خواطر

بقلم
رشاد الأشهب
فلنصنع دوافعنا !!!
 إنّ البقاء في موقع الثّبات الجامد، مع زمن متحرّك، أمر يثير قلقلة شديدة في النّفس. فهو إن كان أمرا مرفوضا ومذموما، فإنّه إذا كان موقفا متّخذا صادرا عن اختيار شخصيّ، فهذا أمر ينذر بالخطر الشّديد، ودليل عن دغمائيّة عمياء جهلاء يرفضها المنطق السّليم.
إنّ هذا الثّبات الجامد، ينسحب على كثير ممّن ابتلاهم الله بسوء فهم للأشياء، وحتّى البديهيّات. نجد منهم ممّن يتصدّر المشهد الدّيني الذي تلوّث بسقامة أفهامهم. فأساء فهم مفهوم الثّبات في الدّين، ولم يفرّق بين ثبات جامد وقع فيه، جعل فهمه للدّين قاصرا ورافضا لكلّ ما هو جديد، تحت راية الحرب على البدعة، وبين ثبات متحرّك، يتحرّك مع الزّمن المتغيّر، و يواكب متغيّرات العصر، و يشيد لأسس جديد لفهم أمتن للدّين والعلم بصفة عامّة.
إنّ هذا الثّبات الجامد، ينسحب كذلك على كثيرين ممّن رفضوا التّغيير في أنفسهم، إمّا خوفا على أنفسهم، أو خوفا من موقف النّاس منهم (وهذا كلّه جبن مقيت) وإمّا عنادا واستكبارا. فهذه كلّها نفوس مريضة لا تملك من الإخلاص إلاّ القليل، هذا إن وجد. 
إنّ هذا الثّبات الجامد، وقف حاجزا بيننا وبين التّطور، سواء كان على مستوى شخصي أو جماعي، وجعلنا نعزف عزوف اليائسين عن الحياة. فرفضنا التّفكير، وقمعنا من فكّر، ورفضنا الابتكار، ورفضنا من ابتكر.
إنّ هذا الثّبات الجامد، امتصّ منّا روح الانسان المتطلّعة للآفاق البعيدة، وحقن فينا مصل الميّتين الأحياء، أو الأحياء الميّتين، في حياة صوّرت في أذهان اليائسين مقبرة صامتة سوداء، سواد غربان الموت ميتة القلوب.
إنّ هذا الثّبات الجامد، يثبت أنّ المعركة معركة دوافع، تحفزنا وتحيي فينا رغبة الحياة والتّغيير. فصناعة الدّوافع، ومواصلة تذكّرها، تجعلها راسخة في أذهاننا الشّاردة، وتحمينا من الزّيغ، وتبقى في النّهاية هي الحافز، والسبب الذي يجعلنا نقاوم من أجل الفكرة وبقائها... فلنصنع دوافعنا !!!