حديقة الشعراء

بقلم
عبداللطيف العلوي
أنت الجدير بحبّها ...
 كم رَجفةً .. !
كم خفقةً ! ، كم رعشةً .. !
كم نجمةً أطفأتَها في خيمةِ العمر الزّهيدِ ، 
ودارتِ الأعوامُ دونكَ يا فتى .. كم دورةً ؟!
كم خيبةً !، كم طعنةً .. !؟
وبقيتَ حيّا واقفا من أجلها ..
وحفرتَ قبركَ يا شقيُّ ... حفرتَهُ كم مرّةً ..؟؟
من أجلها ..
ثمّ انكسرتَ على يديها باكِيًا ..
أنا لستُ إلاّ ما يُنزّله الغمامُ على ترابكِ ، فاذكُرينِي ..
غَيْضَ ماءٍ ، أو سراجًا من حنينِ ..
كم وردةً أهديتَها ؟؟
زهر الصّبا ، والأمنياتِ الخائبهْ ..
قلبًا نحيلاً أثقلتْهُ العادياتُ ولم يَهُنْ 
وقصيدةً في البال أبعدَ من سماءٍ كاذِبَهْ 
أنت الجديرُ بحبِّها ..
كانت أمامك – مثلَ كلّ النّاسِ – أكثرُ من طريقٍ للنّجاةِ 
وكان يكفي أن تَضيعَ – كأيِّ طفلٍ – في الزّحامِ 
وأن تصومَ عن الكلامِ 
وكان يكفي أن تُغلِّقَ خلفك الأبوابَ ، 
وهي تردُّ مُغْتَصِبًا فيعوي ألفُ مُغْتَصِبِ ..
وأنْ تَخلُو إلى النِّسْيانِ كي تصفَ الجريمةَ في مُفكّرَةٍ ، 
وأنت تُديرُ موسيقًى حزينَهْ 
كان يكفي – مثلما نصحوكَ – 
أن تعطي ضميرَكَ حبّةً قبلَ الفطورِ
وحبّةً بعد العشاءِ ...
فينحني خجلاً وتغشاهُ السّكِينَهْ 
كان يكفي أن تقول إذا أتاكَ مُحرِّضًا : 
مَنْ للصّغارِ إذا تَرَكْتُهُمُ جياعًا .. من لهمْ ؟؟
ولوالِدَيَّ العاجزَيْنِ ، 
وللكراريسِ الّتي طارتْ بأحلامي وضاعتْ فجْأةً ؟؟
مَنْ للحبيبَةِ ؟ ، والشّموعِ الغافياتِ على سريري بعدها ؟
مَنْ للغريبةِ حينَ تَلفُظُها المدينهْ ؟؟
كان يكفي .. ألفُ يكفي ..
أن تعيشَ كما يعيشُ الصّالحونَ على السَّفينَهْ 
غير أنّك لم تكن طفلاً وسيمًا ، كي تُقَبِّلكَ النّساءُ ...
ولم تكن شيخًا حكيمًا ، كي تباركَك السّماءُ ..
ولم تكنْ شيئًا عظيمًا ..
كنتَ حرَّا ..
ليس أكثرَ أو أقلَّ ...
وكنت تُدركُ أنّ سهمكَ لن يَمُرَّ ..
وأنّ عمرًا واحدًا مهما قَصُرْ ..
يكفي لتحملَ كلّ أحزانِ البشَرْ .