من القلب

بقلم
شمس الدين خذري
هل نحن مجتمع منافق؟
 سؤال يخطر ببالي دائما وربّما قد يخطر ببال الكثير منكم: «لماذا أقوالنا لا تتطابق مع أفعالنا؟ ولماذا نقول ما لا نفعل؟ وهل نحن فعلا نطبّق ما نعلمه وما نتعلمه كل يوم؟ فاذا كنا أهل الخير والجود والكرم والاحسان ومكارم الأخلاق والفضائل، فلماذا لا نرى هذا على أرض الواقع؟».
لأكن متفائلا قليلا، فالخير موجود دائما حتّى لو بدى لنا قليلا غير أنّه يبقى موجودا رغم قلّته ولكنّني أتحدّث عمّا نراه في الغالب في أنفسنا من التناقضات أحيانا وممّا قد يحصل أمامنا في المحيط القريب أو البعيد منّا وهو ما يطلقون عليه «السكيزوفرينيا»، فنحن من ننادي بكلّ القيم الجميلة والنّبيلة ولكن للأسف لا نراها مغروسة بكثرة فينا وفي مجتمعنا وهذا ما أنتج جيلا متناقضا ومتهافتا لا يعرف نفسه،بل لا يريد حتّى أن يعرفها في بعض الأحيان. جيل يرفض اكتشاف قدراته لينهض بنفسه وبأمته، وهذا في تقديرنا ناتج عن سوء التربية سواء في المحيط العائلي أو الدراسي أو المجتمعي. فنحن نعيش غياب تجسيد القيم على أرض الواقع من قبل القدوات والمرجعيّات التي نعيش معها ونتأثر بها منذ صغرنا.
خذ على سبيل المثال القيادات السّياسيّة التي تظهر في وسائل الإعلام وتنادي بأعلى صوتها بشعاراتها الرّنانة، فينادون بالحرّية والكرامة والعدالة ويدافعون عن هذه الشعارات عندما تكون لصالحهم ثمّ تراهم ينقلبون ضدّها عندما تكون لصالح خصومهم السّياسيين. وعندما يمسكون بالسّلطة تراهم يديرون ظهورهم عن مبادئهم وعن الوعود التي انتخبهم الشعب من أجل تحقيقها. وحتى من ينادون بتطبيق القانون نراهم لا يطبّقونه على أنفسهم وعلى من يحيطون بهم، فكيف لهم بأن يطبقوه في مجتمعهم.
 إن من أسباب فقدان ثقة الشباب في السياسيين تناقضهم مع ما يقولون، فهو يشاهدهم يتهافتون بشعارتهم ولا يرى شيئا على أرض الواقع ويسمع جعجعة ولا يرى طحينا. والمشكل أعمق من ذلك بكثير، فهذا التّناقض أو كما يسمّيه البعض «النفاق الاجتماعي» شمل المجتمع وبدأ ينخره، فالمجتمع الذي يدّعي الطهر والعفّة غارق في الخبث والفساد ودليل ذلك ما نراه عبر وسائل الإعلام في البرامج الاجتماعية التي تنشر غسيل العائلات وتهتك الأعراض.
 الحل حسب رأينا بسيط رغم ما يبدو من ضخامة المشكل، فالإصلاح يبدأ من الفرد والتغيير يكون من القاعدة الى القمّة، فإذا صلح الفرد صلح المجتمع وإذا قام كلّ منّا بمراجعة نفسه ومحاولة إصلاحها ومن بعدها محاولة إصلاح محيطه، سنبدأ نرى نتيجة لذلك التحسن في مجتمعنا بإذن الله.
------
khadhri.chamsedine@gmail.com