الافتتاحية

بقلم
التحرير الإصلاح
الافتتاحية
 ما حدث قبل سبع سنوات كان حدثا جللا لا ريب فيه شدّ إليه أنظار العالم كلّه وأخرجنا نحن العرب من واقع الاستبداد والظلم والقهر. لقد غيّرت الأحداث التي اندلعت في تونس ثم انتشرت كانتشار النار في الهشيم في بقية الدول العربية موازين القوى وأسقطت عددا من رؤوس الاستبداد والفساد ومارست الشعوب لأول مرّة حقّها الانتخابي بكل حرّية وأتت بمن كان في السجون إلى سدّة الحكم. أليس ما حدث ثورة؟
إنّها ثورة... وإنّها للطاغية وزبانيته نار وجمرة... هي بعث جديد لشعوب عاشت لعقود طويلة ظلما وقهرة... إنها ثورة ... ونحن من جندها، نحتفل بذكراها السابعة برغم آلامها وارتداداتها احتفالا يليق بمقامها وأهمّيتها. ولهذا خصّصنا هذا العدد من المجلّة للحديث عنها وفتحنا الباب  لكل من أراد التعبير عن إحساسه تجاهها أو إبداء رأيه فيها أو تقديم نقده  لنتائجها أو سرده لإيجابياتها وسلبياتها أو تحليل ما حدث خلالها وخلال السنوات السبع التي مرّت عن اندلاع شرارتها. فشكرا لمن ساهم في تأثيث هذا العدد الذي نهديه لكل من آمن بالثورة وشارك فيها بالساعد والقلم والكلمة الطيّبة ولكل من له ثقة في هذه الشعوب العربيّة التي أكّدت أنها تنتمي لجسد واحد إذا ثار عضو منه تداعت إليه سائر أعضاء الجسد بالانتفاضة والتمرّد. 
المثاليون فقط يعتقدون بأنّ الأمم بإمكانها أن تتحرر من دون تضحيات ودماء، فلا ولادة دون ألم، وما حدث ويحدث في العالم العربي من سقوط ضحايا وتدمير مدن هو ضريبة الولادة الجديدة للأمّة، فقد فُتحت جرّاء ما حدث نافذة للشعوب لتؤدّي دورها التاريخي في إنهاء مرحلة الاستبداد في المنطقة والتحرّر من الهيمنة الغربيّة الاقتصادية والثقافية وهو إعلان لنهاية مرحلة الاستلاب الحضاري وبداية مرحلة بناء الأمّة من جديد على أسس صحيحة تستعيد معها هويّتها ودورها لقيادة الإنسانية في مهامها الاستخلافية على وجه الأرض. 
اجتهد أعداء الثورة على وأدها وتعطيلها وإفشالها وتحريف مسارها بكل السبل الممكنة وجعلها مرادفة للفوضى حتّى تنفضّ الجماهير من حولها وتقلع نهائيّا عن فكرة الحريّة، وكان هذا منتظرا. واتخذ هذا العداء بعدا إقليميّا ودوليّا ممّا يؤكّد أنّ ما حدث ليس انتفاضات معزولة في رقعة جغرافيّة معيّنة بل هو بدايات مسار انبعاث حضاري جديد قد يعيد توزيع الأوراق ويقلب موازين قوى الهيمنة في حالة استكماله. إلآّ أن استكمال هذا الأمر والخروج من شراك الأعداء ومخططاتهم يتطلب كثيرا من العمل وقليلا من الكلام، ويتطلب توحيد جهود النخب وتوافقها توافقا «غير مغشوش» بدلا من الصراع والتناحر الذي يهدم ولا يبني كما يتطلب وضع استراتيجيات تأخذ بعين الاعتبار قدرات هذه الأمّة وامكانياتها وخصائص المرحلة ومتطلباتها.
فهل سيكون القادم بالرّغم ممّا حدث خلال هذه السنين السبعة من تعثّرات وأزمات لفائدة الأمّة؟ وهل ينقلب الكابوس حلما جميلا ؟ وهل تأتي بعد العجاف السبع سبع سمان؟  افتنا يا يوسف... افتنا أيها الصدّيق....