خواطر

بقلم
عبدالنّبي العوني
اصباغ القداسة
 عجبت لأمر قومي، يسعون و يتفنّنون في إنفاق الجهود المعرفيّة و الثقافيّة والإتصاليّة لإسباغ القداسة على الأشخاص (في شكل شيوخ أو ساسة أو مفكرين بالرّغم من كونهم رجالا مثلنا و نسب الخطإ عندهم مرتفعة لأنّهم يخوضون في المياه السطحية والعميقة للمجتمع) أو الأحزاب (يسارهم ويمينهم ووسطهم ووسط وسطهم لكلّ منهم اقنوم جاثيٌ أمامه) والأفكار والرؤى البشريّة، في كلّ المجالات، والمرتكزة في جوهرها على مائدة الخطأوالصواب... و الغريب في الأمر أنّ لكلّ منهم له مسوح نظري و سلوكي من مسحة القداسة التي تستوطن الخيال بمرجعيات قديمة وبدائية، بالرغم من إظهارها بملابس حديثة تعود بجذورها للعصور القديمة كمن صنع صنمه من الحلوى و عندما جاع أكله، وإن حدث وفقد شخص ما مقدّسه فسيصعب عليه ايجاد التوازن حتى يصنع ولو بصفة عصابيّة من فضلات المشاريع المحنّطة معبوده النفسي أين يعيش لذّة الاستمراء و السكونيّة، والغريب أيضا أنّ هذه الصناعة العربيّة الأصيلة لا تعود الى سلوك مبهر ومغري للمقدّس قائم وحاضر بل أغلبه الى خيالات سلوكات له سابقة و تاريخية وفي أحيان كثيرة تعود الى انطباعات حوله وما قبلية ممّا ينتج قطعانا من العبيد تنفق روحها ومالها وأبناءها وما ملكت يمينها ويسارها لتندثر القطعان مثل الخرقة ويهنأ الزعيم بين غلمانه وجواريه وعبيده وسدنة هيكله، على قاعدة تصعيدية هلامية «بالروح بالدم نفديك يا زعيم»....
والمعيار الأساسي حسب رأيي الذي يجب على أساسه تقييم و تسفير و تجليد ممارسات ما ...ليس المخاتلة والتظاهر بالإقتناع بما يقوله ( الفرد أو الجماعة) بأنه سيقوم بكلّ ما تتطلبه نفسياتنا لاحقا (ذاك الأول) ولا بما قام به سابقا (ذاك الثاني) بل ما هو قائم به و عليه حاليا وهذا، ليت شعري، ما يجب أن يكون (هذا)( والقاعدة المنهجية هي التي قالها الصديق «من كان يعبد محمّدا فإنّ محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإنّ الله حيّ لا يموت».)..أما ما هو كائن في قومنا الآن فهو مزيج بين ذاك الأول وذاك الثاني وفي منزلة بين المنزلتين ...و لما يجب أن يكون فنحن أبعد... لأ ننا ربما نحن الآن في مراحل الهمود والسكون والهزائم الجماعيّة والتشظي والقلق النفسي ....وخير مثال الموقف من حزب الله ما بين مقاومة بني صهيون ومقاتلة وتقتيل السوريين حتى القتل صبرا....
----
- استاد و باحث 
ouni_a@yahoo.fr