وجهة نظر

بقلم
محمد الهميلي
الإساءة إلى الراية الوطنية بين العفوية و التعمد...
 مقدّمة 
إن السلوكيات المهينة المتبعة تجاه الرّاية والرّموز الوطنية في بلادنا تونس قـد تكـرّرت دون رادع أو مانع في غياب مظاهر الإستنكار أو الإمتعاض أو الحماية القانونية التي هي من مهام ومشمولات مؤسّسات الدولة كرئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ورئاسة مجلس نواب الشعب، ووزارتي العدل والداخلية. فقد إعتاد الكثير من الأشخاص والعديد من الأطراف القيام بتلك الممارسات بصورة عفوية غير محسوبة العواقب أو متعمدة، ما يدل على غياب الوعي بواجب الإحترام والتقدير والتبجيل لهذه الرموز. 
وما يلاحظ في مجتمعنا هو تكرار التّصرف بصورة مسيئـة وممتهنة لمكانتها وقيمتها في الوقت الذي يُفترض فيه التعامل معها بكثير من التقدير والتبجيل والاحترام، حيث يكون الإعلاء من شأنها، والتّضامن حول رفع مكانتها إمّا بإشهار السّلوك الاحتفالي، أو من خلال عرضها ورفعها في أماكن العمل والمؤسّسات والدّوائر العامّة والبعثات التّونسية بالخارج ووضعها موضعًا يليق بها، بحيث ينتقل التّعامل معها من حالة الفخر الذاتي والظاهر، إلى سلوك فعلي ومصدرًا للعمل على بناء صورة جيدة للوطن عبر مواطنيه السّاعين بجهد لتحقيق المجد والإحترام، بحيث يقدمون ما من شأنه تحقيق ذلك بكلّ إخلاص وإرادة ذاتية لرفع قدر الوطن بين البلدان والأمم عبر إظهار مدى محبّة المواطن التونسي وإجلاله واحترامه لرايته الوطنية ورموزها.
احترام الراية الوطنيّة سلوك عالمي  
إنّ احترام الراية الوطنيّة ورموزها ليس بدعة نريد أن نفرضها على المواطن التونسي وإنّما هو سلوك موجود لدى أغلب الدول والمجتمعات، وفي ما يلي بعض النماذج الخاصّة باحترام الأَعْلام والرّايات والرموز الوطنية في العالم:
ـ أشار البروفيسور «أحمد اسماعيل سمتر»، إلى امتعاضه من محاولة بعض المتحمّسين وضع علم «صومال يلاند» على كتفيه أثناء إحدى خطاباته، معبّرًا عن ذلك بقوله: «لا يوضع العلم على إنسانٍ ما لم يكن ميتًا في نعش!»
ـ ويرد في قانون «منع الإساءة للعلم الوطني» الهندي الصادر سنة 1971م تحت عدد 69، تحريم ارتداء العلم الوطني أو استخدامه بصورة تحطّ من قدره.
ـ يحرّم البند «E» في القسم الرابع والثلاثين من القانون الجمهوري رقم 8491 لجمهورية الفليبين، ارتداء العلم كليًا أو جزئيًا.
ـ يجرّم البند الثالث من القانون البرازيلي رقم 5700 في الفقرة الحادية والثلاثين منه الصادر سنة 1971م استخدام العلم كرداء.
ـ يعتبر القانون الدنماركي لمس علم البلاد للأرض إساءة للعلم الوطني.
ـ يجرّم القانون الفرنسي ليس فقط الإساءة إلى العلم الوطني، بل وحتّى نشر الصور المأخوذة أثناء ممارسة تلك الإساءة.
نداء عاجل إلى من يهمّه الأمر  
تتعرّض الراية الوطنية ورموزها إلى الكثير مما يمكن اعتباره امتهانًا وإساءة من قبل مواطنين ومواطنات وموظفين يعتقدون لقلّة ثقافتهم الوطنية والقانونية أنّ ما يمارسونه من سلوكيات، يعتبر تعبيرًا عن الوطنية والفخر والمباهاة، مثال ذلك ما نشهده هذه السنوات من ظاهرة إرتداء الرّاية الوطنية كلباس أو استعمالها في الإشهار أو بعكـس ذلك من تهاون وعدم إظهار الاحترام والتبجيل والتقدير لها كرفعها فوق المؤسّسات العمومية والرّسمية في وضعية مزرية ممزّقة وملوّثة أو عدم رفعها فوق مؤسّسات الدّولة أو البنايات الرّسمية بتاتا وتنكيسها بدون أمر قانوني صادر عن رئاسة الجمهورية. وهو ما يعطي إنطباعا بعدم إحترام رمزيّة الرّاية ويقلّل من هيبة الدّولة ورموزها. 
إن حماية الرّاية الوطنية ورموزها من واجبات أجهزة الدولة وهي مطالبة بإنفاذ القوانين المجرّمة لتلك الانتهاكات أو سنّ قوانين تجرّمها نظرا لخطورتها ومسّها من صورة البلاد بالداخل والخارج.