متابعات

بقلم
فيصل العش
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

احتفل العالم يوم 10 ديسمبر الجاري بالذكرى 64 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان – وهي وثيقة أصدرتها منظمـــة الأمم المتحــدة  تحتوي على ثلاثين فصلا تجسّد ضمانات قانونية عالمية تحمي الحريات الأساسية للأفراد والجماعات وتحفظ لهم كرامتهم دون تمييز من أي نوع وتهدف إلى بناء عالم يسوده السلام والازدهار والعدل.   وقد أصبح الإعلان العالمي لحقوق الانسان، مصدر الهام للعديد من الدول عند وضع قوانينها ودساتيرها، وأحد أكثر الأدوات انتشارا في حماية ونشر هذه الحقوق.

ولقد تقدم مفهوم الدفاع عن حقوق الإنسان بشكل ملحوظ في العقود الأخيرة.  وغدا احترام كرامة الإنسان وعدم التمييز من المبادئ الأساسية المحفورة في أذهان الناس. وأصبحت حقوق الإنسان جزء لا يتجزأ من الأجندات السياسية ، وترسّخت قناعة لدى الجميع بأن انتهاكات حقوق الإنسان التي لازالت تحصل في مناطق مختلفة من العالم يجب ألاّ تمر من دون عقاب.

 وبالرغم من التقدم الملحوظ لمفهوم الدفاع عن حقوق الإنسان بفضل جهود المجتمع الدولي والناشطين في هذا المجال، فإن الوضع الحالي لحقوق الإنسان لا يزال بعيدا عن الوضع النموذجي الذي نص عليه الإعلان العالمي للحقوق. فلا تزال كرامة الإنسان تنتهك وحريته تسلب ومازال العديد من الأطفال غير قادرين على الذهاب إلى المدارس، ولا تمتلك العديد من العائلات مكانا لائقا للعيش، ويعاني آخرون من الجوع والحرمان من المرافق الصحية والماء الصالح للشراب . ولازلنا نشهد العديد من مظاهر التمييز والاضطهاد على أساس القناعات والمعتقدات.

وتتطلب التحديات والعوائق التي تقف في وجه تنفيذ حقوق الإنسان مزيدا من النضال والعمل على خلق بيئة اجتماعية تساعد علــــى تطبيق هذه الحقوق ومنع انتهاكاتها وذلك بنشرها وتعليمها للمواطن لتكون لديه المعرفة الكافية بمضمونها والإجراءات المتخذة لحمايتها . كما يجب العمل على تكريسها  في ثقافة المجتمع من خلال خلق أنماط سلوكية مبنية على مبادئ العدل والقانون وعدم التميز . 

ونطمح بتقديمنا لهذه الوثيقة إلى المساهمة في هذا النضال والتعريف بحقوق الإنسان والتأكيد على أنها شرط أساسي في بناء مجتمع متطور يسوده السلم والرخاء وأن انتهاك أي منها هو تعدّ صارخ على إنسانية الإنسان، يرفضه الجميع ويعرّض من قام به إلى المحاسبة والعقــاب. كما نطمح من خلال نشر هذه الوثيقة طرح بعض الأسئلة حول مدى تطابق ما جاء فيها من مبادئ مع روح ديننا الحنيف . فهل يكفي أن نصرّح بأن الإسلام قد سبق  العالم كله في إرساء حقوق الإنسان بأكثر من أربعة عشر قرنا؟أو ليس الأجدر بنا أن نكون أول المحتفين بهذا الإعلان والمدافعين عن ما جاء فيه من حقوق باعتبار أن الإسلام قد كان سباقا في الدعوة إلى احترام حقوق الإنسان و ضمان حرياته الأساسية ؟ 

الديباجة

لمّا كان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم.

ولما كان تناسي حقوق الإنسان وازدراؤها قد أفضيا إلى أعمال همجية آذت الضمير الإنساني. وكان غاية ما يرنو إليه عامة البشر انبثاق عالم يتمتع فيه الفرد بحريـــة القــــول والعقيـــدة ويتحرر من الفزع والفاقة.

ولما كان من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم.

ولما كانت شعوب الأمم المتحدة قد أكدت في الميثاق من جديد إيمانها بحقوق الإنسان الأساسية وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء من حقوق متساوية وحزمت أمرها على أن تدفع بالرقي الاجتماعي قدمًا وأن ترفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح.

ولما كانت الدول الأعضاء قــد تعهدت بالتعــــاون مع الأمم المتحــدة على ضمان اطراد مراعاة حقوق الإنسان والحريات الأساسية واحترامها.

ولما كان للإدراك العام لهذه الحقوق والحريات الأهمية الكبرى للوفاء التام بهذا التعهد. فإن الجمعية العامة تنادي بهذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه المستوى المشترك الذي ينبغـــي أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم حتى يسعى كل فـــــرد وهيئـــــة في المجتمع، واضعين على الدوام هذا الإعلان نصــــــب أعينهــــم، إلى توطيد احترام هذه الحقوق والحريات عن طريق التعليم والتربية واتخاذ إجراءات مطردة، قومية وعالمية، لضمان الاعتراف بها ومراعاتها بصورة عالمية فعالة بين الدول الأعضاء ذاتها وشعوب البقاع الخاضعة لسلطانها.

المادة 1

يولد جميع الناس أحرارًا متساوين في الكرامة والحقوق. وقد وهبوا عقلاً وضميرًا وعليهم أن يعامل بعضهم بعضًا بروح الإخاء.

المادة 2

لكـــل إنســــان حـــق التمتـــع بكافــــة الحقـــوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييـــز بسبب العنصـر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الديــــن أو الرأي السياســـي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء.

وفضلاً عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي لبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلاً أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود.

المادة 3

لكل فــرد الحـــق فـــي الحيـــــاة والحريـــــة وسلامــــة شخصـــــه.

المادة 4

لا يجوز استرقاق أو استعباد أي شخص. ويحظر الاسترقاق وتجارة الرقيق بكافة أوضاعهما.

المادة 5

لا يعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعامـــلات القاسيــة أو الوحشية أو الحاطّة بالكرامة.

المادة 6

لكل إنســـان أينما وجد الحـــق في أن يعترف بشخصيتــه القانونيـة.

المادة 7

كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة عنه دون أية تفرقة، كما أن لهم جميعاً الحق في حماية متساوية ضد أي تمييز يُخل بهــــذا الإعــــلان وضد أي تحريض على تمييز كهذا.

المادة 8

لكل شخص الحق في أن يلجأ إلى المحاكــــم الوطنيـــة لإنصافـــه عن أعمال فيها اعتداء على الحقوق الأساسية التي يمنحها له القانون.

المادة 9

لا يجــــوز القبـــض على أي إنســـان أو حجـــزه أو نفيـــه تعسفـــاً.

المادة 10

لكل إنسان الحــــق، على قدم المســــــاواة التامــــة مع الآخريـــن، في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظراً عادلاً علنياً للفصل في حقوقه والتزاماته وأية تهمة جنائية توجه له.

المادة 11

1.  كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانوناً بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه.

2.  لا يدان أي شخص من جراء أداء عمـــل أو الإمتنــــاع عن أداء عمل إلاّ إذا كان ذلك يعتبر جرماً وفقاً للقانون الوطني أو الدولي وقت الارتكـــــاب. كذلك لا توقـــع عليـــــه عقوبـــة أشــــّد من تلك التي كان يجوز توقيعها وقت ارتكاب الجريمة.

المادة 12

لا يعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات على شرفه وسمعتــه. ولكل شخص الحـــق في حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات.

المادة 13

1.  لكل فرد حرية النقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولـــة.

2.  يحق لكل فرد أن يغـــــادر أية بـــلاد بما في ذلـــك بلده كما يحق له العودة إليه.

المادة 14

1.  لكل فرد الحق أن يلجأ إلى بلاد أخرى أو يحاول الالتجاء إليها هربا من الاضطهاد.

2.  لا ينتفع بهذا الحق من قدم للمحاكمة في جرائــم غير سياسيـــة أو لأعمال تناقض أغراض الأمم المتحدة ومبادئها.

المادة 15

1.  لكل فرد حق التمتع بجنسية ما.

2.  لا يجوز حرمان شخص من جنسيتــــه تعسفـــا أو إنكار حقــــه في تغييرها.

المادة 16

1.  للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنـــس أو الديـــن. ولهمـــا حقوق متساوية عند الزواج وأثناء قيامه وعند انحلاله.

2.  لا يبرم عقد الزواج إلا برضا الطرفين الراغبين في الزواج رضاء كاملا لا إكراه فيه.

3.  الأسرة هي الوحدة الطبيعية الأساسية للمجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة.

المادة 17

1.  لكل شخص حق التملك بمفرده أو بالاشتراك مع غيره.

2.  لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفا.

المادة 18

لكل شخص الحق في حرية التفكير والضميـــر والديــــن. ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائــــر ومراعاتهــــا سواء أكان ذلك سرا أم مع الجماعة.

المادة 19

لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير. ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية.

المادة 20

1.  لكل شخص الحق في حرية الاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية.

2.  لا يجوز إرغام أحد على الانضمام إلى جمعية ما.

المادة 21

1.  لكل فرد الحق في الاشتراك في إدارة الشؤون العامـــــة لبلاده ما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون اختيارا حرا.

2.  لكل شخص نفس الحق الذي لغيره في تقلد الوظائـــــــف العامة في البلاد.

3.  إن إرادة الشعب هـــــي مصــــــدر سلطــــة الحكومـــــة، ويعبر عن هذه الإرادة بانتخابات نزيهة دورية تجري على أساس الاقتراع السري وعلى قدم المساواة بين الجميع أو حسب أي إجراء مماثل يضمن حرية التصويت.

المادة 22

لكل شخص بصفته عضوا في المجتمع الحق في الضمانة الاجتماعية وفي أن تحقق بوساطة المجهود القومي والتعاون الدولي وبما يتفق ونظم كل دولة ومواردها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتربوية التي لا غنى عنها لكرامته وللنمو الحر لشخصيته.

المادة 23

1.  لكل شخص الحق في العمل، وله حرية اختياره بشروط عادلة مرضية كما أن له حق الحماية من البطالة.

2.  لكل فرد دون أي تمييز الحق في أجر متساو للعمل.

3.  لكل فرد يقوم بعمل الحق في أجر عادل مرض يكفل له ولأسرته عيشة لائقة بكرامة الإنسان تضاف إليه، عند اللزوم، وسائل أخرى للحماية الاجتماعية.

4.  لكل شخص الحق في أن ينشأ وينضم إلى نقابات حماية لمصلحته.

المادة 24

لكل شخص الحق في الراحة، أو في أوقــــات الفـــــراغ، ولاسيّما في تحديد معقول لساعات العمل وفي عطلات دورية بأجر.

المادة 25

1.  لكل شخص الحق في مستوى من المعيشـــة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته. ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الاجتماعيــــة اللازمــــة. وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته.

2.  للأمومة والطفولة الحق في مساعدة ورعاية خاصتين. وينعم كل الأطفال بنفس الحماية الاجتماعية سواء أكانت ولادتهم ناتجة عن رباط شرعي أم بطريقة غير شرعية.

المادة 26

1.  لكل شخص الحق في التعلم. ويجب أن يكون التعليم في مراحله الأولى والأساسية على الأقل بالمجان، وأن يكون التعليم الأولي إلزاميا وينبغي أن يعمم التعليم الفني والمهني، وأن ييسر القبول للتعليم العالي على قدم المساواة التامة للجميع وعلى أساس الكفاءة.

2.  يجب أن تهدف التربية إلى إنماء شخصية الإنسان إنماء كاملا، وإلى تعزيز احترام الإنسان والحريات الأساسية وتنمية التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الشعـــــوب والجماعــــات العنصرية أو الدينية، وإلى زيادة مجهود الأمم المتحدة لحفظ السلام.

3.  للآباء الحق الأول في اختيار نوع تربية أولادهم.

المادة 27

1.  لكل فرد الحق في أن يشترك اشتراكا حرا في حياة المجتمع الثقافي وفي الاستمتاع بالفنون والمساهمة في التقدم العلمي والاستفادة من نتائجه.

2.  لكل فرد الحق في حماية المصالح الأدبية والمادية المترتبـــة على إنتاجه العلمي أو الأدبي أو الفني.

المادة 28

لكل فرد الحق في التمتع بنظام اجتماعي دولي تتحقق بمقتضاه الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الإعلان تحققا تاما.

المادة 29

1.  على كل فرد واجبات نحو المجتمع الذي يتاح فيه وحده لشخصيته أن تنمو نموا حرا كاملا.

2.  يخضع الفرد في ممارسته حقوقه لتلك القيود التي يقررها القانون فقط، لضمان الاعتراف بحقوق الغير وحرياته واحترامها ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة والأخلاق في مجتمع ديمقراطي.

3.  لا يصح بحال من الأحوال أن تمارس هذه الحقوق ممارسة تتناقض مع أغراض الأمم المتحدة ومبادئها.

المادة 30

ليس في هذا الإعلان نص يجوز تأويله على أنـــه يخــــول لدولـــة أو جماعة أو فرد أي حق في القيام بنشـــاط أو تأدية عمل يهدف إلى هدم الحقوق والحريات الواردة فيه.