حديقة الشعراء

بقلم
عبدالمجيد بلبصير
من بين فرث ودم
 فتر القريض بفترة الإحساس

وعراه ياس في المسير بياسي


فإذا الجراح شهيقة وزفيرة 
ودويها منه العيون تقاسي

رحل الكرى خلف الظلام إلى المدى
ورثت مقائي في النهار نعاسي

فسبحت في بحر خضم هائج
متلاطم الأحزان والوسواس

ورقصت كالطير الذبيح كأنما
حز الحديد بأسفل من راسي

رزئ الورى في بعض عيش تافه
ورزئت في عيش يقيم أساسي

طرق الأسى قلبي الوليد مبكرا
وأحاطه في المهد وهو سداسي

فجرعت من لبن النكاية نقمة
وسقيت من ثدي القروح مآسي

ففطمت لا أدري السعادة حية
بين الدجى كالفرقد النبراس

ونظرت شزرا للحياة بأفة
متساقط الأرواح والأنفاس

سامحتكم لا تحسبوني طامعا
في عيشة مفروشة بالماس

دار البلاء تعلقت نعماؤها
بمشقة محفوفة بالباس

ولقد صبرت على المكاره قبلما
لفظ اصطباري روحه من ياسي

فتبخرت علياء في درج المدى
طواحة كالسهم من قواس

ما أقرب المثل الوضيئة مثلها
والمثل صنو المثل في الأجناس

فحييت أقفر من ظلام موحش
لا نور لي أمشي به في الناس

أرثي لحالي بل لصبري إنه
ذكراه تسري في الصلا في الراس

قطرتها من بين فرث حالك 
ودم قريضا أبيض الإحساس

ودفنتها تحت الضلوع مصونة
ليت الدفين يصونني من قاس

هيهات فالأرواح منها ميت
تحيي به الأجساد في الأدناس

أما الذي تفنى به ملتذة 
حي يقض مضاجع الأجراس

فيرن في جوف الشغاف دويه 
مستأصلا للجاثم الخناس

تحيى النفوس بصبرها حتى ترى
بالصبر نورا ساطع الإحساس

صبر الكريم على البلايا عزة
أما اللئيم فذلة الأنجاس

ما الناس إلا في الحياة معادن 
من فضة أو عسجد ونحاس

يرقى إليها بالتفاوت قدرهم 
في الصبر إكسير الثرى والياس

أما الذي أمسى بياسه جازعا 
مثلي فهيهات العلا للماس

شكر الإله على المصاب سعادة
والصبر أحلى رغم مر الكاس