من القلب

بقلم
شمس الدين خذري
ماذا نريد لأنفسنا و ماالذي يريدونه منا؟
 في ظل الأوضاع العالميّة الرّاهنة وانتشار آفة القتل والترويع والإرهاب في كلّ مكان وخاصّة ما تميّزت به الفترة الأخيرة من اجتياح لهذه الآفة للدول الأوروبيّة وتحديدا فرنسا وألمانيا، يحقّ لنا أن نتساءل: «ماذا يحصل في هذا العالم؟ وهل فعلا ثمّة فيه دور للاسلام والمسلمين؟ وهل يمكن أن نعتبر ما يحدث ردّا على جرائم الاستعمار سواء في الماضي أو في الوقت الحالي؟».
تساؤل يجرّنا إلى تساؤل آخر: «ماذا نريد لأنفسنا نحن المسلمون إذا ما قمنا بهذه الأعمال أو تعاطفنا مع منفذيها أو أظهرنا الشماتة خاصّة في بلدان أوروبيّة بعينها؟ وهل يفيد هذا حقّا المسلمين في أوروبا؟ وهل هكذا تكون الدّعوة للإسلام؟».
مع هذا الكمّ من التّساؤلات التي تخطر ببالنا بعد كلّ عمليّة إرهابيّة وإجراميّة، هناك خلف هذه العمليّات الكثير من الاستنتاجات والقراءات أهمها أنّ المسلمين وخاصة في أوروبا لن يستفيدوا قطعا من هذه العمليات الإجراميّة إلاّ بمزيد من التّضييق والحصار والعنصرية والكراهيّة والتّحريض على الإسلام والمسلمين إضافة إلى انتشار ظاهرة «الإسلاموفوبيا» لدى بعض وسائل الإعلام الأوروبيّة والجماعات المتطرّفة كالنّازيين الجدد في ألمانيا أو اليمين المتطرّف في فرنسا ودول أوروبيّة أخرى.
وإذا عرفنا أنّ الإسلام من أكثر الأديان إنتشارا في العالم وفي أوروبا على وجه الخصوص حسب عديد الإحصائيات، فهذا يخيف هذه الجماعات المتطرّفة ويزيد في خشيتها من أن تتحوّل دول أوروبا إلى بلدان إسلاميّة. وللأسف تأتي هذه العمليّات الإجراميّة خدمة لهؤلاء المتطرّفين الأروبيّين وهكذا يلتقي المتطرّفون من كلّ جانب على هدف واحد رغم اختلاف الأفكار والأساليب 
وما يلاحظه العديد أنّ العمليات الإرهابيّة في البلدان الغربيّة تحظى بإهتمام كبير من وسائل الإعلام تغطية وتحليلا أكثر ممّا يحصل في عالمنا العربي من قتل وإرهاب لا يقلّ دموية. وقد يعود هذا إلى طبيعة العمل الصّحفي الذي يركّز على الحدث الذي لا يحصل دائما بحثا عن السبق الصّحفي فالأحداث الارهابيّة في مدن أوروبا تحدث بصفة فجئيّة وتكون متباعدة في الزمن على عكس الأعمال الارهابيّة التي تحدث بوطننا العربي في كل يوم وكلّ ساعة فقد أصبحنا للأسف نرى القتل ودماء المسلمين تسيل يوميا وبكل برودة.
وربمّا يعود اهتمام وسائل الإعلام الغربيّة بالعمليّات الإرهابيّة التي تحدث في الغرب إلى أنّ أغلب وسائل الإعلام مملوكة لرجال أعمال غربييّن أو هي من تمويل غربي، وبالتالي فهي تتعامل مع الأحداث بإنتقائية وهذا ما يدفعنا إلى التّساؤل عمّا يريدونه منّا. 
فبعد كلّ عملية إرهابيّة نلاحظ التّركيز على أصول المجرم بأنّه من أصل عربي ومن المهاجرين ليبدأ التّحريض على كل المهاجرين والعرب والتّذكير بأنّهم همجيّون وبأنّ دينهم يدعو للعنف وينسون بأنّ الفاعل شخص واحد مقابل ملايين المسلمين في أوروبا وفي العالم الذين يقفون ضدّ هذا الفعل الإجرامي ويندّدون به. 
لا يذكر الإعلام الغربي ومن يقف وراءه بأنّ هذا المجرم الإرهابي قد تربّى في مجتمع غربي ونشأ في مدارسه ويتناسى بعض الأوروبيين مجازرهم وتاريخهم الإستعماري وبأنّ ما يحصل هو مجرّد ردّة فعل على ما حصل في الماضي وعلى ما يحصل إلى يومنا هذا.
 إنّ الحلّ هو معالجة المشكل من جذوره و الاعتراف بخلل في تعامل الغرب مع المسلمين مع الإقرار بوجود متطرّفين مسلمين ككل الديانات والتّوجهات الفكريّة الذين يجب مواجهتهم فكريا ومحاججتهم بالآيات والدّليل من ديننا الذي يدعو إلى المحاججة والدّعوة إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة مع ردّ الظّلم والاعتداء على المسلمين وهذا هو التوازن المفقود في فهم هذا الشّباب لدينهم.