في الصميم

بقلم
طه كعنيش
رباعي تونس يظفر بجائزة نوبل قبل إيران: باب المعراج أم سياق الاستدراج؟
 يوم 9 نوفمبر 2015 وعلى وقع الانتفاضة في فلسطين نظّمت مؤسّسة رئاسة الجمهوريّة التّونسيّة حفل استقبال رسميّ على شرف الرّباعي الرّاعي للحوار الوطني بتونس(1) تثمينا لفوز تونس بجائزة نوبل للسّلام العالميّة، التّي ترشّح إليها أيضا بابا الفاتيكان والمستشارة الألمانيّة «أنجيلا ميركل». جاء في بيان لجنة نوبل أنّ منحها الجائزة كان بسبب: «مساهمتها المهمّة والحاسمة في بناء دولة ديمقراطيّة تعدديّة في تونس في أعقاب ثورة الياسمين العام 2011». لم يقترح لنوبل «بوتين» ولا أيضا «لافروف» القائمين بالوساطة بين النّظام السّوري والمعارضة على الرّغم من موقفهما المعروف من الإرهاب. كذلك تغلّب الرّباعي على «ظريف» و«كيري» وأمكن له وضع كليهما على التّماس. فهل سبب ذلك كون معاهدة النّووي في صيغتها المعلنة بين إيران والولايات المتّحدة مكسبا لشقّ المقاومة والممانعة على حساب أمن الكيان الغاصب؟ نحن في المقال لن نحقّق في ذلك لكن يحدونا شكّ أنّ الجائزة أتت مكرمة لجهد بنّاء مبذول على خطى الدّيمقراطيّة والأحرى أنّ سياق نيلها منفصل تماما وأنّه يجري ضمن دائرة اللّجنة حول أجندا قائمة أحد فصولها نظرة الحائز للجائزة للسّلام مع العدوّ.. البعض يكذّب والبعض يصرّح هيهات، فأن تقولوا إنّ الجائزة لا علاقة لها اليوم بفلسطين فالحقّ أنّ كلّ العالم ألقي بوجهه شطر فلسطين وهرول نحو مقدساته فيها. وسواء حضرت فلسطين في أذهان أعضاء اللّجنة أم غابت، وسواء أجاء صدقا ما صرّحوا به عن ثورة الياسمين أم كذبا.. فعليهم أن يثبتوا وجود معايير إسناد منصفة في لجنة اشتهر أنّ مداولاتها سريّة  ولا يرشح منها شيء منذ خمسين عاما. ولأنّنا لا نعلم ما أضمروه فسنكتفي في المقال بمتابعة الأقوال والآراء عن موقف المتنافسين المسلمين (ايران، تونس) من فلسطين لنستدل عن أنّ ما يتداول من نهج استمراريّة ثقافة المكيالين حتّى لدى اللّجان فكرة لا تخلو من وجاهة ثمّ يستنتج القارئ من بعد ذلك ما يشاء. 
في البدايّة لا نطعن في أعضاء اللّجنة ولكن لن ننزّهها بعد أن نشر أمينها العام السّابق «غير لوندستاد» في كتابه «سيكرتري أوف بيس» ما يكشف التّفاصيل الخفيّة للجوائز، التّي قُدِّمت في السّنوات القليلة الماضية، ومن بينها تلك التّي مُنحت للرئيس الأميركي باراك أوباما بصفة مبكرة للغاية، (تسعة أشهر فقط من توليه المنصب). فاللّجنة  تتشكّل من خمسة أعضاء، « وليس من الصّعب فرض وتوجيه الخيارات إذا لم ترق لعناصر تركيبتها القليل وهو ما صرّح به في كتابه حيث يقول «إنّ  أوباما لم يرق إلى آمال اللّجنة»  و إذن فلسواد عين من اصطفوه؟ وهل كانت توجد لجنة أخرى خفيّة غير الأعضاء الخمسة؟. وهذا مثال على عدم الحياديّة وعلى كلّ « لوندستاد» شخصيّة غير نكرة وله صفة مدير معهد نوبل في الفترة بين 1990 و2015، ويحضر اجتماعات اللّجنة (لم يكن له حقّ التّصويت) وهو قال ، في مؤتمر صحافي عند إطلاق كتابه، أنه أراد عرض ما يُنظر إليها بشكل كبير باعتبارها أرفع جائزة بالعالم بمزيد من الانفتاح. وهو انتقد عضويّة «ثوربيورن ياغلاند»، الذي شغل منصب رئيس اللّجنة لمدة ستّ سنوات وهو الآن عضو منتظم باللّجنة. وقال «لوندشتات» إنّه ما كان ينبغي ترشيح رئيس وزراء سابق لرئاسة اللّجنة، التّي دائما ما تؤكد على استقلالها...والرّأي إنّ الفرقعة الاعلاميّة قد تأتي للتّغطيّة عن شيء ما. 
كذلك لم تسلم تركيبة اللّجنة من نقد نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أحمد الرّيسوني، الذي هاجم القائمين على جائزة «نوبل» للسّلام، متّهما إياهم بافتقاد «النّزاهة» و«الموضوعية» بسبب حرمان حزب حركة النّهضة من حقها في الجائزة أو الشّراكة فيها على الأقل. فمن وجهة نظر الرّيسوني أنّه بتدخّل رباعي الحوار الوطني وعبر «وساطات وحوارات وإضرابات»، «تمّت الإطاحة سلميّا بحكومة شرعيّة منتخبة لا غبار عليها، وتمّ تسليم السّلطة لغيرها».
ليس من السّهل نفي أنّ أحداثا مفتعلة كانت موجهة ضدّ النّهضة وحلفائها والمتعاطفين معها وأنّ اتّجاه ما، تبلور نحو تنحيتها طوعا أو كرها ولعلّه كانت هناك خشيّة من بقائها وتوطيد اتّصالها بالنّهج المقاوم، (زيارة هنيّة، دخول وزير الخارجيّة رفيق عبد السّلام عزّة في ذروة الحرب..) دون نسيان التّصريحات القريبة من الرّئاسة التّي كانت أكّدت أنّ انقلابا ناعما نسجت خيوطه أطراف متنفّذة مباشرة بعد انقلاب مصر. اليوم بعد الجائزة عدنا إلى نقطة الحرج في نصرة القضيّة الفلسطينيّة ولا أدلّ على ذلك من خفوت حجم التّأييد لانتفاضة الأقصى الثّالثة وتواضع حجم المسيرات المؤيدة للانتفاضة وخرس مجلس النّواب الموصوف أداؤه بالهزيل. ولا أحد بوسعه التّأكيد أنّ الشّعب التّونسي قد غدا ينعم بحالة سلم ووفاق وتنازل متبادل، فالصّراع على أشدّه ولا أحد بمقدوره أن يثبت أنّه وجدت شراكة سياسيّة فعليّة حتى نقول إنّ ثمرة تدخّل الرّباعي هو إنقاذ التّجربة الدّيمقراطيّة لا إعطاب المسار الدّيمقراطي برمّته كما قيل..
أمّا «كايسى كولمان فايف» رئيسة لجنة نوبل للسّلام، فإنّها تأمل -كما تقول- عن الجائزة المسندة لرباعيّة الحوار الوطني التّونسي إنّها بمثابة « تشجيع للشّعب التّونسي» و«مقدمة بمثابة الإلهام لإدراك أنّه من الممكن العمل معا برغم الاختلافات». 
هذا عن تونس أمّا عن إيران فوزير خارجتها ظريف (المبعد من الجائزة) كان دعا تونس أثناء زيارته لها - وفقا لما أوردته وكالة (Lhv) العالميّة-، إلى «ضرورة تشكيل جبهة موحدّة أمام العدوّ الصّهيوني ووأد المحاولات الرّاميّة الي بث الاختلافات»، ثمّ هو في لقائه بالفصائل الفلسطينيّة  أكّد على استمرار الدّعم الايراني اللّامحدود للقضيّة الفلسطينيّة على المستويات العسكريّة للدّاخل الفلسطيني وكذلك زيادة المساعدات الاجتماعيّة لفلسطينيي لبنان عبر لجنة دعم المقاومة في فلسطين.. وهو ممّن يشدّد على التّمسك بالمقاومة المسلّحة لتحرير فلسطين بكاملها والتّمسك بحقّ العودة، فإن قال قائل إنّ إيران تفاوض مع الأمريكان تحت الطّاولة حول تقسيم المنطقة فكيف يفسّر ما جرى على هامش الجلسة العامّة الموسّعة بين السّداسيّة وإيران، لقد نزلت درجة اليأس الأميركيّة من إيران إلى مستوى أقل من 50%،(بتعبير أوباما) عندما وقف محمد جواد ظريف لوزير الخارجيّة الأميركي جون كيري بحزم، وأشار إليه بسبابته قائلاً: «إن كنت ترغب في الانسحاب فلا تهدّد، انسحب وحسب، أمرٌ آخر، تعلّم ألاّ تهدّد إيرانياً». الاستخلاص، إيران لم تفاوض في ملف آخر عدا النّووي ولم تشارك في ترتيبات وضع المنطقة بالنّيابة عن أحد لا في سوريا ولا في فلسطين. التّوافق النّووي الحاصل بين ايران و «5+1» بما أنّه جلب استياء اللّوبي الصّهيوني في أمريكا وحكام الكيان الصّهيوني فهو مؤشر على انتصار إيران في ساحة المفاوضات النّوويّة. إيران تفاوض الكبار لكن تتحرّك بخلفيّة وحدة العالم الإسلامي ولعلّها تشعر أنّها قطب الرّحى فيه وبعدم شرعيّة آل سعود في التّولي على المقدّسات لا في فلسطين ولا في مكّة والمدينة ولكنّها بالتّأكيد لا تحمل التّأييد المبطن للأوساط الدّوليّة بما فيها الأمم المتّحدة في خصوص فلسطين. فأين نوبل من فلسطين. بل خطاب خامنائي في عيد الفطر سنة 2014  يعتبر « تلك الأوساط  (الدّوليّة) مشاركة ومتواطئة  في جرائم الكيان المصّاص للدّماء والمقترف للفجائع». 
حول فلسطين من وجهة نظر فارسيّة إسلامية، فإيران تنظر للكيان المحتلّ والمجتمع الدّولي المزيّف، أنّهما مارسا دور القاعدة العسكريّة والأمنيّة والسّياسيّة للحكومات الاستكباريّة، ودور المحور للغرب الاستعماري. وبالتّالي فالكيان عدو اتحاد البلدان الإسلاميّة ورفعتها وتقدمها، وإيران انتقدت معاهدة أوسلو فى سنة 1993 والمشاريع التّكميليّة الأخرى التّى أعقبتها والتّى أدارتها أمريكا، وواكبتها البلدان الأوربيّة الاستعماريّة.
عربيا كما تونسيّا، فلسطين في القلب. وبالمناسبة لا يهمّ العرب بمن فيهم التّونسي اعتراف منظمة التّحرير الفلسطينيّة بالقرارين 242 و338 وباتفاق المبادئ في أوسلو 1993، فذلك اعتبر بمثابة الاعتراف بالتّنازل عن حقّ الشّعب الفلسطيني الأساسي والثّابت في تقرير مصيره ( مصير فلسطين من زاويّة القانون الدّولي شعوب المستعمرات، أي السّكان الأصليّون يوم احتلال بلادهم) 
الآن إذا دخلنا في المقارنة بين إيران وتونس فواقعيّا لا يحتفل مجلس تونس النّيابي بيوم القدس في آخر أسبوع من رمضان (ربّما كون الذي سنّه هو الخميني وربّما غير ذلك)(2) وكونها تعلن عن  احتفال وطني ورئاسي بمناسبة حصول الرّباعي على جائزة نوبل معناه أن لا علاقة للجائزة بفلسطين بل بالحريّة والدّيمقراطيّة. وكون لجنة الجائزة لم تذكر أنّ الرّباعي انقلب ديمقراطيّا على نواب منتخبين فذلك حفر مواجع يتعارض مع ريح الياسمين وقدر الرّحيل. ولعلّه موضوع غير فارق في نيل الجائزة وهو لا يعنينا الآن.. ولكن ما يهمّنــا بالنّهايّــة أنّ تونــس لم تدستر معاداة الصّهيونيّـــة، ولا عداء لهـــا لـ «إسرائيل» رغم أنّها مع حقّ فلسطين في دولته المستقلّة على حدود 67. وفلسطين - في عرف من اعترف-  أزمة شرق أوسط لا علاقة لها بدول الطّوق بل و تسوّق لكأنّها قضيّة «نزاع ضفّاوي غزّاوي- إسرائيلي» صرف، لا قضيّة عرب غرب آسيا ومصر وشمال افريقيا. وقد فهم من ذلكم التّحليل المعكوس أنّ مصلحة التّونسيين الخاصّة في تونس تقتضي بعث رسالة طمأنة للولايات المتّحدة والكيان الصّهيوني. وهذا ليس موقفي وإنّما موقف أحزاب سياسيّة ونقابات ...فلا عليها أن تضع برامج التّطبيع وتبادل الزّيارات وأن تتلقّى مساعدات وهبات في الانتخابات والنّدوات من شركات لها ارتباطات بالصّهيونيّة فلا شيء يمنع من ذلك دستوريّا وقانونيّا كون إمكانيّة نشوء علاقة مع « إسرائيل» من تحصيل حاصل، وبدلاً من أَن يقع التّونسيّون في قبضة إِيران فتنسيقهم مع النّاتو على قدم وساق، ولا ينقطع على الصّعيد السّياسي والثقافي والتّجاري..، كأنّ التّحالف مع النّاتو أحد استحقاقات الثورة وقدر الشّارع التّونسي أن يغفل أنّ الجائزة سياقها استدراج، لا معراج نحو الديمقراطية – كما يصوّر- وأنّها سيف مسلط على مواقف الدّولة للجهر باستحقاقات قادمة للعدوّ. والحقيقة المرّة أنّ الشّعب التونسي بأجهزة إعلامه يتفاعل مع أحداث الانتفاضة خجولا وكلّما صرّح مسؤول بشكل أَو آخر، بارتباطات تونس وتحالفاتها الاستراتيجيّة فإِنَّ القول ما قالتّ حذامي«أَمريكا أَولى بنا من غيرها» فما هذه الدّيمقراطيّة وما هذا الياسمين؟.
كذلك الهيئات الحقوقيّة في تونس ومنظمات المجتمع المدني قليلا ما تنطق أنّ قرار التّقسيم رقم 181 لعام 1947 وبقيّة قرارات هيئة الأمم المتّحدة اللّاحقة وصولا لقراري 242 و338 غير شرعيّة من زاويّة ميثاق هيئة الأمم المتحدة وأنّه لا يحقّ لأيّة دولة عربيّة أو الدّول العربيّة مجتمعة أن تقرّر مصائر البلدان الأخرى بمعزل عن شعوبها، (ذلك يلغي مبادئ القانون الدّولي، ولا يبقي من ميثاق هيئة الأمم أو معاهدة 1969 شيئا).  
أمّا إيران.. فهل تراها تغفل عن أضلع عربيّة متواطئة مع العدوّ بعضها اعتزم شراء منظومة القبّة الحديديّة من اسرائيل للدّفاع عن أمن المنطقة. وهل تسترخي وأمنها مهدّد وهي التّي أشار قائدها الخامنئي عن حرب ناعمة محسوبة تشنّ ضدّها، فمن يصدّق أنّ إيران  ستغيّر البروتوكول مع بعض حلفائها العرب وتسمح بتغيير الجمهوريّة الاسلاميّة على صعيد  المسار والماهيّة ؟ فالعدو الصّهيوني لم يعد يرغب في منازلة مكشوفة بل يريد تغيير معتقدات ومبادئ شعوب المنطقة بجذب النّخبة والجامعيين الشّباب لتغيير فكرهم الدّيني والسّياسي والثقافي من خلال هذه الحرب النّاعمة لذلك يؤكد الخامنائي على أنّ الشّعب الإيراني مسلم وأنّه بصدد التّصدي لهذا العدو وإحباط مخطّطاته من خلال إعداد برامج علميّة دقيقة في وسائل إعلامه الوطنيّة. وكون ايران لا تنافس ولا تتفلسف في مناقشة متاهات الجوائز واعتبرت أطراف منها منح جائزة نوبل في وقت سابق  للحقوقيّة «شيرين عبادي» مؤامرة على الثّورة، معناه أنّها في الضّفة الأخرى للنّظم العربية بمشروع لا يستهدف تحقيق السّلام وفق منظوراته الأمريكيّة بل مسعاه تحطيم  الآلياتٍ التّنفيذيّة لمخطّط واشنطن من أجل تغيير الوعي البشري لدى الشّعوب والنّخب. الخميني كان يقول عن أمريكا « الشّيطان الأكبر» وعن اسرائيل «لو أنّها وضعت رجلها في البحر لتنجّس» واليوم ايّة اللّه الخامنئي يعارض أي مفاوضات سوى النّوويّة مع أمريكا. ومن جملة ما يقول «الصّهاينة لن ينعموا بالهدوء حتى القضاء عليهم... وبإذن اللّه لا يبقى شيء اسمه الكيان الصّهيوني في المنطقة بعد 25 عاما القادمة».. وفعليّا تزداد القدرات الايرانيّة التّي تساهم بشكل فعّال في تدعيم ركائز الأمن والسّلام وتحدث موازنات جديدة تصبّ لصالح شعوب المنطقة. والإعلام الايراني يعتبر العدو الصّهيوني كيانا لقيطا. وأنّ أعمدة السّلام معه تكمن في الاختبار النّاجح لصاروخ «عماد» الباليستي.
ولنركّز على سياق الجائزة. «إسحق رابين» كان دشّن سياسة البحث عن أرضيّة مشتركة مع العرب السّنّة ضدّ إيران. وبعد الرّبيع شهدنا انهيار أغلب الدّول العربيّة المهمّة وانتهاء النّظام السّعودي من تنفيذ أغلب محطّات المشروع الصّهيوني في المنطقة تنفيذا لسياسات «معهد واشنطن لسياسة الشّرق الأدنى». فهذا المعهد فرض عبئا على عاتق الجماعات الاستسلاميّة عديمة الهمّة سواء من دعاة المفاوضة الفلسطينيين أم ممن دأبهم التّلون إلى الأبد، ولذلك تنصبّ مساعي المعهد لتقديم الوعود وصرف الشّعوب والجماعات الفلسطينيّة والاسلاميّة عن خيار المقاومة وقد كانت ولا تزال وعودا مخادعة عن ديمقراطيّة وحريّة جوفاء ومحاورات بيزنطيّة في السّاحات السّياسيّة. وليس عبثا أن تهاطلت الجوائز الماسونيّة لمن توسّموا فيهم أن ينزلوا عرابين لمشاريعهم ومن ذلك منح معهد شاتام هاوس «الماسوني» (3) جائزته السّنويّة لعام 2012 لزعيم إسلامي وآخر عروبي بحضور سياسيين بريطانيين بينهم «جون ميجور» رئيس الوزراء السّابق أثناء الهجوم على العراق في حرب الخليج الثانيّة. وهل صدفة أن يتوّج الرئيس التونسى الباجى قايد السبسى، ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشى، مناصفة بجائزة السلام لعام 2015، التى تمنحها مجموعة الأزمات الدّولية؟ هل هو انعتاق أو توريط لتونس في صراعات المنطقة وفى معالجة الكثير من الأزمات؟. فهل أعيتهم الحيلة حتّى لم يجدوا إلاّ «راشد الغنوشي» ورئيسي تونس «المنصف المرزوقي» و«الباجي قائد السبسي» فهذا يعدّ من دسّ السّمّ في الدّسم وأعتقد أنّهم يدركونه ومن المبكّر تقييم النتائج. لكن ينبغي أن تذكروا جائزة «هنري كيسنجر» صاحب أكبر مشروع تدميري في العالم، فقد حصد يوما جائزة نوبل ذلك أنّه دوّن تفاصيل مقترحات لإغراء الولايات المتحدة بتأكيد تأييدها لقرار مجلس الأمن الدّولي رقم 181 الصّادر في 1947 الذي يدعو الى تقسيم فلسطين الى دولتين، إحداهما عربيّة والأخرى يهوديّة، على أن تبذل الولايات المتحدة «مساعيها الحميدة» للوساطة بين الجانبين في شأن التّوصل الى اتفاق على «حدود دائمة وآمنة» بين الدّولتين المشار اليهما. وبقيّة القصّة معلومة ..فمن يستدلّ نفيا أنّ رباعي الحوار الوطني عبر نوبل غير عرّاب للهزائم قادم؟
قبل الختام لو أسندت الجائزة بدل الرّباعي لظريف وكيري، ولنقل: «هذا ظفر محتمل في العام القادم». فابحثوا خلال السّنة هل بوسعنا ترتيب موقف عن ايران يثبت جموح سياساتها نحو حصد الجوائز ولو بالبحث عن السّلام مع اسرائيل على قاعدة الشّرعيّة الدّوليّة ومهما يكن الثمن. فلنتابع  إلى أيّ مدى يمكن للعرب مجتمعين بناء موقف ثوري موحد من إيران وإلى أيّ مدى يمكن أن تمرّغ إيران أنفها في التّراب لأجل الجوائز الدّوليّة خدمة لمصالحها الخفيّة. وإن لم نجد شيئا من ذلك فلنتوقع إلى أيّ مدى يمكن لإيران أن تقبل بالتّهديد الذي تمارسه دول العالم والمنطقة عليها كي تغيّر سياساتها؟ ومن ثمّ هل ستتستّر وتقبل بالتّطبيع مع بني صهيون وتمكر بحلفائها وتجعلهم غنيمة لهم؟ هنا دقّقوا المصادر لأنّ من الباحثين-  فيما أرى- من ينزّه مصادره  عن ترّهات كذوبة ويرجم بالغيب ويوشك أن يقول إنّ وقوف الشّيعة على عتباتهم المقدسة محض الزّور من التديّن. 
أخيرا، إذا اختلطت المصادر والتمس الحقّ بالزور ولم نعرف  من هم عبدة الأوثان الذين باعوا فلسطين فإنّي عندما أعبّر عن موقفي أشتهي ألا أزكّي إيران وتكذيب نفسي للتسبيح بحمد العرب. ولكن في العام هي معادلة توجز في سؤال بليغ هل نجعل سقايّة الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن باللّه واليوم الآخر وجاهد في سبيل اللّه. فكذلك الموقف العربي لا يستوي بالفارسي. أمّا في جائزة نوبل فكيف نسوي من سياسته تحرير المقدسات بمن يقدّم ولاء الطّاعة للبيت الأبيض البوهيمي في الضوء لا تحت جنح الظلام وأنّى لأصحاب الجوائز التّخفي وسترة الولايات المتحدة اهترأت وهي تدافع عن أمن اسرائيل وتفضح أصدقاءها وهم بعد لا يعون . حاليا أصل البحث عن الأزمات مؤجل. ولكن بالنّتائج سياسة ما هي مهزومة.. فيلق القدس أو موكب جوقة الياسمين ..
 الهوامش
(1) يتألّف هذا الرباعي من الاتحاد التونسي العام للشغل، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين والرابطة التونسية لحقوق الإنسان.
(2) آل سعود ومعهم معظم الدول العربية لا يقرون بزعامة إيران للعالم الاسلامي وآل سعود يرون في أعضاء حكومة الكيان العبرانية أنّهم أبناء عمومة يمكن أن يتكفلوا بحمايتهم من أطماع إيران التوسعية والدليل على ذلك أنّه لمّا فشلت الخطة الامريكية في نشر ما يسمى بالدرع الصاروخية في اوروبا قبلت دول الخليج نقل الخطة للمنطقة وتوهموا بإيعاز من الشّيطان الأكبر أنّ ذلك يرفع قدراتهم الدفاعية في مقابل الصواريخ الايرانية البعيدة المدى. بينما تلك كانت الذرائع فهدف اميركا الحقيقي من نشر صواريخها هو غير ذلك الادعاء، اي انه للدفاع عن الكيان الصهيوني. وهم لم يستوعبوا ولم يتحركوا..
(3) معهد شاثام هاوس (Chatham House)، والمعروف رسميا باسم المعهد الملكي للشؤون الدولية (The Royal Institute of International Affairs) هو أحد أكبر المنظمات الماسونية الدولية ومقره بريطانيا وأسس تزامنا مع سقوط دولة الخلافة العثمانية وبالتحديد سنة 1920 
------
- متفقد تعليم إبتدائي
tahakaanich@gmail.com