بالمناسبة

بقلم
محمد المعالج
كورونا فوبيا
 من كان يتوقّع أن يتحوّل فيروس «كورونا» الى وباء سريع الانتشار والعدوى حول العالم. فبالرّغم من الاجراءات الوقائيّة التي ‏تسعى الى الحدّ من انتشاره فإنّ هذا الفيروس بصدد حصد عديد الضّحايا في كثير من دول العالم.  ‏
لم تكن أغلب الدّول العربيّة على أهبّة الاستعداد للتّوقي من هكذا فيروس في الوقت الذي أعلنت فيه سلطنة عمان والبحرين والكويت إضافة الى الإمارات المتّحدة والعراق ومصر تسجيل إصابات بفيروس كورونا. أمّا بالنّسبة لإيران والتي تعتبر أكثر دولة تضرّرا ‏من هذا الفيروس بمنطقة الشّرق الأوسط، فقد اتخذت جملة من الإجراءات الحمائيّة قصد تجنّب تدهور الوضع الصّحي العام خاصّة ‏في ظلّ حضر العديد من الدول الرّحلات من إيران وإليها نظرا لجسامة الخطر. ‏
إيطاليا هي الأخرى لم تسلم من هذا الفيروس، فقد عزل انتشاره عدّة بلدات وحوّلها الى ما يشبه مدن الأشباح. فقد قرّرت السّلطات ‏الايطاليّة حظر عدّة رحلات جويّة فضلا عن إغلاق أغلب المحلاّت التّجارية من أجل تفادي الازدحام الذي قد يؤدّي الى استفحال ‏الفيروس. كما حظرت عدّة دول متاخمة لإيطاليا على غرار النّمسا حركة القطارات القادمة من إيطاليا بهدف الحيلولة دون انتشار ‏الفيروس الذي بات أشبه بالطاعون. ‏
ضرب الفيروس قطاعات حيويّة وتحديدا بالدّول المتضرّرة على غرار كوكب الصين العظيم، بلد منشأ هذا الفيروس. ‏فقد تضرّرت قطاعات الطّيران والملاحة فضلا عن تسجيل عدّة قطاعات أخرى خسائر فادحة بسبب تنامي الخوف أو ما يسمّى ‏برهاب الكورونا في الوقت الذي عجزت فيه السّلطات عن توفير لقاح أو مصل ناجع يقلّص من معاناة البعض.‏
إضافة الى ذلك، فقد بات العالم أشبه بسجن كبير على اعتبار أنّ الجميع باتوا مؤرقين من هذا الفيروس القاتل والذي أصبح مصنّفا ‏كضرب من ضروب الإرهاب النّفسي الذي يمارسه البعض من أجل تحقيق أهداف معلنة وغير معلنة. اذ أنّ أصابع الاتهام ‏موجّهة بالدّرجة الأولى نحو شركة الأدوية التي تحاول الاستثراء من خلال بثّ سمومها وجعل النّاس في حالة رهاب منقطع ‏النّظير. ‏
فالصّينيون على سبيل المثال وعلى اعتبار أنّهم أكثر الجنسيّات تضرّرا من الفيروس، فقد تمّ فرض قيود مجحفة عليهم ‏سواء في الصّين أو خارجها. ففي أوروبا، يتمّ التّعامل مع الصّينيين بطريقة فجّة لا تخلو من التّمييز والتّفرقة. فسواء تعلّق الأمر ‏بأماكن العمل أو الأماكن العامّة على غرار المقاهي والمطاعم والفنادق، يواجه الصّينيّون الذين يعيشون في أوروبا قيودا كبيرة. إذ لا ‏يسمح لهم بالدّخول الى مطاعم يرتادها أوروبيّون خوفا من مغبّة انتقال الفيروس الى الآخرين. فهل بات الخوف من كورونا وصمة ‏عار على جبين الصّينيين؟ أم أنّ رهاب الإصابة بهذا الفيروس اللّعين حوّل النّاس الى وحوش بشريّة تأتي على الأخضر واليابس ولا ‏تفرق بين المرض و الفرد؟  ‏
تبقى كلّ الاحتمالات واردة بخصوص التّطوّرات المتعلّقة بالفيروس بالنّظر الى خطورة الوضع الصّحيّ عالميّا مع هشاشة الحدود. ‏تجدر الإشارة الى أنّ منظمة الصّحة العالميّة رجّحت فرضيّة تحوّل هذا الفيروس المستجدّ الى وباء عالمي سريع الانتقال ممّا ‏يجعل العالم بأسره في حالة استنفار قصوى غير مسبوقة. كما وجب على المجتمع الدّولي تحمّل مسؤولياته حيال تفشّي هذا ‏الفيروس الذي حصد حياة الآلاف مخلّفا الحسرة والأسى في نفوس أهاليهم وذويهم.‏
فاللّهم احفظنا من كلّ الأدواء والأمراض والأوبئة المستعصية سواء منها القديمة أو المستجدّة. فعافنا اللّهم بمعافاتك واسترنا ‏بسترك الذي لا يضاهيه ستر في الدّارين.