من القلب

بقلم
شمس الدين خذري
نحن والعلم والقرآن
  للأسف الشديد، لا نرى بصمة للمسلمين في كلّ ما نراه اليوم في العالم من تطوّر علمي و تكنولوجي، وليس هذا فحسب بل أصبح بعضنا يبرّر هذا التخلّف والوضع المزري بحجج دينيّة واهية، فالبعض غرق في نظريّة المؤامرة ليشكّك مثلا في صعود الإنسان على سطح القمر بدون دليل علمي مقنع و هناك من غلّف حججه بأدلّة دينية حتى يكسبها بعضا من القداسة لأنّه يعلم بأنّ إقناع الناس بالمسلّمات العلميّة و المنطقيّة لا يتم إلاّ بسلطة أقوى منها و هي سلطة الدّين ليتحوّل إلى نوع من الجهل المقدّس فنُقاد كالعميان.
وحتى إن أردنا أن نتّبع بعض الحقائق العلمية فربّما نصطدم بحجج دينية تجعلنا نخاف و نتراجع لأنّنا قد نُتّهم بأنّنا نهاجم ديننا و نشكّك فيه، فننعت بالكفر و الفسوق كما حصل للعديد من المصلحين في عصور الإنحطاط الفكري و الثقافي في تاريخنا الإسلامي.  و هذا للأسف ممّا يجعل شبابنا يتّجه لمصادر أخرى للمعلومة و البعض منهم يتّجه إلى الإلحاد ليتحرّر من سلطة يراها متخلفة و تحارب العلم و التقدّم، فتراهم أوّل من يسخر و يستهزئ بثوابت ديننا، ويرجع هذا كلّه إلى تكاسلنا وعدم دفاعنا عن علومنا وعن ديننا. وبأنّه لا تناقض بين العلم والدّين بل بالعكس فهما يتكاملان و ربّما أقرب مثال على ذلك خروج أحد «الشيوخ» ليعلن بأنّ الأرض ليست كروية الشكل بل مسطحة  مستدلاّ بحجج دينيّة واهية و مثل هذا يورّطنا و يصعب علينا تطوير عقولنا وتنويرها في زمن كثرت فيه الفتن و تهافت فيه الناس و اختلطت فيه الأراء بجيّدها و سيّئها و لم نعد نفرّق بينها مهما حاولنا، و الأتعس من كل هذا هو تبرير تخلّفنا العلمي بأنّ نقول عند كل إكتشاف علمي  أنّه موجود في القرآن و حتّى إن لم يوجد حاول بعضنا أن يربط ذلك الإكتشاف بأية أو حديث أو حرف و كأنّه لا يدرك بأن ديننا حثّ على طلب العلم بدون شروط أو قيود بل حتى لو كان العلم في الصين فلقد أمرنا نبينا بالذهاب إليه. ولكن ما نراه في عصرنا عكس ذلك فلقد أصبحنا نتواكل ونتقاعس و لا نبادر و لا نبحث و لا نسعى و وجدنا مبرّرا لأنفسنا من مصدر قوّتنا و هو ديننا فجعلناه مصدرا لضعفنا و عجزنا بدلا من أن نجعله دافعا لنا و لنهضتنا فمتى نستفيق و نفتح أعيننا و عقولنا لندرك مدى بعدنا عن التقدم و الرقي و الحضارة و مدى بعدنا عن جوهر ديننا الحقيقي بسبب عدم فهمنا لرسالته الحقيقية الهادفة.
------
- باحث 
khadhri.chamsedine@gmail.com