وجهة نظر

بقلم
محمد المعالج
لماذا لا يريدون لنا أن نقرأ؟
 لماذا نحن أقل الشّعوب العربيّة شغفا بالقراءة ؟ أين يكمن الخلل ؟ ومن يتحمّل المسؤولية ؟
ماهي الوصفة الواقعيّة حتّى لا نقول السّحرية كي نرتقي في سلّم المعرفة ونوطّد علاقتنا بالكتاب؟
يبدو أنّ الطريق المؤدّية الى الولع بالكتاب ليست مفروشة بالورود بقدر ماهي محفوفة بالأشواك والمطبّات. إذ أصبحنا نعيش اليوم حالة من النّفور والابتعاد عن القراءة بجميع أنواعها. صرنا أبعد ما يكون عن الكتب بحكم سيادة لغة التكنولوجيا وسطوة سلطان المواقع الاجتماعية التي أملتها علينا سرعة التّحولات السّياسية والمتغيّرات المذهلة على كافة المستويات. وفي ضوء هذه المعطيات الراهنة، أصبحنا نتساءل عن الأسباب التي أفضت بنا الى اعتبار القراءة عبئا في منتهى الوعورة ولكنّنا نحمله لا محالة طالما حاولنا مساءلة أنفسنا.
نحن لا نقرأ ما دمنا لا نملك قابلية القراءة ولا نقدّس الكتاب بما هو رمز العلم والمعرفة والتحصيل. علاوة على ذلك فنحن لا نعرف معنى لذّة القراءة وضرورتها في حياتنا كمخلوقات عاقلة ومفكرة. ففعل القراءة يقتضي أساسا التّحلي بالإرادة وتوفّر الرّغبة في ممارسة المطالعة. زد على ذلك، فإنّ القراءة متعة أو لا تكون. وبمجرد إدراكنا للفوائد التي يتمتّع بها الانسان القارئ نعي فعلا الأهمية القصوى لهذا الفعل الحضاري الذي من شأنه أن يساهم في تكوين أشخاص أسوياء وواعين بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم.
بالإضافة الى ما سبق الحديث عنه، فإنّ القراءة ترتقي بالإنسان الى مصاف الكائنات المفكّرة والواعية بما يدور حولها. فهي تفتح أعيننا على معرفة الحق والواجب كما تهبنا ملكة التمييز بين الخير والشرّ في السّياسة والاقتصاد والاخلاق والثّقافة بل وعلى سلك الطريق القويم وتفادي المسار الخطأ.
وبالتالي، فإقبالنا على فعل القراءة بمثابة الإقبال على الحرّية وعلى التّزكية والحصانــــة ضــــدّ الفساد والاستبداد والانفراد بصنع القرار. وتعدّ القراءة بما هي رؤية حضارية وأداة من أدوات تقدّمنا وازدهارنا وانعتاقنا من أغلال ومكبّلات التّخلف والرّجعية.
وللقراءة فنون غالبا ما نتجاهلها عن قصد أو عن غير قصد. من بينها أن نعرف متى نقرأ. فالإنسان ليس مؤهّلا للقراءة في كلّ الأوقات. فقد تنتابه حالات نفسيّة عصيّة على الفهم يشعر خلالها بالضّجر وعدم الرغبة في الإمساك بدفتي الكتاب. في المقابل، هناك أوقات كثيرة تضيع هدرا أثناء الانتظار في المحطّات أو في الطّائرة أثناء السفر دون أن نستثمرها في المطالعة. فكم من أناس ألّفوا كتبا وصنعوا مشاريع رائعة في هذه الأوقات البسيطة التي تمرّ مرور الكرام بلا فائدة .
و يروى أن العالم «اسحاق نيوتن» كان ينام بشكل متقطّع حيث يكتفي بساعتين فقط من الرّاحة ثمّ يستيقظ ليقرأ ويعمل، وإذا ما إحس بالملل والسآم نام ساعتين آخريين وقام مجدّدا ليقرأ. فتخصيص وقت للقراءة أمر في غاية الأهمّية.
فمتى نجعل من فعل القراءة تقليدا ايجابيا في حياتنا حتى نتمكّن من مسايرة ركب التّقدم والرّقي . فتخلّفنا الرّاهن إنّما يعزى بالدّرجة الأولى الى هجرنا للكتاب ومرافقتنا لوسائل لا تسمن ولا تغني من جوع. لقد آن الأوان لتحقيق التّغيير المنشود. المهمّ أن نبدأ بأنفسنا ونحاول الإصلاح ما استطعنا والله ولي التوفيق.
------
- باحث و كاتب 
mohamedmaalej92@yahoo.com