تمتمات

بقلم
رفيق الشاهد
تونس وجائزة نوبل
 نالت تونس جائزة نوبل للسلام لسنة 2015 لنجاحها في تأمين الانتقال الديمقراطي بعد ثورة الرابع عشر من جانفي. هل استحقت تونس هذا التشريف؟ سؤال طرح ومازال يطرح باستمرار على الرأي العام عبر مختلف وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمنابر التلفزية بين من مثلي معجب مفتخر وآخر غير مقتنع قد يكون له مبررات لموقفه. 
لا يهم إن اختلفنا، فالاختلاف تنوع وإثراء وتلاقح ونشوء لأفكار جديدة. ولئن بحثنا عن مجال تصدق فيه نظرية النشوء والارتقاء للبريطاني «تشارلز روبرت داروين» فقد يكون التطور الفكري من أفضل المجالات نجاحا لهذه النظرية. أما إذا خضنا في نظريات علم الوراثة التي وضع عالم البيولوجيات المجري «ميندال» قانونها وتطورت بفضله تقنيات التزاوج والتهجين، يمكن بموجبه أن يحمل الفكر المُنشأ عن فكريْن أصيليْن باختلافهما أفضل الميزات والخصال الهجينة لما سبق. أما الكاتب الشهير «جبرائيل قارسيا مركيز» فقد عبّر إثر تسلّمه نفس الجائزة للآداب في سنة 1982 عن خوفه من ثقل مسؤولية ذلك التشريف منشغلا بمدى قدرته مستقبلا على مواصلة الكتابة وتقديم أعمال بنفس مستوى أعماله السابقة التي استحقت ومنحته هذه الجائزة؟ وبهذا الاهتمام والانشغال، كم أتمنى على تونس قادة وشعبا أن تنجح في إثبات جدارتها بهذا الامتياز فتزيل الشكوك وتدحض المبررات.
الجائزة كبيرة وتونس أكبر منها ومن صاحبها السيد «نوبل» الذي سخر جزءا من ثروته – ميتا - جائزة ليكفّر عن سوء ما اكتشف وسوء ما خلّف. خلّف مواد متفجرة استخدمت للقتل والدمار. 
نعم الإرهاب حقيقة والموت ليس ببعيد، إنه هنا بالقرب من داري عند أخوالي وأعمامي. غريب هذا العالم يبيع الأمل بالموت. يموّل بسخاء صناعة الاضطراب والفتن التي لا تولّد إلا العنف والترهيب حقيقة لا افترضا، ويؤجج الحروب في كل مكان لتزدهر تجارة الموت وتغدق على أهلها المال الحي ولا يُنسى في السياق الموعد السنوي لمنح جوائز نوبل حلقة من حلقات الصيرورة. أبْعد الله عنا الحروب حتى تستحق تونس جائزتها وتنقذ هيئة «نوبل» من تهم النفاق والتآمر وتخفف عن باعث الجائزة الآثام وتحقق ما كان يصبو إليه من وراء هذه الجائزة.
إلى هذا الحد، نجحت تونس واستحقت جائزتها برغم كل ما قيل وقد يقال عن سنة 2015 التي كانت من أصعب السنوات عليها وعلى كامل البلاد العربية.  فهل نجح «نوبل» ببعث هذه الجائزة في إصلاح ما فسد؟ لا أظن ذلك ولا أظن «نوبل» نفسه كان يعتقد ذلك قبل موته. وسيضل يتقلب في قبره طالما لم تنجح الجائزة في غلق مصانع الذخيرة والأسلحة الفتاكة.
متى تُسند جائزة السلام لدولة أغلقت جميع مصانع الكراهية والفتك ومصانع الموت؟ حينها فقط يرقد «نوبل» مطمئنا في قبره في السلام الذي لم يشبع منه. نعم سأحلم وسأواصل حلمي مع «نوبل» حتى مثله في قبري.
----
-  مهندس
chahed@meteo.tn