فواصل

بقلم
د.ناجي حجلاوي
المطالب العالية (الحلقة الخامسة)
 عندما كانت العبارة تشي للقارئ بخلاف ما قصد المؤلّف منها، تأكّد للدّارس أنّ عمليّة التّفسير ‏لا تخرج عن أطراف ثلاثة: النّصّ وصاحبه وقارئه، وبحسب العلاقة القائمة بين هذه الأطراف ‏ينبع المنهج المتّبع وبها ينطبع. وإذا كان المنهج يساعد على طلب الحقيقة من خلال تقصّي ‏مقاصد النّصّ بتجرّد، فإنّ صفة التّجرّد تظلّ مطلباً عزيزاً على الدّارسين. فالدّراسة التي تركّز ‏الاهتمام على موضوع من المواضيع دون محاولة استبعاد الذّات منه، تظلّ مهدّدة بمزالق ‏منهجيّة من قبيل الإسقاط  والمغالطة التّاريخيّة. ‏
‎ولعلّ دراسةً حضاريّة لقضايا التّفسير، كهذه الدّراسة، تحتاج إلى الاتّكاء على الجوانب ‏اللّغويّة لإبراز أكبر درجة ممكنة من الموضوعيّة بالرّغم من أنّ الجهاز اللغويّ ليس بالضّرورة ‏جهازا محايدا. أمّا وقد تميّزت اللّغة بنصيب غير يسير من الدّقة العلميّة، فإنّ دراسة القرآن ‏باعتماد المدخل اللّغوي هي الطّريقة الأقلّ ذاتيّة وأقلّ إسقاطا. إذ يكتفي المفسّر بالقيل القرآنيّ ‏دليلا على ما يصل إليه من المعاني، وإن كان غضّه النّظر عن العوامل الخارجيّة، من قبيل ‏ظروف التّنزيل وطبيعة النّوازل ومناسباتها، قد يُثير تساؤلا مفاده هل الانفتاح على مناسبات ‏القول وأسباب التّنزيل والظّروف الحافّة بالوحي يُعدّ استنقاصا للحقيقة الكامنة فيه، وحينئذ ‏يُلحق الضّيم بما يُنجزه من تفسير؟ أم أنّ الاستعانة بكلّ ذلك يُعدّ عامل إثراء وتوضيح للمعاني ‏المستفادة؟ وانطلاقا من هذا المنهج اللّغوي في التّفسير، تصبح غاية المرام هي محاولة الوقوف ‏على المقصد الكامن في النّص من خلال سنن اللّغة العربيّة. ولعلّ من مزايا هذا المنهج، هو ‏الإضعاف من منسوب الوعي المذهبيّ كالّذي نجده عند أصحاب المقالات وزعماء الفرق ‏الدّينيّة في تناولهم للتّفسير والتّأويل.‏
‎إنّ النّصّ القرآنيّ يمثّل، في حدّ ذاته، كينونة مستقلّة. فهو نظام من المعاني، يفصح عن ‏نفسه، وضمنه آيات مفهوميّة، وهي الّتي تتضمّن مفاهيم وتصوّرات إزاء الإنسان والله ‏والمصير. وأخرى آيات مصداقيّة، وهي الّتي تتضمّن إشارات إلى الواقع المحيط بظرفية ‏التّنزيل. وهو كتاب مطلق في مستوى هذه الكينونة. ولكنّه نسبيّ في مستوى فهمه لأنّ العقل ‏الذي يحاوره  يتأثّر بالسّقف المعرفيّ السّائد والحافّ بكلّ قراءة. وأمّا أن تُؤبَّدَ قراءةٌ واحدةٌ لهذا ‏النّصّ، فهو أمر لا يحتمله الوعيُ البشريّ المتحوّل والدّائم في تغيّره. ومن هذا المنطلق، يلحظ ‏الدّارس أنّه حين يقيم علاقة مع النّصّ المطلق، فإنّه يقيمها من حيث هو، بوصفه دارساً، لا ‏من حيث المعطى النّصّيّ. إذ النّصّ صامت ولكنّ الرّجال هم الذين يُنطقونه، على حدّ عبارة ‏علي بن أبي طالب(1) ‏. ولا من حيث علاقة النّصّ بصاحبه فذلك مقصد مستبعد إدراكه على ‏الوجه الّذي أراد.‏‎ ‎ومن المفيد للدّارس أن يُلمَّ بأغلب منابع التّفكير الدّينيّ لدى القدماء. إلاّ أنّ ‏إتلاف العديد من المصنّفات جعل أيّة وثيقة جديدة ترِدُ على الدّارسين يكون لها من الأهميّة ‏قدر إضافتها وتوسيعها لدوائر التّفكير الّذي ساد في فترة من فترات الثّقافة العربيّة الإسلاميّة. ‏لقد ضاع العديد ممّا كُتب في فترة احتدم فيها الصّراع الفكريّ لاختلاف المذاهب وتعدّد الفِرَق ‏والمقالات. ‏
‏وإزاء هذا الصّراع المحتدم، تولّد وعي منهجيّ في فهم النّصّ القرآنيّ عماده الجوانب اللّغويّة ‏والمنازع العقليّة. فتشكّلت قضايا عديدة من قبيل عربيّة القرآن وإعجازه. ولمّا كان القرآن ‏متشكّلاً في ثوب لغويّ، فإنّ المنهج اللّغويّ نُظر إليه على أنّه أقرب المناهج وألصقها بطبيعة ‏هذا النّصّ، ولاسيّما من رجال وظّفوا جهودهم العلميّة لدراسة هذا المجال مثل علي بن عيسى ‏الرّمّانيّ (ت384هـ/994م)(2)‏ والقاضي عبد الجبّار(ت415هـ/1025م)‏(3). وعبد القاهر الجرجاني ‏‏(ت471هـ/1078م)(4) والزّمخشري(ت538 هـ/1143م)‏(5)‏ ومن قبلهم نلفي جهود الفرّاء ‏‏(ت207هـ/822م)(6)،وأبي عبيدة ‏(ت209هـ/224م)(7)، والزّجّاج (ت311هـ/923م)‏(8)‏. ولمّا كان ‏المنهج هو عبارة عن معادلات ذهنيّة، فإنّ صاحبها يروم تسليطها على الموضوع المراد ‏درسُه. وضمن هذا الفضاء، كان الرّمّانيّ، على سبيل المثال، واعيا بطريقته اللّغوية في فهم ‏القرآن وتأويله. وهو القائل في معرض تفسيره لمصطلح الاختلاف « للاختلاف وجوه منها ردّ ‏المتشابه إلى المحكم على ما يشبه دلائل اللّغة والشّريعة وأوائل العقول»(9). ومن ثمّ رغب ‏المفسّرون في إبراز ما ظهر لهم من النّصّ القرآنيّ وما فهموه منه. وهكذا ارتأى أصحاب هذا ‏المنهج أن لا يتأرجح الرّصيد اللّغوي وأن لا يتأخّر عن الأفكار والمتصوّرات الّتي يحتوي عليها ‏الخطاب القرآنيّ. وعلى هذه الصّورة، يتمّ التّضام بين الدّوّال والمدلولات من أجل تسمية الأشياء ‏في العالم، لأنّ التّسمية اكتناه لحقيقة الشّيء وامتلاك له. ودون ذلك يُفسح المجال لسيادة ‏الأوهام وغلبة الضبابيّة في الرّؤية، حيث تكون الحيرة السّالبة والجهالة الغالبة. وإذ حاول ‏المفسّرون الأوائل في مطلع الحضارة الإسلاميّة التّصدي لقضايا اللّغة المتنوّعة والمتفرّعة: ‏معجما وتصريفا ونحوا وبلاغة، وأصلا ومواضعة، فإنّهم غطّوا بمجهوداتهم الكثيرة مجالات ‏المعجم والدّلالة، فأبانوا عن شجاعة العربية وسعوا إلى إبراز أهمّيّتها عبر الإبانة عن خباياها ‏وأسرارها. ولقد تمّ التوسّل بها لبيان المقاصد غير المرئيّة الكامنة وراء القيل القرآني، باعتبار ‏الخروج من سياسة اللّغة إلى سياسة التّفسير أوّلا والتّأويل ثانيا. وهكذا دُرست اللّغة لذاتها ثم ‏دُرست لغاية وظائفيّة. ولاغرو في ذلك، فالمصحف إنّما ورد بلسان عربيّ مبين. فقوانين ‏المعنى الّتي تحتوي عليها اللّغة أصبحت مسخّرة برمتها لإزالة الغموض الوارد في بعض الآيات ‏وإزالة التّعارض الكامن أحيانا بين آيات تبدو متناقضة.‏
‎‎وقد ورد في تفسير الرّماني ما يَلفت الانتباه منذ البدء في تفسير الآيات من ضبط المعنى ‏اللّغوي، فبدا سعيه جليّا إلى ما يشبه الوعي بالجهاز اللّغوي. وفي هذا المجال أورد خضر ‏محمّد نبها، وهو محقّق تفسير الرّماني، مايلي: «ولمّا كان الرّماني في تفسيره يتحرّى تعريف ‏الكلمات وتحديد المصطلحات، وهذه ميزة هامّة تمّت ملاحظتها في المخطوط، فلذلك أدرجتُ ‏في آخر هذا العمل المصطلحات الكلامية الّتي عرّفها الرّماني، وتعريفاته لبعض المفردات ‏اللّغوية، وجعلتها ضمن نوعين من المعاجم: الأوّل: أسميته «المعجم اللّغوي عند الرّماني» ‏والثاني: «المصطلحات الكلاميّة عنده». وهي في الواقع تستحق عملا مستقلا قائما بذاته»(10)‏. ‏فمثّل هذا القول قادحا للذّهن ودافعا للبحث لمزيد التوغّل في شعاب الفعل التّفسيري عند ‏الرّماني وعند غيره من خلال تفاسيرهم بالأساس، وما بُثّ في رسائلهم العليقة باللّغة رأسا ‏وبالإعجاز القرآني أيضا، لما للإعجاز من علاقة متينة بالفصاحة والبلاغة. فللرّماني اهتمام ‏بالغ باللّغة باد في مؤلفاته المتمثّلة في «الألفاظ المترادفة المتقاربة المعنى»(11)‏ وكتاب «معاني ‏الحروف»(12) و«رسالتان في اللّغة»(13) ورسالة «النُّكتُ في إعجاز القرآن» (14) ‏‏. ومن هذه الخلفيّة، ‏اتّسعت الرّؤية لتطال ما تطرحه ظاهرة التّرادف وظاهرة الإعجاز من قضايا وتشعّبات.‏
‏‎‎إنّ هذا المصنّف الحامل لعنوان «أعطاب المنهج في كتب  التّفسير» يروم الاهتمام ‏بمفهومين أساسيّين في كتب التّفسير هما꞉ مفهوم التّرادف ومفهوم الإعجاز لما يتميّزان به من ‏أهميّة في تحديد الوعي الدّيني وما آل إليه من ضبابيّة وعموميّة يُشجّعان على التّقليد والرّضا ‏بما قاله السّلف. وفرضيّة هذا البحث تتمثّل في اعتبار أنّ مفهوميْ التّرادف والإعجاز هما ‏الكامنان وراء تكلّس الوعي الدّيني وتخبّطه في الضَّبابيّة والتّعميم وعدم الدّقة. وعليه فإنّ المنهج ‏التّفكيكي، هو المنهج المرشّح للغوص في مكوّنات البنية الذّهنيّة الثّاوية وراء الخطاب التّفسيري ‏انطلاقا من ظاهرة التّرادف ومن ظاهرة الإعجاز، وهو ما ستضطلع هذه الدّراسة بالكشف عنه ‏واستبيان معالمه، حتّى إذا فُكّكت هذه المكوّنات، تسنّى للدّارس إعادة تركيبها في شكل نتائج ‏واضحة المعالم.‏
‎ولا يخفى على النّاظر في كتب الّتفسير، لأوّل وهلة، أنّ الوعي التّفسيري يتمثّل في أنّه ‏يبدأ بتعريف الكلمات تعريفا لغويّا، وتحديد المعنى الاصطلاحيّ للمفردات الكلاميّة الحاملة ‏لأفكار المذاهب والمقالات. ولم يعدم المفسّرون، في إطار اهتماماتهم اللّغويّة، التّركيز على ‏جوانب القراءات، فهم يتساءلون عن بعض القراءات ويوضّحون آراء القرّاء فيها. ويتعرّضون ‏لمسائل الإعراب والمشاكل المنجرّة عن تحكّمها في المعنى وضبطه وتوجيهه. ‏
إنّ اللاّفت في المدوّنة التّفسيريَّة، هو الأخذ بالآثار والأخبار والاعتماد على آراء المفسّرين ‏السّابقين، ممّا يدلّ على أنّ سنن التّفكير في الخطاب القرآنيّ ظلّت واحدة رغم اختلاف ‏المذاهب. ولربّما ركّز هذا المذهب على جانب دون آخر يميّزه عن غيره، وأمّا مراجع التّفسير ‏الكبرى فتظلّ واحدة. وقد ذهب رضوان السّيد، في هذا الصّدد، إلى أنّ الرّماني، على سبيل ‏المثال، مفسّرّ لغويٌّ وبلاغيٌّ بارزٌ، وهو عندما يصل إلى المعاني، يستوعب تُراث التّابعين ‏وتابعيهم في التّفسير، وهو في هذه النّقطة يلتقي مع الطّبريّ المفسّر في أواخر القرن الثّالث. ‏إلاّ أنّ الرّمّاني يضيف إلى ذلك طريقة السّؤال والجواب ليقدّم تفسيره الخاصّ به. ورغم ذلك ‏فإنّ الرّمانيّ، يلتزم جانب الآثار أو التّقليد التّفسيريّ الموروث عن الأوائل وهؤلاء في كثرتهم ‏السّاحقة ما كانوا من المعتزلة (15) ‏.‏
‎ونحن إذ نركّز في هذا المصنّف على الأبعاد اللّغويّة الّتي تبدو من خلال ضروب ‏استخدام المفسّرين للجهاز اللّغوي، فإنّنا نعوّل على التّثبّت من المعاني الّتي توصّلوا إليها ‏واستنبطوها ضمن تفاسيرهم وذلك بإرجاع هذه المعاني إلى مجرياتها السّياقيّة  ضمن النّص ‏القرآني قصد الإمساك بمعالم النّسق التّفكيريّ لديهم في بعديه: اللّغويّ في مستوى الدوّالّ ‏والمذهبي في مستوى المدلولات. ولا نركّز فيها إلّا على ما يتعلّق بقطبيْ الاهتمام المشار إليهما ‏آنفا وهما: قضيّة التّرادف وقضيّة الإعجاز.‏
ويبدو أنّ القرن الثّالث شاهد على حركيّة ثقافيّة تشابكت فيها الاتّجاهات والتّيّارات، ممّا ‏حدا بالمفسّرين، إلى الاهتمام بالمسألة اللّغويّة، لما لها من الأهميّة في تحديد معالم فرقة من ‏الفرق أو مذهب من المذاهب والحفاظ عليها. فكان هذا الإجراء، ضمن العمليّة التّفسيريّة، ‏مجهودا إضافيا متعلقا بالمفردات والأسماء  وهو أمر من شأنه أن يعمّق التميّز عن بقية الفرق ‏عبر توفير ما يشبه الأرضيّة المعرفيّة أو النّظام المفهوميّ الخاصّ، ولو بصفة جزئيّة، ضمن ‏المشترك اللّغويّ واستعمالها المُشاع بين مختلف المفسرّين. «فقد اطّرد في العرف البشري ‏تعريف اللّغة بأنّها جملة رموز متواترة بين أفراد المجموعة البشريّة الّتي تتحوّل بفعل الرّابط ‏اللّغوي إلى مجموعة فكريّة حضاريّة، وهذه الرّموز سواء كانت مُلهَمة إلهاما أم منبثقة انبثاقا، ‏فإنّها تمثّل ضربا من التّسليم الضّمنيّ بين مستعمليها، ثم إنّها ترتبط فيما بينها بقوانين، ‏وبفضل هذه القوانين تنصهر الرّموز الجزئيّة في شبكة من القواعد المجسّمة لبناء اللّغة ‏الكلّيّ»‏(16)‏. إنّ المؤسّسة اللّغويّة واحدة ومعاني المفردات فيها تتلوّن بألوان التفكير المتنوّعة بحكم ‏الانتماء الاجتماعي والمذهبيّ، إذ تعبّر اللّغة تعبيرا خارجيا عن الخوالج النّفسية المتمثّلة في ‏العقائد والشّكوك والرّجاء والخوف. وهكذا يبدو أنّ اللّغة ليست مجرّد تعبير عن الحقيقة، بل ‏هي الحقيقة ذاتها، إذ هي الأداة الكفيلة ببيان الدّلالات الإيحائية الكاشفة عن المعاني الإيمانيّة ‏الّتي يتمّ استنباطها من الكلام الإلهيّ. إنّ هذا المصنّف يروم استثمار التّراث التّفسيري استثمارا ‏يركّز على المعقولية الثّاوية فيه، إذ ينهض بالأساس على استنطاق النّصّوص المنجزة في ‏العصور الإسلاميّة الأولى من أجل تفكيكها للوقوف على قيمتها النّابعة من المادّة الأصليّة ‏المشكلّة لها، دون الاقتصار على ما قيل فيها وحولها من الأنصار أو المناوئين. وهي طريقة ‏تنأى بالمادّة المدروسة عن التّجاذب والتّنازع المذهبيّيْن. فالتّراث في حاجة إلى دراسة علميّة ‏تعيد له الاعتبار الّذي يليق به دون تمجيد أو تحقير لا مبرّر لهما. وإنّما المُراد الوقوف على ‏ما أثاره الأقدمون من القضايا الّتي استجابت لمشكلاتهم وأجابت عن أسئلتهم الّتي كانت ‏مطروحة في ضوء ثقافة محدودة بحدود الأطر الزّمانيّة والمكانيّة. وحَسْبُ التّراث أن يمدّنا ‏بمادّة نتخذّها منطلقا للبحث والتّمحيص في ضوء ما حقّقته المعرفة الإنسانيّة من تقدّم. فما إن ‏يتناول الدّارس هذه المادّة التّراثيّة بمناهج مستحدثة  حتّى تتراءى له نتائج مغايرة لما توصّل ‏إليه السّلف. وهكذا تتطوّر الحركة العلميّة إذ هي مرتبطة، أساسا، بعاملين اثنين: إمّا التّجديد ‏في مستوى طريقة التّناول وهو المنهج وإمّا الإتيان بموضوع جديد. ‏
إنّ هذا المصنّف يستمدّ مشروعيّتَه من طبيعة الخطاب الّذي أقامه القرآن. وهو خطاب ‏ينهض على ضرب المَثل. وقد أشار إلى أنّ هذه الأمثال لا يعقلها إلّا العالمون(17). ويمزج بين ‏عالميْ الغيب والشّهادة. وهو خطاب يصرّح بكونه يَجمَع بين النّبوءة والرّسالة: النّبوءة علوم ‏ومعارف يصدّق بها ويكذّب(18)‏. والرّسالة أحكام تُطاع وتعصى. كما جمع بين المحكم والمتشابه ‏وتفصيل الأحكام. وفي هذا الإطار، يتنزّل ما ذهب إليه محمّد رشاد الحمزاوي من أنّ كلام ‏اللّه: «فضلا عن كونه صفة من صفات الله فهو مليء بتراكيب وتعابير وصور ومصطلحات، ‏خالفت ما عرف منها في الشّعر الجاهليّ وقوانينه اللّغويّة وجماليّته الأدبيّة»(19). وبناء على هذا ‏التميّز الّذي حرص المُصحف على إبرازه، انتبه بعض العلماء إلى أنّ الله تعالى:«سمّى كتابه ‏اسما مخالفا لما سمّى به العرب كلامهم على الجمل والتّفصيل. سمّى جملته قرآنا كما سمّوا ‏ديوانا وبعضه سورة كقصيدة، وبعضها آية كالبيت وآخرها فاصلة كقافية»(20)‏. ومن ثمّ فإنّ ‏الطريقة الأكثر إفادة هي الانطلاق رأسا من كتب التّفسير، لأنّها الطّريقة التّطبيقية المُمحّصة ‏لهذه الآراء.‏
إنّ إشكاليّة هذا البحث، تُردّ رأسا إلى علاقة الفكر الدّيني باللّغة، لأنّ الحديث عن الوعي ‏الدّيني دون المدخل اللّغوي يُحيل على عبثيّة لا طائل من ورائها، وإن كانت هذه العلاقة ‏معقّدة، فلا مناص من الإشارة إلى أنّ الله الّذي خلق الإنسان علّمه البيان مباشرة. فلا قيمة ‏للعقيدة وللقيم ولفهم العالم دون الولوج من باب اللّغة نظرا للعلاقة العضويّة بين الفكر واللّغة. ‏إنّ اللّغة تحتوي على رصيد ثقافيّ نجد صداه، كأحسن ما يكون، مجسّدا في المصنّفات ‏التفسيريّة. وقد صوّر السّيوطي هذا الارتباط القائم بين الجوانب الدّينية واللّغوية في قوله:«‏كانت العرب في جاهليّتها على إرثٍ من إرث آبائهم في لغاتهم وآدابهم ونسائكهم، وقرابينهم. ‏فلمّا جاء الله تعالى بالإسلام، حالت أحوال، ونُسخت ديانات، وأُبطلت أمور، ونُقلت من اللّغة ‏ألفاظ من مواضعَ إلى مواضعَ أخر بزيادات زيدت، وشرائع شُرّعت، وشرائط شُرطت، فعفى ‏الآخرُ الأوّل»‏(21)‏. إنّ المفسّر، بِغضّ النّظر عن مذهبه، يبدأ من اللّغة وإليها يعود وكل ذلك ‏يكشف عن مركزيّة هذه الأداة التي يسعى كل مفسّر إلى تكييفها مع ما يروم إبرازه على أنّه ‏مقصد ومراد من كل آية. وإذا كانت للّغة مسائل وقضايا وتشعّبات منجرّة عن تفرّع أجزائها ‏وارتباطها بالفكر والتّحولات الاجتماعية، فإنّ التّفسير هو الآخر عالم متشعّب الأطراف بما ‏احتوى عليه من قضايا الإيمان والعقائد والتّشريعات في أشكال متنّوعة: أنباء وأخبار وقصص ‏وأقوال بأساليب مباشرة وغير مباشرة. فكيف بأداة في العمل مليئة بالأسئلة والإشكالات أن تحلّ ‏قضايا موضوع لا يقلّ عنها تشعّبا وتعقيدا؟ وإذا كان رصيد اللّغة لا يُدرك، على حدّ عبارة ‏الشّافعي، الّذي يعتبر أنّ اللّسان العربيّ لا يحيط به إلاّ نبي(22)‏. فإنّ كلام الله بحر لا تنفد كنوزه ‏ولا تنتهي عجائبه وهو مكتف بذاته، لا يحتاج إلى حديث غيره(23).‏
‏إنّ النّاظر في المدوّنة التّفسيرية يلفته التّهافت المهول في مكوّناتها وعناصرها. فعلوم القرآن ‏هي منتوج عقلي. وهي ثمرة المحاورة بين النّص والعقل. وقد أُطلق عليها في زمن متأخّر اسم ‏علوم القرآن. وهذه العلوم الّتي هي أقوال قراءة وقع تلقّيها على أنّها أقوال تضاهي القرآن في ‏قيمته. فأضحى الرّأي التّفسيري ملزما لقارئ القرآن ونهجا في الفهم يجب التزامه بشكل لا يحيد ‏عنه. والّذي يتّخذ له سبيلا مخالفا في التّأويل يُعتبر سالكا لسبيل الخروج عن الأمّة والإجماع ‏وقائلا في القرآن برأيه، ويُنعت بالتّطفل والتّدخّل في مجال يندّ عن حدود الاختصاص. ‏وبالنّهاية يكون هذا الرّأي في غير محلّه ومن غير أهله.‏‎ ‎ومن مظاهر التّهافت، نذكر أنّ ‏النّتائج المنجرّة عن الأدوات التّحليليّة المستنبطة من المفسّرين، ليست محلّ توافق ولا حتّى ‏تقارب فيما بينهم جميعا، فلا النّاسخات كالنّاسخات ولا المنسوخات كالمنسوخات، لا في نصّ ‏الآيات ولا في عددها. وكذلك الأمر في أسباب النّزول. وقد قال الواحدي في شأنها «ذهب ‏الّذين يعلمون فيما أُنزل القرآن. وأمّا اليوم فكلّ أحد يخترع شيئا ويختلق إفكا وكذبا ملقيا زمامه ‏إلى الجهالة، غير مفكر في الوعيد للجاهل بسبب الآية»(24)‏. فأنت تجد السّبب الواحد وراء نزول ‏الآيات العديدة. وتجد الأسباب العديدة وراء الآية الواحدة. وتتضارب الرّوايات وتتعدّد من مفسّر ‏إلى آخر. ‏
وقس على ذلك شأن الآيات المحكمات والمتشابهات. فالمحكم عند هذا المفسّر متشابه عند ‏ذاك، والمتشابه عند ذاك محكم عند غيره. وأمْر المفسّرين في هذا العنصر يدعو إلى الغرابة، ‏فمنهم من رأى أنّ القرآن كلّه متشابه، ومنهم من قال إنّ القرآن كلّه محكم، ومنهم من رأى أنّه ‏جمع بين النّوعين دون أيّ تحديد لعدد المحكمات والمتشابهات، ودون أيّ ضبط لنصوصها. ‏وليس أمر المطلق والمقيّد والخاصّ والعام بأفضل حالا ممّا سبقت إليه الإشارة من بقيّة ‏الأنواع.  إنّ المتأمّل في المنظومة التّفسيريّة التّقليديّة، يلفي أنّ أعلامها في الوقت الّذي ‏يعتبرون فيه أنّ الحقيقة الدّينيّة قد اكتملت مع القرن الأوّل استنادا إلى الحديث الّذي يُشير إلى ‏أنّ خير النّاس هم الّذين جايلوا الرّسول، ثمّ الّذين يلونهم(25)، فإنّهم يعمدون في تفاسيرهم إلى ‏الفصل بين الآية وسياقها. كما يفصلون بين جملة الشّرط وجملة جوابه. كما هو الحال في ‏قضيّة تعدد الزّوجات المتعلّق فحسب بالأرامل صاحبات الأيتام. والمفسّرون أنفسهم يفهمون ‏دلالة التّخيير الواردة في حرف «أو» على أنّه يعني دلالة الجمع الوارد في حرف الواو. وبذلك ‏سمحوا بالجمع بين الزّوجة وملك اليمين. وهم الّذين يتعاملون مع الاسم النّكرة كما لو كان ‏معرّفا في الآية الّتي تُشير إلى أنّ آيات أخرى متشابهات. كما استساغوا الجمع بين لفظة ‏الشّهيد ودلالة الموت. والحال أنَّ صريح الآيات بعيد كلّ البعد عن هذا الجمع، وإنّما تسلّل ‏الخلط إلى الأذهان من اعتماد التّرادف بين لفظتيْ الموتى والأموات. والأمثلة الدّالة على هذا ‏الخلط المفهومي عديدة ومتنوّعة، ممّا يُحيل على ما يُمكن تسميته «بالجهل المقدّس».‏
‏   وأمام هذا التّداخل مازال المرء يتأمّل هذه المنظومة حتّى يلفي أمرا متناقضا يأبى العقل ‏السّليم قبوله. وهذا الأمر يتمثّل في اعتبار أنّ آيات مثل آيات الإٍرث، على سبيل المثال، ‏تعتبر ناسخات لآيات الوصيّة. وإذا بآيات الإٍرث نفسها تكرّر في أربعة مواضع أنَّ الوصيّة ‏والدّيْن مقدّمان على قانون الإٍرث. وإذا كان الخطاب القرآني يقدّم الوصيّة على الدّيْن، فإنّ ‏المفسّرين كما الفقهاء يقدّمون الدّين على الوصيّة. وعندئذ لا يجد المرء مناصا من تقدير ‏الإكراهات السّياسيّة والإملاءات المسلّطة من رجال السّياسة والسّلاطين سببا كافيا لفهم هذا ‏الالتباس. والأدلّة على ذلك كثيرة كما سترد في هذا المصنّف.‏
‏   وما من شكّ في أنّ الثّقافة الذّكوريّة الّتي كانت سائدة زمن تدوين التّفسير قد تركت آثارها ‏السّلبيّة في توجيه المعاني المستفادة من الآيات المتعلّقة بالأحوال الشّخصيّة. فلا غرابة أنْ ‏يُفسّر لفظ الرّجال بالذّكور، ولفظة النّساء بالإناث. وفي ضوء هذه الثّقافة فُسّرت قواعد القوامة ‏وشُرح تأديب المرأة بالضّرب. وصُلْب هذه المنظومة الثّقافيّة انبرى أصحاب الاتّجاه اللّغوي ‏يُركّزون على ما يجعل الكلام الإلهي كلاما خارقا معجزا. وبدلا من أن يكتفي المفسّرون ‏بالإعجاز على أنّه مجرّد دليل على المصدر الإلهي للقرآن، حتّى يُركّزوا على ما فيه من القيم، ‏فإنّهم أوغلوا في تفاصيل الإعجاز وأمعنوا في مكوّناته، ممّا أدّى إلى جعْل القدرة على الفعل ‏انفعالا وحوّل القدرة على الإنجاز إلى إعجاز. وهو ما يُذكّر بما ذهب إليه ويليام نيكولس ‏وبُلتمان من أنّ المعجزة بشكل عامّ تمثّل تدخّل العنصر الخارق في سياق التّاريخ البشري وهو ‏أمر يورّث ضعف الفهم وعجز الفعل، والحال أنّ الإنسان بإمكانه أن يُسيّر حياته بمفرده(26)‏.  ‏وهكذا تضافرت آثار مقولة الإعجاز مع آثار ظاهرة التّرادف وترسّبت الثّقافة في تعميق ‏المعوّقات واجترار المداخل نفسها وإعادة إنتاج آليات المعرفة ذاتها. فصار الزّمن الثّقافي يدور ‏حول ذاته في حركة اعتماد. ولا يُفتّ في عضد هذه الثّقافة إلّا بواسطة إبداع آليّات جديدة تنبع ‏من القرآن ذاته لإعادة فهمه. إذْ أنّ هذا الكتاب، مازال يُمثّل منبع تفكير لدى عدد غير قليل ‏من النّاس. وأمام هذا التّداخل اللّافت في الأفكار والهشاشة في البناء، لا يجد الدّارس مناصا ‏من التّساؤل حوْل الأسباب الكامنة وراء ذلك كلّه.‏
‏   ومن غير المستبعد أنّ كثيرا من الأطروحات الفكريّة والآراء الّتي كانت موجودة، كانت تتّسم ‏بالوجاهة والصّواب ولكنّها لم تصلنا نتيجة الإتلاف الّذي طالت أياديه مكتبات بأسرها تحت ‏وطأة الفتن والحروب. والدّليل على هذه الظّاهرة ما يعثر عليه الدّارس من حين لآخر، على ‏بعض الإشارات، كالّذي ذهب إليه أبو مسلم الأصفهاني في تفسيره من أنّ النّسخ لا يكون ‏صُلب الشّريعة الواحدة والرّسالة  الواحدة، وإنّما يكون بين الرّسالات المتباعدة في الزّمان، ‏حتّى يفعل التّطوّر الزّمني فعله في ضرورة التّبدّل والتّغيّر في الأحكام(27)‏. ولكن الآراء الّتي ‏غلبت، وهي الّتي وصلت إلينا هي الّتي كانت مسنودة بالاختيارات السّلطويّة ثمّ عمّقتها ‏الممارسة الفقهيّة وساهمت في ترويجها. وبناء على كل ذلك، فإنّ الدّرس الإسلامي ما زال ‏خصبا وبكرا مع امتداد ساحته، ممّا يحتّم على الدّارسين تعقّب جذور الأشياء وتقصي ‏مصادرها ما وسعهم الجهد، على حدّ عبارة مصطفى الصّاوي الجويني(28)‏.‏
‏  ‏‎ ‎وانطلاقا من هذا التّشعّب الكامن في الجهاز اللّغوي، من جهة، وفي الفعل التّفسيريّ من ‏جهة أخرى، فإنّ الدّارس إذْ يتعذّر عليه الإمساك بكلّ هذه التّشعبّات والسّير في كلّ سُبُلها فإنّ ‏غاية المرام لديه هو أن يقتصر على إعادة ترتيب بعض العناصر المتداخلة وتبويبها في ‏فصلين إثنيْن هما꞉ التّرادف وقضاياه. والإعجاز وكيفيّاته ومآلاته.‏
الهوامش
‏(‏1) يقول عليّ بن أبي طالب: « هذا القرآن إنّما هو خطّ مستور بين الدّفّتين لا ينطق بلسان ولا بدّ له من ترجمان وإنّما ينطق عنه الرّجال» علي ‏بن أبي طالب، نهج البلاغة، ضبط صبحي الصّالح، دار الكتاب اللَبناني- بيروت، ط 1، سنة 1967، ص 182.‏
‏(2) تجدر الإشارة في هذا الصّدد إلى أنّ المحقّق خضر محمّد نبها قد جمع شتات تفاسير أعلام عديدين  من أعلام المعتزلة من  أبي الحسن الرّماني ‏وأبي بكر الأصمّ وعليّ الجبّائي وأبي مسلم محمّد بن بحر  الأصفهاني والقاضي عبد الجبّار وأبي القاسم  الكعبي البلخي وسمّاها «بموسوعة تفاسير ‏المعتزلة»،  وقد نشرها بدار الكتب العلميّة، بيروت، في مطلع هذا القرن.‏
‏(3)  المغني في أبواب التّوحيد والعدل، ج16، إعجاز القرآن ، تحقيق أمين الخوليّ، دار الكتب، القاهرة، ط1، 1960‏
‏(4) دلائل الإعجاز، تحقيق عبد المنعم خفاجي، ط1، القاهرة، 1969.‏
‏(5) ‎الكشّاف عن حقائق التّنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التّأويل، مكتبة مصر، دار مصر للطّباعة، ط 1، د ت.‏
‏(6)  معاني القرآن، تحقيق أحمد يوسف نجاتي ومحمد علي النجّار، دار الكتب، القاهرة، ط1، سنة1972.‏
‏(7) مجاز القرآن،  تحقيق محمّد فؤاد سيزكين، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط2، 1981.‏
‏(8) إعراب القرآن، ، تحقيق إبراهيم الأبياري، دار الكتاب اللّبناني، بيروت، ط2، 1986‏
‏(9)  أبو الحسن علي بن عيسى الرّمّاني، الجامع لعلم القرآن، تحقيق خضر محمد نبها، تقديم رضوان السيد، دار الكتب العلمية، بيروت، ط‎1‎، سنة ‏‏2009، ص 222.‏
‏(10)  الرّمّاني، الجامع لعلم القرآن، وبالتّحديد مقدّمة المحقق، م س، ص11. ‏
 
‏(12)  تحقيق عبد الفتّاح اسماعيل شلبي، دار نهضة مصر للطّبع والنّشر، القاهرة، د ت.‏
‏(13) تحقيق إبراهيم السّامرّائي، دار الفكر للنّشر والتّوزيع، عمّان، ط1، سنة 1984.‏
‏(14) ثلاث رسائل في إعجاز القرآن، تحقيق محمد خلف الله ومحمد زغلول سلام، ط2، دار المعارف، مصر، 1968‏
‏(15)  انظر الرّمّاني، التّفسير، تقديم رضوان السّيد، م س، ص3.‏
‏(16) عبد السلام المسدّي، حدّ اللّغة بين المعيار والاستعمال، مقال ضمن كتاب جماعي: الملتقى الدّولي الثّالث في اللّسانيّات، مركز الدّراسات ‏والأبحاث الاقتصادية والاجتماعيّة، تونس، ط1، سنة1986، ص67.‏
‏(17)  «وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ۖ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ»، سورة العنكبوت 29، الآية 43.‏
‎‏(18) ‎‏ ‏‎ V.Moubarac .Youakim, abraham dans le coran : l’histoire d’abraham dans le coran et la naissance de ‎l’islam : étude critique des textes coraniques suivie d’un essai sur la représentation qu’ils donnent de la ‎religion et de l’histoire, librairie philosophique  J. vrin, Paris, 1958, Chapitre I:  La prothétologie coranique et ‎Muhammad : notion étymologique de prophétie . progression coranique p p 15 19.‎
‏(19)  محمّد رشاد الحمزاوي، العربية والحداثة أو الفصاحة فصاحات، دار الغرب الإسلامي، بيروت، سنة1986، ص 157 وما بعدها.‏
‏(20)  جلال الدّين السّيوطي، الإتقان في علوم القرآن،ج1، دار المعرفة بيروت، لبنان، د- ت، ص50.‏
‏(21)  جلال الدّين السّيوطي، المزهر في علوم اللّغة وأنواعها، ج1، النّوع العشرون معرفة الألفاظ الإسلاميّة، القاهرة، 1986،ص296‏‎.‎‏ وابن ‏فارس، الصّاحبي في فقه اللّغة وسنن العرب في كلامها ، تحقيق أحمد صقر، دار إحياء الكتب العربيّة، بيروت،  1977، ص 78.‏
‏(22) الشّافعي ، الرّسالة، تحقيق أحمد شاكر، مكتبة الحلبي، مصر القاهرة، ط1، سنة 1358هـ/ 1940م، ص41.‏
‏(23) جاء في الحديث رقم 2906 ، في سنن التّرمذي، باب فضل القرآن، مايلي: «حدّثنا عبد بن حميد حدّثنا حسين بن علي الجعفي، قال: سمعت حمزة ‏الزيات عن أبي المختار الطائي عن بن أخي الحرث الأعور عن الحرث، قال: مررت في المسجد فإذا الناس يخوضون في الأحاديث. فدخلت على ‏علي، فقلت: يا أمير المؤمنين ‏‎!‎ألا ترى أنّ الناس قد خاضوا في الأحاديث؟ قال: وقد فعلوها؟ قلت: نعم. قال: أما إنّي قد سمعت رسول الله صلى الله ‏عليه وسلم يقول: ألا إنّها ستكون فتنة، فقلت: ما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: كتاب الله فيه نبأ ما كان قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو ‏الفصل. ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله. وهو حبل الله المتين وهو الذِّكر الحكيم وهو الصراط المستقيم‏‏. هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا يشبع منه العلماء ولا يخلق عن كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه. هو الذي لم تنته الجن إذ ‏سمعته حتى قالوا إنّا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرّشد من قال به صدق ومن عمل به أُجِرَ ومن حكم به عدل ومن دعا إليه هُدِيَ إلى صراط مستقيم. ‏خذها إليك يا أعور ‏‎!‎قال أبو عيسى: هذا حديث لا نعرفه إلاّ من هذا الوجه وإسناده مجهول وفي الحرث مقال.‏
‏(24)  أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي، أسباب النزول، دار الهلال بيروت، طبعة جديدة، سنة 1991 ، ص 9‏
‏(25)  انظر صحيح البخاري، حديث رقم 2652، وصحيح مسلم، حديث رقم 2533‏
‏(26)  ‏V.Nicholls william, the pelican guide to  modern theology: volume 1: systematic and ‎philosophical theology, penguin books, australia, 1969, p  ‎‏183‏
‏(27)  يمكن العودة في هذا المجال إلى أبي مسلم الأصفهاني، التّفسير، تحقيق خضر محمد نبها، موسوعة تفاسير المعتزلة، دار الكتب العلميّة، ‏بيروت، ط1 ، 2007، البقرة 2، الآية 106، ص 43.‏
‏(28)  مصطفى الصّاوي الجويني، مناهج في التّفسير، منشأة المعارف، مصر، د ت، وبالتّحديد المقّدمة ص3.‏‏(11)  تحقيق فتح الله صالح علي المصري، دار الوفاء للطّباعة والنّشر والتّوزيع، المنصورة، ط3، سنة 1992.‏