الإفتتاحية

بقلم
التحرير الإصلاح
الإفتتاحية
 ودّعنا هذه الأيام سنة هجريّة مليئة بالأحزان والهموم نتيجة الأحداث المؤلمة التي عاشتها أمّتنا الإسلاميّة حيث خرّبت فيها الأوطان وقتل آلاف الأبرياء المدنيين العزّل، وها نحن نستقبل عاما جديدا نرجو أن يكون عام خير وبركة، فيه يزرع النّاس الحب وفيه يحصدون سلاما وأمنا. وبهذه المناسبة تنقدّم إلى قرّاء الإصلاح بأحرّ التهاني وأجمل التمنيات راجين من الرحمان أن يرفع عن المسلمين الغمّة ويرشد من بيده زمام أمورهم من سياسيين ونخب إلى الطريق المستقيم، الطريق الذي رسمه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم من خلال هجرته إلى المدينة  حتّى يكونوا في مستوى الآمال المعلّقة عليهم من طرف كل المستضعفين والفقراء والمساكين. 
لقد كانت هجرة الرسول صلى الله عليه وسلّم هجرة الأحرار كما جاء في مقال المستشار لطفي الدهواثي وقد مثّلت كما يذكر المهندس فيصل العش في مقاله: «حدثا فريدا من نوعه في تاريخنا وهو باستمرار معين لا ينضب يتدفّق بالمعاني والعبر والدّروس، وكلما تأمّلنا فيه وغصنا في جوانبه المتعددة إلاّ واكتشفنا آفاق جديدة لمفهوم الهجرة واستنتجنا منها محركات تربوية جديدة تساعدنا على استيعاب سليم لرسالة الإسلام وترشيد التدين وشحذ الفاعلية للعطاء والعمل ومن ثمّ صناعة النخب المتصالحة مع ذاتها وهويتها، القادرة على القيام بالدور المنوط بعهدتها سواء في علاقتها مع الله أو مع مجتمعاتها أومع الإنسانية جمعاء».ثم يضيف: «نحن في حاجة إلى هجرتين، هجرة أولى نحو الأوطان وليس خارجها، نحيي فيها قيم العمل والاتقان ونغرس في أبنائها معاني الحبّ والتسامح والتكافل، ونقاوم كلّ أشكال الفتن ما ظهر منها وما بطن وهجرة ثانية داخل أنفسنا ندرّبها على هجر ما لا يُرضي الله تعالى».
وفي نفس السياق يكتب المهندس محمود جاء بالله «اليوم ونحن نودع سنة هجرية ونستقبل أخرى نتساءل عن المحصلة وعن المعاني التي يمكن أن نستقيها من هاته النّقلة الرّاقية والمضيئة في تاريخ الأمة ؟ خاصّة بعد التأكد من أنّه لا هجرة بعد الفتح كما جاء على لسان المصطفى. وبالتالي فهجرة الأوطان والفرار منها في زماننا هذا وتركها للناهبين والمستعمرين الجدد يعدّ خيانة ووهن» ليضيف «إن الهجرة الحقيقية المطلوبة اليوم هي هجران مواضع التّردي والتّشرذم وهجران الأفكار المحبطة والتآمرية عَلى الأوطان والشعوب. الهجرة هي إحداث نقلة نوعيّة نحن بحاجة اليها وهي تغيير جوهري في التّفكير والتّخطيط والتّشييد».
ولأنّ النخب هي القدوة في كلّ تغيير جوهري، فإنّ النظر في تفكيرها وتطوّر مواقفها أمر أساسي يوضّح الصورة ويرفع كل أنواع الإلتباس. لهذا ارتأينا نشر البحث الذي ترجمه الأستاذ محمد العشيّ والذي أعدّه الكاتب Rory McCARTHY ونشره بالصحيفة البريطانيّة لدراسات الشرق الأوسط، نظر فيه «بعيون أجنبية» إلى «حماية المقدّسات» على أساس كونها عنصرا هامّا في تطوّر ما بعد الإسلام السياسي post-Islamic evolution لحركة النّهضة بصفتها معبّر عن جزء من النخبة، ويذهب إلى أنّ هذا المفهوم صار مفتاحَ الحركة في  مشروع الأصالة الثّقافيّة.
قراءة ممتعة.....