الافتتاحية

بقلم
التحرير الإصلاح
افتتاحية العدد 144
 ليس من اليسير أن تُرضي جميع القرّاء إذا ما تنوّعت طبائعهم ومستوياهم الثقافيّة والبلدان التي يستوطنون، وهذا حال مجلّة الإصلاح وهي تخطو خطواتها بثبات في سنتها الثامنة ، وقد تنوّع الكتّاب فيها واختلف القرّاء في تقييمها، فمنهم من يرى أنّ المواضيع المطروحة لا تساير الأحداث ولا تناقش المواضيع التي استأثرت باهتمام النّاس فيما يرى آخرون أنّ محتوى المجلّة كثير التنوّع ولو عالج القائمون عليها في كلّ عدد موضوعا واحدا وجمعوا ما توّفر من مقالات تناقش ذلك الموضوع  وتقدّم الآراء والتصوّرات فيه لكان أفضل للمجلّة وللقرّاء على حدّ سواء.
الآراء محترمة جدّا ومعقولة ومقبولة لكنّ صبغة المجلّة وفلسفتها وطريقة إعدادها يجعل من الاستجابة لهذه المقترحات أمرا صعبا  وذلك للأسباب التالية:
- إنّ الذين يكتبون المقالات ويؤثثون المجلّة بمساهماتهم هم من المتطوّعين وليسوا من المحترفين وهذا يجعل من الصّعب فرض موضوع ما عليهم للكتابة فيه، ونحن في أسرة المجلّة نرحّب بكلّ مساهمة ترد علينا ولا نمنع نشرها بشرط أن تكون صياغتها مقبولة ولم يسبق نشرها في موقع آخر أو في مجلّة أخرى حتّى وإن كانت تعبّر عن رأي مختلف لآراء القائمين على المجلّة، فالمبدأ الأساسي الذي نشأت عليه المجلّة هو عدم «الصنصرة» بمعنى عدم حجب المقالات التي تحمل أفكارا تختلف عن أفكار القائمين على المجلّة .
المسألة الثانية أنّ الذين يكتبون باستمرار في المجلّة ليس لديهم نفس الاختصاص ويختلف بعضهم عن بعض في التّكوين وبالتالي في الاهتمامات، لهذا ترى كلّ واحد منهم يكتب في الموضوع الذي يراه مناسبا وهذا لعمري أمر جيّد باعتبار  أن هذا التنوّع إنّما هو إثراء للثّقافة وتعدد لزوايا النظر.
بقي أن أشير إلى أنّ ارتفاع نسبة الاهتمام بما يحدث في تونس ومشاغل مواطنيها مقارنة ببقيّة الأقطار العربيّة يعود أساسا إلى أن القائمين على المجلّة هم من التونسيين وبالتالي فهم يعبّرون في مقالاتهم عن مشاغلهم وواقع بلادهم بالرغم من أنّهم يسعون دائما إلى ربط ذلك بما يحدث في الوطن العربي ككل باعتبار أن المشروع الذي يحلمون به ويعملون على تحقيقه لا يؤمن بالتجزئة لكنّهم يشاطرون الرأي القائل أن صلاح البلاد وتنميتها هو أوّل الخطوات نحو توحيد الأمّة وإعادة إشعاعها. 
ولا تفوتني الفرصة بصفتي رئيسا للتحرير لأقدّم جزيل الشكر إلى الأخوة من الأقطار العربيّة الشقيقة وخاصّة من المغرب الذين ساهموا ومازالوا يساهمون باستمرار في تأثيث المجلّة ويعملون جاهدين على تنمية إشعاعها هناك في ربوع المغرب الشقيق فشكرا والف شكر للجميع.
أختم هذه الافتتاحيّة بزفّ بشرى إعادة نشر الكتب الالكترونيّة ضمن سلسلة «كتب الإصلاح» وهي تجربة انطلقت من سنوات لكنّها توّقفت طيلة السنة الفارطة وها نحن نعود من جديد عبر بوّابة إصدار الكتاب الثالث والعشرين، وهو كتاب من تأليف الدكتور المغربي جميل حمداوي الذي اختار له عنوان «الحوارية العقلانية بين يورغين هابرماس وطه عبد الرحمن». 
فقراءة ممتعة ومرحبا بمساهماتكم جميعا وشكرا على مساندتكم المتواصلة للمجلّة سواء بالنّشر  أو الإعلام أو القراءة.