في العمق

بقلم
أ.د.فوزي أحمد عبد السلام
كلام عقلي في التسيير والتخيير في مرحلة تكوين العقل المستقل
 في البدء تكون الحيرة والاضطراب
ربما يبدو أنّ الموضوع قديم وقد قتل بحثا، لكن في الحقيقة سؤال «التّسيير والتّخيير» هذا يرد على العقل مرارا وتكرارا في مرحلة تكوين العقل المستقل، وهيهات أن يستقلّ العقل الإنساني تماما عن الغيب، وخصوصا إذا عُلم أنّ بعض الأقطار العربيّة بها إحصاءات غير رسميّة تدل على وجود حوالي 3 مليون ملحد [1]، ولاشكّ أنّ هذا العدد مرشّح للزّيادة. يرد هذا السّؤال عند تعرّض الإنسان للشّك في أشياء كثيرة كانت تؤخذ على أنّها مسلّمات ولا يجد لها أجوبة يشفي بها عقله. وخطورتها تكمن في وقت عرضها على العقل قبل أن تتشكّل ملكة النّقد لديه، وقبل أن يمتلك أدوات البحث، وفي الوقت نفسه يظنّ أنّه يستطيع البرهنة على كلّ المسلّمات، لكن هيهات سيظلّ كلّ علم سواء أكان هذا العلم من العلوم الطبيعيّة أم من العلوم الإنسانية مبنيّا على مسلّمات، حتّى إذا برهن الإنسان على مسلّمة قفزت في بنية عقله مسلّمات أخرى جديدة، لكن كلّما قلّ عدد المسلّمات في علم، كلّما صار هذا العلم أكثر تماسكا وتوافقا. ورغم خطورة الشّك إلاّ أنّه يعد أحد أهم مناهج البحث العلمي، ومن لا يشكّ في نتائج العلم لا يحقّ له أن يعمل به. ومن أحد أهم الأسئلة الكبرى التي تطرأ على فكر أيّ إنسان كان في أي أمّة كانت سؤال الجبر والاختيار. وأرى أنّ السّؤال نفسه سؤال فطريّ جدّا، إذا صدق الشّك في ذلك من أجل المعرفة الحقّة، يبحث الإنسان فيه عن حقائق مترابطة جدّا بين المعلوم والمجهول أي بين أفعاله في الدّنيا ومصيره في الآخرة، بين تحرير الإرادة الإنسانيّة من جهة ومن ثمّ البحث عن إجابات منطقيّة للمجهول، ومن جهة أخرى إعدام تلك المساحة من الحرّية بإلزام الإنسان الصّمت تجاه أيّ سؤال حرّ، وإذا وجد الإنسان فثمّة مجهول ما.
ضريبة الخوف من الحرّية
لا ينكر أحد أنّ في القرآن آيات قد يُفهم من سياقها بعض معاني الجبر منها «إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ»[2] و«وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهَُ»[3] و«مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ»[4] لكن وبالمقابل نجد في القرآن الكريم أيضا آيات تدلّ على حرّية الإرادة الإنسانيّة مثل «فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ»[5] و«كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ»[6] و«لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ»[7]، بل في القرآن الكريم آيات توحي ببعض معاني الجبر من جهة وبعض معاني الاختيار من جهة أخرى «مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ۖ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ»[8] و«إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ»[9]، وأحاديث النّبي صلّى الله عليه وسلّم فيها أيضا ما يدلّ على المعنيين «إعملوا فكلّ ميسّر لما خلق له» وأنّ الله قد قدّر كلّ شيء إلى يوم القيامة قبل أن تخلق السّماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قد يفهم من ذلك أنّنا مسيّرون، وبالتّالي فلم يعذّبنا الله يوم القيامة؟ هذا السّؤال وإن كان يتضمّن جوانب سلبيّة شنيعة منها الشّك في حكمة الله، فكيف يخلق الله إنسانا أذكي وأحكم وأعدل منه عزّ وجلّ؟. يضطره إلى فعل كذا وكذا ثمّ يحاسبه على أفعاله يوم القيامة، فأبسط استنتاج عقلي لهذا المخلوق «أنت خلقتني وأجبرتني فلم تعذّبني»، لكنّه أيضا يتضمّن جانبا من الممكن البناء عليه هو أنّ لهذا الكون إلها، فلا نبدأ القصّة من أوّلها حيث إثبات الصّانع. والإجابة على هذه التّساؤلات الضّخام لا يكون مختزلا بنعم أولا، من قبيل نحن مسيّرون أو نحن مخيّرون أو مسيّرون في أشياء ومخيّرون في أخرى. ونستطيع القول أنّ الشيء الواحد أو الفعل الواحد المترابط والذي يبرز للوجود كوحدة واحدة ربّما يكون مكوّنا من عدد لانهائي من المكوّنات الكمّية والمعنويّة المتناهية في الصّغر كمّا وكيفا، لفظا ومعنى، حقيقة ومجازا، والتي ربّما قد يكون في بعضها مخيّرا وفي بعضها مسيّرا ولا تخرج إلى الوجود إلاّ كوحدة واحدة، وقد يختلف التّقدير في حساب محصلتها من إنسان لآخر لدرجة يصعب معها الحكم من خلال إجابتين فقط، وربّما يشعر الإنسان أنّه كان مسيّرا في قضيّة ما ثمّ بعد طول تفكير تبيّن له العكس. وقد نرى أحيانا أنّ الإجابة ليست في ضرب الأمثلة مع أنّها أحيانا تكون معبّرة جدّا، لكن ليست محيطة بمعظم جوانب الموضوع. يجب أن تكون الإجابة من خلال حوار حرّ مع النّفس لا سيّما في وقت السّحر حيث زوال التّشويش والاضطراب، وحوار مع الغير فعقل كلّ واحد منّا ما هو إلاّ مركبة واحدة من عدد لا نهائي من المركبات التي يتشكّل منها العقل الجمعي بهدف الوصول إلى مذكّرة تفسيريّة أكثر عمقا للحقيقة والتي هي أشرف ما وضع الله عزّ وجل في النّفس البشريّة «توق الإنسان إلى الحقيقة وإلى الحرّية، فبعد ألم الحيرة والشّكّ والاضطراب تكون حلاوة الاختيار حتّى ولو جاء الاختيار مريرا»، فالحرّية لها ثمنها الغالي، لكن الخوف منها ثمنه أبهظ وأكثره شيوعا الاستبداد وتبريره وتقديم التّأسيس النّظري للمستبدين. يبدأ الحوار مع النّفس بتصوّر الإله الذي خلق ذاك الكون كلّه. وسترى أنّ الخلاصة في اعتقاد أنّ الإنسان مخيّر هي الأقرب لإثبات الإله بكمال وجلال الصّفات وبإثبات العقل كمميز عظيم للإنسان عن باقي الكائنات، واعتقاد الجبر هو الطّريق المعبّد لعكس ذلك كلّه.
  قصور العقل البشري أمام معضلة الزّمن
إذا كانت من مسألة تعبّر عن حيرة العقل البشري وقصوره أمام مفهوم الزّمن فثمّ مسألة الجبر والاختيار، لأنّ الذي يطرح هذا السّؤال يجري مفهوم الزّمن على الله بنفس الطّريقة التي يجري بها الزمن على نفسه، وإذا تأمّلت تعلم أنّك تعيش جزءا من الماضي فقط، فالحاضر ما هو إلاّ خيط رفيع، فاصل ليس له اتّساع في الزّمن بين الماضي الذي مرّ عليك وعشته بتفاصيله ونسيت جزءا عريضا منه ولا شكّ، والمستقبل الذي لا تعرف عنه شيئا، ومن يماري في ذلك فليس له خبرة بالطّبيعة الإنسانيّة. لكنّ الأمر في حقّ الله مختلف تماما فهو جلّ شأنه خالق الزّمن، فالماضي والحاضر والمستقبل عنده سواء، ذاك جزء من علمه الأزلي، وإذا حكي الشّرع عن أن الله قدّر كل شيء قبل أن تخلق السّماوات والأرض بخمسين ألف سنة فهو جلّ شأنه يحكي عن علمه الأزلي، ولا يفهم من ذلك أنّه أجبر كلّ إنسان على ما يفعله، لكن وفي نفس الوقت لا تخرج إرادة أحد أو مشيئته عن مشيئته عزّ وجل، ولو كان شيء من ذلك واقعا لاتّهمت الإله الذي تعبده في تصوّرك بأبشع التّهم ومنها بأنّه ليس حكيما وليس عدلا، يخلق إنسانا ويجبره على المعصية ويعذّبه، ويجبر آخر على الطّاعة ويثيبه. تعالى الله عما يقولون علوّا كبيرا. 
فإذا كنت تؤمن بإله له كلّ صفات الكمال والجلال، فلا تجري عليه ما يجري عليك، ولله المثل الأعلى. لو تصوّرنا كائنات حيّة تعيش في عالم مسطّح من بعدين فلن يكون لديها أيّ تصوّر عن البعد الثالث مهما فعلت، وفي حالة واحدة يستطيع أن يبني تصوّرا جزئيّا فقط عندما يرسل له من يسكن في عالم ثلاثي الأبعاد إشارات يستطيع أن يترجمها بشيء غير مباشر في أنّ هناك شيئا ما خارج هذه الدّنيا ثنائيّة الأبعاد. يعلم هذا الكائن الثّلاثي الأبعاد ماذا تفعل هذه الكائنات الثّنائية الأبعاد، فلا يوجد فواصل ولا جدر بينها وبينه تمنعه عن معرفة ماذا يجري في عالمها، بينما هي تفصلها عن بعضها تلك الحواجز فلا تعلم هي عن بعضها البعض إلاّ ما سمحت به إزالة الحواجز المكانية، فما بالنا إذا أزيلت الحواجز الزّمانية، وماهي تصوّراتنا إذا أزيلت كلّ الحواجز.  
الدّليل العقلي على كون الإنسان مخيّرا
كان لي صديق يقول أخبرني بموقفك في أيّ قضيّة وسأتبنّى الموقف المعاكس لك ونظلّ نتناقش لأيام طوال في القضية وعكسها، وهو مثال عمليّ على حرّية الإنسان في اختياراته حتّى ولو كان خطأ محضا، ولا أقول إنّ ذاك هو الدّليل، بل الدّليل العقلي المحض هو: أنّ نفي التّخيير وإثبات الجبر هو عين نفي العقل ذاته عن الإنسان، فلو ذهب التّخييير ذهب التّمييز المتمثّل في العقل، فالعقل هو آداة الاختيار بين البدائل، وإذا افترضنا جدلا أنّ الإنسان مجبر ليس له القدرة على الاختيار بين البدائل، فكيف يُفسر اكتشاف الإنسان للقوانين الطبيعيّة والأسرار الكونيّة التي أودعها خالقها فيها، ثم كيف يفسّر تعديل إختياراتنا لفهمها، ثم كيف يفسّر لماذا اكتشفها إنسان ولم يكتشفها آخر، وكيف نخلع على أنفسنا ألقابا لا نستحقها مثل العالم العلامة والبحر الفهّامة، ثم ما هو الفارق بيننا وبين الجمادات. وإن كنت تكره شيئا فهل يستطيع أهل الأرض جميعا أن يجبروك على أن تحبّه، إذا كنت تكره الظّلم فهل يستطيع أهل الأرض حتّى وإن عذّبوك آناء اللّيل وأطراف النّهار أن يجعلوك تحبّه، هذا يعبّر عن قوّة الاختيار الذي يجعلك تدفع رأسك ثمنا لآرائك، وفي كلّ الملل والنّحل من فعل ذلك، من سحرة فرعون إلى أصحاب الأخدود إلى آل ياسر إلى جيردانو برونو، كلّ ذلك لا يمكن أبدا تفسيره بالإجبار، فعلى عتبات العذاب لا يصمد الإجبار بل لا يصمد إلاّ من عاين الحقيقة وأصرّ على اختيارها، كيف يستطيع العقل تصور إجبار سحرة فرعون على اختيارهم للموت بتلك الطّريقة البشعة التي توعّدهم بها فرعون وقد كان وعدهم بالقرب منه قبيل لحظات من معاينتهم للحقيقة. 
ولو اجتهدنا ربّما لقلنا أنّ الإنسان مجبر على الاختيار بين مجموعة محدوة كانت أو غير محدودة من البدائل، مع علم الله في الأزل بما سوف يختار، مع أنّ الله عزّ وجلّ خلق له هذه المجموعة لا ليجبره على فعل أحد أفرادها خيرا كان أو شرّا بل ليجاهد نفسه في معرفة الحقّ وليكون اختياره مبنيّا على أسس متينة، فليس في استطاعة صاحب العقل إلاّ أن يكون مختارا، ومع ذلك لا نستطيع أن نقول أن الإنسان قادرعلى أن يخلق فعلا من العدم، فلو استطاع ذلك لخلق الحياة هروبا من الموت. ورحم الله أبا حنيفة حين قال «إنّ الاستطاعة التي يعمل بها العبد المعصية هي بعينها تصلح لأن يعمل بها الطّاعة، وهو معاقب في صرف الاستطاعة التي أحدثها الله فيه، وأمره أن يستعملها في الطّاعة دون المعصية».
توظيف قضية الجبر سياسيا  
ومع أن قضية التّسيير والتّخيير قديمة في كلّ الأديان والفلسفات إلاّ أنّها ظلّت توظّف لمصلحة الحكم وأهله قديما وحديثا، وما يهمّنا هنا دراسة نشأتها في ثقافتنا الإسلاميّة، مع دولة  بني أميّة، حيث وظّفت قضيّة الجبر توظيفا سياسيّا من خلال تبنّي خيار أنّهم قدر الله على هذه الأمّة، ولا يختار الله عزّ وجلّ إلاّ الأصلح، فكيف نحارب قدر الله.  يقول ابن المرتضى «حين استتب الأمر لبني أميّة في حكم العالم الإسلامي، وقيام الدّولة الأمويّة بالشّوكة والغلبة والقهر لا بالبيعة والاختيار (مع الاعتراف أنّهم من أعظم الدّول التي نشرت الإسلام في الدّنيا بل وأعظم من الدّول التي جاءت بعدهم، لكن لا يحرمنا ذلك حقّنا في النّقد في جزئيّات مهمّة)، فكان من الضّروري توظيف العقيدة لصالح استمرار حكمهم، وتوارث هذا الحكم تحت شعار الجبريّة وسيادة قدر الله» فقد روي عن معاوية رضي الله عنه أنّه قال في بعض خطبه: «لو لم يرنيِ ربي أهلا ً لهذا الأمر ما تركني وإيّاه، ولو كره الله ما نحن فيه لغيّره»، وكان يقول: «أنا عامل من عمال الله أعطي ما أعطى الله، وأمنع ما منعه الله»[10]. وقد تمّ التّأسيس النّظري لذلك من فرق شتّى عبر إشاعة أفهام مختلفة لعقيدة القضاء والقدر. فقال بعض النّاس إذا كان كلّ شيء مقدّرا سلفا لكنّنا لا نعلم ما كتب الله لنا عنده، فلماذا لا نختار الأفضل والأعلى، فاختاروا الفعل الإيجابي وانطلقوا يجاهدون في سبيل الله يبلّغون دينه لكلّ البشر، لا يخافون في الله لومة لائم، ولا يرهبون الموت، بل كانوا يحرصون على الشّهادة حرص غيرهم على الحياة، وآخرون نكصوا على أعقابهم وقالوا ما كان لنا سوف يأتينا سواء أجاهدنا أم لم نجاهد واختاروا الفعل الأدنى وقعدوا عن الجهاد خوفا من الاستشهاد. فهذه عقيدة واحدة «القضاء والقدر» فهمت على نحوين متضادّين، ولكلّ منهما حال النّقاش مع الآخر ترك حاله الذي هو عليه واختياره الحال الآخر وكم حدثت كثيرا. 
ومع أنّ الجبريّة خدموا الدّولة الأمويّة أيّما خدمة إلاّ أنّ هذه الدّولة تعقّبتهم لمّا تكلّموا في أنّ الخلافة بالاختيار في تناقض مع أصول مذهبهم، وأنّ القّرشيّة ليست شرطا أساسيّا للبيعة. وقد قتل خالد بن عبد الله القسري (كانت ممارساته السّياسية شبيهة بنظيرتها عند الحجاج بن يوسف الثّقفي) الجعد بن درهم بمقولة الجعد الباطلة «أنّ الله لم يتّخذ إبراهيم خليلاً، ولم يكلّم موسى تكليماً»، فهل كانت هذه هي الحجّة الحقيقية لقتله أم قُتل سياسيّا و خُلّط  الأمر بأمور أخرى؟، ونفس الأمر جرى مع الجهم بن صفوان «صاحب المقولات الشّنيعة في الإرجاء» بعد أن رماه هشام بن عبد الملك بالدّهرية وقتله بذلك، أم لأنّ الجهم كان خطيبا مفوّها للحارث بن سريج ومناصرا له في ثورته على الدولة الأموية؟، وكان الحارث حريصاً على إقامة أحكام الكتاب والسّنة، وجعل الأمر شورى، ورفض الانغماس فى إمرة الظّالمين والعمل معهم[11] ، وكيف يفسّر أيضا قتل سعيد بن جبير وهو التّقي الورع إلاّ بخروجه «سياسيّا» على الحجّاج مع عبد الرّحمن بن الأشعث في ثورة «دير الجماجم» ضد الدّولة الأموية. ونفس الموقف تقريبا جرى مع المعتزلة وهم ضدّ الجبريّة تماما، فقد قتلوا عمر المقصوص، ومعبد الجهني، وغيلان الدّمشقي لاعتناقهم مذهب حرّية الإرادة الإنسانيّة «في شقّه الباطل» وهو أنّ «القدر خيره وشره من العبد»[12]. تأمّل أقوال الجبريّة والمعتزلة بحقّ الإنسان في اختيار الحاكم، فلو كان الإنسان مسيّرا أصلا لما قال الجبريّة بتلك المقولة ولأمنوا على أنفسهم من تعقّب الحكّام لهم. 
الهوامش
[1] حسب تقرير نشرته الـ BBC سنة 2014
[2] سورة القمر - الآية 49
[3]  سورة التكوير - الآية 29
[4]  سورة الحديد - الآية 22
[5]  سورة الكهف - الآية 29
[6]  سورة المدثر - الآية 38
[7]  سورة البقرة - الآية 286
[8]  سورة النساء - الآية 79
[9]  سورة الرعد - الآية 11
[10] ابن المرتضى، المنية والأمل في شرح الملل والنحل، تحقيق جواد مشكور، المؤسسة الثقافية، بدون، ص87. 
[11] جمال الدين القاسمى، تاريخ الجهمية والمعتزلة، مؤسسة الرسالة، بيروت، ص16.
[12] الشهرستانى، الملل والنحل، ج1، ص127.