحها القرآن له من نهوض بفريضة الشّهود الحضاري التي تتنافى كلّيا مع أن تكون الأمّة قابعة في درك الذيليّة والتّبعية واللّحوق بالنّماذج الأخرى» (10) .
إنّ مؤسسة العلماء مكوّن أساسي من شخصيّة المجتمع المسلم، لا تقع في الهامش من حركته، وإنّما هي في العمق منه. تستمد شرعيّتها، من الأساس المرجعي المؤطّر لمشاركة العالم في الشّأن العام، المنبثق من قول الله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ، فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾(11).  
ويَعْتَبِر الأستاذ مصطفى ابن حمزة أن مؤسّسة العلماء: «تمارس في بيئتها ما تمارسه حاليّا مراكز البحوث والدّراسات الاستراتيجيّة من إمداد جهات صنع القرار بالخبرة الضّرورية للمساعدة على تحديد الاختيارات واتخاذ القرار المناسب، كما أنّها تمارس أيضا ما تقوم به مؤسّسة كبار  النّاخبين في بعض الأنظمة السّياسية المعاصرة» (12) .
إنّ مؤسّسة العلماء في المجتمع هي عقله اليقظ، يتأكّد هذا باستعادة كلّ المواقف التي وقفها العلماء في مواجهة الانحراف والانحدار. والمتتبّع للتّاريخ المعاصر يعرف أنّ مجموعة من العلماء كان لهم في حركة المجتمع أثر كبير، وأدوار حاسمة في عدد من القضايا الكبرى لبلدانهم، نذكر منهم جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، وعبد الرحمان الكواكبي، وبديع الزّمان سعيد النورسي. ورواد الحركات الإصلاحيّة المغاربيّة أمثال الطّاهر بن عاشور، وابن باديس، ومالك بن نبي، والمختار السّوسي، وعبدالله كنون، وأبا شعيب الدّكالي وغيرهم.
  إنّ سؤال المؤسّسة العلميّة والإصلاح، سؤال ملحّ مرتبط بالقيم والماهية. ويزداد الوعي الوجودي بهذا السّؤال مع توغّل وتغوّل الثّقافة الوافدة الاقصائيّة التي تضفي على نفسها صبغة الكونيّة ناسفة بذلك مقولات الثّقافة بأنّها قدر كلّ مجتمع وعنصر البناء فيه.
 فبالموازاة مع الحملة الشّرسة على الموروث الدّيني وتراث الأمّة وتراكماتها وتجربتها التّاريخيّة، بحجّة تحرير الوعي الجمعي والانفتاح على آفاق العصر، وتحرير التّراث نفسه من الفهم الجامد له، وفتحه على آفاق أخرى، امتدّت معاول الهدم من الفصل بين الدّين والسّياسة والثّقافة إلى الفصل بين الدّين والمجتمع وخاصّة مؤسّسة العلماء، لأنّ المثقّف يشترط ألا ّتكون له علاقة بالإسلام، وشرط الثّقافة أن تكون هشّة وخالية من المضمون. 
فرغم تراجع العالم عن مهمّته في المجتمع، وحقّه في شرعيّة القول المكتسبة من خلال ما يمتلكه من وعي وانتماء حقيق للأمة، ومن خلال تجربته العلميّة العمليّة ورحلة وجوده الحضاريّة الضّاربة في التّاريخ والمتجذّرة فيه لأكثر من أربعة عشرة قرنا، ورغم تراجع العالم عن أدواره -في مختلف مواقعه المفقودة- في تأطير المجتمع، ومواكبة المشاريع المجتمعيّة السّياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة-كمؤسّسة الحلّ والعقد، ومؤسّسة الحسبة، ومؤسّسة القضاء، ومؤسّسة التّعليم- ومع إفشال العالم في الإجابة العلميّة الصّريحة عن سؤال الواقع وشبكة علاقاته المركّبة؛ فإنّ المؤسّسة العلميّة كانت ولاتزال وستظلّ، تعصم المجتمع من كلّ محاولات التّغريب والتّفكيك التي تستهدفه وتهدّده، لأنّ أساسها عقدي وقيمي، ومنطلقها ومنطقها العلمي العملي الإسلام.  
إنّ العالِم مصلح وزيادة، والحديث عن هذه الجدليّة أصبح في وقتنا الحاضر أمرا ملحّا وضروريّا، خاصّة بعد انتشار مفهوم التّفريق الكلّي بين العالم والمصلح. ومنشأ هذا التّفريق المبتدع بين العلم وبين الإصلاح، صادر من أفواه من لا يزالون يعملون في سياق الزّمن المنقضي، أي زمن الظّلاميّة والجمود والعدميّة، ومسطّر بأقلام من لا يزالون يعملون خارج عصر العالم وعالم العصر الموسوم بالسّلمية والانفتاح. 
ثالثا. فقه الإصلاح في التجربة المغربية، القضايا والمناهج
لقد ظلّت مؤسّسة العلماء في الغرب الإسلامي قائمة وفاعلة في القضاء والسّياسة والإصلاح الاجتماعي. وظهر عُلماء حظوا بالاحترام والتّقدير عند العامّة والخاصّة من النّاس (13) .
وفي هذا العصر تبلورت النّزعة الإصلاحيّة طيلة أكثر من قرن من الزّمن، سواء في الفترة الاستعماريّة أو بعدها، كردّ فعل ضدّ الانحطاط الدّاخلي والخطر الخارجي. وانبرت لها بعض الشّخصيات الدّينية، وبعض العلماء خرّيجي جامعة القرويّين ومن الزّوايا، ممّن تركوا بصمات في المجتمع المغربي، وأسهموا بنضالاتهم في ترسيخ احترام الفقيه وتقديره واستشارته في الأمور الدّينيّة والدّنيويّة، نذكر منهم المختار السّوسي، وعبدالله كنون، وأبا شعيب الدّكالي وغيرهم.
يرى الأستاذ مصطفى بن حمزة أنّ دور الفقيه أو العالم أصبح ملتبسا. ويؤكّد على أنّ هذا أمر ليس وليد اللّحظة، بل هو راجع لتخطيطات استعماريّة تدخّلت في ترتيب مكوّنات المجتمع المغربي. وخير دليل يقدّمه الأستاذ هو ما تعرّضت له جامعة القرويّين من قِبَلِ المستعمر الفرنسي، باعتبارها نواة العلم والمعرفة الشّرعية، إذ قام الاستعمار بتهميشها وإقصاء كلّ الأدوار التي تقوم بها لخدمة العلوم التّقنية والدّينية، إلى جانب إنهاء كل المؤسّسات الشّرعية داخل البلاد، إذ كانت تشكّل تهديدا مباشرا للمستعمر(14). وعندما يتحدّث الأستاذ ابن حمزة عن الأسباب الأخرى التي قلّصت مهمة الفقيه والعالم في المجتمع المغربي، يرجعها بالأساس إلى تخطيط سياسي محض، من قِبَلِ النخب السياسية والمجالس التشريعية، التي يرى أنها بخست مهام الفقيه وحصرته في مكانته الانفراديّة، عكس ما كان يشغله في الحقب التّاريخية السّابقة.
وجاء الدّستور الجديد الذي صادق عليه المغاربة سنة 2011م بأغلبيّة ساحقة، ليجعل من العلماء «حرّاسا للدّين ولثوابت الأمّة، ويعزّز المكانة المركزيّة لمؤسّستهم» من خلال دسترة المجلس العلمي الأعلى(15)، الذي خوّلت له العديد من الاختصاصات، من ضمنها إصدار الفتوى. وأكّد الأستاذ محمد يوسف الأمين العام للمجلس أنّ مكانة مؤسّسة العلماء في هذا الدّستور، تفرض التّمثل الأفضل والتّنزيل الأقوم لمادّة هذا الدّستور الذي عكس قيم الوحدة الوطنيّة، والحضور الإيجابي الحكيم في سياق كلّ حراك اجتماعي سليم لمواصلة المؤسّسة العلميّة أنشطتها التّأطيريّة والتّواصليّة الرّامية لتوفير وتعزيز الأمن الرّوحي للمواطن المغربي، وترسيخ حرمة الشّأن الدّيني لدى كلّ الأطراف، والدّفع بمسار التّنمية والتّجديد في البلاد. وأبرز أنّ المؤسّسة العلميّة ستعمل على تجديد مناهجها وتنويع مجالات أنشطتها التّربويّة والاجتماعيّة بما يتلاءم مع المسؤوليّات والواجبات التي تفرضها مواصلة التّنمية الشّاملة. كما أشار إلى أنّ المؤسّسة العلميّة واعية بالتّغيّرات التي تعتري محيطها الإقليمي والدّولي، وتنطلق من موقعها من أجل استكمال النّموذج الذي يبنيه المغرب وفق ما خلفه الأسلاف العظام في حلّة جديدة تستثمر كلّ إيجابيّات المرحلة وتؤهّل لمواجهة تحدّياتها».
صفوة القول، إذا كان المجتمع في حاجة إلى الإصلاح، فهو أحوج ما يكون إلى العلماء الذين يستشعرون متطلّبات اللّحظة، ويقفون على حدود حماية الهويّة ويدافعون عن الثّوابت. وأمّتنا ليست عقيمة، بل حُبلى بالعلماء رجالا ونساء، وما عليهم إلاّ أن يحضروا في واقعهم حتّى لا تقضى الأمور في غيبتهم على حد ّتعبير الأستاذ مصطفى ابن حمزة (16) .
إنّ العالم الحقّ في فكر الأستاذ مصطفى ابن حمزة، بحكم رسالته، موصول بأمّته يحمل في قلبه كلّ انشغالاتها، ينحاز إلى مجتمعه، يتلمّس معاناته، ويتعرّف همومه ومشاكله، فيعمل على إزاحة الموانع والعوائق التي تعترض عمليّة النّهوض على كلّ المستويات وفي كلّ المجالات: التّربويّة والتّعليميّة والعلميّة والعمليّة. ومسؤوليّة العالم ودائرة تحرّكه تتّسع لتشمل مجالات متعدّدة: علميّة ودعويّة واجتماعيّة وسياسيّة، فتتنوّع تبعا لذلك اهتماماته وتتنوّع طرق أدائه.
فهو إذ يشتغل على المستوى العلمي والفكري، يوجّه جهده الكبير إلى خدمة المعتقد السّليم، تهذيبا وتشذيبا ودرءا للتّخلف الفكري، مع الحرص على بناء العقول والأفهام بناءً يعالج القضايا ويحرّر المفاهيم ويضبط الدّلالات، مستجيبا في كلّ ذلك لمتطلبات التّسديد والتّوجيه. 
وهو حين يشتغل على المستوى الاجتماعي، ينتصب لخدمة المجتمع، إرشادا وعلاجا للعلل والأدواء الطّارئة، مع الحرص على بناء مجتمع سليم ومتماسك ومتواصل على أسس متينة من قواعد الشّرع وضوابطه. 
وهو حين يشتغل على المستويات المختلفة: الإعلاميّة والسّياسيّة وتدبير الشّؤون العامّة، ينخرط في شؤون الحياة التي يتّسع لها توجيه الإسلام وتأطيره بحيث يحتلّ العالم دوره في التّأثير والتّوجيه والإرشاد.
الهوامش
(1) «دفاع عن الشّريعة»، علال الفاسي، دار الكتاب المصري القاهرة ودار الكتاب اللّبناني بيروت، ط1، 2011م، ص:68.
(2) سورة هود  - الآية 117 .
(3) سورة ص  - الآية 3 .
(4) سورة الحجر  - الآية 6 .
(5) سورة التكوير  - الآية 22 .
(6) سورة الذاريات  - الآية 52 .
(7) سورة الطور  - الآية 27 .
(8) «حضور العالم المسلم في مجتمعه»، مصطفى ابن حمزة ، مجلة المجلس، النّاشر المجلس العلمي الأعلى بالمغرب، العدد1، أكتوبر 2007م، ص:35.
(9) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب قول النبي ﷺ: الدّين النّصيحة، حديث رقم 57، مكتبة الصفا، مطابع دار البيان الحديثة، ط1، 1432ه2003م، ج1 ص:24.
(10)  مصطفى ابن حمزة، المصدر نفسه ص:35.
(11) سورة النساء  - الآية 58 .
(12) مصطفى ابن حمزة، المصدر نفسه ص:35.
(13) «البقاء.. للإصلاح»، محمد نور الدين أفاية، مجلة المعرفة للجميع، منشورات رمسيس، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، العدد 6، ماي 1999م، ص:18-19.
(14) «لماذا تحارب المؤسّسات الدّينية؟»، مصطفى ابن حمزة، جريدة التّجديد ليوم 17-10–2005م. وانظر:
-  «المعرفة والسّلطة»، ديل إيكلمان،ترجمة محمد أعفيف، مركز طارق بن زياد الرباط، 2000م،  ص:5.
- «المغرب والاستعمار حصيلة السّيطرة الفرنسية» ألبير عياش، ترجمة عبد القادر الشّاوي ونور الدين سعودي، دار الخطابي، 1985م، ص:366.
(15) برقيّة الولاء والإخلاص للملك محمد السّادس رفعها المشاركون في ختام الدّورة العادية الثّالثة عشرة للمجلس العلمي الأعلى بوجدة، 2011م.
(16) «خصوصيّات تشريعيّة نسائيّة في ميزان التّكريم›› انطلاقا من قوله تعالى «ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف» [البقرة: 228]، يوم دراسي نظّمه المجلس العلمي المحلّي لمقاطعات الدّار البيضاء آنفا، احتضنته قاعة الاجتماعات بمسجد الحسن الثاني، بتاريخ 11 يوليوز 2010م.