السراج المنير

بقلم
الهادي بريك
كلمة رشد بين المغالين فيه ومنكري رسالته - ج 3
 - هو بشر مثل كل بشر فلا مجال لعبادته ولا لتأليهه كما فعل بعيسى عليه السّلام.
- هو نبيّ رسول مكلّف بالبلاغ وحسب فلا هو حفيظ ولا جبار ولا وكيل ولا مسيطر.
- هو مرفوع مكرم مجتبى ومصطفى وفضله لا يسعه فضل إلا فضل ربه عليه سبحانه.
تلك أبعاد ثلاثة من هويته عليه السلام. الآن مع البعد الرابع الأخير من هويته النبوية وهو بعد متعلق برسالته القيمية العظيمة. 
(1) العنوان الأكبر لرسالته أنها رسالة علم ومعرفة بدأت بالأمر بالقراءة لأنّها مفتاح العلم والمعرفة (إقرأ) ثم ثنتها بسورة سميت سورة (القلم) رمزا إلى أنّ رسالة محمد عليه السّلام انتقلت بالأمّة العربية من حسم التّدافع بالعصا والهراوة والسّيف إلى حسمه بالقلم وما يرمز إليه القلم أي العقل والرشد والفكرة والتوثيق. 
(2) من عناوين رسالته أنّه أسوة وقدوة للنّاس جميعا في كل عصر وفي كل مصر وفي كل حال أيضا، فهو قدوة العزب وقدوة المتزوّج وقدوة الحاكم وقدوة المعارض وقدوة المحارب وقدوة السّياسي وقدوة الضعيف وقدوة القوي وقدوة الغني وقدوة الفقير وقدوة الأب وقدوة كل أحد حتى يوم القيامة في أي حال وموضع كان وما ذلك سوى أنّه عليه السّلام مرّ بما يمكن أن يمرّ به كلّ إنسان، فهو قدوة الإنسان في كلّ حال. (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً - الأحزاب: 21). 
(3) من عناوين رسالته أنّها رسالة أخلاقيّة عالية عظيمة عّبر عنها هو نفسه بقوله «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق». زكاه ربّه بقوله «وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ» (القلم :4) وبصفات الرّحمة فقال له «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ» (الأنبياء:107).وكذلك « فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُم» (آل عمران:159). وهو الحيي كما رأينا في بشريته إذ يدخل الناس إلى بيته فيلبثون ويأكلون ويتحدّثون ويؤذيه ذلك ولكنّه حياء منهم لا يظهر لهم ذلك ( فيستحيي منكم). وهو السّراج المنير كما وصفه ربه سبحانه كأنّه شمس يوفّر للبشريّة الدّفء والأشعّة والهداية. كناية على حدبه على البشريّة ولطفه بالنّاس فيحتضن كلّ وافد إليه وينير له الطّريق إلاّ إذا أبى وبدفء وحنان «وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِــكَ»(آل عمران:159). 
(4) ومن عناوين رسالته الأخلاقية صبره العظيم إذ كان يصبر على الأذى سنوات ذوات عدد وهو صبر الحليم وليس صبر المغلوب على أمره إذ يناجيه النّاس ومنهم من تكون مناجاته لله وتكون ملآى ومنهم من تكون مناجاته لغير الله وتكون فارغة فيصبر عليهم جميعا لا يظهر تبرّما منهم ولا ضجرا من مناجاة تضيع له وقته الثمين وظلّ كذلك حتى أتاه نداء ربه «إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً» (المجادلة:12). فلا يناجيه بعد ذلك إلاّ صاحب مناجاة خالصة لله وهي ملأى كذلك ضنا بماله. 
(5) ومن عناوين رسالته الأخلاقية عبوديته لله سبحانه إذ تربّع عليها عبدا خاشعا ضارعا فلا يناديه ربّه سبحانه إلاّ بمقام العبودية العلي الرفيع «سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ»(الإسراء:1) و «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ»(الكهف:1).. 
(6) ومن تلك العناوين الأخلاقية العظمى تواضعه الجم وهوانه بين الناس فهو معروف بذلك حتى تأتيه المرأة تجادله في خصومة مع زوجها ويستمع إليها ليس بينها وبينه حجاب ولا وزير ولا غفير ولا مشير «قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا»(المجادلة:1 ). قلبه مفتوح لكل الناس وكذا بيته حتى يقول عنه المنافقون أنه (أذن) أي يصغي لكل من يحدثه وهم يقصــدون الإساءة طبعا ولكنه يفعل ذلك تواضعا منه عليه السّـلام فجاء الرد المفحـــم «وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُــلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ»(التوبة:61). لا ييأس من منافق أن يقلب الله فؤاده فيؤمن لينجو من النار. 
(7) ومن ذلك أنّه أثقلنا عبادة حتى يتأهّل لحمل الأمانة الثّقيلة «إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا»(المزمل:5). وكذا بيته يضاعف لهن الثواب والعقاب معا. بيت نبوي كريم عظيم يشترك مع النّاس في العبودية ثم يزيد ذلك إخباتا وتبتلا. 
(8) جاء أمّيا لأجل الإنسان أي لأجل حفر أكثر ما يمكن من الأسباب لحمل النّاس إلى الهداية فما يسّر الله له قبل ذلك أن يتلو كتابا أو يخطّه بيمينه حتى يكون ذلك أدعى إلى هداية قريش التي تعرفه أمّيا مثلها إذ لو كان غير أمّي لقال النّاس هذا عبقري يمكن له تأليف مثل هذا الكتاب وربّما سمعه من غيره ولكنّ الرّجل أمي بالكامل معروف بالأمّية مثلهم فهو أمّي إذن لأجل الإنسان. أكرم بني كان أميا لأجلك أنت أي لتؤمن أنت فلا ترتاب فيه ولا في كتابه. 
(9) يكلّف بالإمتحانات الكبيرة من مثل إمتحان التّبني إذ لا بدّ من قطع دابر التّبني الذي به يشغب الأرحام بعضها على بعضها، فكانت البداية ليكون الدّرس أبلغ منه هو عليه السلام فأمر بأن يتزوّج حليلة الرّجل الذي كان يسمّى إبنه أي مولاه زيد. إمتحان عسير جدّا جعله عليه السّلام لما رآه في رؤياه يخفيه عن النّاس حتى عوتب بقوله «وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ»(الأحزاب:37). وقالت عائشة العظيمة عليها الرّضوان : لو كان محمد عليه السلام ليخفي شيئا من كتاب ربّه إليه لأخفى هذه. هل هناك رجل يأتي إلى النّاس بكتاب فيه عتابه؟ 
(10) من عناوين رسالته العظمى أنّه مكلّف بالبلاغ بأربعة أوجه هي تلاوة الكتاب والتزكية وتعليم الكتاب وتعليم الحكمة «يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ»(الجمعة:2). هي مهمة معلّم يعلم البشريّة والإنسان يقاد من عقله بالعلم والتّفكير. هو يعلّم الناس ولا يكرههم على دين ولا على تديّن. هو يزكّيهم بالكتاب والحكمة ليفقهوا الحياة. ورثته من العلماء تلك هي وظائفهم فحسب: تلاوة الكتاب والتّزكية وتعليم القرآن وتعليم الحكمة. 
(11) ومن عناوين رسالته أنه يحكم بين النّاس بالحق والعدل والقسط فهو بشر يأكل ويشرب وهو نبي يبلغ ولا يكره أحدا على دين وهو يدعو إلى الخير والفضيلة والحق ومن بعد ذلك يؤسّس مع النّاس ـ وليس لهم ـ كيانا إجتماعيّا وسياسيّا يصون تلك القيم بالصّف الواحد المرصوص حتى وهو متنوّع وبالتشاور والتّوافق «وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر»(آل عمران:159ِ) وبالحديد الذي يوفّر رغد العيش والقوّة معا. هي قوّة الحقّ أي القوّة المنضبطة بالحقّ فلا تطغى ولا تجور ولا تقهر. لا يدعو النّاس إلى الحقّ والفضيلة والخير ثم يعود إلى بيته فرحا مسرورا بل يشيد بهم ـ وليس لهم ـ دولة تمكن للقيم الأخلاقية العظمى التي بها يسعد الإنسان وبها يرهب المجرم أن يطأها لأنه يخافها على نفسه «تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ»( الأنفال:60). 
(12) رسالته من عناوينها أنها كاملة تامة لا نقصان فيها «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا»(المائدة:3). إكتمل الإسلام بالقرآن والسّنة والسّيرة. اكتمل في مساحاته القطعية من عقائد وأخلاق وعبادات ومعروفات معلومات قطعيّات واكتمل في المساحات الأخرى بأصول ومقاصد ومبادئ تتّخذ وسيلة للاجتهاد والتّجديد والإبداع والتّحديث أن يقصر هذا الدين على استيعاب زمان أو مكان أو حال. 
(13) من مظاهر رسالته الثّقة المطلقة في ربّه سبحانه والأمل فيه وحده سبحانه فلا يأس ولا قنوط مهما ادلهمت الخطوب من حوله ومن ذلك قوله لصاحبه في الغار والمشركون من حوله يكادون يكتشفون الفارّين (لا تحزن إن الله معنا). بمثل تلك الثقة المطلقة وبمثل ذلك اليقين الذي لا يتزعزع تنجح الدعوات وتنطلق الرّسالات ويسعد الإنسان. 
(14) يواجه داهيات الزّمان ومؤامرات النّفاق بما يجب من صبر وثقة وبذلك يصلب عود المجتمع كما وقع في حادثة الإفك «لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ»(النور:11). أي شيء أدهى على نبي خاتم من أن يتهم بيته بالفاحشة إذ يسقط البيت وعند سقوط البيت تسقط الدّعوة فلا خير في نبيّ بيته فاحش ولا مجال لتصديقه ولا لإتباعه. محنة عسيرة باهظة ظلّ عليها صابرا وفيها مقاوما بالخلق العظيم حتى جاءت تباشير النّصر تبرّئ الأم البريئة بأصلها وطبعها وتبرّئ البيت النبوي وتفضح النّفاق وأهله وحركته. 
(15) لا يرضى بموقف فلا يقدم بين يدي ربه سبحانه ويظلّ فؤاده يعتلج بما يريد فلا يحدث به ربه الذي يعلم السرّ وأخفى وحدث ذلك في شأن القبلة التي اشترك فيها مع الإسرائيليّين ونقل إلينا ربه سبحانه حديث فؤاده «قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا»(البقرة:144). أدب جم دمث مع ربه سبحانه. وبعد ذلك وقبله رشد وحكمة بالغة. من يعدل بين الأمرين فينا؟ عادة ما يتجاسر صاحب الرشد ليهزأ بالناس من حوله وعادة ما يتلقى الناس الوحي في كل مستوياته بلا تفكير راشد. محمد عليه السلام يجمع بين التفكير الذي لا يلغيه إلا غير الرشد وبين الأدب الجم الدمث مع صاحب الرسالة سبحانه. 
(16) ظل لأيام ذوات عدد يتحنث في غار حراء فرارا من شرك قومه وفؤاده يحدثه أن الشرك المنتشر يومها إنتشار الهواء في الفضاء أمر مكروه متروك. ظل كذلك يتفكر في ملكوت السماء والأرض ولم يكن ينتظر بعثة ولا نبوة ولا رسالة ولكن إصطفاه ربه سبحانه وهو في تلك الحال من الصفاء الفكري والنقاء الذهني والإخلاص النفسي. فتحمل الأمانة وسار بها مجاهدا مقاوما حتى نصره الله سبحانه. «وَمَا كُنتَ تَرْجُو أَن يُلْقَىٰ إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ»(القصص:86). 
(17) رسالته القيمية العظيمة وعنوانها الخلق العظيم لها منهاج مرتب من لدن ربه نفسه سبحانه فهو مأمور بإبلاغ الرسالة وتمثلها والإستقامة عليها كما أمر وليس كما يريد هو ولا كما يريد غيره «فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ»(هود:112). لها إستراتيجية تبليغية معروفة «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ»(النحل:125). و«أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ»(يوسف:108). ومفردات أخرى ليس هنا محلّ بسطها. هو ملتزم بالرّسالة وملتزم بطريقة إبلاغها. 
(18) ليست رسالته بدعا من الرّسالات. بل هي لبنة أخيرة لإتمام البناء الإنساني. أصل الرّسالات واحد لا يتعدّد «أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ»(الذريات:56). ثم تتعدّد الشّرائع بحسب الزّمان والمكان وما يتسنّى للنّاس وما لا يتسنى لهم. 
(19) ثم عود على بدء إلى عنوان رسالته الأعظم أي الرحمة المهداة فهو نعمة مسداة. من ذلك أنه رؤوف بالناس يحدب عليهم «لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ»(التوبة:128). يعزّ عليه كثيرا إعراض النّاس. خلقه العفو والصفح ( خذ العفو). و( فأعف عنهم ) و(وأصفح) ويخفض جناحه للنّاس «وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ»(الشعراء:215) ويشاور النّاس في شؤون الدنيا ( أسرى بدر وموقع الحرب من بدر قبل ذلك والخروج إلى العدو في أحد وشأن غطفان في الأحزاب وفي كلّ شيء تقريبا ). بل يقول للمستشارين المختلفين ( لو إتفقتما على شيء ما خالفتكما). 
(20) من عناوين رسالته المعروف والطّيبات واليسر فما يأمر به فهو المعروف وما ينهى عنه فهو المنكر وما يحلّه للنّاس فهو الطيب وما يحرّمه فهو الخبيث وكلّ ذلك يكون بيسر ورفق ولين «يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ»(الأعراف:157). 
(21) لفرط رحمته بالنّاس يظلّ موجوعا في فؤاده على إعراضهم حتى يكاد يهلك نفسه «فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ»(الكهف:6) أو «فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ»(فاطر:8). لذلك هو بنا جميعا رؤوف رحيم. ثم تربع على قمة الرحمة التي لا تصدق في قاموسنا نحن إذ يستغفر للمنافقين الذين آذوه في بيته وعرضه وزوجه وفي دينه ولما ينهى عن الإستغفار لهم سبعين مرة يقول : لو أعلم أنّه يغفر لهم بعد السّبعين لأستغفرت. لا وجود لرجل مثل هذا من آدم عليه السلام حتى آخر مخلوق آدمي قبل البعث. هو الرّحمة المهداة فعلا وهو النّعمة المسداة صدقا. وهو رحمة للعالمين حقّا . هل هناك من رجل في التاريخ يفعل به منافق مثل إبن أبي سلول فلما يموت هذا يكفنه ذاك في بردته.؟ أبدا. وبذلك فاز بخلقه العظيم على الناس أجمعين. بل بذلك هدى الله به الناس. والنّفس جبلت على حبّ من أحسن إليها. وليس مطلوبا من أتباعه سوى أن يكونوا كذلك «مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ»(الفتح:29). وعندما يتربّعون فوق العرش ذاته الذي تربّع فوقه محمد عليه السّلام لهم أن يسألوا ربّهم النّصر أما قبل ذلك فالحياء الحياء. 
تلك هي الأبعاد الأربعة لهوية محمد عليه السلام. 
1ـ بشر ككل بشر لأجل قطع دابر اتّخاذ الأنبياء آلهة فلا إله إلاّ الله الذي لم يلد ولم يولد.
2 ـ نبيّ رسول مبلغ فحسب فلا هو مسيطر ولا مكره ولا حفيظ ولا جبار ولا وكيل على الناس يقبل إيمانهم ثم يمضيه إلى الله. لا . هو مبلّغ وبشير ونذير فمن آمن فله ومن كفر فعليه. ليس له سوى سلطان البلاغ المبين. 
3 ـ مرفوع الذكر عالي القيمة مكرم بما لم يكرم به أحد من قبله ولا من بعده ومعصوم في الدين والبلاغ عن ربه سبحانه. 
4 ـ رسالته رسالة أخلاقية كريمة نبيلة عظمى أسها الخلق العظيم وهو السراح المنير الذي يوفر للإنسان الدفء والهداية والنور. 
في الحلقة القادمة : «من خصوصياته وخصوصيات النبوة  »
-----
-  باحث تونسي - عضو الأمانة العامة للتجمع الأروبي للأئمة والمرشدين
brikhedi@yahoo.de