كلمات

بقلم
عبداللطيف العلوي
بماذا تتفاءلون؟
 في زمن مضى، كان لديكم إله في قصر قرطاج. صار لديكم رئيس، تنقدونه علنا وتقذفونه بالطّماطم والجبنة الفاسدة.
كان لديكم حكومة من الأولياء الصّالحين، لا أحد من وزرائها يخطئ أو يحاسب أو يتجرّأ مواطن على النّظر في عينيه، صار لديكم بشر خطّاؤون نشتمهم بأسمائهم وأوصافهم ويحاسبون في الإعلام وتمسح بهم أرضيّة مجلس النّواب وهم صاغرون.
كان لديكم مجلس دوابّ يصادق ويزكّي برفع القوائم ووضع الحافر. صار لديكم ساحة حرب حقيقيّة، الجميع يدافعون عن مواقفهم وآرائهم مهما كانت حساباتهم وتوجّهاتهم.
كان لديكم قضاء يحكم بقضاء الحاكم وقدره، صار اليوم يبتّ في دستوريّة القوانين ويحاسب الوزراء ويجرّهم إلى التّحقيق والاستقالة ويحكم بعدم سماع الدّعوى في قضايا يرفعها الرّئيس ويخرج منها بذيل مكسور.
لا يمكن لشعب عانى الاضطهاد والميز الجهويّ والتّخلّف والتّبعيّة قرنا كاملا أن يتحرّر من كلّ ذلك في سبع سنوات، لكن بإمكانه أن يتحرّر من خوفه كي يبدأ الطّريق... ونحن قد تحرّرنا من خوفنا...حياة الشّعوب تبدأ من تلك اللّحظة الّتي تتحرّر فيها من الخوف، وتلك اللّحظة لا تأتي غالبا إلاّ بأنهار من الدّماء...
نحن تحرّرنا من الخوف ودخلنا عصر التّاريخ، لكنّنا لا نريد أن ندرك قيمة هذه اللّحظة، لأنّنا نعتقد أنّ الثّورة فعل ناجز، تمّ وانتهى، في حين أنّها مسار طويل، البناء فيه أصعب من الهدم بكثييير، ويحتاج إلى صبر أيّوب وحكمة لقمان ويقين يوسف... (ماهوش يوسف الشاهد)
الحرّيّة لا يمكن أن يعرف قيمتها من استيقظ ذات يوم، فوجد نفسه حرّا بالصّدفة. الحرّيّة لن يدرك قيمتها إلاّ من حلم بها طويلا واشتاق إليها ودفع من أجلها حبّات العمر وضحكة الأبناء ودموع الأمّهات والأهل والأصحاب. لذلك سوف يظلّ يوجد دائما في هذا البلد شعبان ( ماهوش شعبان عبد الرّحيم)، يعيشان في عالمين منفصلين تماما... شعب مؤمن بالثّورة ممتلئ باليقين مدرك لقيمة ما تحقّق في هذه السّنوات القليلة مقبل على مواصلة الطّريق بعزم وجلد ويقين. وشعب بكّاء محبط جزوع قنوط ليس له مرجعيّة للمقارنة، يتّبع السّفهاء من المبشّرين بالقحط والخراب