الإنسان والسماء

بقلم
نبيل غربال
مستقر الشمس «الجزء الثاني»
 رأينا في الجزء الأول أنّ لمادّة (ق ر) في اللّسان العربي معنيين أصليين هما أولا التمكّن وما يعنيه من ثبات وسكون ودوام وثانيا البرد وهو ملازم للسّكون. والمستقرّ لغة يمكن أن يكون اسم مكان القرار أو اسم زمانه أو مصدرا ميميّا. فمن قال باسم المكان اعتبر المواضع القصوى لمشارق الشّمس ومغاربها وكذلك المواضع القصوى في كبد السّماء هي مستقرّات أما تشبيها لها بمستقرّات المسافر الذي يقطع مسيره عندها في حالة المشارق والمغارب أو ضنّا لتوقّف الشّمس الذي يوحيه البطء في حركتها عند الأوج والحضيض. أما القائلون بأنّ المستقرّ اسم زمان القرار أي الوقت والأجل الذي تجري اليه الشّمس ولا تتعدّاه، فيرون أنّه يوم القيامة. وهناك من ربط الزّمان بالمكان وقال أنّ المستقرّ هو الحدّ الذي تنتهي إليه من فلكها في آخر السّنة. 
فهل من جديد في التّفاسير الحديثة بعدما اتّضح أنّ كلّ ما بنى عليه الأقدمون تفاسيرهم هي ظواهر فلكيّة ظاهريّة وأنّ حقيقة حركة الشّمس لا علاقة لها بالمشارق والمغارب ومدى ارتفاعها فوق الأفق؟ إنّنا في عصر أصبح فيه أغلب النّاس يعرفون أنّ الأرض تدور حول نفسها مرّة كل يوم وهي الحركة التي تعطي اللّيل والنّهار وتوحي لنا بأنّ الأجرام السّماوية تدور حولنا، وأنّها تدور أيضا حول الشّمس مرّة في السّنة وهو ما يفسّر تغيّر المشارق والمغارب ومدى الارتفاع فوق الأفق. وهذا يعني أنّ ما كان ينسب للشّمس كحركة هو في حقيقته نتيجة لحركة الأرض.
 التّفاسير الحديثة
(1) أوج الشّمس
رأينا في آخر الجزء الأول أنّ الانسان لم يكن يعرف حقيقة حركة الشّمس قبل عام 1783. ففي تلك السّنة اكتشف «هيرشل» أنّ الشّمس تتحرّك بالنّسبة للنّجوم المجاورة بسرعة قدر أنّها تساوي 20 كم في الثّانية، كما حدّد اتجاه تلك الحركة وهو صوب كوكبة هرقل وهي ظاهريّا مجموعة من النّجوم تبدو وكأنّها مرتبطة ببعضها البعض وهي غير ذلك بل تفصل بينها مليارات الكيلومترات ولا تمثّل بنية متماسكة كما تبدو للمشاهد. أطلق على ذلك الاتجاه مصطلح Solar Apex الذي عرب فيما بعد بمصطلح «أوج حركة الشّمس». فهل للشّمس في الأوج قرار؟ 
إنّ تعريف المصطلح يغني عن كلّ بحث إذ يعطي مباشرة الإجابة. فالأوج هو اتّجاه فقط، تحدّده نقطة وهميّة فيما يبدو قبّة سماويّة. وتحديد الاتّجاه لجسم متحرّك يتطلّب جسما ثابتا. وبالنّسبة للشّمس فإنّ النّقطة الوهميّة التي توجد على امتداد خطّ سيرها تبدو «قريبة» جدّا من النّجم «ألفا» من كوكبة «القيثارة» أو «زاتا» من كوكبة «هرقل» وهي نجوم تعتبر ثابتة نظرا لأنّ الأبعاد التي تفصلنا عنها هائلة جدّا وهي على التّوالي 25 و35 سنة ضوئيّة(1) . 
إنّ اعتبارها ثابتة مرتبط بالمدّة الزّمنية التي يرصد خلالها الإنسان ذلك الاتّجاه وهي مدّة مهما طالت فهي قصيرة بالنّسبة للوقت المطلوب ليتسنّى لنا ملاحظة تغيّرها. تتحرّك الشّمس في الفضاء وهو يعجّ بالنّجوم التي تتحرّك بدورها. ورغم ذلك فمن المؤكد أنّه ستوجد دوما نجوم في اتجاه حركة الشّمس، ولا يمكن أن تبدو الاّ ثابتة باعتبار المسافة التي تفصلنا عنها. لكن، لا ثبات في الكون وكلّ شيء يتحرّك بالنّسبة لكلّ شيء. لذلك فإنّ هذا الاتجاه ليس أزليّا فمع الوقت سوف يكون اتجاه حركة الشّمس نحو نجم آخر وهكذا. 
لقد أصبح من المعلوم من الفلك بالضّرورة أنّ الشّمس تنتمي الى مجموعة نجميّة تسمّى مجرّة وهي تتكوّن من 200 الى 300 مليار نجمـــا، كلّها تدور حول مركز مشترك يسمى «*Sgr A» وتقدّر سرعة دوران الشّمس حول ذلك المركـــز بـ 239 كلم في الثّانيــة. ورغم كـــلّ ذلك هنـــاك من قـــال بأنّ المستقـــرّ هو الأوج أي ساوى بين اتجاه حركة يبدو ثابتا ومحلّ قرار تقول الآية بأنّ الشّمــس تجـــري لـــه. وسنكتفي بمثال واحد على ذلك. 
ففي «موسوعة الكحيل للإعجاز العلمي» نقرأ «لقد وجد العلماء بعد دراسات معمّقة أنّ الشّمس تجري باتجاه محدّد أسموه مستقرّ الشّمــــس أو «solar apex» ويعرّفه الفلكيّــون كمــــا يلــــي: A point toward which the solar system is moving; it is about 10° southwest of the star Vega. أي هو النّقطة التي تتحرّك الشّمس (مع كواكبها) باتجاهها أي بزاوية تميل 10 درجات جنوب غرب نجم «النسر» بسرعة تقدر بحدود 19.4 كلم في الثانية. المهم أنّ القرآن قد أشار إلى وجود مستقرّ ما للشّمس في قوله تعالى: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [يس: 38]». 
غريب مثل هذا الكلام اذ ليس هناك مستقرّ فيما نسب للفلكييّن وأورده «الكحيل» بنفس لغة العلماء. وما جاء من السيد «الكحيل» يعكس بوضوح عدم فهم ما قاله الفلكيّون وهو أمر مؤسف جدّا. إنّ الاستنتاج الذي يخرج به يعكس فعلا إمّا عدم فهم معنى اتجاه حركة الشّمس وعدم ثباته وإمّا عدم تقيّد بالمعني الأصلي للمستقر وهو كما بيناه في المقال الأول موضع الثّبات والسّكون وما يلازم ذلك من برودة أي انخفاض في درجة الحرارة. فأين كلّ تلك المعاني المطلوب الالتزام بها من نقطة وهميّة متغيّر وضعها في السّماء تسمّى أوج الشّمس؟! 
(2) الحركة الدّورية للشّمس والمستقرّات المتعدّدة 
بعدما توضّح المنحى الذي سار فيه العديد من الذين قالوا بأنّ المستقر هو أوج الشّمس سواء اقتناعا أو نقلا وهو توجّه غريب خاصّة ممّن يقول بالإعجاز العلمي ولا يلتزم بصرامة منهجه ودقّة مصطلحاته ووضوح مفاهيمه، نكتشف توجّها آخر لا يقلّ غرابة اذ يصبح فيه المستقرّ مستقرات.
أ- جاء في موقع الدكتور محمد راتب النّابلسي أنّ «كلُّ نجمٍ يدورُ حولَ نجمٍ آخرَ، ويرجعُ إلى مكانِ انطلاقهِ النّسبيِّ، وهذه الحقيقةُ تنتظمُ الكونَ كلَّه، قال عز وجل:﴿ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ﴾» (2). ما يلاحظ مباشرة عدم وجود علاقة بين الآية المستشهد بها والمتعلّقة بجريان الشّمس واستقرارها من جهة وظاهرة دوران النّجوم حول بعضها البعض من جهة ثانية فضلا على أنّ لا وجود لنجم يدور حول الشّمس أو تدور الشّمس حوله حتى يكون لبداية الجملة علاقة بنهايتها. أمّا مسألة رجوع النّجم الى مكان انطلاقه النّسبي، فلا علاقة لها بالمستقر ويبدو أنّ «النّابلسي» متأثّر بالتّفاسير القديمة التي أنتجت بوحي من الحركة الدوريّة الظّاهرية للشّمس ومواضع القرار الوهميّة التي تصوّر المفسّرون أنّها تعود إليها دوريّا أيضا. وسنرى الآن أنّ هذا التّأثير طال أيضا حتى من انتقد اعتبار أوج الشّمس المستقر المراد من الآية.  
ب- «المستقرّات البعيدة» و«المستقرّات القريبة» أو «المستقرّات الكبرى» و«المستقرّات الصغرى»: في مقال له على الأنترانت بعنوان «مستقرّ الشّمس وسجودها: رجحان التّفسير، والرّد على المنكرين»(3) كتب «عزالدين كزابر» «أنّ الشّمس لا يمكن أن تسقط في موضع بعينه، كأن يكون جِرم من الأجرام، فيكون لها مستقرا. والسّبب كما أوضحنا، أنّ شرط الاستقرار أن تحافظ على كيانها، فلا تنعدم. وهذا هو الشّرط الذّاتي بالشّمس عينها. وهو شرط غير ممكن التّحقق مع سقوط الشّمس في أيّ جرم أعظم منها، لأنّ انهيارها وتفكّكها وزوالها داخله سيكون أمراً حتميّاً إذا هوت فيه، فأين ذلك من معنى المستقرّ؟! والمستقرّ – كما هو معلوم -هو محلّ الاستقرار أو الدّوام أو الحياة كما في قوله تعالى «وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ»(الأنعام:98)، وقوله سبحانه «وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ»(البقرة:36). وممّا يدعّم ذلك أيضاً قول الله (لاحظوا أنّه يقول أنّ قول الله يدعم فكرته!) تعالى لموسى عليه السلام: «انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا»(الأعراف:143) أي أنّ الاستقرار يتنافى مع الاندكاك، وأنّ المُنْدكَ لا يوصف بالاستقرار. وكذلك الشّمس إذا هوت في شيء آخر – كالثّقوب السّوداء مثلاً – لا يكون ذلك لها استقرارا». 
واضح جدّا أنّ الكاتب ينفي أن يؤول الأمر بالشّمس الى السّقوط في جرم أكبر منها وهو اتجاه تفسيريّ آخر موجود. ما يهمنا في دراسة «كزابر» هو قوله أنّ للشّمس مستقرّات أي أنّه لا يرى أنّ الآية تشير الى مستقرّ واحد بل أكثر وهو ما يذكّرنا من جديد بالمستقرّات المتعدّدة الموجودة في التّفاسير القديمة (مواضع الشّروق والغروب، الأوج والحضيض، منازل الشّمس). 
يحدّد الكاتب في بداية الجزء الثّاني معنى الاستقرار والمستقرّ فيقول «الاستقرار هو: [طلب (القرار) مع دوام وجود عوارض تحول دون تمام الخلوص إليه على مدار الزّمن] ويكون المستَقر هو: [(القرار) المطلوب الخلوص إليه، مع وجود عوارض تحول دون تمام ذلك]». هذا التّعريف الأخير للمستقرّ يختلف عمّا جاء في المقدّمة حيث المستقرّ هو محلّ الاستقرار أو الدّوام. فما هو معنى المستقرّ الذي على ضوئه تعامل «كزابر» مع الآية، أهو محلّ الاستقرار والدّوام والذي يقرّ فيه المرء أو الجسم مدّة زمنيّة كما يقول اللّسان العربي أم هو القرار (المحلّ) المطلوب الخلوص اليه دون جدوى كما يعرفّه هو؟ 
مال الكاتب الى المعنى الثّاني الذي اجتهد في بلورته ليس لضرورة لغويّة كما حاول تبرير ذلك بل لتأثّر عميق بالتّفاسير القديمة التي تعاملت مع الشّمس كالمسافر الذي يقطع سيره ويمكث لمدّة زمنيّة في مكان ثم يقفل راجعا. كان يمكن للمسافر أن لا يرجع ويحلّ في ذلك المكان دائما لكن حركة الشّمس الدّوريّة أي رجوعها من حيث جاءت هو الذي جعل المفسّرين يختارون مسافرا يؤول أمره الى حالة ليست من طبيعة حركته بالضّرورة وهي حالة ذهاب وإياب متكرّرة بين مستقرّات ليس هناك في الأصلينِ الصّحيحين لجذر «قرّ» ما يدلُّ على وجود عوارض تمنع الجسم من البقاء بل العكس فأحدهما يدل على تمكُّن وتثبّت، والثّاني على برد وهو ملازم للسّكون. فمن أين جاء المانع الذي يحول دون القرار المطلوب الخلوص اليه إن لم يكن قد تسلّل عبر التّفاسير القديمة التي شبّهت حركة ظاهريّة بحركة ممكنة وليست ضروريّة وهي حركة المسافر المحكوم عليه بالرّجوع مباشرة بعد الوصول. فما هو مستقرّ الشمس الذي يقترحه «كزابر»؟
إنّ مستقرات «كزابر» لا ثبات فيها ولا سكون كما سنتبين من خلال عرض مقولاته حولها فضلا عن اسقاطه للمعنى الثّاني المحيل على البرودة. ينطلق الكاتب من أنّ الشّمس تدور حول مركز المجرّة في حركة صعود ونزول بالنّسبة لمستوى قرصها وهذه حقيقة علميّة.  ثم يسمّي مواضع عبورها خلال مستوى القرص مستقرّات وهو ما لا يمكن فهمه.  فيكتب: «تجري الشّمس في مسار لها حول المجرّة (درب التبانة) وتتناوب بين الصّعود والهبوط كالبندول بالنّسبة لمستوى قرص المجرة أربع مرّات تقريباً في كلّ دورة كبرى كاملة حول المجرّة، تقطعها في 240 مليون سنة، وبما يجعل لها ثماني التقاءات - أو عُقد - بمستوى المجرّة. ونسمّي هذه المواقع الثّمانية للشّمس المستقرّات الكبرى. ويمرّ بين كلّ مستقرّين متتاليين فترة زمنيّة طويلة تصل إلى حوالي 28-30 مليون سنة». 
وبما أنّ هناك «مستقرّات كبرى» حسب ما يرى فلا بدّ من «مستقرّات صغرى» وهو ما يقول به كما تشهد به فقرة من مقاله يكتب فيها : « وعبر هذا المسار البندولي للشّمس تتعرّض الشّمس لتشويش الكواكب لحركتها، بما يشبه الجنوح عن المسار يمنة ويسرة، وبما يحرفها عن ذلك المسار لمسافات كبيرة في نفس مستوى الكواكب السّيارة حولها، وتقدّر في أقصاها بحوالي 1.4 مليون كيلومتر. ولكن الشّمس لا تلبث أن تعود لتتّزن بين الكواكب في ذلك المسار الأول عينه» ويضيف « وقد علمنا مواعيد تلك العودة للمسار المستقر للشّمس على مدار 6000 آلاف سنة، وكان الموعد الفائت سنة 1990-1991 ونعلم أنّ الموعد التالي للتطابق التام مع المستقر هو سنة 2169، غير أنّها ستقترب من المستقر كثيراً على فترات أقرب، منها سنة 2030 لحدٍّ ما، وسنة 2130 لحدٍّ كبير.... وعلى ذلك نسمي هذه المواضع التي تعود فيها الشّمس لتتّزن بين الكواكب عبر مسارها في المجرّة، وأزمانها المشار إليها، بالمستقرّات القريبة للشّمس. ولا يمتنع أن يكون للشّمس مستقرّات قريبة ومستقرّات بعيدة».
لقد نقلت حرفيّا ما كتب حرصا على عدم تحريف المعنى الذي ذهب اليه. فـ «المستقرات الصّغرى» عنده هي حالة توازن ثقالي بين الشّمس والكواكب تجدها الشّمس في جريانها عندما تقطع ما يسمّيه «مسارا مستقرّا» وهو المسار البندولي حول مركز المجرّة. إنّ القول بأنّ الموضع الذي يتحقّق فيه التّوازن الثّقالي للشّمس مع ما يدور حولها من كواكب يمثل مستقرّا ليس له أيّ علاقة بالاستقرار وما يعنيه من ثبات وتمكّن بالنّسبة لمرجع معين. وحتّى ما يقول أنّه «مسار مستقرّ» فهو مسار افتراضي لا وجود له. فالشّمس منذ خلقها الله وهي محاطة بأجرام تؤثّر في اتجاه حركتها ولم يكن لها يوما مسار مستقر أصلا بمعنى مسار تكون فيه على الدّوام في توازن ثقالي كما يقول الكاتب. 
إنّ اعتبار « مواضع مرور الشّمس في قرص المجرّة مستقرّات للشّمس تجري لها، وكلّما أتتها تجاوزتها وواصلت مسيرها» من دون أن تقف فيها ولو لحظة واعتبار تقاطع خطّ سيرها مع «مسار مستقرّ» مفترض مستقرّات من دون أن يكون للشّمس فيها أي وقفة، يعني أنّ كاتب المقال لا يرى الطّبيعة كما هي بل يفرض عليها حالات لم ولن تتحقّق يعتبرها حالات استقرار تجري اليها الشّمس من دون أن تدركها. فالآية تقول أنّ الشّمس تجري لمستقرّ لها و«كزابر» يقول أنّ الشّمس تجري بدون جدوى الى مستقرّات افتراضيّة لم ولن توجد يوما. تقتضي الدّراسة العلمية لظاهرة الحركة مرجعا تتحدّد بالنسبة اليه وهو ما لا يشير اليه بتاتا فيما اقترح «كزابر» من تفسير لآية المستقر.
هذا ما يمكن أن يصل اليه من يبتعد عن المنهج العلمي ويستعمل الكلام في غير معناه الذي وضع له أصلا. إنّ الكلام في الحركة يتطلّب كما سبق أن أشرنا تعيين مرجع تتحدّد وفقه طبيعتها وهذا من أبجديات الفيزياء سواء التّقليدية القائمة على نظريّة «نيوتن» أو النّسبية القائمة على نظرية «اينشتين». كما أنّ كل شيء متحرّك في هذا الوجود الممكن التّفاعل معه بالمنهج العلمي القائم على بناء النّظريات وابتكار الوسائل للقيس والتّثبت بالتّجربة ممّا نتصوّر أنّه موجود. فما عساه أن يكون مستقر الشّمس بمعنى موضع الثّبات والسّكون وما يصاحب ذلك من برودة والحال أنّ الكلّ يتحرّك بالنّسبة للكلّ في هذا الكون المرئي؟  هذا ما سنسعى الى استكشافه في الجزء الثالث من هذا البحث ملتزمين في ذلك بما يقتضيه اللّسان العربي من معان أصلية لمادّة (ق ر) وآخر ما توصّل اليه العلم من حقائق تتعلّق بحركة النّجوم -والشّمس نجم -والوسط الذي تتحرّك فيه. والله المعين.
الهوامش
[1]  السّنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء بسرعة 300 ألف كلم في الثانية وذلك خلال سنة أي حوالي 10 آلاف مليار كلم.
[2]  موقع فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 15-06-2005
[3]  هذا المقال هو الجزء الثاني من دراسة في جزءين تناول فيها الكاتب ظاهرة جريان الشّمس ومدلول المستقرّ الذي تجري له.  الجزء الأول من هذه الدراسة كان بعنوان «مستقر الشّمس: التّهافت الإعجازي»