الإفتتاحية

بقلم
التحرير الإصلاح
الإفتتاحية
 الهجرة حدث هام بالنسبة لنا، نحن المسلمون، ولهذا ذهب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى اعتمادها أساسا لتاريخ أمّتنا، غير أنّنا أضعنا التاريخ والجغرافيا معا وأصبحنا في مؤخرة ترتيب الأمم  ... تداعت علينا الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، ولسنا بالقليل، غير أننّا غثاء كغثاء السّيل... لم يعد عدوّنا يهابنا...وكيف يهابنا ونحن لا نفكّر إلا في بطوننا وفروجنا و... سفك دماء بعضنا البعض وتدمير ما بناه آباؤنا بجهد جهيد وتضحيات جسام...   
مضى 1437 عاما على حدث هجرة الرسول صلى الله عليه وسلّم وها نحن نستقبل عاما جديدا ونحن في ما نحن عليه .. غير أنّ  المؤمن لا يفقد الأمل، لأن الخير باق في أمّة محمّد صلى الله عليه وسلّم  إلى يوم القيامة  فـ« لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك» أخرجه مسلم والبخاري. وسيأتي أمر الله لا ريب ...لكنّ أمر الله لن يأتي ونحن   على ما نحن عليه من سلبيّة وانهزاميّة وتبعيّة وانحطاط. إنّه لن يأتي وقد أضعنا البوصلة، فلا مبادئ تحكمنا ولا قيم ولا أخلاق. إنّه لن يأتي، وقد ملأت الخرافة عقولنا فلم نعد نعلم، وعمّ الكسل أبداننا فلم نعد نعمل، وسيطر الخوف على نفوسنا فلم نعد نأمل. إنّه لن يأتي حتّى نغيّر  ما بأنفسنا فإّنّ اللَّه لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ. ولن تتغيّر أنفسنا ما لم نسع إلى ذلك، ولكن كيف؟
ليس الأمر هيّنا ولكنّه ليس مستحيلا. إنّنا مطالبون فقط أن نهاجر كما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلّم .لقد هاجر محمد صلى الله عليه وسلّم ليبني أمّة وحضارة ويتمّم مكارم الأخلاق، ولأنّ لا هجرة بعد الفتح، فإنّ هجرتنا يجب أن تكون إلى ثلاثة لا رابع لها. نهاجر أولا إلى مبادئ الإسلام السّمحة، نغرسها في أنفسنا وفي الأجيال التي تتربىّ في أحضاننا والقيم الإنسانية الخالدة نستميت في الدفاع عنها ونؤسس بها ثقافتنا ونبني على أساسها علاقاتنا مع من يحبّنا أويكرهنا ومن يساندنا أو يخالفنا. ونهاجر ثانيا إلى علوم العصر، نبحر فيها ونجعلها أساس تعليم أبنائنا، وإلى التكنولوجيا نفهمها ونستفيد منها ونساهم في تطويرها . وثالثا إلى العمل والانتاج فلا خير في أمّة تستهلك إنتاج غيرها.
عندها فقط يمكن أن نتحدّث عن تغيير أنفسنا ونرجو من الله ما لا يرجو غيرنا، أن يوفقّنا في ثورتنا على أنفسنا وينصرنا على أعدائنا ويغيّر حالنا إلى أحسن حال.