حديقة الشعراء

بقلم
البحري العرفاوي
البوصلة
 يا إلهي
إننا في أرْضِ بُورٍ أوْ بَوَارٍ
قدْ أضَعْنا الشَّمْعَتينِ
وَنَسِينا 
مَنْ نكُونُ؟
كيْفَ كُنا؟
كيف يلزم أن نكون؟
وتركنا الرِّيحَ ترْحِي الأمنياتِ
واعتدلنا كالكسيحِ تحْتَ رُعْبِ المِقْصَلَةْ
ثُمَّ صِرْنَا يا إلهي
لا نرَى إلا السَّوادَ أوْ عَمُودًا مِنْ دُخَانٍ
أوْ دُرُوبًا مُقفلهْ
- - -
يا إلهي
كُلُّ شَيءٍ لم يَعدْ شيئا جميلا
صارَ فَوْضَى
صار زيْفًا أوْ سَرابًا 
صَارَ هُو المُشكلهْ
والرِّفاقُ
والصِّحَابُ
ومعالي الخطباءِ
الزعماءِ
الشعراءِ
لمْ يَعُودُوا أهْلَ فكرٍ أوْ قَضايا
إنما صَارتْ جميعُ المُمْكِناتِ
 لُعبةً أو مَهْزَلهْ
والحُرُوبُ
كالحَرِيق في الثيابِ
حَيْثُمَا وَليْتُ وَجْهي
لمْ أرَ غيرَ الخرابِ
 واصطفــافِ القَتَلهْ
والخِطابُ
لمْ يعدْ آيًا وشِعْرًا أو سؤالَ الفلسفاتِ
إنما قدْ صَارَ نَفخا في الرَّمادِ
صَارَ قذْفًا أوْ وَعِيدًا أوْ نَهيمَ الفِيَلهْ
- - -
يا إلهي
إننا صِرْنا قَبَائل أوْ مَحَاورَ أو مذاهبْ
وانْشغَلنا عنْ عَدُوٍّ صَارَ يَسْرِي في دِمَانا
وانشغلنا عنهُ وَهْوَ صَارَ يَسْرحُ في حِمَانا
واحتضَنَّا يا إلهي كلَّ لصٍّ أو عَميلٍ أوْ سَفيرٍ
ثمَّ خُضْنا في حِوارِ التَّسْويَاتِ المائلهْ
واختلفنا
أَهُوَ الصِّدِّيقُ أوْلَى أمْ عليٌّ بالخلافةْ؟
وَنُريدُ اليَوْمَ فَضَّ المَسْألهْ
واقتتلنا في العراقِ
واقتتلنا في اليمنْ 
وبسُوريا
من تُرى كنا نقاتلْ؟
من ترى كنا نقاتلُ في العراقِ
من ترى كنا نقاتلُ في اليمنْ
وبسوريا؟
غيرَ بعضٍ
وقُرانا الآهلهْ
من ترى كان يموت في العراق وبسوريا 
واليمنْ؟
غيرُ شيخٍ
غيرُ طفلٍ
وعجوزٍ أرملةْ
يا إلهي
لمْ يَعُدْ يَعني لَدَيْنا أيَّ شَيْءٍ
«سَايْكسْ بيكو»»
«وَعْدُ بَلفورْ»
«أرضُ ميعادْ»
كلُّ ما يَعنينا أنا نَسْتَعِدُّ للقيامةْ
وليومِ الزلزلهْ
- - -
يا إلهي
رَغْمَ أنِّي قدْ تعبتُ
وأرَى في القوم كلَّ المُعْضلهْ 
 إلا أنَّ القلبَ ينبضُ بانتظامٍ
  وَهْوَ قلبي
باتجاه القُدْسِ هُوَ البَوْصَلهْ
- - -
يا إلهي
إنني حَدَّدْتُ خَصْمي وَعَدُوِّي
إنني حَدَّدْتُ صَحْبي ورفاقي
وأظلُّ ثابتًا أصْطَفُّ وَحْدِي 
لوْ تَخَلَّى الأصْدِقاءُ أوْ أضَاعُوا البَوْصَلهْ
كلُّ حَرِبٍ غيرِ حَرْبِ القُدْسِ ...
فوْضَى
كلُّ حَرْب غير حَرْب القُدْسِ ...
مَكرٌ
كل حربٍ غيرِ حرب القدس ...
حربٌ باطلةْ
كلُّ حَرْبٍ لا تدارُ باتِّجَاهِ القُدْسِ 
حرْبٌ...
قد أضاعَ خائضوها البوْصلةْ