بهدوء

بقلم
أ.د.علي الزيدي
المراكز البحثيّة المغاربيّة بين إكراهات الداخل وتدخّل الخارج - تونس نموذجا(2-2)
 ‏2ـ النفوذ الأجنبيّي تحدّى ما تنتجه الجامعات والمراكز البحثيّة
تعيش تونس بعد ثورة 17 ديسمبر 2010 / 14 جانفي 2011 طفرة ‏حريّة لم تشهدها البلاد طيلة المعلوم من تاريخها. وقد استفاد الجميع، والإعلام خاصّة، من هذه الحريّة، ‏وأطلق العنان للخوض في كلّ مجالات الحياة بقدر محدود جدّا من الضّوابط. بحيث لم يعد يخفى على ‏المتتبّع لوسائل الإعلام بأنواعها المقروءة أو المسموعة أو المرئيّة، ولشبكة الأنترنيت من عامّة الشّعب ‏شيء يذكر. ولعلّ من أبرز ما بدا ظاهرا للعيان من هذا الإعلام ومواقع الأنترنيت مدى ما كان مستورا ‏من قوّة النّفوذ الأجنبي بالبلاد، ناهيك أنّ تحرّكات سفير فرنسا بتونس أوليفييي بوافر دارفورOlivier ‎Poivre d’Arvor‏ وتدخّلاته في أبسط الشّؤون التّونسيّة أصبحت محلّ تندّر،حتّى أصبح السّفير ‏المذكور ينعت بالمقيم العام (إشارة إلى كونه الحاكم الفعلي لتونس من قبل فرنسا المستعمِرة). وقيل إنّ ‏التّونسي يمكن أن يرى هذا السّفير حاضرا أمامه حيثما توجّه في أرجاء البلاد شمالا أو جنوبا، وإذا فتح الثلّاجة في بيته فيحتمل أن يجده هناك. ما جعل المؤرّخ الأستاذ توفيق البشروش يقارن ‏تحرّكات هذا السّفير بتحرّكات سلفه قنصل فرنسا وقنصل بريطانيا في تونس خلال القرن 19 قبل ‏الاستعمار الفرنسي لتونس، وذلك خلال مقابلة له في إذاعة «موزاييك أف أم» التونسيّة الخاصّة بتاريخ ‏‏11 أفريل 2018(1).‏ وآخر ما أثار تحفّظ التونسيّين من تحرّكات هذا السّفير زيارته يوم 28 ‏فيفري2018 للهيئة العليا المستقلّة للانتخابات، حيث اجتمع، رفقة المستشارة السياسيّة للسفارة ‏ماريا ودجني ‏Maria Wadjinny، برئيس الهيئة محمّد التليلي المنصوري وأعضاء آخرين. للحديث عن ‏آخر استعدادات الهيئة للانتخابات البلديّة المزمع إجراؤها يوم 6 ماي 2018 وسبل التّعاون بين ‏الطّرفين. ممّا أثار احتجاج بعض الأحزاب السّياسيّة التّونسيّة، التي أدانت هذا الاجتماع لما رأت فيه ‏من تدخّل سافر لفرنسا في شؤون البلاد وقرارها الوطني(2). فضلا عمّا نشرته هيئة الحقيقة والكرامة من ‏وثائق أرشيفيّة بيّنت من خلالها استغلال المستعمر الفرنسي للثّروات التّونسيّة وخاصّة منها الثّروات ‏الباطنيّة. وأنّ فرنسا ضمّنت وثيقة الاستقلال الدّاخلي لعام 1955 في جزئها الاقتصادي فصلين(33 ‏و34) لم يقع إلغاؤهما باتفاقيّة الاستقلال التّام لعام 1956، التي تعرّضت للجوانب الأمنيّة فقط، ‏وتغاضت عن المسألة الاقتصاديّة والماليّة. الأمر الذي سمح لفرنسا أن تواصل استنزاف ثروات البلاد ‏إلى حدّ اليوم. وقد أثار نشر الهيئة لتلك الوثائق لغطا في الرّأي العام زاد في تأجيجه إصدار عدد من ‏المؤرّخين الجامعيّين التونسيّين عريضة شكّكت في أهميّة الوثائق المذكورة(3).
ولعلّ ما وقع من مساندة وزارة الداخليّة الفرنسيّة لنظام بن علي ضدّ المتظاهرين إبّان الثّورة، وتدخّل فرنسا سياسيّا وعسكريّا اللاّفت ‏للانتباه في مختلف بلدان القارّة الإفريقيّة من مستعمراتها السّابقة. بالإضافة إلى تدخّل فرنسا بقوّة في ‏حادثة احتجاز رئيس حكومة لبنان سعد الحريري بالرّياض، وما أدّى إليه ذلك التدخّل من إطلاق سراح ‏الرّجل، واصطحابه إلى باريس مباشرة ليستقبله الرّئيس الفرنسي في قصر الإيليزي، باعتباره ‏يحمل الجنسيّة الفرنسيّة(4).‏ ‏ بحيث رجّحت هذه الجنسيّة على جنسيّتيه اللّبنانيّة والسّعوديّة، وأمّنت ‏خلاصه من الاحتجاز وتكريمه من قبل رئيس الجمهوريّة الفرنسيّة. كلّ ذلك زاد من قلق التونسيّين على ‏استقلال بلادهم، وجعلهم يشعرون بأنّ فرنسا تسعى جادّة لاستعادة كامل نفوذها الاستعماري على تلك ‏البلدان بما فيها تونس، على نحو ما كان عليه قبل عام 1956.‏
ولدينا في تونس، بالإضافة إلى ما ذكرنا، أمثلة عديدة على مدى تأثير النّفوذ الأجنبي والفرنسي ‏منه خاصّة، في تحدّي البحث العلمي والمراكز البحثيّة التّونسيّة، وفي تحديد القرار الرّسمي. نسوق منها ‏ثلاثة على سبيل المثال لا الحصر كما يلي:‏
المثال الأوّل: كان مركز الطّاقة الذّريّة يعتبر من أهّم المكاسب التي حقّقتها تونس بعيد استقلال ‏‏1956 في مجال العلوم والتكنولوجيا والتّجديد‎.‎‏ فقد بدأ هذا المركز في تصميم وتطوير عديد المجالات ‏العلميّة التّكنولوجيّة، مثل تخصيب اليورانيوم، وإنتاج الطّاقة النّوويّة والشّمسيّة، وتحلية المياه، والحماية ‏من الإشعاع، والتي مازالت إلى اليوم مصنّفة ضمن التكنولوجيّات العالية. لكن في غياب رؤية لدى ‏الحكومة في هذا المجال الاستراتيجي، وربّما لأسباب أخرى، وقع رفض تمويل تركيز المفاعل النووي ‏السّلمي بالجنوب الذي صمّمه المهندس محمّد علي العنّابي (1906 ــــ 1962) قبل وفاته بهدف ‏مزدوج: إنتاج طاقة كهربائيّة (75 ميغاوات سنويّا)، وتحلية المياه المالحة (15000م‎3‎/اليوم)، وخطّط ‏لتنفيذه الدكتور المهندس البشير التركي (1931ـ 2009). ثمّ تمّ غلق هذه المؤسّسة سنة 1969 دون ‏أيّ تقييم لأنشطتها، وعلى أنقاضها تمّ إحداث معهد البحوث العلميّة والتقنيّة‎ (IRST)‎،‎ ‎مع قرار حاسم ‏لحظر جميع الأنشطة البحثيّة في مجال الطّاقة النّوويّة(5).‏ 
ولمعرفة من كان وراء هذا القرار لا بدّ من السّؤال عن المستفيد منه.علما بأنّ المهندس البشير ‏التركي تتلمذ على أستاذ علوم الفيزياء النوويّة المهندس جان دوبياسJean De Biesse، الذي تولّى ‏إدارة مركز الدّراسات النّوويّة في ساكلي ‏Saclay‏(فرنسا) من 1954 إلى 1970، وهو من وضع مشروع ‏إصلاح التّعليم التّونسي للفترة من 1958 إلى1968(6).
المثال الثاني: تمّ إنشاء المؤسّسة الوطنيّة للبحث العلمي من أجل تعزيز البحث العلمي ‏بالأساس، وذلك بعد صدور قانون التّعليم العالي والبحث العلمي عدد 70 سنة 1989.وقد نظّمت هذه ‏المؤسّسة أوّل عمليّة تقييم للأنشطة البحثيّة في تونس. واقتصرت عمليّة التّقييم على هياكل المعهد ‏الوطني للبحث العلمي والتّقني، وكان ذلك بالاعتماد على مجموعة من الباحثين الأجانب‎ ‎الفرانكفونييّن.‏
وفي غياب الشّفافيّة ومقاييس واضحة لعمليّة التّقييم، قاطع أغلب الباحثين التّونسيّين هذه العمليّة ‏بمساندة المجلس العلمي للمؤسّسة والنّقابة الأساسيّة للأساتذة الباحثين. ثمّ اندلعت حملة آنذاك ضدّ ‏محاولة غلق أكبر مؤسّسة بحث علمي متعدّدة الاختصاصات في تونس(7).‏ 
المثال الثالث: استبعدت وزارة التّربية والتّعليم منذ أن تولّى إدارتها ناجي جلّول (5 فيفري ‏‏2015 ــ 30 أفريل 2017) منظّمات المجتمع المدني المهتمّة بالشّأن التّربوي(8)،‏ وأنشأت تحالفا ‏ثلاثيّا لقيادة حركة الإصلاح التّربوي في تونس يضمّ الوزارة، ممثّلة في لجنة الإصلاح التّربوي، والاتحاد ‏العام التّونسي للشّغل، والمعهد العربي لحقوق الإنسان. لكن اتّضح أنّ هذا الثّالوث ليس إلّا واجهة أماميّة ‏في الدّاخل في خدمة ثالوث آخر خارجي يأتمر بأوامره ويخضع لإملاءاته، وهو من يقود فعلا حركة ‏الإصلاح التّربوي في تونس، ويتألّف من البنك الدّولي، ممثّلا في الخبير الدّولي ميكائيل درابل ‏Michael Drabble‏ الذي حلّ بتونس منذ جويلية 2017، والمركز الدّولي للدّراسات البيداغوجيّة ‏‎ (CIEP)‎‏ التّابع لوزارة التّربية الفرنسيّة، ممثّلا بكلّ من الخبير التّربوي ميشال دوفلاي ‏Michel Develay‏ والخبيرة التّربويّة مارغريت آلتي ‏Marguerite Alet، وفرع تونس لمنظّمة الأمم ‏المتّحدة للطّفولة (‏Unicef‏) وبه خبراء تونسيّون وأجانب(9). ‏ 
وروّجت وزارة التّربية أنّ تخطيط وتصميم وتنفيذ الإصلاح التّربوي في تونس يقوم به ما يسمّى «المكتب الدّولي عن منظّمة الأمم المتّحدة في هندسة وصناعة البرامج»، وأنّ الخبراء الذين جلبتهم لتكوين ‏المتفقّدين في تقنيّات إدماج كفايات القرن الواحد والعشرين في المناهج المدرسيّة التّونسيّة هم تابعون ‏للأمم المتّحدة، وأنّهم سيعلّمونهم ذلك حسب «معايير كونيّة» في التّربية والبيداغوجيّات الحديثة.‏
لكن اتّضح أنّ المكتب المذكور لا وجود له في الواقع، وأنّ من يقوم بالعمل هو المركز الدولي ‏للدراسات البيداغوجيّة التّابع لوزارة التّربية الفرنسيّة المذكور أعلاه، وكلّ ما في الأمر أنّها عمليّة احتيال ‏لتمرير الأجندة الفرنسيّة في تونس. وقد ابتدأت هذه المغالطة منذ عام 2013(10).‏ وأنّ هذا المركز الذي ‏يتدخّل في الشأن التونسي، وينتمي إليه الخبراء الذين ينتحلون صفة خبراء من الأمم المتّحدة، هو ‏المركز الدّولي للدّراسات البيداغوجيّة الفرنسي فعلا. وهدفه، كما يدلّ عليه موقعه على الشّبكة العنكبوتيّة، ‏هو العمل «لمصلحة التّربية واللّغة الفرنسيّة في العالم». وهو أداة ترسيخ الفرنكفونيّة في المستعمرات ‏الفرنسيّة.وقد حصل هذا المركز على تمويل من منظّمة الأمم المتّحدة للطفولة ليقوم بتطوير المناهج ‏التّونسيّة. واستعمل هذا المركز مصدر الأموال لتصنيف نفسه، مغالطة، بكونه تابعا للأمم المتّحدة‎ .‎وقد ‏أصبح هذا المركز منذ 2014 يعوّض تقريبا وزارة التّربية في ضبط استراتيجيّات الدّولة التّونسيّة، ‏ويقصي أيّ خبير تونسي حتّى في الميادين التي يتفوّق فيها خبراء تونسيّون على الفرنسيّين حول العالم.‏
وقد أنجز المركز المذكور ستّة برامج، نذكر منها اثنين على سبيل المثال فقط:‏
أوّلا - برنامج بعنوان «تقديم الدّعم لإصلاح المناهج الدّراسيّة، وإعادة النّظر في منظومة التّدريب المستمرّ ‏للمعلّمين»، وهو مموّل من قبل منظّمة الأمم المتّحدة للطفولة ويمتدّ على سنتي 2016-2017. ‏وموضوعه «بناء القدرات للمسؤولين عن المناهج الدّراسيّة، وإدماج المهارات الحياتيّة ومهارات القرن ‏الحادي والعشرين في المناهج الجديدة، وتعزيز منظومة التّدريب المستمرّ للمعلّمين».‏
وقد جلب هذا العمل انتباه الائتلاف المدني لإصلاح المنظومة التّربويّة، فردّ عليه بأن نظّم ‏بتونس ندوة صحفيّة يوم 31 جويلية 2017 بعنوان «فساد علمي في إصلاح المناهج التّربويّة»، ‏بهدف جلب انتباه أصحاب القرار الى المخاطر التي تتهدّد الأجيال القادمة، وانتقد منهجيّة إصلاح ‏المناهج التعليميّة، وما اعتراها من انحرافات إيبستمولوجيّة وعلميّة في ذات الوقت. ذلك أنّه تبيّن ‏للائتلاف من خلال تحليل لوثائق أعدّها خبيران لا يتقنان اللغة العربيّة، واستخدماها لإعداد عدد من ‏المتفقّدين سيوكل إليهم إصلاح المناهج التعليميّة، وجود إخلالات وأخطاء علميّة في مضامينها من شأنها ‏أن تؤدّي، عند تطبيقها، إلى مناهج لا تنسجم مع أهداف الإصلاح، ويمكن أن تفسد مجمل الإصلاح ‏للمنظومة التّربويّة من خلال الأثر السّالب الذي قد تتسبّب فيه. فيصبح إصلاح المكوّنات الأخرى ‏للمنظومة التربويّة داعما لفساد المناهج ولتدنّي النتائج المدرسيّة(11). 
ثانيا ــ برنامج بعنوان «تقديم المساعدة التقنيّة لوزارة التّعليم العالي، في إطار برنامج لدعم التّربية والتّدريب ‏والتّعليم العالي وفرص العمل للخريّجين‎ (PEFESE)» ‎تموّله المفوضيّة الأوروبيّة لسنتي 2014-‏‏2015. وموضوعه «تحديد استراتيجيّة لإعادة إطلاق الشّراكة بين التّعليم العالي والعالم المهني».‏ الأمر الذي شرّع لزميلنا أحمد بوعزّي، وهو أستاذ تعليم عال من الأعضاء المؤسّسين للائتلاف ‏المدني لإصلاح المنظومة التّربويّة، أن يتساءل كيف لجامعة غير قادرة على ضبط استراتيجيّتها لربط ‏الجامعة بالمحيط؟ وأن تكون قادرة على تنفيذ استراتيجيّة يضبطها «خبراء» أجانب لا يتقنون لغة البلاد ‏ويعتقدون، أو يقع إقناعهم، بأنّ المسؤولين التّونسييّن الذين يتعاملون معهم متخلّفون ولديهم قابليّة ‏الاستعمار ومقتنعين بعدم كفاءتهم؟(12). 
ويعرض زميلنا أحمد بوعزّي ما ورد على موقع واب المركز الدّولي للدّراسات البيداغوجيّة التّابع ‏لوزارة التّربية الفرنسيّة بشأن قائمة في الوفود التّونسيّة التي تمّ استقبالها في فرنسا من «كبار المسؤولين ‏من الإدارة المركزيّة وإطارات التعليم» بالمناسبات التّالية: تنظيم الامتحانات (2014، 2016 و2017)، ‏إدارة المناخ المدرسي‎ (2016)‎، المعاهد في المناطق الصّعبة ‎ (2016)‎، التّخطيط الإقليمي ‏واللاّمركزيّة، توجيه وتقييم الأداء‎ (2014)‎‏.‏
الأمر الذي يعني أنّ فرنسا أصبحت منذ سنة 2014 تتدخّل مباشرة في ضبط السّياسة التّربويّة ‏التّونسيّة.ويتساءل زميلنا أحمد بوعزّي باستغراب، وهو محقّ في ذلك، كيف لوزارة التّربية أن تدير ظهرها ‏للتّونسيّين وتتوجّه للفرنسيّين، الذين لا همّ لهم إلاّ دعم الفرنكفونيّة، ودعم تعليم خاصّ تونسي يدير ‏برامجه وزير التّربية الفرنسي. وما اعتماد ثمان مدارس خاصّة في تونس من قبل الحكومة الفرنسيّة هذه ‏السّنة، إلاّ بداية لسيطرة فرنسا على المنظومة التّربويّة الخاصّة بالبلاد التّونسيّة، ونبقى نحن مغلوبين ‏على أمرنا لا نعرف ماذا يدرس التّلاميذ التّونسيّون في هذه المدارس التي تتّبع المناهج الفرنسيّة، والتي ‏وقّعت اتّفاق شراكة مع وكالة التعليم الفرنسي في الخارج. وهو اتّفاق يحدّد العلاقات الماليّة التي تربطها ‏مع الوكالة، فضلا عن الفوائد التي يمكن أن تنتفع بها، ولا سيما من حيث التدريب المستمرّ لموظّفيها ‏والتفقّد والهندسة التربويّة والاستشارات الإداريّة والحوكمة، والتوجيه المدرسي، واستخدام الخدمات والأدوات ‏التي أنشأتها الوكالة(13).‏ 
ولعلّ ما يزيد في تأكيد مخاوف التّونسي من نيّة فرنسا فرض سيطرتها وبسط نفوذها على التّعليم ‏بتونس أنّ مثل ذلك التّدخّل الفرنسي قد تمّ في كلّ من الجزائر والمغرب. بحيث تطوّرت أزمة التّعليم ‏في الجزائر بعد تسريب وثيقة تضمّ أسماء خبراء فرنسيّين مشرفين على التّعديلات الجديدة للمناهج ‏الدّراسيّة في شهر مارس 2016. وتمّت إقالة العديد من إطارات وزارة التّربية الوطنيّة، ومنهم مدير ‏التّعاون والعلاقات الدوليّة بالوزارة حمزة بلحاج، للاشتباه في أنّه كان له دورفي ذلك التّسريب، وحرمانه ‏من أجره لمدّة ستّة أشهر، وسحب تصريحه لدى الضّمان الاجتماعي.‏
وقد احتدمت أزمة تعديل المناهج بالتزامن مع إضراب معلّمي الجزائر، بحيث انتقدت خمس ‏نقابات بقطاع التّربية الوطنيّة سياسة التّعتيم والسّريّة المنتهجة في تغيير البرامج والمناهج ‏المدرسيّة ودعت إلى ضرورة إطلاعها على المحتويات الجديدة قبل إصدارها. وقد أكّد حمزة بلحاج أنّ ما ‏ادّعي بأنّهم خبراء فرنسيّين مشرفين على التّعديلات الجديدة للمناهج الدّراسيّة، هم في الحقيقة مجرّد ‏موظّفين بوزارة التّربية الفرنسيّة، وغالبيتهم تابعون لأكاديميّة مرسيليا وآكس أون بروفنسAix-en-‎Provence، بل أنّ أحدهم مختصّ في التّاريخ الإسلامي، وله عدّة منشورات تناولت تاريخ الاستعمار ‏الفرنسي للجزائر. وأنّ التّدخّل الفرنسي في الشّؤون التّربويّة الجزائريّة تجسّد بشكل مريب في عهد الوزيرة «نوريّة بن غبريت»، وأنّ تلك التّعديلات لا تتعلّق فقط بالتّعاون بين البلدين، إنّما هي تدخّلات في ‏مضامين المناهج الدّراسيّة، خاصّة لتلامذة المرحلة الثّانويّة. مضيفا أنّ الوزارة رفعت عدد ساعات دراسة ‏اللّغة الفرنسيّة لتتساوى مع اللّغة العربيّة، وأنّ دراسة جميع المواد في الجزائر تتمّ باللّغة الفرنسيّة(14).
ولعلّ السيّد حمزة بلحاج يقصد بالخبراء أو الموظفين الفرنسيّين ذلكم التابعين للمركز الدّولي ‏للدّراسات البيداغوجيّة الفرنسي‎ (CIEP) ‎وهدفه، كما يدلّ عليه موقعه على الشّبكة العنكبوتيّة (النات)، ‏هو العمل «لمصلحة التربية واللغة الفرنسيّة في العالم».‏
وفي المغرب عادت قضيّة فرنسة التّعليم المغربي إلى دائرة الطّرح مجدّدا في إطار ما ادّعي أنّه ‏توجّه المملكة نحو إصلاح منظومتها التّربويّة، بعد قرار أصدرته وزارة التّربية بتدريس المواد العلميّة ‏والتكنولوجيّة في المرحلة الثانويّة باللّغة الفرنسيّة. بحيث وجّه وزير التّربية والتّكوين المهني المغربي «رشيد ‏بن المختار» مذكّرة إلى مديري الأكاديميّات الجهويّة للتربية والتكوين تقول:‏
«تصحيحا للاختلالات التي تعرفها المنظومة التّعليميّة، وخصوصا منها تلك المتعلّقة بتكامل المواد ‏التّعليميّة في السّلك الثّانوي التّأهيلي، فقد تقرّر ابتداء من العودة المدرسيّة 2016ــــ2017 تدريس ‏مادّتي الرياضيّات والعلوم الفيزيائيّة، باللّغة الفرنسيّة، بشعبتي العلوم والتّكنولوجيّات الميكانيكيّة والعلوم ‏والتكنولوجيّات الكهربائيّة».‏
وطالبت الوزارة مسؤوليها الجهويّين بـــ «تعميم هذه الإجراءات على كلّ مؤسّساتها الثّانويّة التأهيليّة ‏العموميّة والخصوصيّة الحاضنة للشّعب»، بل إنّه ولتسريع تطبيق هذا القرار، قال الوزير المغربي في ‏مراسلته إنّه «يمكن بدء تدريس هذه المواد باللّغة الفرنسيّة ابتداء من الموسم الدّراسي الحالي ‏‏2015ـ 2016، إذا توفّرت لديها الشّروط الضروريّة لذلك».‏
وقد أثار هذا القرار رفضا في صفوف من يعرفون بحماة اللّغة العربيّة، والمدافعين عنها(15)، في ‏دولة يعتبر دستورها العربيّة اللّغة الرسميّة، فاعتبروه «انتهاكا للدّستور المغربي، وانقلابا على الهويّة ‏المغربيّة» رغم أنّه صادر عن وزارة تنتمي إلى حكومة يقودها حزب يوصف بـ«الإسلامي». واستند ‏معارضو هذا القرار، إلى جانب الدستور، على مبادئ الحركة الوطنيّة المغربيّة الدّاعية إلى «تعريب ‏التعليم والإدارة»عقب استقلال المغرب عن فرنسا، في بداية خمسينات القرن الماضي. علما بأنّ المغرب ‏قد اعتمد سياسة تعريب التّعليم منذ عام 1977، لكنّ هذه السّياسة ظلّت متعثّرة وبقيت المواد العلميّة ‏والتكنولوجيّة والرّياضيّات تدرّس باللّغة الفرنسيّة في التّعليم الثّانوي، إلى مطلع تسعينات القرن ‏الماضي، حين تقرّر تعريب جميع المواد حتّى نهاية الثّانويّة العامّة، مع استمرار تدريس العلوم والاقتصاد ‏والطبّ والهندسة باللّغة الفرنسيّة في جميع جامعات المغرب.‏
وأكّد «عبد الإله دحمان»، نائب الكاتب العام للجامعة الوطنيّة لموظفي التّعليم،أنّ تلك المذكّرة التي ‏وجّهها وزير التّربية والتّكوين المهني هي بمثابة فتح الباب لولوج اللّغة الفرنسيّة والتّمكين لها عبر تدريس ‏المواد العلميّة (الفيزياء والرياضيّات والعلوم الطبيعيّة) بها في السّلك التّأهيلي، إلى جانب إضافة الأدب ‏الفرنسي في البرامج التّربويّة المصاحبة لهذا التّجريب. واعتبر أنّ هذا البعد التّجريبي جاء في سياق ‏التّنزيل لاتفاقيّة شراكة بين المغرب وفرنسا في هذا المجال(16).‏ 
بحيث يبدو من هذه الوقائع كأنّ فرنسا تتحدّى المجتمع المدني بتونس وبلاد المغرب العربي ‏والمراكز البحثيّة بها، وتعمل جادّة من أجل استعادة نفوذها الاستعماري واسترداد هيمنتها الثقافيّة على ‏المنطقة المغاربيّة بوسيلتين:‏
أولاهما فرض تفوّق لغتها على اللّغة الوطنيّة وما يمكن أن ينفتح عليه التّعليم في هذه البلدان من ‏لغات أجنبيّة غير اللّغة الفرنسيّة، التي تراجعت أهميّتها عالميّا كلغة علم واقتصاد أمام لغات أخرى من ‏قبيل اللغتين الأنكليزيّة والصينيّة. ويكفينا لتأكيد ذلك مثال ما وقع من ردّ فعل فرنسي غير لائق عندما ‏صرّح وزير التربية الناجي جلّول بأنّ وزارته تنوي جعل اللّغة الإنكليزيّة في المرتبة الثّانية بعد اللّغة ‏العربيّة في التعليم. بحيث عندما قام رئيس الحكومة يوسف الشاهد إثر ذلك التّصريح بزيارة رسميّة لفرنسا ‏خلال شهر نوفمبر2016، لم يستقبله عند نزوله بباريس لا الوزير الأوّل ولا وزير ‏الشؤون الخارجيّة الفرنسيّين، بل وجد وزيرة مقاطعات ما وراء البحار الفرنسية ‏‎ Ericka Bareigts‏ ‏بمتحف الجيوش في استقباله، وهو تصرّف مخالف لأعراف البروتوكول. والغريب أنّ ‏الشاهد لم ير ضيرا في ذلك، ممّا عرّضه لموجة انتقاد واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، ولانتقاد ‏بعض نوّاب مجلس الشّعب(17). 
وثانيهما تكريس نظامها التّعليمي، رغم أنّ فرنسا ليست ضمن الدّول العشرين الأفضل تعليمياً في ‏العالم، بل أنّ الطّبقة الثّريّة الفرنسيّة ترسل أبناءها للدّراسة في أميركا، كما أنّ علماء فرنسا ينشرون ‏بحوثهم بالإنكليزيّة حتّى تصل إلى العالم.‏
الأمر الذي يجعلنا نتساءل عمّا يدعو أصحاب القرار في البلدان المغاربيّة، سواء كانوا وزراء ‏تربيّة وتعليم أو رؤساء حكومات أو رؤساء جمهوريّات وملوك، إلى الانحناء أمام إرادة فرنسا الاستعماريّة ‏الجديدة، والقبول بإملاءاتها هي أو غيرها من القوى المتسلّطة، والاستعانة بمراكز بحثيّة أجنبيّة مشبوهة، ‏وتفضيلها عن التّفاعل مع ما تنتجه المراكز البحثيّة في بلدانهم من بحوث، وما يتوصّل إليه الباحثون ‏الوطنيّون من استنتاجات، ويقدّمونه من نصائح وتوصيّات في مختلف مجالات العلوم والسّياسة من ‏شأنها أن تخدم بلادهم وتحفظ مصالح شعوبهم حاضرا ومستقبلا. وعمّا يدفع جزءا مهمّا من النّخبة ‏المغاربيّة للشّعور بالنّقص إزاء فرنسا وتقديس لغتها واتخاذ تعليمها مثلا أعلى، في حين أنّ الفرنسيّين ‏أنفسهم يقرّون بأنّه تعليم يعاني من كثير من النقائص.‏
وهنا لا بدّ أن نعيد ذلك إلى غياب التّقاليد الاجتماعيّة والثقافيّة، التي تحترم الاتجاهات والأفكار ‏المختلفة، وتهيّء البيئة الملائمة لأعمال بحثيّة تهدف إلى معرفة الحقيقة والمساهمة في صنع التقدّم ‏في بلداننا. وتأثر العقل المغاربي والعربي عموما بما تنتجه مراكز الدّراسات والبحوث الأجنبيّة وخاصّة ‏الغربيّة، والانبهار به واعتماده كمرجع في أخذ القرار وإلى كون السّلطات السّياسيّة في بلداننا لا ترى ‏جدوى في الاستثمار في مجال مراكز البحث والدّراسات، ولا تعير أهميّة كافية لهذه المراكز، ولا تعترف ‏بدورها في صنع القرار وفي تحديد السّياسات العامّة للدولة، لأنّها تعتبر ذلك كلّه من مشمولات الزّعيم ‏وبطانته. ممّا يفسّر هزال نسبة إنفاقها واستثمارها في مجال البحث كما سبق أن رأينا بتونس. ويزيد في ‏ذلك عزوف القطاع الخاص عن احتضان المراكز البحثيّة، بحيث تقدّر مساهمته بما لا يزيد عن 9,2 ‏‏% في البلدان العربيّة عامّة، في حين تتراوح ما بين 52 % في الولايات المتحدة الأمريكية و70 % في ‏اليابان، ‎الأمر الذي يضطرّ مراكز الدّراسات والبحوث في بلداننا إلى طلب التّمويل الأجنبي، وهو تمويل ‏سخيّ عادة لكنّه مدخل للسّيطرة على القرار والتوجّه، وتحديد الأوليّات والاهتمامات. ممّا يفقد تلك المراكز ‏البحثيّة في بلداننا استقلاليتها، ويحوّلها إلى أداة لخدمة أهداف الجهات الأجنبيّة، التي عادة ما تصبّ في ‏ترسيخ الهيمنة الثّقافيّة والاقتصاديّة والسّياسيّة للأجنبي(18).‏ 
خاتمة
لم يدخل تقليد إنشاء المراكز البحثيّة بالبلاد التونسيّة وغيرها من بلاد المغرب بما فيه ‏الكفاية، بحيث يمكن القول إنّ الموجود منها اليوم قليل من حيث العدد، بالقدر الذي يجعلها غير قادرة على ‏استيعاب الباحثين الوطنيّين، والشبّان منهم خاصّة، الذين تشهد أعدادهم ازديادا مستمرّا، أو تأطيرهم. ‏وتعترض سبيل تلك المراكز البحثيّة الكثير من الإشكالات والتحديّات داخليّا وخارجيّا. فزيادة عن قلّة ‏موارد التّمويل العمومي والخاصّ من المال، الذي هو قوام الأعمال، لتمويل القدر الكافي من ‏المراكز البحثيّة وضمان ما يحتاجه البحث والباحثون من مصاريف ونفقات ونشر بحوثهم، هناك نقص ‏في المؤطّرين نتيجة نزيف الهجرة في صفوف أساتذة التعليم العالي المباشرين والمحالين على ‏التقاعد. هنالك أيضا قلّة ما توليه السّلطات الرّسميّة التّونسيّة، والمغاربيّة عامّة، من اهتمام لنتائج البحوث ‏التي تنجزها المراكز البحثيّة عند اتّخاذ قراراتها في الشّأن الدّاخلي أو توقيع الاتفاقيّات في أيّ مجال أو ‏إدارة الخصومات مع الأطراف الأجنبيّة. بقدر ما يوليه المسؤولون عند اتخاذ القرار لما تقدّمه التّقارير ‏الأمنيّة، أو تمليه المراكز البحثيّة الأجنبيّة مدعومة بنفوذ بلدانها واستقوائها. ولنا في مثال فرض أجندة ‏فرنسا في مجال التّعليم بتونس ومختلف بلدان المغرب العربي خير مثال.‏
الأمر الذي يدفع للتساؤل أنحن إزاء حال من التخلّف الاقتصادي، والضّعف السّياسي، والوهن ‏في القيادة، والخور في النّخبة، التي تشكّل كلّا من الطّبقة الحاكمة والمعارضة في الدّولة التونسيّة وسائر ‏دول المغرب العربي، تجعل مجهوداتنا في جميع المجالات، بما فيها مجال البحث العلمي، في حال من ‏الضّعف وقلّة الأهميّة، مهما بلغ مستواها من الكفاءة والدقّة العلميّة؟
بعبارات أخرى: أليست دراسات المراكز البحثيّة وبحوثها، وما تتوصّل إليه من نتائج، بحاجة ‏إلى قوّة اقتصاديّة وسياسيّة وعسكريّة تدعمها؟ فهل نحن إزاء محدوديّة، حتّى لا نقول فشل، الحلّ ‏القطري؟ وفي غياب دولة اتحاديّة تجمع الأقطار المغاربيّة بإمكانيّاتها الاقتصاديّة والبشريّة الضخمة على ‏غرار اتحاد المغرب العربي، الذي تأسس في 17 فيفري 1989 م بمدينة مراكش مثلا، أليس من ‏الضروري العمل على تأسيس مراكز بحثيّة عابرة للأقطار، مغاربيّة على الأقلّ، لضمان تجاوز المشاكل ‏والصّعوبات التي تعترض سبيل المراكز على المستوى القطري، وتدعم قدرتها على مواجهة تحديّات ‏الدّاخل وإملاءات الأجنبي ومراكزه، وتضفي مزيد المصداقيّة والقوّة على بحوثها وما تتوصّل إليه من ‏نتائج، وتجعل لها آثارا على أرض الواقع؟
الهوامش
(1) المؤرّخ توفيق البشروش: خالد عبيد مؤرّخ محتال وبن عكاشة «يهزم الخابية يحط ‏في الجابية»
  https://www.babnet.net/festivaldetail-159402.asp‎‏ ‏
(2) ‎الانتخابات ـ البلديّة ـ محور ـلقاء ـالسفير ـ الفرنسي ـ بأعضاء ـ من هيئة ـ الانتخابات
https://www.nessma.tv/article/2018/ 02/ 28 
حركة-الشعب-تدين-زيارة-سفير-فرنسا-بتونس-إلى-الهيئة-العليا-المستقلة-للانتخابات
https://www.nessma.tv/article/‎1101
(3) هيئة الحقيقة والكرامة تنشر وثائق حول نهب فرنسا للبترول التونسي 
https://www.babnet.net/cadredetail-157783.asp‎‏
(5) عائلة-الحريري-الرئيس-الفرنسي- باريس   https://arabic.rt.com/middle_east/912021-‎
(6) الفيل، نفس المرجع.‏ http://www.csds-center.com/archives/9260‎
(7) أنظر نصّ المشروع المذكور في موقع: ‏https://searchworks.stanford.edu/view/2434097‎
الزيدي (علي)، تاريخ النظام التربوي للشعبة العصريّة الزيتونيّة (1951ـ1961)، منشورات مركز البحوث في علوم المكتبات والمعلومات بالمعهد ‏الأعلى للتوثيق، العدد16، تونس، 1986، ص 420ـ453.‏
(8) الفيل، نفس المرجع.‏ http://www.csds-center.com/archives/9260‎
(9) نذكر منها الائتلاف المدني لإصلاح المنظومة التربوية (يضمّ حوالي 250 جمعيّة)، والتحاف المدني من أجل التعليم (يضمّ 70 ‏جمعيّة) وشبكة التربية والتكوين والبحث العلميREFORS‏(يضمّ 40 جمعيّة).‏
(10) مصدّق الجليدي، منشور على صفحته على الفايسبوك بتاريخ 29/10/2017.‏
        أحمد بوعزّي، لحرش؟ ‏‏25/09/2017‏
https://www.facebook.com/bizerte.Revolution/photos/pb..../1443699795715087/
(11) المصدر نفسه.‏
(12) المصدر نفسه.‏
(13) المصدر نفسه.‏
(14) الريدي (تنسيم)، مناهج الجزائر... تغييرات تتمّ سرّا تثير القلق ‏الجزائر، 13 أبريل 2016.‏
https://www.alaraby.co.uk/supplementeducation
 (15) من قبيل «الائتلاف الوطني من أجل اللّغة العربيّة» الذي يضم 110 جمعيّات ومنظّمات مغربيّة تعنى باللّغة العربيّة. منسقه الأستاذ فؤاد أبو علي
 (16) تدريس المواد العلمية بالفرنسية يثير جدلا حول الهوية المغربية، العرب، العدد ‏‏10100، ص 17
http://www.alarab.co.uk
(17) ‎انتقاد النائب سالم لبيض للوزير الأول بسبب استقباله من قبل وزيرة ما وراء البحار
https://www.babnet.net/cadredetail-‎‎134108.asp
(18)  العش (م. فيصل)، «مراكز الدراسات والبحوث العربيّة بين المأمول والمعمول»،مجلّــة الإصــلاح، عــدد 127، السنة 6، تونس، فيفري ‏‏2018، ص 15ـ 16. ‏http://www.alislahmag.com.‏