الإفتتاحية

بقلم
التحرير الإصلاح
الإفتتاحية
 نعيش اليوم الذكرى 59 لمجزرة كفر قاسم التي ذهب ضحيتها عشرات من النساء والأطفال الفلسطينيين ولم تكن هذه المجزرة الوحيدة التي اقترفها الصهاينة في حقّ العرب والمسلمين بل هي إحدى حلقات جرائمهم المتواصلة إلى يومنا الحاضر. وما كان لهؤلاء المجرمين  سبيل لبلوغ ما وصلوا إليه من هيمنة لولا انحطاط أمّتنا وهوانها على الأمم. وما كان لهذا الانحطاط أن يصيب أمتنا لولا استفحال داء الإستبداد في جسدها وهيمنته على مفاصله حتّى تحوّل بمرور الزّمن إلى ثقافة مجتمعيّة تتجلّى تعبيراتها لدى المستبِد والمستبَد به على حدّ سواء. وقد سعى التونسيون وغيرهم من العرب والمسلمين إلى القضاء على هذا الدّاء عبر ثوراتهم، فهرب من الشبّاك لكنه قد يعود في أية لحظة من الباب - كما يرى المهندس فيصل العش في مقاله - «ما لم يتمّ فكّ الارتباط بين السّلطة وثنائي « الدّين والمال» من جهة والانطلاق في عمليّة إصلاح جذري للتّربية والتعليم من جهة ثانية بالتّوازي مع إرساء ثقافة تغيّر طريقة تفكيرنا في فهم الأشياء وإدارة الأمور».  
ويرى المهندس محمود جاء بالله في مقاله «أنّ منظومة الاستبداد تبنى دوما على أطماع ومصالح فئة صغيرة على حساب مجتمع بأكمله وهي تعمل على تجميع كلّ المقدرات لحماية هاته المصالح وإنفاذ سلطتها استنادا الى أحزمة واقية لها تتّخذ مواقع متعدّدة في المجتمع» ويضيف: «إنّ توق الشّعوب للتّحرر من كلّ أشكال الاستبداد والاستغلال لا يمكن أن يحدث بالوكالة أو بالتّمني أو بالتّخلي عن المسؤوليّة وإنّما بالانخراط الجماعي والفاعل في البناء ومقاومة معاول الهدم دون استقالة» إضافة إلى  ترسيخ مبدأ الشورى، ذلك «السّلوك الإسلامي الخاصّ المتفرّد الذي يعتبر خصيصة «أنصاريّة»، ومجلبة للمدح ومستوجبة للثّناء الرّباني» كما جاء في مقال الكاتب محمد صالح الضاوي الذي خصّ فيه إجتماع السقيفة بقراءة فريدة مبيّنا أنّه لم يكن مؤامرة من خلف المهاجرين وإنّما يندرج ضمن السّلوك الإسلامي للأنصار، مضيفا أنّ «الأنصار مثّلوا على مرّ سّنوات قليلة من تاريخ الإسلام، الشقّ المتطوّر المتقدّم المبادر إلى كلّ جديد، ....بحيث نرى أنّهم امتداد أصيل للإرث النّبوي المبدع والموحّد للمسلمين».
 لكنّ الشورى لم تتجسّد إلاّ في فترة قصيرة من صدر الإسلام ثمّ خفّ بريقها شيئا فشيئا ليحلّ محلّها حكم عضوض اتخذ من الاستبداد منهجا والجور والظلم أسلوبا للبقاء فتهاوت الأمّة وأصبحت لقمة سائغة للطامعين. واليوم وقد برزت بوادر استفاقة جديدة لهذه الأمّة، هل يحقّ لنا أن نحلم بأيّام مجد جديد؟ أمّ أنّ القطار قد فاتنا ولن يعود إلى الوراء، فنتساءل بترنيمات الشّاعر سالم المساهلي: 
أيّ نُوحٍ يا تُرى ..
ينجدُ شعبا .. يعلِكُ الأوهامَ
والطوفانُ مُحدق ..؟
يسهرُ الرّاعي مع الذئبانِ 
يستجدي سلاما ..
وهذي الأرضُ تغرق !!.