باختصار شديد

بقلم
محمد بن نصر
حديث للمؤمنين
 قد تأتي على المؤمن لحظات يبدو له أن الشر قد أطلق يده في العالم، يتساءل سرا أين الله؟ لماذا لا ينصر المستضعفين الذين وهن منهم العظم وتقطٌعت بهم الأسباب؟ ما الحكمة في ذلك؟ أليس الله غالب على أمره؟ 
ليس عيبا في ذلك لأن الله خلقنا على هذه الهيئة، قدرة لا متناهية على السؤال وقدرة محدودة، ولكنها متنامية في أفقها الإنساني، على الإجابة. لا نستطيع أن نمنع أنفسنا من السؤال ولكن نستطيع أن نضبط مجاله ليس هروبا من السؤال ولكن عجزا عن الإجابة «يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم الا قليلا». قال سبحانه أوتيتم ولم يقل آتيتم، لأن ما نعلمه عن الغيب علم معطى وليس علما مكتسبا أما ما تعلق بعالم الشهادة أو عالم الوجود فهو مجال النظر الإنساني وهو بالضرورة مكتسب ولا ندري إن كان الإنسان بمقدوره أن يطابق باجتهاده بين ما في الأذهان مع ما في الأعيان أم لا؟ ولكن المؤكد أن طموحه لا حدود له. لكن علينا أن نستحضر أمرا في غاية الأهمية. مهما تراكم علمنا فنحن نتحرك في إطار من الزمان والمكان، ليس بالإمكان أن نحيط بما هو خارج عنهما. ما يتهيأ لنا أحيانا على أنٌه حياد إلاهي بمقاييسنا الإنسانية هو حكمة لم تتبينها عقولنا القاصرة. الله محيط بالوجود وبما وراء الوجود، وضع لكل شئ نواميسا وقوانينا. جعل للنصر شروطا وطلب منا الأخذ بها و قد يُؤخر النصر أحيانا حتى نعلم الفرق بين النصر الحقيقي والنصر المزعوم. ماذا لو استقلت فلسطين وتحولت مثل غيرها إلى محمية من محميات الرأسمال العالمي، لعل بقاءها تقاوم حتى تظل قلبا نابضا وشرارة متّقدة ولعلٌها بذلك هي المستقلة بالفعل. كم من الأشياء لا يعكس ظاهرها حقيقتها.