الأولى

بقلم
فيصل العش
الثقافة التي نريد
 رأينا في المقال السابق أن تغيير واقع الإنحطاط الذي تعيشه الأمّة العربيّة الإسلاميّة أمر في غاية الصّعوبة والتّعقيد وأنّ الخروج من نفق التّخلّف لا يمكن أن يحصل إلاّ عبر إحداث تغيير كبير في ثقافة هذه المجتمعات حتّى تتحرّر من العوامل المكبّلة لعمليّة نهوضها. وقد استقرأنا محطات من التاريخ لتأكيد الرّابط الإلزامي بين «الإصلاح الثّقافي» وإمكانيّة التّقدّم والرّقيّ.
ورأينا كيف أنّ الاستعداد لعمليّة «الإصلاح الثّقافي» يمرّ عبر إخضاع عناصرها للتّحليل والتّفكيك الدّقيق لطبيعتها وواقعها حتّى نستنتج المتاح للفعل فيها ومن ثمّ وضع التّصوّرات الممكنة والمرجوّة لمشروع «الإصلاح الثقافي» حتّى يكون مشروعا واقعيّا مخرجاته مقبولة وقابلة للإنجاز وليس نتاج ورشات أكاديميّة باردة، عاجزة عن التّواصل مع مطامح الأمّة وهمومها.
وأول عناصر عمليّة «الإصلاح الثّقافي» هو تحديد ماهيّة الثّقافة المرجوّة بالإجابة عن سؤال:«أي ثقافة نريد؟» وهو ما سنتطرق إليه ببعض التفصيل في هذا المقال. 
لماذا الإصلاح الثقافي؟
ولقد ارتأينا استعمال مصطلح «الإصلاح الثّقافي» عوضا عن «الثّورة الثّقافية» أو «التّغيير الثّقافي» لما لهذا المصطلح من إمكانية استيعاب البقيّة، فهو أشمل وأعمّ. فالإصلاح لغة هو نقيض الإفساد، والصلاح ضد الفساد(1)، أما اصطلاحا فقد ورد «الإصلاح» بعدّة معانٍ تصبّ جلّها في معنى «التبدّل والانتقال نحو الأحسن» وذلك عبر مقاومة الفساد ودحره، سواء بمعنى «الثّورة» أي «التّغيير الجذري» أو بمعنى التّقويم الذي يعبّر عن موقف يتجاوز كلّ من موقفي الرّفض المطلق والقبول المطلق إلى موقف نقديّ قائم على أخذ وقبول الصّواب وردّ ورفض الخطإ.
ولأنّ مصطلح «الإصلاح» يستنبط مفهومَ وجود فساد وخلل يستدعي العلاج وإزالة العيوب والعوج، فإنّ شعار «وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا»(2)، ومفهوم «إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ»(3) يجعل مهمّة الإصلاح مطلوبة باستمرار ودائمة في الزمن.
 مفهوم الثقافة 
لن نتحدّث هنا عن الثّقافة بمفهومها السّطحي الذي يتلخّص في مجموع ما ينتجه الإنسان/ المجتمع من فنون وموسيقى وآداب، فتلك تعبيرات الثّقافة ومنتجاتها. وإنّما نتحدث عن الثّقافة بما هي «مجموع السّمات المميزة للأمّة من مادّية وروحيّة وفكريّة وفنّية ووجدانيّة، وتشمل جميع المعارف والقيم والالتزامات الأخلاقيّة المستقرّة فيها، وطرائق التّفكير والإبداع الجمالي والفنّي والمعرفي والتّقني، وسبل السّلوك والتّصرف والتّعبير، وطراز الحياة، كما تشمل تطلّعات الإنسان للمثل العليا ومحاولاته إعادة النّظر في منجزاته، والبحث الدّائم عن مدلولات جديدة لحياته وقيمه ومستقبله وإبداع كل ما يتفوق به على ذاته»(4)  
فلكل مجتمع ثقافته التي تعبّر عن خصوصيته وهويّته، وهي حسب مالك بن نبي نتاج تفاعل الإنسان مع العوالم الأربعة المحيطة به وهي عالم الأشخاص (المجتمع) وعالم الأفكار (الدّين، التّقاليد...) وعالم الأشياء (الصّناعة) وعالم العناصر والظواهر الطبيعيّة (الجغرافيا والمناخ). هي في إحدى وجوهها صفات خلقيّة وقيمٌ اجتماعية تؤثر في الفرد منذ ولادته وتصبح لا شعورياً العلاقة التي تربط سلوكه بأسلوب الحياة في الوسط الذي ولد فيه»(5)  
الثّقافة إذا هي نتاج تفاعل الإنسان مع العوالم التي تحيط به (خاصّة عالم الأفكار) والتي تحمل في ذاتها جانبا إيجابيّا وآخر سلبيّا وبالتالي فإنّ الثّقافة بدورها ذات طبيعة ديناميكيّة متحوّلة، إذ تتجدّد باستمرار في الاتجاهين السّلبي والإيجابي. فإذا اتّجهت نحو بروز الوجه السلبي وارتفعت أسهم الأفكار التي تؤثّر بوصفها عوامل مرض، فإنّ ذلك يؤدّي إلى إخفاق المجتمع ويصبح بذلك النمو الاجتماعي صعبا أو مستحيلا. وبقدر بروز الجوانب المضيئة على حساب الجوانب السلبية، بقدر ما تكون الثّقافة قوّة فاعلة من قوى البناء الحضاري. وبتعبير آخر، فإنّ الثّقافة هي الجسر الذي يعبره المجتمع إلى الرّقي والتّمدّن وهي أيضا المسلك الذي يؤدّي إلى التّخلف والانحطاط. وبالتالي يمكن أن تتحوّل ثقافةُ «القوة والبأس» وما تنتجه من نظام وانسجام وتناغم في المجتمع إلى ثقافة «الضعف والبؤس» بما تسببه من فوضى وصراع وتصادم داخل نفس الكيان، فيكون مآله التخلّف عن ركب الحضارة الانسانيّة. ولنا في الثّقافة العربيّة الإسلاميّة خير مثال. فالثّقافة التي أنتجت حضارة قادت العالم لقرون عديدة هي نفسها - من حيث الجوهر والعناصر الأساسيّة - الثّقافة السّائدة في المجتمعات العربيّة المتخلّفة التي نعيش فيها اليوم، فأين تكمن المشكلة وما هو مفتاحها؟
مشكلة الثقافة
تكمن مشكلة الثقافة العربية الاسلاميّة في تعرضها إلى توجيه خاطئ من الدّاخل على مدى قرون من الزمن نفذتها بعض القوى السّياسية الحاكمة والقوى الفكريّة والاجتماعية الموالية لها، ويتمثل هذا التّوجيه في إبراز الجوانب السّلبية وتشجيع الأفكار التي تؤسّس للاستكانة والخمول وإبرازها لتصبح الميزة الرئيسيّة لسلوك المجتمع وبالتالي ثقافته، ممّا تسبّب في خلق هوّة - كبرت بمرور الزمن - بين الأفكار البناءة والوسط الاجتماعي فأصبحت بلا فاعليّة ولا تأثير. كما تعرّضت هذه الثّقافة طيلة عقود إلى هجومات مدروسة من الإستعمار المباشر ثم غير المباشر عبر غزو ثقافي ممنهج لطمس خصائصها المميّزة ونقاط قوّتها.
ومفتاح المشكلة يكمن في تصحيح المسار وذلك بـ «وضع برنامج لتوجيه الثّقافة توجيها يتّفق وسموّ الغاية التي ننشدها كعرب ومسلمين. ولا يتأتّى ذلك إلاّ إذا قمنا بتصفية عاداتنا وتقاليدنا وإطارنا الخلقي والاجتماعي ممّا فيه من عوامل قتّالة ورمم لا فائدة منها حتّى يصفو الجوّ للعوامل الحيّة والدّاعية إلى الحياة» (6) 
ولن تتأتّى هذه التصفية إلاّ بفكر جديد قادر على فصل الثقافة العربية الإسلاميّة عن رواسب الماضي المرتبط بالتّخلف والاستكانة وإبراز خصائصها الأساسيّة التي تميّزها وتجعلها مختلفة ومنفردة عن غيرها من الثّقافات لتصبح ثقافة قادرة على مواجهة الأخطار التي تتهدّدها والتحدّيات التي تواجهها.  
الثقافة التي نريد
إذًا يتطلب الإصلاح الثّقافي «وضع برنامج لتوجيه الثقافة توجيها يتّفق وسموّ الغاية التي ننشدها كعرب ومسلمين». ولكي نضع مثل هذا البرنامج علينا أولا أن نحدد الهدف والغاية: أي ثقافة نريد؟
 - نريدها «ثقافة» ذات مرتكزات تستند إليها ومبادئ تقوم عليها، فلا تكون ثقافة منبتّة الجذور، لا هويّة لها تُعرف بها، ولا خصائص لديها تميّزها. 
- نريدها «ثقافة» ذات أفق مفتوح ورؤية شاملة، لها استعدادٌ كامنٌ في أصولها للتّعامل والتّفاعل مع الثّقافات الأخرى وتشارك المشاركة الإيجابيّة المتفتّحة أخذاً وعطاءً في تقدّم الحضارة الإنسانيّة. ثقافة قادرة على استيعاب تيّارات العصر ومواكبة تحوّلاته عربياً وعالمياً في التّحديث والإنتاج. 
لقد كانت الثّقافة العربية دوما - في عصور ازدهارها  - منفتحة على الثّقافات العالميّة، ولأنّها الآن بصدد البحث عن طريق ترسم به للأمّة نهضتها الجديدة، فهي في حاجة أكثر من أي وقت مضى إلى الانفتاح على مختلف الحضارات الأخرى لتفيد وتستفيد، مستغلّة الفرص المتاحة لتقديم وجهها الحضاري الإنساني إلى العالم في صورة صحيحة واقعيّة صادقة بغية التّفاعل الإيجابي مع مختلف الثّقافات الأخرى. 
لا نريدها ثقافة تدفع الذّات إلى النّكوص إلى مواقع خلفيّة للاحتماء بها، ثقافة منغلقة على ذاتها رافضة لكلّ تلاقح مع الثّقافات الوافدة علينا من كلّ حدب وصوب بتعلّة  التّحصين لمواجهة الغزو الثّقافي الأجنبي. وذلك لسببين:
* الأول أنّ التّثاقف (التبادل أو الاقتباس الثّقافي) هو من طبيعة الانسان الذي يبتغي التّطور «الحكمة ضالّة المؤمن، فحيث وجدها فهو أحقّ بها»(7)، وهو سنّة الله في خلقه، خلقنا متنوعين ومختلفين لنتعارف ونتبادل المعارف والتجارب والمكتسبات وهو ما يطلق عليه بتلاقح الثقافات «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا»(8)
* الثاني أنّ فكرة الإنغلاق أصبحت مستحيلة عمليّا بحكم تطوّر تكنولوجيّات الاتصال والتّواصل، فلم يعد بالإمكان غلق الحدود في وجه أي فكرة أو تعبير ثقافي صادر عن الآخر. إنّنا نعيش ظاهرة عالميّة، عبرت واخترقت كلّ المواقع بما فيها بيوتنا، ويملك أصحابها من القوّة والتّنظيم والتّخطيط والوسائل الإستراتيجيّة، ما يجعل الانزواء والتّقوقع أمراً عقيماً مآله الفشل الذّريع.
- نريدها ثقافة تدافع عن مبدأ التّعدّد والتّنوع في المجتمع الواحد وما يولد عنه من قبول للرّأي الآخر ويبرز القيم الحضاريّة التي نادى بها الإسلام كالحريّة وقدسيّة حرمة الإنسان التي هي أصل من أصول هذا الدّين وأهمّ مقاصده. 
- نريدها ثقافة ذات منحى إنساني تتخطَّى به المجال المحلّي أو الإقليمي، إلى الآفاق العالمية، تجذّر قيم الخير والعدل والتآخي والتّسامح والتّحابب .... وهي قيم إنسانيّة راقية توفر السّلام والسّلم للجميع وتحقّق الرقيّ والتقدّم والرّفاه.
- نريدها ثقافةُ تَدَافُعٍ، لا ثقافةُ تَصَارُعٍ، لأنّ التّدافع سنةُ الحياة «وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ»(9) و«وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ»(10)، أما التّصارع، أو الصّراع، فهو مفهومٌ لا يعبّر عن الطّبيعة البشرية والفطرة الإنسانية وهو من المفاهيم المنبوذه في القرآن الكريم. 
- نريدها ثقافة اجتهاد وإبداع، تهدف إلى ترقية وجدان الإنسان، وتهذيب روحه، وصقل مواهبه، وتوظيف طاقاته في البناء والتّعمير. ثقافة تقدّس العمل والعلم وتجلّ العقل والعقلاء وتشجّع على المبادرة والتميّز والإنجاز، والمشاركة والابتكار والتّخطيط الجماعي، وترسّخ في الفرد حبّ الوطن والعمل من أجل الآخرين .
- نريدها ثقافة تأخذ بعين الاعتبار تراثنا الفكري الغزير والغنيّ، تحيي وتبرز جوانبه المضيئة وتنتقد وتفكّك جوانبه المظلمة لتتحرّر منها وتتجاوز مخلّفاتها. ثقافة تنبني على قراءة جديدة للتّراث تقطع مع الفهم التّراثي له على رأي المرحوم عابد الجابري «أي التّحرر من الرّواسب التّراثية في عملية فهمنا للتّراث، وعلى رأس هذه الرّواسب القياس النّحوي الفقهي الكلامي في صورته الآليّة اللاّعلميّة التي تقوم على ربط جزء بجزء ربطا ميكانيكيّا والتي تعمل بالتّالي على تفكيك الكلّ وفصل أجزائه عن إطارها الزّماني المعرفي الإيديولوجي»(11) 
المطلوب إذا نظر وتمحيص في تراث أمّتنا يقودنا إلى التّمييز بين ما هو «تراث فاعل»(12) و«تراث خامل»(13) و«تراث قاتل» (14) 
وهذه النظرة لأقسام التراث، لاتتسم بالطابع السّكونى وإنّما هى نظرةٌ حركية دينامية ، تعاود النّظر إلى التّراث فى ضوء مقتضيات الواقع وشروط صياغة النّظرة المستقبلية .. وقد تستجدُّ فى وعينا وواقعنا أمورٌ تجعلنا نعدِّل من توزيع الأقسام، فربّما طرأ على الواقع عنصرٌ جديد، يجعل البحث فى جانبٍ معين من التّراث - نكون قد اعتبرناه تراثاً خاملاً- ضرورةً ملحّة وشرطاً لإحكام النظرة الواقعية والمستقبلية (15).
- نريدها ثقافة تحرّر وانعتاق من التّبعية قادرة على القضاء على جميع آثار الاستلاب الثّقافي والغزو الفكري الظاهر والمستتر الذي يظهر جليّا في عولمةٍ ثقافيّة مدعومةٍ دعماً محكماً وكاملاً بنفوذ سياسي واِقتصادي واعلامي يمارسه الطّرف الأقوى في السّاحة الدّولية في هذا العصر.‏ وتتمثّل هذه «العولمة» في فرض مظاهر الاغتراب اللّغوي والفكري والثّقافي وإغراق المجتمع العربي بمواد مناهضة للقيم الثّقافية الأصيلة والعمل على تزييف التّاريخ العربي والإسلامي وتغيير البناء الاجتماعي والعبث بالممتلكات الثّقافية وانتهاك المقدّسات الدّينية ( العراق وفلسطين مثالا). 
الخاتمة
هذه بعض ملامح الثّقافة التي نريد والتي نطمح أن نحقّقها عبر مشروع «الإصلاح الثقافي» المنشود. غير أنّه لا يمكن الحديث عن مثل هذا الإصلاح دون التّفكير في الموارد البشريّة التي ستنفذ هذا المشروع فنتساءل عن طبيعة العنصر البشري الذي ستوكل له مهمّة الإصلاح وما هي ميزاته وهل يمكن أن يكون  «المثقفون» الذين يملؤون السّاحة الحالية قادرين على القيام بهذه المهمّة؟ أمّ أنهم جزء من المشكل الثّقافي الذي تعاني منه الأمّة؟ وكيف السّبيل إلى الارتقاء بهم إذًا ليكونوا في حجم المسؤوليّة الملقاة على عاتقهم؟ أسئلة سنتعرض إليها بالتفصيل في العدد القادم إن شاء الله.
الهوامش
(1) ابن منظور، محمد بن مكرم،(ت711هـ)، لسان العرب، دار صادر، بيروت، 2 / 516 
(2) سورة الأعراف - الآية 85. 
(3) سورة هود - الآية 88.
(4) المنظمة العربية للتربية والثقافة - الخطّة الشّاملة للثّقافة العربيّة - تونس 1990 ص 43 .
(5) مالك بن نبي - مشكلة الثقافة - ترجمة عبد الصبور شاهين - دار الفكر - الطبعة الرابعة  1984 ص 71.
(6) المصدر نفسه ص 71
(7) رواه الترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة
(8) سورة الحجرات - الآية 13.
(9) سورة البقرة - الآية 251.
(10) سورة الحج - الآيتان 40 و41 .
(11) د.محمد عابد الجابري - نحن والتراث - ص 21 - المركز الثقافي العربي الطبعة 6 - 1993.
(12) وهو ذلك الجانب من التراث الذى من شأنه أن يفعل، أو يمهِّد للفعل، فى حاضرنا ومستقبلنا .. فإذا كنا نعيش عصر العلم، ونتهيّأ لدخوله والمشاركة فيه، فإن التراث (الفاعل) فى هذه الحالة هوالتراث العلمى العربى (د. يوسف زيدان - التُّراثُ العرَبىُّ من التثقيف إلى المثاقفة - www.ziedan.com)
(13) ونعنى به ذلك التراث الذى فقد أهميته مع مرور الزمن واختلاف الأحوال الحضارية، وإن كان له فى الماضى شأنٌ عظيم أدى إلى اتساعه .. لكنه اليوم (خامل) بالنسبة لمقتضيات العصر، ومثاله فى التراث العربى تلك التفاريع الكلامية (نسبةً إلى علم الكلام) الطويلة التى لاتنتهى، والتى طال فيها الأخذُ والردُّ بين المتكلِّمين، حول مباحث كالإمامة وعلاقة الذات الإلهية بالصفات. (نفس المصدر)
(14) ونعنى به ذلك الجانب من التراث، الذى يؤدى إلى أذى بالغ ، بالتكوين الفكرى والعلمى -والحضارى بوجه عام - لهذه الأمة. ومن أمثلة ذلك الجانب (القاتل) من التراث: فنون السحر والشعوذة والتنجيم.. فهذا النوع من التراثيات من شأنه تخدير العقلية المعاصرة والإلقاء بها فى متاهة الخرافة، ناهيك عن مباعدته لها عن الواقع والروح العلمية.(نفس المصدر)
(15) نفس المصدر