الإفتتاحية

بقلم
التحرير الإصلاح
الإفتتاحية
 العدد «100» هو عدد رمزي في تاريخ الدوريات وهو بالنسبة لنا كان حلما عندما انطلقنا في إصدار مجلة الإصلاح وها هو يتحقق اليوم بفضل الله وحده بعد مسيرة وتجربة ممتعة في تأثيث وإصدار مجلّة الإصلاح. بدأت التجربة بسيطة كمحاولة من «صاحب الفكرة» الذي لم يكن يوما أديبا أو مفكّرا أو صحفيّا محترفا بل  كان مواطنا تونسيّا أصابه فيروس الحلم بغد أفضل وبمساحات حرّة للحوار وتبادل الأفكار والتدرب على «كتابة المواطنة» . 
ثمّ كبرت الفكرة شيئا فشيئا مع مرور الأيام ومع كلّ عدد جديد يزداد المشروع نضجا ويلتحق به عبر العالم الافتراضي كتّاب جدد متطوعون وجدوا في المجلة وسيلة لإنارة الناس وتوعيتهم والمساهمة ولو بقدر بسيط في تقديم غذاء فكري وثقافي يجمع بين الاصالة والمعاصرة ويؤسس خطابا يستمدّ مضمونه من الهوية العربية الاسلاميّة ويعالج قضايا عصره بعيدا عن التطرف والانغلاق. فشكرا لمن ساهم وشارك في تأثيث المجلّة وشكرا لقرائنا الكرام الذين ما انفكّوا يقدّمون الدعم المعنوي عبر رسائلهم الالكترونية وتعليقاتهم الفايسبوكيّة وعهدنا أن نواصل المسيرة بخطّ تحريري لا يجامل ولا يعادي جاعلين أمام أعيننا هدفا في غاية الأهميّة الا وهو الإصلاح ما استطعنا ذلك هو هدفنا الأول والأخير «إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت ... وما توفيقي إلا بالله» صدق الله العظيم.
يصدر العدد 100 مع مرور الذكرى الخامسة لاندلاع الثورات العربية من تونس. لذلك فإن أغلب المقالات الموجودة فيه تحوم حول هذه الذكرى في محاولات تقييميّة لما حصل وذلك من زوايا مختلفة .
ما حدث في عالمنا العربي بالنسبة للمهندس فيصل العش ليس ثورة فحسب بل هو بداية «انبعاث حضاري جديد للأمّة» وأنّ القادم بالرغم مما يبدو  أنه تعثّر سيكون لفائدة الأمّة التي استأنفت دورها وانطلقت في مخاض - وإن كان عسيرا - سيؤدّي لا محالة إلى تموقعها من جديد ضمن الأمم الفاعلة وليس المفعول فيها، ولا يمكن أن نتفاءل بالمستقبل إلاّ إذا نظرنا إلى ما حدث في أفقه العربي والعالمي بعيدا عن القطرية والمكاسب الآنيّة الضيّقة.
وفي تقييمه للثورة التونسية أكد الأستاذ بشير ذياب على غياب ثقافة الديمقراطيّة التي يراها «الثقافة التي كان يفترض أن تكون لاحقة للثورة»، وذلك نتيجة تعثر حكومات مابعد الثورة وغياب الإرادة السياسية لديها لتأطير قطاعات التربية والثقافة والإعلام مقابل نجاح بارونات الفساد السياسي والمالي في تجيير قطاع الإعلام الموروث عن فترة الإستبداد في مجمله وعدم السعي أصلا لبناء منظومة ثقافية وتربوية متطورة تخدم أهداف ثقافة الثورة.
الكاتب حسن الطرابلسي المهاجر في المانيا تحدث في مقاله عن سمة الثّورة التّونسية وإضافتها النّوعية التي تمثّلت في التّأسيس لمفهوم التّوافق. وقد استطاعت الثّورة التّونسية حسب الكاتب نتيجة لهذا التّوافق أن تحافظ على جذوتها وإشعاعها رغم الصّعوبات والتّحديات التي واجهتها في محاولة يائسة لإفشالها وإعادة حركة التاريخ إلى الوراء 
أما المهندس محمود جاء بالله فهو يرى أننا بحاجة الى كشف حساب الثورة للتأكد من مدى استمرارها وتحقيق المطلوب وتنزيل الشعارات التي رفعتها الجماهير. وإنّ كشف الحساب هذا سيمنحنا القدرة على الفهم والإدراك للمجالات المتاحة والفرص الممكنة لأحداث نقلة حقيقية لبلادنا.
الكاتب نجم الدين غربال نظر إلى المستقبل وبعث من خلال مقاله برسالة إلى كلّ من تهُمّه المسألة الإستراتيجيّة في بلدنا وهي عبارة عن إجابة عن سؤال مفاده أيّ إستراتيجية نُريد؟ وهي بشكل مُباشر وبدون مُقدمات كما ذكر الكاتب إستراتيجيّة مُتأصّلة لضمان ثباتها أمام عواصف الاستراتيجيات الأخرى الجارفة كما نُريدها إستراتيجيّة مُتحرّرة لضمان شرط تحقيق أهدافها وكذلك تنموية لتحقيق أهداف الثورة.
وفي العدد مقالات أخرى لا تقل أهميّة ..وقصائد شعريّة  واركان قارّة متجددة... فقراءة ممتعة