خواطر

بقلم
رشاد الأشهب
عينة من كائنات الفايسبوك
 إن من أهمّ الأسباب الرئيسيّة لإدمان «الفايسبوك» وأمثاله من المواقع نفسيّ اجتماعي بالأساس، إذ يعود ذلك لنقص أو فقر في أحد المشاعر التي تؤثّر في مرحلة أولى على توازن شخصية المدمن، وتجعله يعيش في اختلال نفسي، وقطيعة جزئية مع واقعه، فيجد في الفضاء الافتراضي بديلا عن الواقع بعد أن يعتقد أنّ العناصر المشكّلة لواقعه منافقة، إذ لا تلبي رغباته النفسية التي ستجعله يعيش لحظات نشوة ولو بطريقة كاذبة. 
ومن بين أنواع المدمنين نوع عاش منذ صغره تحت سخرية الأنداد، فولّد ذلك لديه شعورا بالنقص وعدم الثقة بالنفس. ويتجلى هذا الأمر بوضوح عند الفذلكة، في ردود فعله الرافضة لذلك، التي قد تصل في إلى حالة استخدام العنف. تتطوّر حالته، ويصبح هذا الشّخص رافضا للانتقادات التي قد تأتيه حتى من أقرب النّاس إليه، فهو يراها طعنا في ذاته وحطّا من قيمتها الحقيقية، فتزداد نظرته الاتهامية لواقعه بالنفاق حتّى تترسخ في ذهنه تماما. 
هذا الواقع المتسم بالسلبية، يجعله يبحث عن واقع آخر يتسم بالإيجابية، فيجد في «الفايسبوك» بديلا جيّدا لواقعه المنافق. حيث المشاعر والمواقف الإيجابية. فمقابل الانتقادات الموجهة إليه في الواقع، يجد في العالم الافتراضي كلّ المجاملة باللايكات، والتعليقات والمشاركات، ومقابل سخرية المحيطين به في الواقع، يجد في من لا يعرفهم فسحة من رفع المعنويات بالحديث المتوازن و لو كان كل ذلك وهميا وكاذبا... في النهاية، يزداد هذا الشخص مرضا على مرض، بعد أن يسلبه الفايسبوك صفة الواقعية و يجعله إنسانا افتراضيا في عالم الواقع.
صدقت «رندى أبي عاد» عندما قالت عن العلاقات التي تنتشر على شبكات التواصل:«إنها ضعيفة، بمعنى أنها في أحسن الحالات، تؤمن جسورا و تسدّ ثغرات.»