الأولى

بقلم
فيصل العش
الدولة ومأسسة الثقافة

مقدّمة 

إذا كان الإصلاح الثّقافي هو القاطرة التي تقود التّنمية فإنّ «مأسسة الثّقافة» هي الوقود الذي تتحرّك به تلك القاطرة. وليس معنى المأسسة هنا إنشاء المؤسّسات والأطر التي تعتني بالثّقافة وبتعبيراتها المختلفة فقط، بل خلق تقاليد العمل المؤسّساتي المبنى على التّعاون والتّكامل بين المبدعين والمثقّفين. وإذا كان لابدّ من مؤسّسة أو أطر قانونيّة تنظّم هذا التّعاون، فإنّه من الضّروري أن ترتكز آليات العمل فيها على التّشاور والتّخطيط المحكم الذي يشارك فيه مختلف المتداخلين كلّ حسب اختصاصه ومجال عمله الإبداعي.

وبالرّغم من كثرة المؤسّسات والأطر الثّقافية في الواقع العربي، فإنّه يفتقر إلى أبسط قواعد المأسسة. فالمؤسّسات التي يتمّ إنشاؤها بغية الارتقاء بالعمل الثّقافي وتدعيمه تتحوّل بسرعة إلى معطّل لنشاط المبدعين وعائق أمام كلّ محاولات الإصلاح نتيجة هيمنة البيروقراطيّة في التّسيير وغياب فلسفتي التّعاون والتّشاورفيها.

 وفي واقع ثقافيّ مزر مثل الذي نعيشه ونريد تغييره، تصبح مسألة «مأسسة الثّقافة» أمرا ملحّا وضروريّا لكنّه معقّد وصعب التّحقيق، إذ يتطلّب إمكانيّات جبّارة وجهودا كبيرة مضنية . لهذا يذهب بعض المثقّفين إلى تحميل الدّولة مسؤوليّة «مأسسة الثّقافة» في حين يدعو البعض الآخر إلى تجنّب إنتظار أن تقوم الدّولة بهذا المجهود لأنّ ذلك يتناقض مع طبيعتها البيروقراطيّة المرتكزة على الهيمنة ويدعو المثقّفين وجمعيات المجتمع المدني لتبنّي المشروع وتحقيقه على أرض الواقع. 

الدّولة والسّلطة السّياسية 

لا يمكن الحديث عن مسؤولية الدّولة في «مأسسة الثّقافة» من عدمها أو عن دورها في عمليّة الإصلاح الثّقافي المنشود من دون تحديد مفهوم الدّولة وتبيان الفرق بينها وبين السّلطة السّياسية، ذلك أنّ الكثيرين في عالمنا العربي لا يفرّقون بين الدّولة والسّلطة السّياسية ويعتقدون أنّهما واحد في حين أنّ هناك فرقا شاسعا بين الإثنين ويجب التّمييز بينهما. 

ويعود هذا الخلط المفاهيمي إلى ما عانته الأمّة العربيّة الإسلاميّة من إستبداد سياسيّ لم يُشهد له مثيل وسعي دائم للسّلطة الاستبداديّة إلى التوحّد مع الدّولة لإيهام الشّعب بأنّ سقوطها إنّما هو سقوط للدّولة.

والتّعاطي مع هذين المفهومين وكأنّهما شيء واحد- أمر ينطوي على خطورة كبيرة؛ «فالذي يعارض نظاما سياسيّا؛ ويذهب في معارضته لسياساته كلّ مذهب، ربّما يجد نفسه في النّهاية قد تحوّل إلى حال عداء مع الدّولة ذاتها، وبدلا من أن يوجّه طاقته لتغيير النّظام أو إسقاطه وفق الوسائل المتاحة، سيرى أنّ الدّولة بمؤسّساتها التي عادة ما تكون أدوات طيّعة في أيدي النّظام الاستبدادي هي الدّاعمة للسّلطة السّياسية؛ بل هي أهمّ مقومات بقائها؛ ومن ثمّ يتحوّل التّوجه إلى هدم الدّولة؛ ويستباح في سبيل ذلك كلّ فعل مهما كان مخالفا لقيم المجتمع، وضاربا لفكرة الوطنيّة والانتماء» (1).

ولأنّ المجال لا يسمح بالدّخول في تفاصيل هذين المفهومين وخاصّة مفهوم الدّولة(2)، فإنّنا سنكتفي بتعريف الدّولة ككيان يقوم على ثوابت ثلاثة هي الإقليم(3) والشّعب(4) ونظام(5) تسير على هديه المؤسّسات وتُنظّم من خلاله العلاقات. وتعبّر الدّولة عن المصلحة العامّة وهي التي تحقّق التّوازن والانسجام بين فئات المجتمع وطبقاته وتحمي حقوقها ومصالحها وهي بذلك الحامية للمجتمع، وهي التي تصون هويّته واستقلاله. أمّا السّلطة فهي آلة تسيير أمور الدّولة بموجب القوانين المتّفق عليها. إنّها بمعنى آخر الإدارة القانونيّة للدّولة وهي زائلة ومتحرّكة ، تتوالى وتتغيّر بتغيّر القائمين عليها وتحتكم لإفرازات الانتخابات أو التّكليفات والتّعيينات الحاصلة على عكس الدّولة فهي ثابتة ما دامت عناصرها الثّلاثة قائمة الذّات ومتماسكة.  

«إنّ أجهزة الدّولة ومؤسّساتها، مملوكة قانونا ودستورا، للأمّة وأنّ النّخبة السّياسية الحاكمة التي تكوّن القوة الرّئيسة للنّظام السّياسي وتمارس السّلطة لا تفعل، أثناء تقلّدها السّلطة، سوى التّصرّف في تلك الملكيّة العامّة لا حيازتها» (6). 

ولهذا يفترض أن تنتظم الدّولة في أجهزة وإدارات ثابتة مستقلّة عن الطّبقة السّياسية المتحوّلة، ولا تستطيع الطّبقة السّياسية، المفوّضة بالانتخاب، أن تدخل إلى تلك الأجهزة والإدارات، بصفتها سلطة حكم، إنّما تُدير سياساتها على قاعدة حماية حقوق مختلف الفئات الاجتماعيّة، في داخل المجتمع، وفي علاقة الدّولة مع الدّول الأخرى.

وللدّولة منطقها وللسّلطة منطقها، فـ«منطق مؤسّسات الدّولة منطق مهني، محايد تجاه السّياسة ومنازعاتها وأهوائها، ومنطق مؤسّسات السّلطة الحاكمة سياسيّ، غرضه تحقيق برنامج اجتماعي محدّد: يميني أو يساري، ليبرالي أو اشتراكي، ديني أو مدني... الخ. هذه الخيارات في السّياسة لا تقبل الانطباق على الدّولة حيث لا وجود لدولة يمينيّة أو يساريّة، مؤمنة أو ملحدة، ديكتاتوريّة أو ديموقراطيّة، رجعيّة أو ثوريّة... الخ، هذه صفات تنطبق على أنظمة الحكم وعلى خياراتها البرنامجيّة. الدّولة هي الوعاء الذي يحمل هذه الخيارات ويوفّر لها فرص التحقّق النّاجح، في الوقت عينه الذي يوفّر لمعارضيها الفرص لمدافعة مصالحها في وجه تلك الخيارات» (7)

إنّ الغاية من وجود الدّولة هي ضمان الحماية للأفراد وصيانة حقوقهم وحرّيتهم وخاصّة حريّة التّفكير والتّعبير، فالدّولة تضمن الشّروط الموضوعيّة التي تمكّن أفرادها من استخدام عقولهم استخداما حرّا، والعمل على تنميتها في أمان تامّ ودون خوف. وهي مسؤولة عن توفير الامكانيات المادّية والمعنويّة لمكونات المجتمع حتّى تتمكّن من التّعبير عن ثقافتها وقيمها الرّوحية والأخلاقيّة من خلال إنشاء المؤسّسات التي تقوم بتنظيم العلاقات بين النّاس وتيسّر تفاعلهم فيما بينهم وتجعل من اختلافهم مصدر قوّة وليس مصدر ضعف في كافة المجالات وخاصّة المجال الثقافي.  

الدّولة «الوطنيّة» والمسألة الثّقافيّة

إذا عدنا إلى موضوع الإصلاح الثّقافي ومسألة «مأسسة الثّقافة» وربطنا ذلك بما سبق ذكره عن مسؤوليّات الدّولة، فإنّه يمكننا - من النّاحية النّظرية - أن نعتبر أنّ الدّولة (وليس السّلطة) مسؤولة عن «المأسسة» المرجوّة  ومطالبة بتوفير كلّ الامكانيات لتسهيل عمل المثقفين والمبدعين حسب اختصاصهم وتنوّع مدارسهم مهما كانت طبيعة السّلطة السّياسية وخلفيتها الايديولوجيّة.

ولكن أين الواقع من النّظري في الحالة العربيّة؟ وكيف تعاملت أجهزة الدّولة ومؤسّساتها مع المسألة الثّقافية؟ هل مارست هذه الأجهزة مهمّتها «المهنيّة» بوصفها صاحبة سيادة لا ترتهن إلى سلطة؟ أم أن الواقع هو صورة معكوسة لما هو نظري؟ 

لن نعود كثيرا في سلّم التاريخ بالرغم من أنّ جذور المأساة تنبع من الماضي البعيد، لكنّنا سنكتفي بالحديث عن مرحلة ما بعد الاستعمار المباشر وإنشاء ما سمّي بالدّولة الوطنيّة وتسلّم زعامات سياسيّة أو عسكريّة أوقبليّة زمام الحكم. فمنذ تلك اللّحظة سعت السّلطة السّياسية إلى الهيمنة على أجهزة الدّولة وابتلاعها وإلحاق بقيّة السّلط (القضائيّة والتشريعيّة) بالسّلطة السّياسية التي أُختزلت بمرور الأيّام في شخص الزّعيم بدرجة أولى وفي المقرّبين منه بدرجة ثانية. وهكذا هيمنت السّلطة المستبدّة على كلّ شيء.

ولأنّ النّخب الحاكمة، «زبانية الزّعيم وكهنته»، كانوا يؤمنون بأنّ «الثّقافة يجب أن تُدار سياسيّاً» وأنّ نجاح الدّولة الوطنية يمرّ عبر البوّابة الثّقافية ومن خلال تغيير ثقافة المجتمع والقضاء على كلّ تعبير يخالف توجّهات السّلطة ،عملت على احتكار السّاحة الثّقافية وتدجين العمل فيها لصالحها من خلال إنشاء وزارات الثّقافة وجعل مختلف أجهزة الدّولة الثّقافية تحت تصرّفها وقرارها. 

لعبت وزارات الثّقافة دوراً مهمّا في الأنظمة الاستبداديّة بالرّغم من أنّها كانت في آخر سلّم اهتمامات السّلطة مادّيا (8)، فعملت من ناحية على ضمان بقاء المبدعين والفنّانين والمثقفين داخليّا ضمن حدود تعبير ودوائر تواصل مع الجمهور تحدّدها السّلطة، وفق أهدافها وأهوائها واستغلالهم خارجيّا لتجميل صورتها. ومن ناحية أخرى سعت إلى محاصرة كل عمل ثقافي مستقلّ سواء بالحظر شبه التّام كما حدث في سوريا والعراق أو التّجاهل والحرمان من التّمويل والتّضييق الأمني في مصر مثلاً، أو محاولة الدّمج في منظومة السّلطة والتّضييق الأمني في نفس الوقت مثل ما كان يحدث في تونس.

أدّى هذا الدّور الخبيث الذي لعبته وزارات الثّقافة إلى شيوع مفهوم للثّقافة لدى عامّة الشّعب يحصرها في عمل حكومي تقوم به نخبة من المثقّفين مستخدمين لغة معقّدة ومملّة، فاتسعت بذلك الهوّة بين النّاس والثقافة. وعوض أن تكون وزارات الثّقافة سلطة راعية وحاضنة للعمل الثّقافي كانت سلطة تعاقب وتمنع وتحدّد، وعوض أن تكون خادمة للثّقافة كانت حاكمة عليها. ولهذا همّشت الثّقافة وأفرغت من محتواها وبلغت ما بلغت من الانحطاط وقُتلت روح الإبداع الثّقافي، وبالتّالي تلاشت أهم طاقة من طاقات تشكيل ملامح شخصيّة الأمّة الثّقافية.

لقد راحت كلمة الثّقافة تميل عن محورها شيئا فشيئا، لتعني ما يكاد أن يكون نقيضها، وتحوّلت من كونها جزءاً من الحلّ إلى كونها جزءاً من المشكلة، ولم تعد وسيلة للتّقارب، أو بُعْداً رفيعاً وعميقاً يمكن من خلاله أن تتلاقي فئات الشّعب بعضها مع بعض، بل غدت بخلاف ذلك سلاحا لدى الحاكم يستخدمه في صراعه مع معارضيه وصياغة الرأي العام. 

إذن، لم تكن أجهزة الدّولة الثّقافيّة مستقلّة في ذاتها وبالتّالي فهي لم تكن قادرة على تنفيذ مهمّتها تجاه السّاحة الثّقافية، بل لم تكن تتحرّك إلاّ ضمن ما يخدم مصالح السّلطة السّياسية المستبدّة التي فرضت عليها مسارات محدّدة بدّقة. فكان مآل مؤسّساتها الانهيار والتفكّك أو سقوطها في قبضة فئات قليلة بحيث لم تعد حَكَمًا أو تعبيراعن الصّالح العام بل طرفا يُستخدم لتحقيق مصالح جماعة فئويّة أو طائفيّة أو إيديولوجيّة على حساب الآخرين. 

الثّقافة بعد الثّورات العربيّة

إذا استثنينا تونس، فإنّه ليس من الممكن الحديث في الوقت الحاضر عن حياة ثقافيّة وعن دور يفترض أن تلعبه الدّولة تجاه الثّقافة في دول الثّورات العربيّة بالرّغم من أنّ هذه الثّورات قد أطلقت ديناميّة عميقة افتتحت سيرورةَ وعي لا عودة عنها لدى الشّعوب العربيّة، لأنّ هذه الدول قد تحوّلت كلّها إلى بؤر توتّر وصراع عسكري أتى على الأخضر واليابس بالنّسبة لليمن وليبيا وسوريا، أو إلى ثكنة عسكريّة يُحكم فيها الشّعب بالحديد والنّار بعد أن انقضّ عليها العسكر ووأد ثورتها بالنّسبة لمصر. 

أمّا في تونس، فبالرغم من مرور ستّ سنوات على الثّورة وحصول تغييرات تعتبر هامّة على مستوى الحياة السّياسية والتّشريعيّة، فإنّه حتّى هذه اللّحظة لم يحدث تغيير جذري في علاقة الدّولة بالمسألة الثّقافية ودورها المفترض القيام به لتحقيق الإصلاح المنشود، ولم تُؤخذ النّداءات العديدة حول إعادة النّظر في هذا الدّور بعين الاعتبار ولم تُعرض حتّى على النّقاش الجدّي ولم نلمس حرصا على الفصل بين ما هي برامج ثقافيّة للدّولة، وما هي برامج ثقافيّة للسّلطة.

ليس من الإنصاف إنكار اتّساع مجال الحرّيات في تونس خاصّة على مستوى الإعلام والفكر لكنّ ذلك لا يغطّي النقائص الكبيرة كعدم التّنصيص في الدّستور على هيئة دستوريّة مستقلّة تعنى بالمسألة الثّقافيّة مثلها مثل الهيئات الدستوريّة الأخرى كما أنّ الملمّ بما يحدث في السّاحة الثّقافية التّونسية يستطيع أن يستنتج بيسر مواصلة وزارة الثّقافة لمهامها كما كانت عليها قبل الثّورة وإن تمّ تغيير الوزراء الواحد تلو الآخر، لهذا يستبعد الحديث في الوقت الرّاهن عن إمكانيّة مساهمة الدّولة في عمليّة «مأسسة الثّقافة» خاصّة إذا علمنا أن خطّا ثقافيّا واحدا هو نفسه قبل الثورة وبعدها لا يزال يهيمن على توجّهات الوزارة وهياكلها. 

الخاتمة

 إنّ الإصلاح الثّقافي ليس مهمّة سهلة تحدث في لحظة معيّنة وليست نظريّة يتمّ تنفيذها على الأرض بمجرّد قرار تأخذه السّلطة بل هو سيرورة تحتاج إلى الكثير من الجهود المتنوّعة يشارك فيها المثقّفون والمجتمع المدني من جهة وأجهزة الدّولة من جهة أخرى.

على المثقفين وجمعيات المجتمع المدني العاملة في المجال الثّقافي أن تستفيد من اللّحظة التاريخيّة التي أتاحتها الثّورة للجميع للدّفع نحو:

- مراجعة السّياسة الثّقافية في البلاد في اتجاه أن تضمن دعم العمل الثّقافي بكلّ أشكاله لكلّ فئات المجتمع وحماية حقّها في تلقّي وممارسة كلّ أشكال العمل الفنّي والثّقافي، مع التّأكيد على المحافظة على التّنوع الثّقافي داخل المجتمع نفسه.

- الفصل المفهومي والوظيفي بين «الدّولة» وأجهزتها من جهة والسّلطة السّياسية الحاكمة من جهة أخرى حتّى تظلّ «الدّولة» على مسافة واحدة مع جميع مواطنيها بمعزل عن النّزاعات الدّاخلية والصّراعات السّياسية والتّوترات الايديولوجيّة أو الطّائفيّة، وبالتّالي تتوفّر الفرصة لأجهزة الدّولة حتى تقوم بمهامها الأصليّة في ضمان ما يجب ضمانه لتحقيق «مأسسة ثقافيّة» حقيقية.

- بثّ ثقافة العمل الجماعي المؤسّسي القائم على التّعاون والشّورى وإعادة الاعتبار للقيم الكبرى التي تؤكّد قيمة العمل الجمعي المؤسّسي وتبرز نظام علاقاته الدّاخلية.

- تفعيل ما جاء في الدّستور الجديد من مبادئ عامّة تتعلّق بالمسألة الثّقافية خاصّة الفصلين 41 و42 (9) وتحويل تلك المبادئ إلى قوانين ملزمة.

الطّريق مازالت صعبة وطويلة ومليئة بالمطبّات ونحن في بداياتها لكنّها طريق غير مسدود وسترسي بعد زمن - قد يطول وقد يقصر- قواعد جديدة في واقعنا الثّقافي وتقاليد نحن في حاجّة ماسّة إليها لتحقيق النّهوض الحضاري المنشود، أهمّها «المأسسة» التي تضمن حرّية الإبداع وتوفّر له إمكانية الاستمرار في الزّمان والمكان.

الهوامش 

(1) ماهر الشّيال، الدّولة والسّلطة السّياسية وضرورة الفصل - موقع البديل 30 سبتمبر 2015 (www.elbadil.com)

(2) تعتبر إشكالية مفهوم الدّولة من بين أكثر الإشكاليّات تعقيدا والتباسا ومن المفاهيم التي تستعصي على التّعريف بشكل قطعي، فقد اختلفت المدارس الفكريّة من بينها المدرسة الماركسيّة والمدرسة اللّيبراليّة حول مفهوم الدّولة وقدّمت أطروحات متناقضة فى جوانب عديدة حول دراسة الدّولة ونشأتها ومكوّناتها ووظيفتها وطبيعة قوّتها وبحث محيطها السّياسي والاجتماعى والثّقافي والاقتصادى. لمزيد من التّوسع يمكن الاطلاع على أفكار «توماس هوبز» في رسالته Leviathan، أو ما كتب حولها ككتاب «توماس هوبز فيلسوف العقلانية» للمؤلّف إمام عبد الفتاح إمام و«هيغل» و«سبينوزا» و«كارل ماركس» و«لينين» في كتابه الدّولة والثّورة و«غرامشي» في كتابه «دفاتر من السّجن» وغيرهم من مفكري الغرب. ومن المفكرين العرب يمكن الاطلاع على كتابات المرحوم د.محمد عابد الجابري،كـ « العقل السّياسي العربيّ: محدّداته وتجلّياته» وبرهان غليون «نقد السّياسة: الدّولة والدّين» على سبيل المثال.

(3) يتكوّن شعب الدّولة من أفراد منتمين الى مجموعات اجتماعيّة طبيعيّة؛ كالأسرة والعشيرة والقبيلة، والى مجموعات اجتماعيّة عريقة كالطّوائف، والى مجموعات اجتماعيّة وظيفيّة كمنظمات المجتمع المدني .

(4) يتكوّن إقليم الدّولة من الأرض اليابسة والمياه التي تسيطر عليها الدّولة ومايعلوهما من جوّ وما تحتهما من أعماق تدخّل في مدى وسائل السّيطرة لديها ويحدّدها القانون الدّولي. 

(5) يتكوّن نظام الدّولة من سلطة سياسيّة تنفيذيّة وسلطة تشريعيّة وسلطة قضائيّة. 

(6) د. عبدالإله بلقزيز - «الدّولة غير النّظام السياسي» - جريدة المستقبل - الجمعة 6 فيفري/شباط 2015 - العدد 5286 - صفحة 19

(7) د. عبدالإله بلقزيز - نفس المرجع

(8) لم تتعدّ ميزانيات وزارات الثّقافة في الدّول العربيّة ثلث الواحد في المائة (0.3 %)، فيما عدا تونس التي وصلت ميزانية الوزارة فيها أحيانا إلى الواحد في المائة!!!.(0.79 % سنة 2017)

(9) ورد في الفصل 41 أنّ «الملكيّة الفكريّة مضمونة». وفي الفصل 42 «أنّ الحقّ في الثّقافة مضمون وحرّيّة الإبداع مضمونة. وتشجّع الدّولة الإبداع الثّقافيّ، وتدعّم الثّقافة الوطنيّة في تأصّلها وتنوّعها وتجدّدها بما يكرّس قيم التّسامح ونبذ العنف والانفتاح على مختلف الثّقافات والحوار بين الحضارات، وتحمي الدّولة الموروث الثّقافيّ وتضمن حقّ الأجيال القادمة فيه».