شخصيات

بقلم
التحرير الإصلاح
احمد شوقي
 ضيفنا هذه المرّة شاعر وأديب مصريّ با يعه الشعراء العرب في العام 1927 أميرا للشعراء لكونه كان أكبر مجددي الشعر العربي المعاصرين. اشتهر بالشعر الوطني والديني، ويعتبر رائد الشعر العربي المسرحي. إنّه الشاعر أحمد شوقي.
ولد شوقي في القاهرة يوم 20 رجب 1287هـ الموافق لـ 16 أكتوبر 1868، لأب کردي وأم من أصول ترکية شرکسية. ترعرع في كنف جدّته من الأمّ التي كانت لها علاقات متينة بالقصر الملكي. أظهر نبوغا كبيرا في دراسته حيث تفوّق في دراسته الابتدائيّة وأتمّ الثانويّة بنجاح ثم التحق وهو في الخامسة عشرة من عمره بمدرسة الحقوق والترجمة -كلية الحقوق لاحقا- منتسبا إلى قسم الترجمة، وبعد تخرجه في العام 1886 عيّنه الخديوي توفيق بن إسماعيل في خاصّته ثمّ أرسله بعد عام إلى فرنسا ليستكمل دراسة الحقوق في مدينة مونبيليه، وأقام هناك 3 أعوام..عاد بعدها إلى القاهرة بالشهادة النهائية في عام 1893 م.
عُين عقب رجوعه من فرنسا رئيسا للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي، وانتدب سنة 1896 لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين المنعقد بجنيف في سويسرا. وقد كان شوقي خلال هذه الفترة يفتخر بتأييده للخديوي لأنه ولي نعمته الذي تولى رعايته، ولأنه يعتبر أنّ الخلافة العثمانية هي خلافة إسلامية يجب عليهم الدفاع عنها. ومقابل ذلك هاجم شوقي الاحتلال البريطاني لمصر مما أدى إلى نفيه إلى إسبانيا 1914، بعد أن اندلعت نيران الحرب العالمية الأولى، وفرض الإنجليز حمايتهم على مصر 1920 م. وفي المنفى اطلع على الأدب العربي ومظاهر الحضارة الإسلامية في الأندلس واطّلع على الآداب الأوروبية، وكان في هذه الفترة متابعا لما يحدث في مصر فأصبح يشارك في الشعر من خلال اهتمامه بالتحركات الشعبية والوطنية الساعية للتحرير عن بعد وما يبث شعره من مشاعر الحزن على نفيه من مصر. ولمّا عاد إلى مصر وأوصد باب القصر أمامه، اتجه إلى أن يكون شاعراً لشعب مصر وأمته العربية والإسلامية وأخذ يشاركهم أفراحهم وأحزانهم وآلامهم حيث أصبح لسان حال الشعب والمعبر عن أمانيه والمدافع عن حقوقه، من ذلك قوله:
زمان الفرد يا فرعون ولــى ودالت دولــة المتجبرينـــــــا
وأصبحت الرعاة بكل أرض علـى حكــــم الرعية نازلينـــا
فعجل يابن إسماعيل عجـــل وهات النور وأهدِ الحائرينــا.
ملك شوقي خيالا خصبا وعاطفة صادقة ومشاعر جيّاشة، فقد كان يكتب من الوجدان في الكثير من المواضيع، فنظّم في مديح الرسول صلى الله عليه وسلم، ونظّم في السّياسة ما كان سبباً لنفيه إلى الأندلس، ونظّم في حبّه لوطنه والشوق إليه، وفي مشاكل عصره كمشاكل الطلاب والجامعات.
كان شوقي مثقفًا ثقافة متنوعة الجوانب، فقد انكب على قراءة الشعر العربي في عصور ازدهاره، وصحب كبار شعرائه، وأدام النظر في مطالعة كتب اللغة والأدب، وكان ذا حافظة لاقطة لا تجد عناء في استظهار ما تقرأ؛ حتى قيل بأنه كان يحفظ أبوابًا كاملة من بعض المعاجم، وكان مغرمًا بالتاريخ يشهد على ذلك قصائده التي لا تخلو من إشارات تاريخية لا يعرفها إلا المتعمقون في دراسة التاريخ. وكان ذا حس لغوي مرهف وفطرة موسيقية بارعة في اختيار الألفاظ التي تتألف مع بعضها لتحدث النغم الذي يثير الطرب ويجذب الأسماع، فجاء شعره لحنًا صافيًا ونغمًا رائعًا لم تعرفه العربية إلا لقلة قليلة من فحول الشعراء
ساهم شوقي مساهمة كبيرة في إحياء الشعر العربي وإعادته إلى مستواه الرفيع وكان من أخصب شعراء العربية إنتاجا، حيث كتب ما يزيد على 23 ألفا وخمسمائة بيت، وخلف ديواناً ضخماً عرف بديوان (الشوقيات) وهو يقع في أربعة أجزاء، ضمّ الأول قصائد الشاعر في السياسة والتاريخ والاجتماع والثاني قصائده في الوصف ومتفرقات في التاريخ والسياسة والاجتماع. والثالث طبع بعد وفاته في عام 1936 م وخصص للرثاء. أمّا الجزء الرابع فقد وضمّ عدّة أغراض وأبرزها التّعليم وفيه قصيدته المشهورة التي تتغنّى بالمعلّم وفيها:
قُم لِلمُعَلِّــــــمِ وَفِّـــــه التَبجيــــلا كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا
أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي يَبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا
ويعتبر عام 1893 عام تحول في شعر أحمد شوقي حيث وضع أول عمل مسرحـي في شعره ثم تلاه بعدد لاباس به من المسرحيات الشعرية فأصبح رائده الأول على المستوى العربي. وله في النثر ثلاث روايات منها عذراء الهند والفرعون الأخير، كما للشاعر العديد من المقالات الاجتماعية التي جمعت عام 1932 م، تحت عنوان (أسواق الذهب) من مواضيعها الوطن، الأهرامات، الحرية، الجندي المجهول، قناة السويس.
توفــي أميــر الشعــراء أحمــد شوقــي يوم 14 جمادى الآخــرة 1351هـ الموافـق 14 أكتوبر1932، بعد فراغه من نظم قصيدة طويلة يحيي بهــا «مشروع القـــرش» الذي نهض به شباب مصر في تلك الفترة ومخلفاً للأمة العربية تراثاً شعرياً خالداً.