شخصيات

بقلم
التحرير الإصلاح
الشهيد الشيخ ياسين أيقونة المقاومة الفلسطينية
 تمرّ علينا في الثاني والعشرين من هذا الشهر الذكرى الثالثة عشر لاستشهاد أحد المجاهدين الفلسطينيين وأحد رموز المقاومة بعد أن استهدفته يد الغدر الصهيونيّة وهو عائد من صلاة الفجرإلى منزله. إنّه الشيخ أحمد إسماعيل ياسين مؤسس حركة المقاومة الإسلامية بفلسطين «حماس» وزعيمها الروحي وواحد من أهمّ رموز العمل الوطني الفلسطيني حيث عاش منذ نعومة أظافره آلام القضية الفلسطينيّة وربط مصيره بمصيرها.
ولد الشيخ أحمد إسماعيل ياسين في قرية «جورة عسقلان» لقضاء مدينة المجدل في 28 جوان/يونيو 1936 مع انطلاق شرارة أوّل ثورة مسلّحة ضد الصهاينة بقيادة عزالدين القسّام. تيتّم في سنّ الخامسة واضطرّ وهو في الثانية عشر من عمره إلى الهجرة صحبة أهله إلى غزّة بعد الهزيمة العربية الكبرى المسماة بالنكبة عام 1948. وفي غزّة عانى شأنه شأن بقية النازحين  مرارة الفقر والجوع والحرمان، واضطرّ إلى التوقّف المؤقّت عن الدّراسة لفترات ليعين أسرته عن طريق العمل. وفي السادسة عشرة من عمره (1952) تعرّض أحمد ياسين لحادثة خطيرة أصيب على إثرها بالشّلل التامّ لكنّ ذلك لم يمنعه من مواصلة دراسته الثانوية لينهيها في العام الدراسي 57/1958 وينجح في الحصول على فرصة عمل رغم الاعتراض عليه في البداية بسبب حالته الصحية، وكان معظم دخله من مهنة التدريس يذهب لمساعدة أسرته.
انطلق في نشاطه السياسي باكرا بالرغم من إعاقته وشارك  وهو في العشرين من العمر في المظاهرات التي اندلعت في غزة احتجاجا على العدوان الثلاثي في العام 1956 وأظهر قدرات خطابية وتنظيمية ملموسة، فبدأ نجمه يلمع وسط غزة، الأمر الذي لفت إليه أنظار المخابرات المصرية العاملة هناك، فقررت عام 1965 اعتقاله ضمن حملة الاعتقالات التي شهدتها الساحة السياسية المصرية والتي استهدفت كل من سبق اعتقاله من جماعة الإخوان المسلمين عام 1954، وظل حبيس الزنزانة الانفرادية قرابة شهر ثم أفرج عنه بعد أن أثبتت التحقيقات عدم وجود علاقة تنظيمية بينه وبين الإخوان في مصر. وقد تركت فترة الاعتقال في نفسه آثارا مهمة لخصها بقوله «إنها عمقت في نفسه كراهية الظلم، وأكدت (فترة الاعتقال) أن شرعية أي سلطة تقوم على العدل وإيمانها بحق الإنسان في الحياة بحرية».
بعد هزيمة 1967، استمر الشيخ أحمد ياسين في إلهاب مشاعر المصلّين ودعوتهم للمقاومة من فوق منبر مسجد العباسي الذي كان يخطب فيه، كما نشط في جمع التبرعات ومعاونة أسر الشهداء والمعتقلين، ثم عمل بعد ذلك رئيسا للمجمع الإسلامي في غزة.
إنزعج الكيان الصهيوني من نشاط الشيخ ياسين فقام باعتقاله سنة 1982 وحكم عليه بالسجن 13 عاما بتهمة تشكيل تنظيم عسكري وحيازة أسلحة. وبعد ثلاث سنوات أُطلق سراحه في إطار عملية لتبادل الأسرى مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين «القيادة العامة».
في سنة 1987، أسس الشيخ أحمد ياسين مع مجموعة من قادة العمل الإسلامي الذين يعتنقون أفكار الإخوان المسلمين في قطاع غزة حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، وكان له دور مهم في الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي اندلعت آنذاك والتي اشتهرت بانتفاضة المساجد. ونتيجة لارتفاع نسبة عمليات قتل الجنود الصهاينة واغتيال العملاء الفلسطينيين، أعتقل الشيخ ياسين مرّة أخرى وحُكم بالمؤبّد بتهمة التحريض على اختطاف وقتل جنود إسرائيليين وتأسيس حركة «حماس» وجهازيها العسكري والأمني.
وفي سنة 1997 أطلق سراح الشيخ ياسين ضمن عملية تبادل جرت بين المملكة الأردنية الهاشمية والكيان الصهيوني مقابل اطلاق سراح اثنين من عملاء الموساد الذين ألقي القبض عليهما في أعقاب المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في العاصمة عمان.
وبالرغم من مضايقات السّطلة الفلسطينيّة وتعكّر حالته الصحيّة واصل الشيخ ياسين نشاطه كزعيم روحي وفكري وسياسي لحركة حماس إلى أن نجح الكيان الصهيوني- بعد أن فشل في محاولة أولى- من خلال عملية قادها رئيس الوزراء شارون آنذاك شخصيّا في إغتياله ليتحوّل إلى أيقونة لمختلف الفصائل الفلسطينيّة المقاومة وشهيدا ملهما للشباب الفلسطيني الذي رفض الاستسلام واختار طريق المقاومة.  
يحمل الشيخ أحمد ياسين أفكار «الإخوان المسلمين» والتي تدعو -كما يقول- إلى «فهم الإسلام فهما صحيحا والشمول في تطبيقه في شتّى مناحي الحياة». لكنّه لم يكن مرتبطا تنظيميّا بإخوان مصر لأنّه - ومنذ صغره- كان يؤمن بأنّ الاعتماد على سواعد الفلسطينيين أنفسهم عن طريق تسليح الشّعب أجدى من الاعتماد على الغير سواء كان هذا الغير الدول العربية المجاورة أو المجتمع الدولي.
سعى الشيخ أحمد ياسين إلى المحافظة على علاقات طيّبة مع السّلطة الوطنيّة الفلسطينيّة والدّول العربيّة الأخرى إيماناً منه بأنّ الفرقة تضرّ بمصالح الفلسطينييّن. ولكنّه لم يساوم أبداً فيما يخصّ موضوع التوصّل إلى سلام مع الكيان الصهيوني رافضا فكرة الحوار معه وكان يكرر دائماً:«أن ما يسمى بالسلام ليس سلاماً بالمرّة ولا يمكن أن يكون بديلاً للجهاد والمقاومة.»