باختصار

بقلم
عبدالواحد المسقاد
عَوَامِلُ ضَعْفِ الْقِيَمِ لَدَى الشَّبَابِ
 إنّ مقياس تقدّم الأمم والشّعوب رهينٌ بتطوير كفاءات شبابها وتحسين أوضاعهم الاجتماعيّة، وغرس فيهم منذ الصّغر حبّ الوطن وتعزيز الانتماء إليه، لكي يكون هذا الشابّ طموحا وحاملاً همّ الإصلاح والتّغيير، لكنّ المتأمّل لسلوك شبابنا وتصرّفاتهم الطّائشة، يدرك مدى التّراجع الخطير  للأخلاق في المجتمع واضمحلال القيم منه. فما هي أسباب تراجع القيم لدى شبابنا..؟ وما هي الأساليب النّاجعة لتنمية القيم في المجتمع ..؟
عندما نتحدث عن القيم فإننا نقصد مجموعة القيم الأخلاقيّة، التي يتميّز بها البشر، وتقوم الحياة الاجتماعيّة عليها، ويتمّ التّعبير عنها باستخدام الأقوال والأفعال، وتكمن أهميتها، في تكوين جيل صالح يؤمن بالقيم متشبّع بها في سلوكه اليومي، وتعتبر وسيلة من وسائل نهوض المجتمع ورقيّه. 
إنّ تراجع القيم لدى شبابنا يشكّل عائقا كبيرا خاصّة لدى المربّين والمدرسين، وأمرا مطروحا للنقاش، بين الباحثين والمؤلّفين في علمي التّربية والنّفس، ولعلّ أبرز عوامل ضعف القيم والأخلاق لدى الشّباب تتجلّى فيما يلي:
 غياب دور الأسرة:
 لقد فقدت الأسرة هيبتها ورعايتها في حضانتها للإبن والاعتناء به منذ طفولته، على المستوى النفسي والصحي والاجتماعي والتّربوي، فقد تخلّت الأسرة عن دورها الرّئيسي وأصبح الإبن يقضي جلّ أوقاته خارج حضن الأسرة دون رقابة ولا اكتراث له، فماذا تتوقّع من الإبن العاقّ لوالديه، أن يفعل خارج أسوار منزل أسرته..؟  
غياب دور المؤسسة التعليمية: 
أصبح دور المؤسّسة التّعليمية مقتصراً فقط على تلقين الطّفل المعرفة، مجرّدة من القيم، لقد غاب الدّور الحقيقي الذي تضطلع به مؤسّساتنا التّعليمية. والسبب، هو إسناد المناصب الإداريّة والتّربوية، إلى من ليس لها بكفء،بالإضافة إلى عدم توفّر مدارسنا على خبراء مختصّين في الدّراسات السّلوكية؛  لرصد تعثّرات المتعلّمين، والوقوف على احتياجاتهم، وتشخيص سلوكاتهم من قبل المختصّين؛ ليكونوا أفضل في المستقبل.
عوامل البيئة المحيطة:
 وهذا الأمر لا يقلُّ شأنا عمّا سبق، فالإنسان بطبعه اجتماعي، يحبّ الاختلاط مع النّاس وتبادل الحديث معهم والوقوف على أعرافهم، حينها يحصل التّأثير،  فإن كان المحيط البيئي الذي يقطنه الشّاب محيطا فاسدا، فإنّ هذا الشّاب سيكون من نصيبه الانسياق وراء ما يجري في محيطه من أعراف وعادات سواء كانت حسنة أم سيّئة على السّواء.
ولا أدلّ على ذلك من بعض الظّواهر الخطيرة التي بدأت تغزو مجتمعاتنا فأصبح العنف المتبادل ظاهرة عويصة تكتسح جلّ المرافق؛ حيث صرنا نسمع بكثرة العنف المتبادل بين أنصار الفِرق الرّياضية في كرة القدم، أمّا في مدارسنا فتفاقم الأمر بشدّة ؛حتى وصل الأمر بإلحاق السّب والشّتم والعنف الجسدي بالمعلم والأستاذ والمسؤول الإداري، إضافة إلى ما أضحت عليه شوارعنا من سماع ألفاظ نابيّة وسلوكات مقيتة.
إنّ الحلّ الأنجع والسّبيل الأمثل، للحدّ من تفاقم هذه الظاهرة، هو أن تقوم الأسرة بدورها الذي يتجلّى في احتضان الأبناء ورعايتهم على المستوى النّفسي والاجتماعي والتّربوي منذ الصّغر، وتربيتهم على القيم والمبادئ وتشبّعهم بها. فالطفل الذي يترك خارج أسوار بيت الأسرة ، يصاحب من يشاء دون رقيب ولا محاسب، سيكون بالتّأكيد ضحيّة ، نتيجة التّأثير والانحراف .  
ولا نغفل أيضا دور المؤسّسة التّعليمية، من تلقين الطّفل القيم والأخلاق وتحبيبها  إليه، ورصد اختلالته وتعثّراته، والوقوف على حالته النّفسية والاجتماعيّة، مع التّفكير في الحلول النّاجعة ليرتقي إلى الأفضل.