الافتتاحية

بقلم
فيصل العش
افتتاحية العدد 143
 رحل عنّا رمضان وحلّ علينا العيد وهلّ هلاله وكلّما حلّ علينا عيد إلاّ وتذكّرنا قول الشاعر العربي أبي الطيّب المتنبّي «عيد بأية حال عدت يا عيد ...بما مضى أم بأمر فيك تجديد »... نتذكر هذا البيت ونتساءل في كلّ مرّة كما تساءل المتنبي هل من جديد؟ والجواب يأتينا من الجزائر الشقيقة بنعم، هناك الجديد ... أن أبشروا، فنبتة الربيع العربي لم تمت وإن ذبلت وها هي تُسقى بعطش الجزائريين إلى الحرّية وتنمو من جديد باعثة الأمل في هذه الأمّة أنّه لا رجوع إلى الوراء ولن يعود العيد بما مضى.  الجواب يأتينا أيضا بنعم من السودان الشقيق، فالتغيير آت لا محالة برغم مناورات العسكر  ومحاولتهم  البقاء في الحكم ولو لحين... 
لقد كانت الأحداث برغم مرارة بعضها تتسارع في رمضان وتؤشّر بأن المعادلات تتغيّر وأنّ عجلة التاريخ لن تدور إلى الوراء. وبرغم تشتّتنا وبرغم آلام أطفال ونساء غزّة واليمن وسوريا، فإنّ الدّائرة ستدور على الأعداء. هم ليسوا كلّهم من الأجانب بل   العديد منهم من بني جلدتنا يتآمرون على شعوبهم ليلا نهارا ويسعون جاهدين إلى منع أيّة محاولة تأتي من هذه الشعوب في اتجاه حرّيتها وتقرير مصيرها. 
لن يجني قاتل شعبه إلاّ الذلّ والهوان وإن حاول بعضهم تلميع صورته بالترويج له كزعيم للممانعة . ولن يربح أمراء القتل من سفك دماء أطفال اليمن وتجويعهم في رمضان وغير رمضان  إلاّ الخزي والعار . أمّا أولئك الذين ينفقون أموالهم باللّيل والنهار لقمع ثورات الشعوب السّلميّة وإفشالها وبثّ الفتن بين أبنائها، فسينفقونها ثمّ تكون عليهم حسرة بحول الله ... هذا وعد الجبّار  ربّ العالمين ومن أصدق وعدا من الواحد القهّار .
وللصهاينة ومن والاهم نصيب، يكفيهم قهرا وحسرة أنّهم فاشلون في قمع روح المقاومة عند الغزّاويين وكسر شوكتهم، ولن يغيب وعد الله وإن تأخرّ، ستتحوّل الشوكة إلى سكّين وستنتقل المقاومة من الدّفاع إلى الهجوم ليسوء أبطالها وجوه الصهاينة وليدخلوا المسجد كما دخله صلاح الدّين.  
سيقول البعض من المتشائمين هذا هراء ويقول من في قلبه ذرّة من تفاؤل هذا حلم، أما أنا فسأقول هذا أمل. ورغم فضاعة ما يحدث هناك وهنا، ورغم صعوبة المرحلة، فإنّ الأمل يبقى قائما مادام هناك دعاة للإصلاح برغم قلّتهم مرابطين في السّاحات المختلفة للدفاع عن إنسانيّة الإنسان العربي وهويّته. هذا أمل، مادام هناك مجاهدون لا يخافون الموت، يحملون أكفانهم على أكتافهم وهم على أطراف غزّة يناورون ويقضّون مضاجع بني صهيون. هذا أمل ما دام هناك من يتلو كتاب الله ويتدبّر آياته.
الوضع صعب ولكنّ الأمل قائم والمرابطون هنا وهناك مطالبون أكثر من أي وقت مضى بأن يشمّروا عن سواعدهم ويتوكلوا على ربّهم، فما النصر إلاّ من عند الله العزيز الحكيم .
رحل رمضان وحلّ العيد، وبهذه المناسبة نتقدّم إلى قرائنا الأعزّاء بأجمل التهاني  راجين من العزيز القدير أن يتقبّل منهم صيامهم وقيامهم ويثيبهم مغفرة منه وعتقا من النّار  وكلّ عام وأنتم بخير. 
سيعود رمضان إن شاء الله في العام المقبل وما يليه من أعوام ليسقي أملنا في كلّ مرّة ويغذّيه، عساه يكبر وينضج ويتحوّل إلى حقيقة . أمّا نحن، فربّما نكون عند عودته في مواقعنا ضمن المرابطين للدّفاع عن وطننا وعن حرّيتنا وعن إنسانيتنا، أمّا إذا وافانا الأجل، فإنّنا واثقون أنّ هناك من الشّباب من سيحمل المشعل ويواصل المسيرة...