حديقة الشعراء

بقلم
محمد العشّي
مدينتي والذئاب
 مدينتي وديعةٌ، تنامُ بالسَّحَرْ
و في أحلامهَا، تطلُّ أشواقُ الربيعْ
فتزهرُ السماءُ بالورودِ و المطرْ
و أفسدَ الأحلامَ أصواتُ الذئابْ
تزيدُ من عُوائِهَـــا
و تقرعُ الأبوابْ
أحداقُها بحمرةِ الدماءْ
أنيابُها تنزُّ بالدمــاءْ
- - - 
من غابها تحدّرَتْ
لم يروِ قَرْمَهَا فرائسُ الظباءْ
من غابها تحدّرتْ
تروّعُ الأطفالَ في بيوتهم
و تُبدِي في وجوهِهم شراسةَ الكلابْ
من غابها تحدّرَتْ
بلهثةٍ و لهْفةٍ
و عطشةٍ غريبةٍ
للوثةِ الدماءْ
- - - 
و في مدينتي تنادَتْ الذئابْ
لتخلعَ الأبوابْ
لتقلعَ الزهورَ و الحبُورْ
لتهدمَ الآثارَ و القبُورْ
لتطمسَ النجومَ في السماءْ
لتنشرَ السوادْ
و ظلمةَ السحَابْ
- - - 
و في مدينتي تنادتْ الذئابْ
لتحرقَ الكرّاسَ و الكتابْ
لتُطفئ الشموعْ
و تحجبَ النورَ الوليدَ
عن مسارحِ الربوعْ
الكلُّ في مدينتِي
يردّدُ النشيدْ
و يشعلُ الشموعَ في المساءْ
يطاردُ الذئابَ بالنورٍ الوليدْ
- - - 
زَيْتُـونُنا و نخلُنا و قمحُنا
يضجُّ صارخًا بلعنةِ الذئابْ
و طفلُنا في مهدهِ ملقّحٌ
من لوثةِ الذئابْ
- - - 
حقُولنا بل صخرُنا و موجُنا
و رملنا و ملحُنا
تمُجُّ كلّها روائحَ الخرابْ
قد ردّدتْ جميعُها
لا نرتضي مدينةً
يؤمّها اللصوصُ و الضباعُ و الذئابْ
-----
- أستاذ وكاتب تونسي
med.echi15@gmail.com