الكلمة للخبراء

بقلم
أيمن الديماسي
الصفقات العموميّة… بين مطرقة القانون وسندان المشتري العمومي المقال 7: إشكاليات تقييم العروض
 بالنسبة لمنهجيّة التقييم العاديّة، يتعيّن التركيز على ضرورة التّثبت من الأخطاء الحسابيّة والماديّة إن وجدت لجميع العروض المالية، ثم ترتيب العروض المالية تصاعديّا. كما يتعيّن على المشتري العمومي التصريح بمقبولية الأسعار استنادا إلى التقديرات الماليّة. ويبقى السّؤال المطروح، ماهي حدود الفارق المقبول بين العرض المالي الأقل ثمنا والتقديرات؟
بالرّجوع إلى الأمر المنظّم للصّفقات العموميّة ليس هناك نسبة محدّدة، ويخضع ذلك لاقتراح المشتري العمومي والتبريرات المقدّمة إلى لجنة مراقبة الصفقات ذات النظر التي يمكنها الموافقة أو عدم الموافقة على المقترح. ونعتبر ذلك فراغا ترتيبيّا ويتّجه العمل على تحديد نسبة معيّنة مع ضبط إجراءات واضحة في صورة تجاوز هذه النسبة.
في مرحلة ثانية تتولّى لجنة التقييم التثبت في مطابقة العرض الفني المقدّم من قبل صاحب العرض المالي الأقل ثمنا. 
حالة العرض المالي مفرط الانخفاض
إذا تبيّن وجود عرض مفرط الانخفاض، يتعيّن طلب الإيضاحات الضّرورية بطريقة كتابية ، وبعد التثبت من التبريرات المقدّمة من طرف المشارك يمكن للمشتري العمومي أن يقترح إقصاؤه.
وفي صورة عدم وجاهة التبريرات المقدّمة من طرف المشارك، يتولى المشتري العمومي إعلام الوزير المكلف بالتجارة بالعروض المالية غير المقبولة من أجل الأسعار المفرطة الانخفاض المخلّة بنزاهة المنافسة، وفي هذه الحالة يمكن للوزير المكلّف بالتّجارة رفع دعوى لدى مجلس المنافسة ضد أصحاب هذه العروض وفقا لأحكام القانون المتعلّق بالمنافسة والأسعار.
عند التأكد يمكن للوزير المكلّف بالتجارة تقديم طلب في اتخاذ الوسائل التحفظية المنصوص عليها بالقانون  المتعلق بالمنافسة والأسعار.
ويبقى السؤال المطروح ، ماهي حدود الفارق المقبول بين العرض المالي مفرط الانخفاض والتّقديرات؟
- بالرجوع إلى الأمر المنظّم للصفقات العموميّة ليس هناك نسبة محدّدة ويخضع ذلك أيضا لاقتراح المشتري العمومي والتبريرات المقدّمة إلى لجنة مراقبة الصفقات ذات النظر التي يمكنها الموافقة أو عدم الموافقة على المقترح. ونعتبر ذلك فراغا ترتيبيّا ويتّجه العمل على تحديد نسبة محدّدة لهذا الفارق.
منهجية تقييم العروض
يعدّ المشتري العمومي منهجيّة تقييم العروض بالاعتماد على الشّروط المحدّدة بكراسات الشّروط وكذلك على مجموعة من المعايير المرتبطة بموضوع الصّفقة دون تمييز بين العارضين والتي تهمّ خاصّة :
- تحفيز المقاولات التّونسية للأشغال أو المنتجات ذات المنشأ التونسي.
- أهمّية الأقساط والأشغال والمنتوجات والخدمات والدّراسات المزمع تكليف مؤسّسات أو مكاتب دراسات محلية بإنجازها،
- الجودة أو القيمة الفنّية للعروض وعند الاقتضاء الميزات الخاصّة الإضافية الأخرى،
- كلفة استغلال المنشأ أو التجهيزات أو البراءات، 
- الضّمانات المهنيّة والماليّة المقدّمة من قبل كلّ مترشح،
- أهمّية الأداء في مجال حماية البيئة،
- الإدماج المهني للأشخاص ذوي احتياجات خصوصيّة أو الذين يعانون من صعوبات في الإدماج،
- خدمة ما بعد البيع والمساعدة الفنية،
- آجال التّسليم أو التّنفيذ عند الاقتضاء.
يمكن اعتماد معايير أخرى على أن تكون مرتبطة بموضوع الصّفقة.
في كل الحالات لا يمكن إدراج معايير ينجرّ عنها تمييز غير مبرّر بين العارضين.
استكمال الوثائق الفنّية: يجوز للمشتري العمومي، بشرط احترام مبدأ المساواة بين المشاركين، أن يطلب عند الاقتضاء كتابيّا بمقتضى وثيقة مادّية أو على الخطّ بيانات ومستندات وتوضيحات تتعلّق بالعروض الفنّية شريطة أن لا يؤدّي ذلك إلى تغيير في محتواها. وعليه، فإنّ دور لجنة التقييم يقتصر في طلب مستندات وتوضيحات ولا يمكن طلب وثائق تدخل في التّقييم الفني للعروض.
منهجيّة الموازنة بين الجودة والثمن: بالنسبة لمنهجيّة الموازنة بين الجودة والثمن يمكن اعتماد هذه المنهجيّة بالنسبة لصفقات التزود بمواد وتجهيزات هامّة ذات خصوصيّة فنّية يمكن أن يتمّ الإسناد على أساس الموازنة بين الكلفة والجودة وباعتماد الإجراءات التالية :
1. إقصاء العروض غير المطابقة لموضوع الصّفقة أو للضمانات المطلوبة أو لشروط المشاركة وتصحيح الأخطاء الحسابية والمادّية عند الاقتضاء
2. الترتيب النّهائي للعروض وفقا للقاعدة المدرجة بمنهجية التقييم 
3. اقتراح إسناد الصفقة لصاحب العرض الأفضل من النّاحيتين الفنية والمالية
وعليه تعوّض هذه المنهجيّة الصّفقات المعقّدة المنصوص عليها سابقا بالأمر عدد 3158 لسنة 2002
تقرير التقييم
تعدّ لجنة تقييم العروض تقريرا يبيّن مراحل وصيغ عملية التّقييم ويبرّر اقتراح المشتري العمومي بخصوص الإسناد كما تضمن فيه تفاصيل نتائج أعمالها ويمضى من قبل جميع أعضائها الذين يتعيّن عليهم وجوبا تسجيل تحفظاتهم صلب هذا التّقرير عند الاقتضاء. 
ويتضّمن تقرير التقييم وجوبا :
- تفاصيل ونتائج أعمال لجنة التقييم وكذلك مقترحها في خصوص الإسناد،
- تقييم نتائج المنافسة بمقارنة عدد الذين سحبوا كرّاس الشّروط والعدد الفعلي للعارضين وعدد الذين أقصيت عروضهم لعدم مطابقتها لمقتضيات كرّاس الشّروط وتقييم نتائج ذلك على المنافسة مقارنة بالوضعية التّنافسية الموضوعيّة للقطاع المعني بالطلبات. 
- عرض استفسارات المشاركين حول كرّاسات الشّروط والإجابات المقدّمة لهم عند الاقتضاء،
- تبرير قرارات تمديد أجل قبول العروض ونتائجها على المشاركة عند الاقتضاء،
- تحفّظات واعتراضات المشاركين إن وجدت،
- أسباب إقصاء العروض غير المقبولة أو التي أقصيت لوجود حالة منع من الترشح،
- تحليل للأسعار المقترحة من قبل العارضين، وفي صورة اعتماد الموازنة بين الكلفة والجودة وإذا ما تجاوز العرض الأفضل العرض المالي الأقل ثمنا، يتعيّن على لجنة التّقييم تقديم التّبريرات بخصوص الكلفة المالية الإضافية بالنّظر إلى الميزات الفنيّة الإضافية من خلال القيام بتحليل معمّق للأسعار لغاية التّأكد من صبغتها المقبولة. 
المذكرّة التقديمية لتقرير تقييم العروض
يتعيّن على المشتري العمومي عند تقديم تقرير تقييم العروض إلى لجنة مراقبة الصّفقات العمومية ذات النّظر أن ينصّ صراحة ضمن مذكّرة على رأيه بخصوص اختيار صاحب الصّفقة والأسعار المقترحة ويمكنه إقصاء عروض المشاركين الذين تضمّنت بشأنهم بطاقات المتابعة المنصوص عليها بالفصل 156 من الأمر المنظّم للصفقات العموميّة معطيات تمسّ بالضّمانات المهنية لحسن إنجاز الصفقة.
التصريح بمقبولية العرض المالي من طرف المشتري العمومي
طبقا للفصل 11 من الأمر المنظّم للصّفقات العموميّة يتولّى المشتري العمومي خلال مرحلة إعداد الصفقة ضبط مبلغ التّقديرات والتّأكد كذلك من توفّر الاعتمادات والحرص على تحيينها عند الاقتضاء.
وطبقا للفصل 169  من الأمر المنظم للصّفقات يتعيّن على المشتري العمومي أن يعرض على لجنة مراقبة الصّفقات ذات النّظر تقريرا خاصّا يتضمّن من بين نقاطه إبداء الرّأي بخصوص مقبولية الأسعار. 
وعليه يتعيّن على المشتري العمومي التّصريح بمقبولية الأسعار استنادا إلى اقتراح لجنة التقييم المضمّن بتقرير تقييم العروض. وفي صورة عدم مقبولية العروض المالية ينص الفصل 69  من الأمر المذكور على  وجوبية  إعلان طلب العروض غير مثمرا.
وعمليّا يلاحظ عدم ايلاء المشتري العمومي الملف السرّي «Dossier C-Dossier Confidentiel»  الأهمية اللاّزمة ويكتفي في أغلب الحالات بالتّصريح بمقبوليّة العرض المالي باستعمال عبارات يغلب عليها التّعميم والضّبابية. وبالإضافة إلى ذلك يلاحظ أيضا عدم الحرص على مقارنة التّقديرات بالعرض المالي الأقل ثمنا. وعليه، فإنّ المشتري العمومي يمكن أن يساهم في إهدار المال العام باقتناءات مرتفعة الثمن مقارنة بواقع السّوق متناسيا في ذلك امكانية أن يكون العرض المالي الأقل ثمنا مشطاّ لأسباب تتعلّق أحيانا بالتّواطئ بين المزوّدين.
أما في صورة قبول عرض مالي شديد الانخفاض فان ذلك يمكن أن يساهم في التّهريب وتبييض الاموال. ذلك أنّ اللّحوم الفاسدة والمواد الغذائيّة منتهية الصّلوحيّة والمعدّات المهربّة والتّجهيزات غير المطابقة للمواصفات الوطنيّة والعالميّة يتمّ تقديم عروض مالية منخفضة في شأنها لغاية تسويقها الى المشتري العمومي نظرا لبحثه على العرض المالي الاقل ثمنا (Le moins disant) .
وفي صورة عدم توفّر تقديرات مالية دقيقة تعكس واقع السوق فإنّه يصعب التأكّد من أنّ العرض المالي الأقل ثمنا مشطّا أو شديد الانخفاض ولا تتمّ تلبية الحاجيات المبرمجة من استهلاك الميزانيّة المرصودة في الغرض.
حالة تساوي أفضل العروض
في حالة تساوي أفضل العروض، باعتبار كلّ العناصر المعتمدة، يمكن للمشتري العمومي أن يطلب من المشاركين المعنيين بناء على رأي لجنة مراقبة الصّفقات العموميّة ذات النّظر تقديم عروض مالية جديدة.
حالات إعلان طلب العروض غير مثمر 
في حالة تواطؤ بين المشاركين أو البعض منهم، يجب على المشتري العمومي، بعد أخذ رأي لجنة مراقبة الصّفقات العموميّة، أن يعلن أنّ طلب العروض غير مثمر ويعيد الدّعوة إلى المنافسة، كما يعلم المشتري العمومي الوزير المكلف بالتجارة بحالات التّواطؤ البيّن وفي هذه الحالة يمكن للوزير المكلف بالتّجارة رفع دعوى لدى مجلس المنافسة ضد أصحاب هذه العروض طبقا للتّشريع الجاري به العمل.
كما يتعيّن إعلان طلب عروض غير مثمر في صورة عدم تسجيل مشاركة في المنافسة أو في صورة عدم مقبولية العروض الواردة من النّاحية الفنّية أو الماليّة.
حالات إلغاء طلب العروض 
كما يمكن للمشتري العمومي إلغاء طلب العروض لأسباب فنّية أو ماليّة أو لاعتبارات تتعلّق بالمصلحة العامّة وفي هذه الحالة يتعين إعلام جميع المشاركين.
في جميع الحالات المذكورة أعلاه يتعيّن إعداد تقرير تقييم العروض وعرضه على أنظار لجنة مراقبة الصفقات ذات النظر.