تدوينات

بقلم
محمد الصالح ضاوي
رأي في قضية تعدد الزوجات في تونس
 يطرح بعض الإسلاميين من حين إلى آخر موضوع تعدّد الزّوجات، سواء من منطلق خطّهم الفكري الذي يتبنّونه، أو كردّ فعل على استفزاز الخصوم لهم، فيقعون في فخّ إثارة المشاكل الثّانوية التي لا تزيدنا إلاّ خسارا.
نعم، هناك من الإسلاميّين من يعتقد أنّ تعدّد الزّوجات حلّ لمشكلة العنوسة في تونس بعد أن وصلت حسب آخر إحصاء إلى أكثر من مليوني وربع مليون إمرأة، وهؤلاء واهمون، لأنّهم يجهلون أيّ حلول أخرى يمكن أن تحلّ المعضلة، سيّما وأنّ بعضا من هؤلاء ينطلقون من عقدهم النّفسية وكبتهم الجنسي.
من المفيد إبداء الملاحظات التالية:
أولا: على الإسلاميين، وغيرهم أيضا، أن يعترفوا أنّ مشاريعهم الفكريّة وسلوكياتهم اليوميّة فشلت في تحقيق السّعادة للفرد والأسرة. وهو فشل يشترك فيه كلّ الأطراف بلا استثناء.
ثانيا: إن مشكلاتنا الجنسيّــة أعقد وأكثر من مشاكلنا الأخرى، لكنّنا لا نملك الجرأة ولا التقاليد علــى مناقشتها ومراجعــة سلوكنا العاطفــي والجنســي... وبالتّالي، فإنّ فتح ملف الجنس في مجتمعنا مسألة ذات أهمية قصوى، وعلى الدّولة تحمّل مسؤولياتها في توظيف علماء الجنس في كافّة المرافق الحيويّة حتى يرافقوا الشّباب والكهول في سلوكهم.
ثالثا: إنّ العمل في مجال المرافقة العلميّة للحياة الجنسيّة لشعبنا تتطلّب إقرار هدف إنقاذ العائلات الحاليّة، ووقاية العائلات المستقبليّة. 
رابعا: على كافة شرائح المجتمع أن تفتح حوارا عميقا ومسؤولا عن الحياة الجنسيّة ومختلف تطوّراتها وتجلّياتها، وعليها مناقشة كلّ تصرف أو سلوك من شأنه التّأثير على العمليّة الجنسيّة وخاصّة المؤثّرات والصّورة الإعلاميّة.
خامسا: إنّ أصل الحياة الزّوجية مبنيّة على زوجين فقط، كما عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم مع زوجته خديجة أكثر عمره. والتّعدد استثناء.
سادسا: إن المنظومة القانونية والبيئة الثقافية التونسية لا تسمح للتعدد بالنمو والتكاثر بين مختلف الشرائح الاجتماعية، زيادة على أن القدرة الشرائية للمواطن التونسي تدهورت كثيرا ولم تعد تكفيه لإعالة أسرة واحدة، فما بالك بالتعدد.
سابعا: لو فتح باب التعدد في تونس، فلن يؤثر على نسبة العنوسة أبدا، والدّليل تجارب البلدان التي تبيح التّعدد، فهي تعاني العنوسة بنفس نسبتنا أو أكثر. وبالتّالي، فإنّ التّعدد هو حلّ مغشوش لا يساهم إلاّ في تسريع انهيار الأسر المهترئة حاليا.
ثامنا: علينا أن نكثر من الدراسات العلمية المتعلقة بالزواج ومشكلة العنوسة وأن نجد حلولا من شأنها تسهيل الزواج بين الشباب بغاية حل الأزمة الجنسية، مع التحكم في الانجاب في إطار التنظيم العائلي.
تاسعا: لو تملك الدولة قدرا من الشجاعة وتصدر قانونا للتعدد، فإنه لن يغير شيئا من واقع التونسيين، وسيرضي قلوب قوم مؤمنين به، وسيكون بديلا لتعدد العشيقات المنتشر في البلاد، وبالتالي: لا يكون كارثة كما يصورها الخصوم، ولن يحل مشكلة العنوسة كما يتصوره الموالون.
-------
        - باحث في الاسلاميات والتصوف
        dhaoui66@gmail.com