في الصميم

بقلم
د.ناجي حجلاوي
حركة الاعتماد و الوحدة المستحيلة
 توطئة
 إنّ المجتمعات نوعان: ثابت ومتحرّك. والحركة بدورها تنقسم إلى اتّجاهين: الأوّل يدور حول ذاته ويسمّيه علماء المنطق والكلام حركةَ الاعتماد، والثّاني حركة إيجابيّة متحوّلة نحو الأمام ويسمّيها المناطقة وعلماء الكلام حركة النّقلة. ومن ثمّ ظلّت حركة الاعتماد علامة المجتمعات الجامدة السّاكنة، وظلّت حركة النّقلة دليل المجتمعات السّائرة في درب الحياة المتطلّعة إلى التّجديد والتّنوير المستمرّيْن.
إنّ هذه الحركة المتطلّعة إلى التّقدّم تجد دواعيها في طبيعة الحياة إذ الإنسان يعيش باستمرار في جدل بين لحظتين: لحظة الماضي ولحظة الحاضر. والملاحظ أنّ لحظة الحاضر بمجرّد حلولها تستحيل إلى ماض، وإذا كان الله تعالى ذكر أنّ الأمر كلّه له من قبلُ ومن بعدُ [1]، فإنّ الحاضر لم تذكره الآية وقد صمت الله عنه قصدا ليتركه إلى الانسان يفعل فيه ما يشاء حسب إرادته وقوّة عزيمته.
والدّليل الواقعيّ التّاريخيّ المعيش يتمثّل في مصير الشّعوب التي أولت الزّمن قيمة وملأته بالعمل الدّؤوب المنظّم، استطاعت بعد الحرب العالميّة الثّانية التي أبادت ملايين البشر أن ترتقي إلى مصاف الدّول العظيمة. وعلى النّقيض من ذلك ظلّت الشّعوب التي لا تولّي إلى الوقت قيمة ولا إلى تنظيم الأعمال ولا إلى الإنسان والأرض أيّة قيمة، ظلّت في أسفل السّلّم الحضاريّ [2]. وانطلاقاً من هذه المحدّدات تحلُم الشّعوب المتحرّكة نحو الأمام بغد أفضل عماده التّوحّد والتّشكّل في كُتل ومنظّمات، وأمّا التي ترضى بالواقع كما هو، فهي شعوب تقنع بالتّشتّت والتّشرذم. فماهي ملامح الجمود والعلامات الدّالّة على حركة الاعتماد في الثّقافة العربيّة الإسلاميّة؟
حركة الاعتماد في الثّقافة العربيّة الإسلاميّة
تتجلّى ملامح الجمود والسّكون في غياب السّؤال في هذه الثّقافة، وإذا قال مالك بن أنس في الاستواء إنّه معلوم والإيمان به واجب والسّؤال عنه بدعة [3] فإنّه بالرّغم من أنّ هذا القول لم يعد يغني من الأمر شيئا ولا يقنع العقل المعاصر، فإنّ التّقليد قد نحا بهذا القول إلى التّعميم، باعتبار أنّ السّؤال بدعة يشمل كلّ مناحي الفكر. فقد قال القدامى الكلمة الأخيرة في كلّ علم ولم يبق للمتأخّرين إلاّ الاتّباع والتّقليد، علما بأنّ السّؤال بوّابة معرفة الذّات وتطويرها وهو مرآتها التي ترى فيها حجمها وتطلّعها إلى الإجابة المستمرّة عن القضايا المستجدّة، والسؤال هو الذي يبني النّماذج التّأويليّة المساعدة على فهم الظّواهر والأشياء وعكس ذلك كلّه الثقافة السّائدة التي تبحث عن الأجوبة المريحة. إنّ الأجوبة تدعو إلى الاقتناع بالواقع والسّكون إليه، وعلامة ذلك أنّ صوت الفلسفة قد خبا في الثقافة الإسلاميّة منذ زمن مبكّر لحساب الفقه والتّفسير وعلم الكلام. ومن العلامات الدّالّة على أنّ حركة الثقافة السّائدة في العالم الإسلاميّ هي ثقافة الجمود عدم وجود لاهوت جديد يُعيد القضايا الإطاريّة ويُثير الأسئلة المتجدّدة في علاقة مع الآخر المختلف. 
إنّ الوعي الدّينيّ المعاصر يعيش عالةً على علم الكلام القديم بكلّ مصادراته وقضاياه التي كانت مطروحة سابقا، أمّا وقد تغيّرت الأحوال، فلابدّ من علم لاهوت جديد يتضمّن روح العصر ويطرح قضايا مستجدّة. وهذه المسألة تزداد أهميّة عندما ننتبه إلى أنّ التّفسير والفقه يرتكزان أساسا على هذه الأرضيّة اللاّهوتيّة، إذ اللاّهوت يوسّع الآفاق وفي إطارها يتنزّل الفقه ومسائله والتّفسير وقضاياه.
أمّا الملمح الثّالث الدّالّ على ثبات الوعي في مكانه، فهو مبدأ الهويّة. على سبيل المثال، مازال الوعي الدّينيّ محصورا فيما رسمه أرسطو من (أ) تساوي (أ) و(ب) تساوي (ب) والحال أنّ في الفيزياء الكوانتيّة أو فيزياء الكمّ منذ 1940 لم يعد الأمر كذلك إذ صارت (أ) تساوي (أ) وشيئا آخر.
لقد كان الفكر قبل هذه الطّفرة مطابقا للواقع وكانت الحقيقة تُعتبر موضوعيّة، فأصبحنا إزاء الدّالّ الذي يحتمل المدلول ونقيضه فجاءت النّسبيّة بالحقيقة الذّاتيّة وغير الإطلاقيّة، فالجملة الواحدة تحتمل المعنى وضدّه، ففلان هو فلان تعني المدح والتّمجيد في سياق وتعني الهجاء والثّلب في سياق آخر. ثمّ إنّ مقولة التّطلّع إلى المستقبل لا قيمة لها في الثّقافة السّائدة في مستوى الفكر الدّينيّ بالخصوص رغم أنّ الآيات صريحة في أنّ الحقيقة تكمن في هذا المستقبل، وانظر إلى الآية الكريمة التي تقول: «لكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ»[4]. ولفظة «سوف» تُستعمل للمستقبل البعيد والمعركة بالأساس هي معركة المعرفة والعلم مقابل الجهل والظلاميّة.
إنّ هذه العلامات الكثيرة كلّهـــا تدلّل علــى أنّ المسلم فــــي هـــذا العصـــر هو مجرّد كائـن في العالــــم «Etre dans le monde» مفعول به ضمن الزّمان والمكـــان. والمطلـــوب أن يكون كائنا ضمن العالم «Etre au monde» وفي هذه الحالة يكون فاعلا إيجابيّا ذا مسؤوليّة ووعي منخرط في الإنتاج وفعل التّقدّم. 
إنّ حركة الزّمان تتقدّم بسرعة مهولة والذي لا يجاريها بوعيه ومعرفته يتحوّل تدريجيّاً إلى ما يشبه المتخلّف المجترّ للأفكار التّقليديّة فيصبح مثل التّحفة النّادرة والأشياء العتيقة التي تستمدّ قيمتها من قدْر توغّلها في الزّمن الماضي.
إنّ التّقدمّ يشترط إرادة الازدهار وهو أمر لا يتحقّق إلاّ بالثّورة المعرفيّة الشّاملة المؤطّرة للميلاد الحضاريّ الجديد، فكيف السبيل إلى الاهتداء إلى هذه المرحلة المضيئة من حياة الإنسان ضمن العالم؟ ما من شكّ في أنّ الحركة المضادّة لحركة الاعتماد إنّما هي حركة النّقلة. فماهي ملامحها وماهي شروطها؟
حركة النّقلة
يبدو أنّ ثقل الماضي الذي أرساه الغزاليّ وأولاه للأسلاف في اعتباره أنّ الصّحابة جيل لا يأتي الزّمان بمثله، هو الذي بالإمكان الخلاص منه تدريجيّا وتحويله إلى ثقل الجيل الذي لم يأت بعد ومن ثمّ ينشدّ النّاس إلى المستقبل الحالم ويتطلّعون إلى الآتي بدل الانشداد إلى الفائت. والأهداف التي يتمّ الاتّفاق على إنجازها في المستقبل هي الضّمان الأوّل لإحداث التّوحّد والاشتراك أمّا الماضي فلا دور له في تحقيق الوحدة ولا سيّما إذا رُبط بأحداث الفتن ووعي الملل والنّحل وأحاديث الفرقة. وهكذا يتّضح أنّ التّعويل على الماضي يُصبح عاملَ خلاف لا عاملَ توحّد وائتلاف.
إنّ التّعويل على الماضي يعمّق التّباعد ويُذكّر بما فعله المهديّ بن تومرت عندما عاد من بغداد وقد درس في المدرسة النّظاميّة وما استقرّ بالمغرب حتّى عمل على إبادة كلّ مختلف من المذاهب الإسلاميّة ولم يسلم منه إلاّ طائفة اليهود. ولربّما كان ذلك لاعتقاد أنّهم أهل كتاب أو لموازنة سياسيّة قدّرها في ذلك الوقت. 
إنّ التّطلّع إلى الآتي هو الذي يخلّص من النّقائض القاتلة دخيل أو أصيل، تقدّميّ أو رجعيّ، حديث أو قديم، وهذه الهمزة هي المشكلة لأنّها تجعل أحد الطّرفيْن هي الإمكان الوحيد والحال أنّهما مجتمعان في كلّ عصر وفي كلّ مصر. ممّا يدعو إلى العطف بالواو بين هذه الثّنائيّات لتتحوّل من النّقائض إلى  الازدواج. ومن ثمّ تُصبح حركة النّقلة هي المخلّص من هذا الجدل العقيم المغلق إلى قبول الاختلاف والإقرار بحقّ الآخر. ويتحوّل الخلاف إلى اختلاف. إنّ الاختلاف جعله الله هدفاً من أهداف خلقه «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ  وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»[6]
إنّ حركة النّقلة بالضّرورة تعاني من عراقيل عديدة، لعلّ من أهمّها ما أرساه الحاكم الأمويّ ومن بعده العبّاسيّ من إخضاع الدّين إلى الدّولة فحرم بذاك الأمّة من دينها وجعله مؤسّسة تابعة لجهاز الدّولة. وقد توارث النّاس هذه المسألة وحرصوا على توثيقها في دساتيرهم ضمن ما يُعرف بالبند الأوّل الذي يجعل الدّين هو دين الدّولة لا دين الأمّة. وهكذا فُصل الدّين عن المجتمع والأمّة بأسرها وعندئذ تحتكر الدّولةُ الدّينَ لا لتنظيمه بين الطّوائف والنّاس كما تحتكر القوّة من أجل العدل وتحتكر الاقتصاد من أجل توزيعه، وإنّما تحتكره من أجل تكفير هذا وزندقة ذاك وانظر إلى زنادقة الإسلام الثّلاثة أبي العلاء المعرّي والتّوحيديّ وابن الرّاوندي. وما ذلك إلاّ لأنّهم فكّروا في الدّين وما أطاعوا ما روّج له الحاكم من فهم مخصوص يُلزمون به النّاس. وكم أشاعت الدّول من أوهام وأساطير وألّهت عالم الأشخاص وقد صُلب الحلاّج باسم الدّين وكُفّر ابن الفارض وكلّ الفلاسفة وغيرهم كثير كما فعلت الكنيسة تماما بالعلماء في الثّقافة المسيحيّة وقد أخرجت رفاة برونو من قبره ورمته في البحر لأنّه خالف تعاليمها قبل وفاته. 
إنّ المبدأ الأوّل من الدّساتير الإسلاميّة هو البوّابة التي يُشرعن منها الاستبداد السّياسيّ  باسم الدّين، وبذلك امتزج الاستبداد السّياسيّ والدّينيّ معا. وقد بدا هذا الاستغلال للسّلطة السّياسيّة لتوظيف الدّين واستغلاله في إعراض الطّبريّ عن ذكر عبد الله بن مسعود في تفسيره جامع البيان وذكر اسمه كاملا لأنّه يقول بقراءة تنتمي إلى الكوفة. وأهل الكوفة معارضون للسّياسة العبّاسيّة وهم مغضوب عليهم سياسيّا، لذلك، يتحرّج من ذكره[7]. ومن الأمثلة كذلك رسائل الخليفة المنصور لمحمد النّفس الزّكيّة يطالبه فيها بقياس انتقال الخلافة إلى العبّاسيّين على أحكام الفرائض ونظام توزيع الإرث باعتبار أنّ الرّسول قد ترك العبّاس عمّه وفاطمة ابنته [8]، وبالرّغم من أنّ العمّ لم يُذكر في آيات الإرث فإنّ علم الفرائض قد أدمجه في نظامه.
إنّ التدخّل السّافر الذي تمارسه الأجهزة السّياسيّة في المسائل الدّينيّة يُشرعن للفساد وتصبح الإدارات المتحكّمة في سير المجتمعات حارسة لهذا الفساد. ويتحوّل الفساد تحوّله الخطير من فساد الإدارة والمجتمع إلى إدارة الفساد ومجتمع الخراب. وما من شكّ في أنّ المجتمعات التي ينخرها الفساد لا سبيل أمامها للتّوحّد وإنجاز المهام الحضاريّة الكبرى المنوطة بها، لأنّ القوانين الحامية في الأصل لحقوق النّاس أصبحت قوانين حامية للفساد وأهله بجميع ضروبه وأصنافه. إنّ المجتمعات التي تروم التّقدّم والتّوحّد هي المجتمعات التي يحتلّ فيها السّؤالُ مركزَ الصّدارة، وعلى هذه الأسئلة أن تتعلّق بالمستقبل لا بالماضي لأنّ الماضي انتهى وخلافاته قد تثير الفرقة. أمّا المستقبل فلكوْنه لم يأت بعدُ فإنّ بناءه عامل توحّد عبر رسم الأهداف المشتركة وسبيل الوصول إلى تحقيق هذه الأهداف إنّما هو العلم والمعرفة. 
إنّ المعرفة أداة أساسيّة لتحقيق الأنموذج التّأويليّ الجديد الذي يفرز فهما جديدا للظّواهر والحقائق والقيم حتّى يتغلّب الوعي الجديد على وعي الأجداد. إنّ الانشداد إلى وعي مضى وانقضى يعمّق الانغماس في ثنائيّات قاتلة بين الماضي والحاضر، بين الأصيل والدّخيل، بين الحداثيّ والتّقليديّ وبدلا من أن يُعدّ هذا الاختلاف ثراءً وتنوّعاً فإنّه يقدَّم على أنّه تشرذم وتشتّت في صلب المجتمع الواحد فكيف لمجتمع كهذا أن يحمل طموح التّوحّد مع شعوب أخرى. إنّ النّموذج التّأويليّ إذا تجدّد فإنّ اعتماده في فهم التّراث سيفسح المجال لأفكار هي بطبيعتها صالحة لأن تستمرّ بذاتها في التّاريخ من قبيل ما نظّر به إخوان الصّفاء في قولهم: «إنّ الإنسان المثاليّ الكامل هو الفارسيّ النّسبة، العربيّ الدّين، الحنفيّ المذهب، العراقيّ الآداب، العبرانيّ المخبر، المسيحيّ المنهج، الشّاميّ النّسك، اليونانيّ العلوم، الهنديّ البصيرة، الصوفيّ السّيرة، الملكيّ الأخلاق، الرّبّانيّ الرّأي، الإلهيّ المعارف»[9]. 
إنّ هذا الفكر الذي بشّر به إخوان الصّفا يُحيل على فكر الأسئلة لا الأجوبة لأنّ السّؤال مرآة الذّات وشرط حيويّة المعارف والحقيقة طالما كانت مجزّأة بين النّاس فإنّ السّؤال عنها مناط الفهم والتّفهّم حيث يصبح الآخر جزءاً من الأنا.
الخاتمة:
مازال موضوع الوحدة يشغل المفكّرين على اختلاف مشاربهم وأزمنتهم وأمكنتهم، ومازالت الوحدة غير ممكنة التّحقّق طالما أنّ العقل العربيّ الإسلاميّ يعيش عالةً على ما أنتجه الأجداد. إنّ الذي أنتجه القدامى استجاب إلى أسئلة طرحوها على عصرهم و طالما أنّ هذا العصر جاء بأسئلة جديدة فإنّ أجوبة الماضي ستظلّ قاصرة على توفير الإجابات الشّافية الكافية. ولعلّ النّهضة العربيّة لم تتحقّق إلى حدّ الآن، لأنّ المعرفة هي الامتحان الأكبر الذي رسبت فيه. فلا نهضةً ولا تقدّمَ دون إنتاج معرفة ونظريّة جديدتين، فهي تكون ابنة الواقع وابنة العصر.
الهوامش
[1] انظر سورة الرّوم، الآية 4.
[2] يمكن العودة إلى في هذا المجال إلى مالك بن نبي في كتابه شروط النهضة، ترجمة عبد الصبور شاهين وعمر كامل مسقاوي، دار الفكر دمشق، سوريا، 1957.
[3] وحدثنا أبو الحسن بن أبي إسحاق المُزكَّى بن المُزكَّى -في نسخة المدني- قال: حدثنا أحمد بن الخضر أبو الحسن الشافعي قال: حدثنا شاذان قال: حدثنا ابن مخلد بن يزيد القهستاني قال: حدثنا جعفر بن ميمون قال: سئل مالك بن أنس -رحمه الله- عن قوله -تعالى-: «الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى» كيف استوى؟ قال: « الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا ضالا»، وأَمَر به أن يخرج من مجلسه.
[4] سورة الأنعام،الآية 67
[5] يقول الغزالي: « سائر الصّحابة لا يصل أحد ممّن بعدهم إلى مرتبتهم لأنّ أكثر العلوم الّتي نبحث وندأب فيها اللّيل والنّهار حاصلة عندهم بأصل الخلقة من اللّغة والنّحو والتّصريف وأصول الفقه، وما عندهم من العقول الرّاجحة. وما أفاض الله عليهم من فيض النّبوءة العاصم من الخطأ في الفكر المغني عن المنطق وغيره من العلوم العقليّة.» أبو حامد الغزالي، فيصل التّفرقة فيما بين الإسلام والزّندقة، تحقيق سليمان دنيا، دار إحياء الكتب العربيّة، ط 1، 1961، ص 50.
[6] سورة هود، الآيتان 118 و119  
[7] ذكره الطّبري في تفسيره، مج 10، ص 8385. ولم يحدّد من هو المقصود بعبد الله من جملة العبادلة: عبد الله بن مسعود أو ابن عبّاس أو عبد الله بن ذكوان أو عبد الله بن كثير، أمّا ابن حيّان فقد حدّد أنّه عبد الله بن مسعود. انظر البحر المحيط، ج8، ص393. ويبدو أنّ هذا الاقتصاد في ذكر الاسم الكامل ليس عملا مجانيّا وإنّما يُخفي موقف الطّبري من ابن مسعود.
[8] ردّ أبو جعفر المنصور على اعتراض محمّد النّفس الزّكيّة سياسيّا ودينيّا على السّياسة العبّاسيّة بقوله:«وأمّا ما ذكرت من أنّك ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنّ الله جلّ ثناؤه أبى ذلك فقال «مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا» (الأحزاب، الآية 40) ولكنّكم بنو بنته وإنّها لقرابة قريبة غير أنّها امرأة لا تحوز الميراث ولا يجوز أن تؤمَّ. فكيف تورث الإمامة من قبَلها وقد طلبها أبوك بكلّ وجه فأخرجها تخاصم على ميراثها فلم يحصل لها شيء...» ابن حمدون بن الحسن بن محمد بن عليّ، التّذكرة الحمدونيّة، تحقيق إحسان عبّاس وبكر عبّاس، ج3، دار صادر، بيروت، ط1، 1966، ص 416. 
[9] رسائل إخوان الصّفاء وخلاّن الوفاء، تحقيق بطرس بستانيّ، دار صادر، بيروت، 1957، الرّسالة 22.