الكلمة للخبراء

بقلم
أيمن الديماسي
منظومة الصفقات العموميّة (الجزءالثاني)
 بالنّسبة لمراحل إبرام الصّفقات العموميّة، ينصّ الفصل 52 من الأمر المنظّم للصّفقات العمومية على أنّه يتعيّن إتباع المراحل التّالية:
* الدّعوة إلى المنافسة،
* فتح العروض،
* تقييم العروض،
* إسناد الصّفقة،
* إشهار الإسناد.
لم يحلّل الفصل 52 من الأمر المذكور بالقدر الكافي جميع مراحل الصّفقات العموميّة الواجب إتّباعها، حيث أنّ إبرام الصّفقة يبدأ من تحديد الحاجيّات وينتهي بإمضاء عقد الصّفقة. بعد إمضاء الصّفقة يتمّ انجازها وخلاصها ليتمّ في آخر مرحلة الختم النّهائي للصّفقة. وخلال هذه السّلسلة من المقالات سيتمّ تحليل جميع مراحل إبرام الصّفقات العموميّة.
(1) تحديد الحاجيّات 
نعتبر مبدئيّا أنّ المرحلة الأولى والأهمّ لإبرام الصّفقات العموميّة هي تحديد الحاجيّات، بالإضافة إلى أنّه من ايجابيّات الأمر عدد 1039 لسنة 2014 تنصيص الفصل 8 على أنّه يتعيّن على المشتري العمومي في بداية كلّ سنة إعداد مخطّط تقديري سنوي لإبرام الصّفقات العموميّة وفقا لمشروع الميزانيّة على أساس نموذج موحّد وجدول زمنيّ طبقا للجدول الموالي:
ويجب أن يكون هذا المخطّط متلائما مع الاعتمادات المرصودة ويتمّ تبليغه للإعلام إلى لجان مراقبة الصّفقات المختصّة في أجل أقصاه موفّى شهر فيفري من كلّ سنة. 
يتولّى المشتري العمومي إشهار المخطّط التّقديري وجوبا ودون مقابل على الموقع الوطني للصّفقات العموميّة ثلاثين (30) يوما على الأقل قبل الشّروع في إجراءات إبرام الصّفقات باستثناء حالات التّأكد القصوى والصّفقات المتعلّقة بمتطلّبات الأمن والدّفاع الوطني.
* ونعتبر أن التّنصيص على عبارة «التّأكّد القصوى» تعكس تأكيد المشرّع على أنّ الاستثناء لا يكون إلاّ في صورة واحدة يتعيّن تبريرها، وعليه يتعين إعداد مذكّرة في الغرض تتضمّن تبريرات لحالة التأكّد القصوى أو تعلّق الصّفقة بمتطلّبات الأمن والدّفاع الوطني. 
وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا الاستثناء لا يعفي وزارتي الدّفاع الوطني والدّاخلية من إشهار المخطّط التّقديري بل يعطي استثناء لبعض الصّفقات المتعلّقة بالأمن والدّفاع الوطني.
وطبقا للفقرة الثّانية من الفصل 8 من الأمر المنظّم للصّفقات العموميّة يضبط المشتري العمومي آجال إبرام الصّفقات بصورة تضمن سرعة ونجاعة تلبية الطّلب العمومي وتأخذ بالاعتبار مدّة صلوحيّة العروض وذلك بالاعتماد بصفة تقديريّة على الآجال القصوى التّالية :
وعليه لا يمكن إبرام صفقة عموميّة دون تحديد دقيق للحاجيّات المراد تسديدها ويتعيّن أن يتمّ تحديد الإشكاليّات الحقيقيّة المراد فضّها وذلك بتلبية الحاجيّات الحقيقيّة عبر إبرام صفقة عموميّة.
طبقا للفصل 10 من الأمر المنظّم للصّفقات العمومية، يجب أن تستجيب الطّلبات موضوع الصّفقة إلى طبيعة الحاجات المراد تسديدها ومداها فحسب. ونعتبر أنّ التنصيص على عبارة «فحسب» تعكس تأكيد المشرّع على أهمّية وضرورة ضبط الحاجيّات. 
  إلاّ أنّ الأمر المنظّم للصّفقات لم يتطرّق إلى هذا المفهوم بالشّكل الكافي في حين أنّ الواقع أثبت أن تحديد الحاجيّات ينقسم إلى عدّة أنشطة وذلك كما يلي:
* تحديد الحاجيّات الكّميّة 
* ضبط الخاصّيات الفنّية 
* تحديد التقديرات الماليّة اعتمادا على الميزانيّة المرصودة 
* الحصول على التّراخيص والمصادقات عند الاقتضاء
* التّأكد من توفّر الاعتمادات والحرص على تحيينها عند الاقتضاء
* إشهار مشاريع الصّفقات المنصوص عليها في المخطّط التقديري
أ‌- تحديد الحاجيات الكمية:
في هذه المرحلة يجب التّركيز على الحاجيّات الكميّة دون تحليل للأولويّات أو للأثمان أو الهيكل المنتفع.
يتعين تحديد الحاجيّات الكمّية بالنّسبة إلى كلّ هيكل إداري (إدارة عامّة أو إدارة أو دائرة أو وحدة أو خليّة ) مع تحديد مصدر الطّلب. وفي هذا الإطار يتعيّن على المشتري العمومي الاعتماد على دراسة فنّية ومعاينات ميدانيّة قدر الإمكان.
كما أنّ تحديد الأولويّة يعتبر ضروريّا للتّعرف على الهياكل المراد تسديد حاجياتها قبل غيرها، خاصّة في صورة عدم توفّر الاعتمادات المرصودة للغرض.
ب‌-ضبط الخاصّيات الفنّية المطلوبة وفقا لمتطلبات الجودة: 
طبقا للفصل 16 من الأمر المنظّم للصّفقات العموميّة يتعيّن على المشتري العمومي أثناء إعداد كرّاسات الشّروط مراعاة قدرات المقاولين والمنتجين ومسديي الخدمات ومكاتب الدّراسات الوطنيّة وأهداف التّنمية المستدامة.
وعليه فانّ المشتري العمومي مطالب بـ:
* ضبط الحاجيّات بدقّة قبل الشّروع في إعداد كرّاسات الشّروط أو في إجراءات التّفاوض المباشر 
* وضع برمجة مسبقة لمختلف مراحل إعداد وإبرام الصّفقات تأخذ بعين الاعتبار المدّة الزّمنية الضّرورية التي تقتضيها هذه المراحل وتمكن من تفادي تأخير إبرام وتنفيذ الصّفقات.
* التّنسيـــق مع لجنـــة التّقييم لترجمــة الحاجيّـــات إلى خاصّيات فنّية. 
مرجعيّات الخاصيّات الفنيّة:
طبقا للفصل 31 من الأمر المنظم للصّفقات تضبط الطّلبات موضوع الصّفقة وفقا لخاصّيات فنّية تعتمد على المرجعياّت التالية:
* مواصفات وطنية أو وثائق مرجعيّة أخرى معادلة يمكن للمترشّحين الاطلاع عليها، 
* الأداء أو المتطلّبات الوظيفيّة من حيث النّجاعة. ويجب أن تكون هذه المتطلّبات دقيقة لتمكين المترشّحين من معرفة موضوع الصّفقة وتمكين المشتري العمومي من إسناد الصّفقة. 
ويجب أن تدرج قدر الإمكان الخصائص البيئيّة المضبوطة بالرّجوع إلى كلّ أو جزء من علامة بيئية معترف بها يمكن لجميع الأطراف المعنيّة النّفاذ إليها.
يمكن للمشتري العمومي الجمع بين مختلف هذه المرجعيّات دون أن ينجرّ عن الخاصّيات الفنّية الحدّ من المنافسة.
وعليه تطرّق الأمر المنظّم للصّفقات العموميّة إلى ضرورة الاعتماد على مواصفات وطنيّة أو وثائق مرجعيّة أخرى معادلة، مع العمل على إدراج علامة بيئيّة معترف بها.