تدوينات

بقلم
محمد الصالح ضاوي
تجديد الفكر الإسلامي
 كثيرا ما يردّد شعار: تجديد الفكر الإسلامي وضرورته في هذه الأيّام. وأحبّ أن أبسط بعض الملاحظات حول هذا الموضوع:
أولا: إنّ تجديد الفكر الإسلامي مهمّة معرفيّة وسلوكيّة وروحيّة، لا تقتصر على العقل فقط، وإنّما تتجاوزه إلى اكتشاف الرّوح الإسلامية الخالدة التي تنير لنا طريقنا اليوم، كما أنارت طريق أسلافنا الصّالحين. فكل اقتصار على الجانب العقلي فقط، كما فعلت حركات الإسلام السّياسي العربية، يؤدّي بنا إلى نكسة جديدة، تحبطنا وترجعنا قرونا إلى الوراء. الإسلام عقل وروح في تناغم مستمر، وثمرة الإيمان والسّلوك الرّشيد. فلا يمكن تجديد الفكر الإسلامي بإدخال مناهج غربيّة وتلفيق بعض نظريّات العلوم الإنسانية، واستعمال مصطلحات حديثة ومعقّدة..... هذا اعتداء على الإسلام وليس تجديدا للرّؤية الإسلامية.
ثانيا: لا يمكن عند الحديث عن التّجديد في الفكر الإسلامي، الاقتصار على الكلام النّظري فقط.... الإسلام، خلافا لغيره من الأديان والملل والنّحل، مجموع اعتقاد وقول وعمل، ومهما حاولنا إثبات غير ذلك في الأبحاث والدّراسات، فإنّ المجتمع لا ينظر إلاّ بالنّظرة الشّاملة.... وعليه، فإنّ من يتبجّح بأنّه سكّير أو له باع في أجواء السّهرات الخمريّة والمجون، لا يصلح للتّجديد الإسلامي، لأنّه سيكون عنصرا سببا في رفض التّجديد، وسيحقّق رغبات المحافظين والمتشدّدين والرّجعيين، لأنّه يتبدّى في أسوإ الصّور أمام جماهير الوطن.....
ثالثا: إنّ مهمة التّجديد في الإسلام هي أوّلا: مهمّة رجاله المشتغلين بالخطابة والإمامة والدّعوة والإرشاد والفقه والفتوى.... هؤلاء هم أولو التّجديد والتّنوير.... وعليهم تقع مهمّة التّصدي للرّجعية والتّطرف والإرهاب... وعليهم تقع مسؤوليّة تكوين صورة نورانيّة للإسلام... وهم المسؤولون عن أحلام الشّباب المسلم وتطلّعاتهم.... أمّا غيرهم من الأطراف المتدخّلة في المشهد الدّيني، فلا تحرم من الإدلاء بدلوها، إلاّ أنّها لا قدرة لها على المساس بعمق الجماهير النّفسي والمعرفي في مختلف القرى والمدن...
رابعا: لا يمكن للتّجديد الإسلامي في الرّؤية والفكر أن ينجح ما لم يتصالح مع وسائل التّواصل الحديثة، حيث بات من المتأكّد أنّ الشباب اليوم يتلقّى دينه من الفيديوهات والقنوات الفضائيّة والتّجمعات الخطابيّة.... إنّ حسن الفكرة يتطلّب حسن تسويقها وقياس مدى استجابة النّاس لها... وعليه فإنّه من المهمّ الاستعانة بأدوات الإحصاء والاستبيانات ومختلف الأدوات العلميّة من أجل قياس علمي، كمّي وكيفي، للخطاب الدّيني الجديد......
-----
- كاتب وصحفي تونسي مقيم في الجزائر
dhaoui66@gmail.com