وجهة نظر

بقلم
محمد الصالح ضاوي
نحو تأصيل شرعي للحقيقة المحمدية
 ينطلق المقال من إشكالية، عبارة عن مآخذ تؤخذ عن المتصوفة بخصوص إكثارهم الصلاة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، ونظمهم للشعر في ذلك، واتخاذهم الأوراد في الصلاة على النبيّ، ووصفهم له بصفات كثيرة، والغلوّ في ذلك، وهو القائل عليه السلام: «لا ترفعوني فوق منزلتي». فهل هذا له أصل في السنّة؟
المآخذ على الصوفية
وإذا كان المأخذ على الصوفية إكثارهم من حبّ النّبيّ عليه السّلام، فهذا والله شيء عجيب، فحبّه من حبّ الله، وهو فرض علينا، والمبالغة في حبّه قربة من القربات، وعبادة جليلة، فهو يقول:«أشد أمّتي لي حبّا قوم يكونون أو يخرجون بعدي يودّ أحدهم أنه أعطى أهله وماله وأنه رآني»(1). ويقول عن الصوفية الّذين يرغبون في رؤية الرسول عليه السلام:«إن أناسا من أمتي يأتون بعدي يود أحدهم لو اشترى رؤيتي بأهله وماله}(2)  ذلك أنّهم يريدون سببا إلى رسول الله: «كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي»(3) .
لكنّ المنكرين يرون أنّ الصوفيّة ينظمون الشعر والنثر حول الرّسول حتى غالوا فيه، ورفعوه فوق المنزلة الّتي أقامه الله فيها، ونسبوا له كل الأسباب وجعلوه سبب كلّ موجود، وأصل كلّ الأشياء، وأول خلق الله، مع أنّ السنّة في ظاهرها تخالف هذا الوصف، وهذا الغلوّ. فما حقيقة ذلك يا ترى؟؟
في الحقيقة، إنّ هذا الكلام صادر عن المتمسّكين بظاهر الشّريعة، غير المتعمّقين في أسرارها، وهم يردّدون الأحاديث الشريفة دون إدراك كنه كلام الرسول عليه السلام. فلنبدأ بحديث رسول الله عليه السلام الذي يستند إليه هؤلاء، قال المصطفى:«عن أنس بن مالك، أن رجلا قال: يا محمد، يا سيدنا وابن سيدنا، وخيرنا وابن خيرنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس، عليكم بتقواكم، ولا يستهوينكم - وفي رواية قولوا بقولكم ولا يستجركم - الشيطان، أنا محمد بن عبدا لله، عبد الله ورسوله، والله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل»(4).
في هذا الحديث، إنكار من رسول الله عليه السلام، لمن ناداه بسيدنا وابن سيدنا، وقد أحسّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، بأنّ في قول الرجل غلوّا مثل قول اليهود في عزير وقول النصارى في المسيح عليهما السلام، لأنّ الرسول نفسه قال: «أنا سيد ولد آدم»، وروي عن أنس مرفوعا بلفظ: «إني لأول الناس تنشق الأرض عن جمجمتي يوم القيامة، ولا فخر، وأعطى لواء الحمد، ولا فخر، وأنا سيد الناس يوم القيامة، ولا فخر، وأنا أول من يدخل الجنة يوم القيامة، ولا فخر، وإني آتي باب الجنة فأخذ بحلقها،... الحديث» (5) . فلو لم يستشفّ الرسول عليه السلام من قول الرجل: يا سيّدنا.. أي منكر وغلوّ لما كان راجعه، ولو علم الرسول أنّ مقصد الرجل لا يتناهى إلى عبادة الرسول، لما أنكر عليه. والسّرّ في الحديث في المقطع الأخير الّذي ذكره الرسول عليه الصلاة والسّلام: «والله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل» فما هي المنزلة الّتي أنزله الله فيها؟؟.
منزلة الرسول عليه السلام
يقول الرسول الكريم صلوات الله عليه وسلامه: «كتبت نبيا وآدم بين الجسد والروح»(6)
ويقول:«يا أيها الناس لا ترفعوني فوق قدري فإن الله اتخذني عبدا قبل أن يتخذني نبيا»(7)
نتبيّن من هذين الحديثين أنّ للرّسول عليه السلام منزلتين: منزلة العبوديّة ومنزلة النّبوّة، وأنّ الله سبحانه وتعالى، خلق عبوديّته قبل نبوّته. فإذا كانت نبوّة الرسول خلقها الله، وآدم بين الجسد والروح، فيعني أنّ هذه المنزلة أوجدها الله له قبل اكتمال خلق آدم عليه وعلى نبينا السلام. وبالتالي فإنّ منزلة العبوديّة وجدت قبل ذلك. فهذا أوّل سبق للرسول نتّفق عليه من منطلق الحديثين الصحيحين.
الآن، السؤال الذي يفرض نفسه هو: متى خلق الله محمّدا العبد؟ أو متى خلق الله عبوديّة الرسول؟ هناك أحاديث تؤكّد أنّ كلّ الخلق يشهد ويؤمن بنبوّة محمّد، فعن جابر بن عبد الله قال: «أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دفعنا إلى حائط في بني النجار، فإذا فيه جمل لا يدخل الحائط أحد إلا شدّ عليه، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأتاه، فدعاه، فجاء واضعا مشفره على الأرض حتى برك بين يديه، فقال: هاتوا خطاما، فخطمه ودفعه إلى صاحبه، ثم التفت فقال: ما بين السماء إلى الأرض أحد إلا يعلم أني رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا عاصي الجن والأنس»(8).وهذا صحابيّ جليل يتحدّث، فيقول: «كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة، فخرجنا في بعض نواحيها، فما استقبله جبل ولا شجر إلا وهو يقول: السلام عليك يا رسول الله» (9) .
فهذه الأحاديث كلّها متّفقة على أنّ كلّ الخلق يعلم ويشهد ويؤمن برسول الله. لكن عبوديّته سبقت نبوّته عليه السّلام، ولم يكن نبيّا ولا رسولا لو لم تتمّ عبوديّته وتتحقق أحسن تحقيق. ولا يتمّ له شهادة الخلق بالنبوّة والرسالة إذا لم يحقق أعلى درجات الكمال في العبوديّة. بل إنّ العبوديّة الّتي أمر الله بها خلقه كلّهم تتخذ من محمّد مثالا ونموذجا يحتذى. إنّ هذه العبوديّة الكاملة السابقة لظهوره عليه السلام جسدا ونبوّة، تسمّى في اصطلاح الصوفيّة: «الحقيقة المحمّديّة». فمتى خلق الله «الحقيقة المحمّديّة»؟؟.
الحقيقة المحمدية
الإجابة على هذا السّؤال من طريقين: 
أوّلهما طريق الكشف الرّباني والإلهام الإلهي لعباده الصالحين، وقد أجمعوا كلّهم أنّ أوّل ما خلق الله سبحانه الحقيقة المحمّديّة التي خلق الله منها كلّ العالم بما يحتويه من مخلوقات. قال الشيخ الأكبر، محي الدين بن العربي:«المفعول الإبداعي، الذي هو الحقيقة المحمدية عندنا، والعقل الأول عند غيرنا، وهو القلم الأعلى الذي أبدعه الله تعالى من غير شيء، هو أعجز وأمنع عن إدراك فاعله»(10). 
وقال الأمير عبد القادر الجزائري:« برزخ البرازخ كلها وجمعها: هو الحقيقة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام»(11).
والطريق الثاني، هو استخراج الأدلّة من النّصوص الشرعيّة،  ونبدأ بالحديث النّبوي المرويّ عن عبد الله بن عمر، قال: « خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده كتابان فقال: أتدرون ما هذان الكتابان؟ فقلنا: لا يا رسول الله، إلا أن تخبرنا. فقال للذي في يده اليمنى: هذا كتاب من رب العالمين، فيه أسماء أهل الجنّة، وأسماء آبائهم وقبائلهم، ثم أجمل على آخرهم، فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبدا. ثم قال للذي في شماله: هذا كتاب من رب العالمين، فيه أسماء أهل النار، وأسماء آبائهم وقبائلهم، ثم أجمل على آخرهم، فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم....»(12). 
هذا الحديث مهمّ للغاية، فلا نعلم مصير الكتابين الّذين رآهما جمع من الصحابة،  ومن محتواهما الوارد وصفه في الحديث، علمنا أنّهما تلخيص لكتاب جامع عند الله، مكتوب فيه كلّ عمل صالح أو فاجر، وهو ما عبّر عنه الحديث الشريف: «إن أول شيء خلقه الله عز وجل القلم فأخذه بيمينه - وكلتا يديه يمين – قال: فكتب الدنيا وما يكون فيها من عمل معمول، بر أو فجور، رطب أو يابس، فأحصاه عنده في الذكر، ثم قال: اقرؤوا إن شئتم: «هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بالحقّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ» (13)  فهل تكون النسخة إلا من أمر قد فرغ منه» (14) .
ويستفاد من هذين الحديثين، أنّ الرّسول عليه الصلاة والسلام أوتي الكتاب /الذّكر(في جزأين) الّذي خطّ الله فيه بقلم الإرادة، ما كان وما سيكون، بكلمات الله. كتاب فرغ منه، وتمّت كلمات ربّك صدقا وعدلا، لا مبدّل لكلماته. أي أنّ الله أعطاه اللوح المحفوظ الّذي خطّه القلم. لكنّنا نعلم أنّ كلمات الله غير محصورة وغير معدودة ولو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي، ولو جئنا بمثله مددا، ولو جئنا بسبعة أبحر مثله، فكيف إذن نوفّق بين الفكرتين؟ الجواب سهل: ما كتب في الذكر أو الكتابين، أو اللوح المحفوظ، أو ما خطّه القلم، هو من قبيل أحكام الله التنفيذيّة في العالم، وما عبّر عنه الله بكلماته غير المعدودة وغير المحصورة هو من علمه اللامتناهي، سبحانه العزيز العليم. والرسول أوتي الكتاب الحكميّ الّذي فرغ منه وتمّ، فهل أعطاه الله العلم اللامتناهي؟؟.
جوامع الكلم
يقول سيّد الخلـــــق:«أعطيت فواتح الكلم وخواتمه، قلنا يا رسول الله: علمنا مما علمك الله عز وجل، فعلمنا التشهد»(15). وفي مسند الإمام أحمد من حديث عمر رضي الله عنه، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أوتيت جوامع الكلم»  ويدخل في جوامع الكلم وفواتحه وخواتمه، كلّ كلمات الله الّتي ألقاها على عباده، وعلّمها عباده، وابتلى بها عباده، وختم بها على عباده، والآيات في ذلك كثيرة منها قوله تعالى: «فتلقّى آدم من ربّه كلمات» (16).
فإذا كان الرسول عليه السلام قد أوتي جوامع الكلم وفواتحه وخواتمه، فإنّه قد أوتي كلّ شيء من لدن من بيده كلّ شيء، وينفعل، عليه السّلام، في كلّ شيء، لأنّه لا يخرج أيّ شيء عن كلمات الله، فكلّ أمر بين الكاف والنّون هو في حقيقته من الله سبحانه، يمرّ عن طريق الحقيقة المحمّديّة، التي هي القلم، والّذي يعتبر في عقيدة المسلمين أوّل الموجودات. يقول الشيخ ابن العربي في الفتوحات عن جوامع الكلم ما يلي (17):
«قال رسول الله (ص): «أوتيت جوامع الكلم» (18) وقال تعالى:«وكلمته ألقاها إلى مريم» (19). وقال:«وصدّقت بكلمات ربّها وكتبه»(20). ويقال: قطع الأمير يد السارق، وضرب الأمير اللصّ. فمن ألقى عن أمره شيء فهو ألقاه، فكان الملقي محمد (ص) ألقى عن الله كلمات العالم بأسره من غير استثناء شيء منه البتة...... فيرجع الكلّ في ذلك إلى من أوتي جوامع الكلم. فنفخ الحقيقة الإسرافيلية من المحمّديّة، المضافة إلى الحق نفخها، كما قال تعالى:«ويوم ينفخ في الصور» (21)، بالنون وقرئ بالياء وضمها وفتح الفاء، والنافخ إنما هو إسرافيل عليه السلام، والله قد أضاف النفخ إلى نفسه. فالنفخ من إسرافيل، والقبول من الصور، وسرّ الحق بينهما هو المعنى بين النافخ والقابل كالرابط من الحروف بين الكلمتين. وذلك هو سرّ الفعل الأقدس الأنزه الّذي لا يطلع عليه النافخ ولا القابل...... فبعد فهم جوامع الكلم الّذي هو العلم الإحاطي، والنور الإلهي، الّذي اختصّ به سرّ الوجود وعمد القبّة وساق العرش وسبب ثبوت كل ثابت: محمّد (ص) فاعلموا وفقكم الله أن جوامع الكلم ... محصور في ثلاث حقائق: ذات، وحدث، ورابطة. وهذه الثلاثة جوامع الكلم». انتهى كلام الشيخ الأكبر.   
فالآن، استقرّ المعنى، أنّ الرسول هو سيد الناس وسيّد الخلق وحقيقته النورانيّة من نور الله، وهو الواسطة أو السبب في كلّ موجود، وسرّه سرى في الكون بأمر الله، عمدة الكون، بحقيقته نوّر الله ملكوته وخلق خلقه، وأقام ملكه.
يقول القاضي عياض في كتابه «الشفاء بتعريف حقوق المصطفى»[بتصرف](22): «وروي عن جعفر بن محمد الصادق ـ فى قوله تعالى: «الله نور السماوات والأرض...الآية» (23). قال كعب، وابن جبير: المراد بالنور الثاني هنا محمد عليه السلام(24)». انتهى كلام القاضي عياض. بل ورد في الآثار عن القاضي عياض، ما يؤكّد على أن الرسول عليه الصلاة والسلام:«كان لا ظل لشخصيته في شمس ولا قمر، لأنّه كان نورا»(25). 
وقد يليق بمقامنا هنا أن نذكّر من مازال في نفسه شيء ممّا  سبق تحليله أنّ الصحابة كانوا - رضوان الله عليهم- يهيمون في رؤية وجه رسول الله عليه السلام، من ضيائه ونوره المتلألئ،  وكان يلاحظ ذلك، ويخبرهم بطريق الإشارة المليحة أنّ نوره من نور الرحمن، فيقول لهم «ما أشخص أبصاركم عني قالوا: نظرنا إلى القمر. قال: فكيف بكم إذا رأيتم الله جهرة» (26) .
بين البشرية والنورانية
يقول العارف بالله سيدي أحمد بن عبد الله (27):
«لولا نور سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ما ظهر سر من أسرار الأرض...». 
ويقول حجة الإسلام أبو حامد الغزالي (28) : «بشرية النبي صلى الله عليه وسلّم: إذا شارك الناس في البشرية والإنسانية من حيث الصورة فقد باينهم من حيث المعنى، إذ بشريته فوق بشرية الناس لاستعداد بشريته لقبول الوحي: «قُلْ إِنَّما أَنا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ»(29). أشار إلى طرف المشابهة من حيث الصورة: «يُوحَى إِلَيَّ»، أشار إلى طرف المباينة من حيث المعنى». 
ويقول الشيخ محمد بن الكسنزان الحسيني (30):«بشر لا بشر: هذا المصطلح يطلق في فكرنا وعقيدتنا بالأصالة على النور المحمدي، على صاحبه أفضل الصلاة والسلام، في مرحلة (تجسده) وظهوره بصورة الإنسان الكامل، خلال البعثة الظاهرية. فقد ورد في القرآن الكريم قوله تعالى: «قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نورٌ وَكِتابٌ مُبينٌ» (31)، والمراد بالنور هنا: كما ذهب كثير من العلماء والمفسرين والمشايخ الكاملين، هو: حضرة الرسول الأعظم، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم، وقد تجسد بصورة البشر، فكان من حيث الظهور بشراً سوياً، تنطبق عليه خصائص عالمنا في كثير من الأحيان.
ومن حيث الأصل أو الذات، هو نور منـزل، ولهذا وصفناه صلى الله عليه وسلّم بصفة (بشر لا بشر)، فبحسب الشق الأول من هذه العبارة أي كلمة (بشر) نفهم الآيات الكريمة في القرآن الكريم الدالة على بشريته كما في قوله تعالى: «قُلْ إِنَّما أَنا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ» (32). ومن الشقّ الثاني (لا بشر) نفهم الآيات والأحاديث النبوية والظواهر الدالة على نورانيته صلى الله عليه وسلّم. ومن حيث جمعية هذه العبارة نفهم حقيقة نبينا محمد صلى الله عليه وسلّم».
خاتمة:
بعد هذا العرض المبسط لموضوع الحقيقة المحمدية، لنا أن نتساءل عن جدوى طرح الموضوع، والتركيز عليه، عدا الإجابة عن أسئلة خصوم التصوف؟.
والجواب، هو أن بيان حقيقة الرسول الأعظم، النورانية، تؤدي بنا إلى التساؤل عن ميراث هذا النور المحمدي، ومآله بعد فقدان بشرية الرسول الأكرم. فالإرث المحمدي، ليس حديثا وكتبا ومجادلات، كما يتراءى لنا، بل يتعداه إلى النور النازل معه، والسائر معه، والحي معه،،،، ذلك النور الذي أفاض على قلوب الصحابة، فحولهم من جهلة رعاع، إلى أسياد الدنيا. إنّ ميراثنا الضائع من رسول الله، هو ذلك النور الساري في الكون والإنسان والحياة، بل هو الحياة التي منحت الوجود كله للموجودات.... ونحن أحوج ما نكون لهذا النور القلبي، الذي يؤمّن لنا الاستمرار في سلسلة النبوة.. ويفتح لنا أبواب حضرة الحقيقة المحمدية، التي هي الحقيقة الجامعة، أي: حقيقة الحقائق، الجامعة بين الخلق والحق.
وإثبات الحقيقة المحمدية، هو إثبات سبب كل موجود، دون السقوط في ما ادعته النصارى في نبيّهم، حيث رفعوه إلى درجة الألوهية، وهو ما كان الرسول دعا وحذر منه.... ولله در القائل (33):
دعْ ما ادعتْهُ النصارى في نبيهــــــــم          واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكــــم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شـــرف          وانسب إلى قدره ما شئت من عظــمِ 
الهوامش
(1) السلسلة الصحيحة للألباني: الحديث رقم 1418.
(2) السلسلة الصحيحة للألباني: الحديث رقم 1676.
(3) السلسلة الصحيحة للألباني: الحديث رقم 2036.
(4) السلسلة الصحيحة للألباني: الحديث رقم 1097.
(5) السلسلة الصحيحة للألباني: الحديث رقم 1571.
(6) السلسلة الصحيحة للألباني: الحديث رقم 1856.
(7) السلسلة الصحيحة للألباني: الحديث رقم 2550.
(8) السلسلة الصحيحة للألباني: الحديث رقم 1718.
(9) السلسلة الصحيحة للألباني: الحديث رقم 2670.
(10) ابن العربي، محي الدين: الفتوحات المكية، الباب الثالث، في تنزيه الحق تعالى عما في طيّ الكلمات التي أطلقها عليه سبحانه في كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، من التشبيه والتجسيم، تعالى الله عما يقول الظالمون علوّاً كبيرا. 
(11) الشيخ محمّد الكسنزان الحسيني، موسوعة الكسنزان فيما اصطلح عليه أهل التصوف والعرفان، ط 1 سنة 2005. مادة: ب ر ز خ.
(12) السلسلة الصحيحة للألباني: الحديث رقم 848.
(13)  سورة الجاثية - الآية 29.
(14) السلسلة الصحيحة للألباني: الحديث رقم 3136.
(15) السلسلة الصحيحة للألباني: الحديث رقم 1483.
(16) سورة البقرة - الآية 38.
(17) ابن العربي، محي الدين: الفتوحات المكية، الباب الثاني، في معرفة مراتب الحروف والحركات من العالم، وما لها من الأسماء الحسنى، ومعرفة الكلمات ومعرفة العلم والعالم والمعلوم، الفصل الثاني: في معرفة الحركات التي تتميز بها الكلمات، وهي الحروف الصغار.
(18) أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (المتوفى: 241هـ): مسند الإمام أحمد بن حنبل، تحقيق: شعيب الأرنؤوط - عادل مرشد، وآخرون، إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي، نشر: مؤسسة الرسالة، ط: 1، 1421 هـ - 2001 م، الحديث رقم: 7403.
(19) سورة النساء - الآية 171.
(20) سورة التحريم - الآية 12.
(21) سورة النمل - الآية 87.
(22) عياض بن موسى بن عياض بن عمرون اليحصبي السبتي، أبو الفضل (المتوفى: 544هـ)، الشفا بتعريف حقوق المصطفى، نشر: دار الفيحاء – عمان، ط 2 - 1407 هـ، ج 1 صص 58-60.
(23) سورة  النور- الآية 35.
(24) سورة الأحزاب - الآية 45-46.
(25) عياض بن موسى بن عياض بن عمرون اليحصبي السبتي، أبو الفضل (المتوفى: 544هـ)، الشفا بتعريف حقوق المصطفى، نشر: دار الفيحاء – عمان، ط 2 - 1407 هـ، ج 1 ص 731.
(26) السلسلة الصحيحة للألباني: الحديث رقم 3056.
(27) بن مبارك، أحمد: الإبريز من كلام سيدي عبد العزيز الدباغ، الفصل الثاني: في كيفية تدريجه إلى أن وقع له الفتح رضي الله عنه، وذكـر العارفين الذين ورثهـم في الشـهادة والغيـب، الحكاية الأولى.
(28) الشيخ محمّد الكسنزان الحسيني، موسوعة الكسنزان فيما اصطلح عليه أهل التصوف والعرفان، ط 1 سنة 2005. مادة: ب ش ر.
(29) سورة الكهف - الآية 110.
(30) الشيخ محمّد الكسنزان الحسيني، موسوعة الكسنزان فيما اصطلح عليه أهل التصوف والعرفان، ط 1 سنة 2005. مادة: ب ش ر.
(31) سورة المائدة - الآية 15.
(32) سورة الكهف- الآية 110.
(33) البوصيرى، شرف الدين أبى عبد الله محمد: بردة المديح المباركة، موقع: http://www.grandzawiyah.com
-----
- كاتب وصحفي تونسي مقيم في الجزائر
dhaoui66@gmail.com