نقاط على الحروف

بقلم
اسماعيل بوسروال
شبكة التربية والتكوين والبحث العلمي ريفورس تقدّم مشروعها لاصلاح المنظومة التربوية
 تأسست شبكة التربية والتكوين والبحث العلمي  ريفورس refors  سنة 2012 وهي تضم عددا من الجمعيات التربوية انطلقت بـ 12 جمعية و أصبحت تضم اليوم أكثر من 70 جمعية إلى جانب بعثها لتنسيقيات جهويّة في مختلف جهات الجمهورية وعددها 23. 
أنجزت شبكة «ريفورس» ندوتين وطنيتين دامت كل واحدة منهما ثلاثة أيام وذلك بدار الكتب الوطنية، الأولى في ديسمبر2013 تحت شعار«إصلاح التعليم يبدأ بإصلاح العقول» والثانية في ديسمبر2014 تحت شعار« إصلاح المنظومة التربوية، الدستور مدخلا». 
أنشأت الشبكة هيئة علمية تتكون من 21 خبيرا وباحثا ومهتمّا بالشّأن التّربوي قصد إعداد مشروع للإصلاح التّربوي وشرعت في عملها التّطوعي المدني لإنجاز عشر وحدات علميّة تغطّي مختلف مراحل التعليم ( تحضيري ـ ابتدائي ــ إعدادي ـ عال ـ بحث علمي) وتتناول مختلف قضايا التّربية في بلادنا ومشكلاتها.
وفي أفريل 2015 أطلقت وزارة التّربية ما يسمّى « الحوار الوطني لإصلاح المنظومة التربوية» إلاّ أنّه كان بمثابة جعجعة بلا طحين، فقد اتّسم بإقصاء عدد كبير من جمعيات المجتمع المدني منها شبكة «ريفورس» وجمعية «تطوير التّربية المدرسيّة» ذات الجذور العريقة بفروعها الـ 16  وجمعية «المربّين التّونسيين» الممتدّة على تراب الوطن وجمعية «الرّسالة التّربوية» وجمعية «أمانة للتّربية والثقافة»، كما تمّ إقصاء جمعيّات أولياء التّلاميذ المبثوثة هنا وهناك ممّا دفعها جميعا إلى التّحرك وردّ الفعل.
وبانضمام قوى مدنيّة أخرى كـ«منتدى الفارابي للدراسات والبدائل بصفاقس» و«منتدى المعرفة بسوسة» و«مركزالزيتونة للدراسات» و«القطب المدني للتنمية وحقوق الانسان»، سعت إلى توحيد الجهود وإلى انتهاج أسلوب المقاومة السّلمية للغطرسة الجديدة من خلال بعث « الائتلاف المدني لإصلاح المنظومة التربوية» الذي أصدر كتابه الأبيض وأعلن عنه وقدّمه في ندوة صحفية بنزل أفريكا بتونس يوم 12 سبتمبر 2015 ويحمل عنوان : «إعادة بناء المنظومة التربوية».
لقد كان ما يسمّى « الحوار الوطني لإصلاح المنظومة التّربوية» شكلا من أشكال الانفراد بالرأي وأخذ القرار حيث، حيث استحوذ على هذا الملف واحتكره طيف واحد ذو لون ايديواوجي واضح من أجل تمرير رؤاه وفرضها على الشّعب التّونسي دون حلّ المشكلات التّربويّة الحقيقية والاكتفاء بالشّكل وبالهوامش ويتجلّى ذلك في تصميم وزارة التّربية على «الاقصاء الممنهج للمجتمع المدني»  . 
ترى شبكة «ريفورس» وهي جزء فاعل في الائتلاف المدني «أنّه يتحتّم معالجة القضايا الوطنيّة بروح الحوار والوفاق ومنها قضايا التّربية والتعليم» وقد واصلت عملها بواسطة خبرائها ـ الذين اشتغل عدد منهم على الواجهتين ـ وعقدت يوم 3 سبتمبر 2015 ندوة صحفية بنزل ابن خلدون قدّمت خلالها مشروعها لإصلاح المنظومة التربوية - الذي تطرّق إلى قضايا جوهرية بالتحليل وطرح البدائل- في شكل كتاب يحمل عنوان « رؤية لوفاق تربوي وطني في ضوء قيم دستـور الجمهورية الثانية» وهي بذلك تبسط وجهة نظرها للرّأي العام التّربوي والوطني وتطرحها للنّقاش آملة أن يحصل حوله توافق، بعد تفاعل وحوار، قصد بناء مستقبل أفضل لأبنائنا.
تنطلق مقاربة شبكة «ريفورس» لإصلاح المنظومة التربوية من أن المنظومة التربوية التونسية تواجه ثلاث تحديات كبرى :  
1ـ  تحدّي عدم تكيّف المتخرجين مع البيئة الاقتصادية (أزمة بطالة أصحاب الشهائد العليا) : 224 ألفا عند قيام الثورة 2010 /2011.
2ـ  تحدّي عدم  تكيّف المتخرجين مع الواقع الثقافي والاجتماعي (أزمة قيم): انتشار الانحراف في الأوساط التّلمذّية والطّالبية. 
 3 ـ تحدّي ضعف الاكتساب المعرفي والعلمي واللّغوي والتّقني (تراجع مردود المؤسّسة التّربوية من خلال التقييمات الدولية).
  (1) أهداف المشروع
   من بين الأهداف التي تعمل الشبكة من أجلها في مشروع إصلاح النظام التّربوي تأسيس مركز للبحوث والدراسات التربوية ومرصد للتربية والتعليم. 
يهتم مركز البحوث والدراسات التّربوية بالبرامج الرّسمية والمناهج، وبمتابعة تطبيقاتها ويقدّم البدائل المقترحة، فهو عبارة عن ورشة إنتاج رؤى وأفكار تواكب تطور التعليم في تونس كما يسعى للاستفادة من التّجارب الناجحة دوليا. 
ويعمل مركز البحوث والدراسات على أن  تصبح اللغة العربية اللغة الوطنية التونسية المستخدمة في كل مراحل التّعليم وفي كل مجالات المعرفة اللّغوية والعلميّة والتّقنية.
أما مرصد التّربية والتعليم فمهمته السّهر على سلامة عمليّة الإصلاح ورصد كلّ ما قد يحدث من تجاوزات تمسّ مسار العمل التّربوي، انّه أداة  تهدف الى المساعدة على تحقيق الأهداف التّربوية كما تمّ رسمها. 
(2) محتوى المشروع:
اتخذ مشروع «ريفورس» التربوي لنفسه أطرا مرجعية تتمثل في دستورالجمهورية الثانية للبلاد التونسية وقيم ثورة الحرّية والكرامة. وقد مثّلت  الندوات العلميّة وورشات العمل وإسهام الخبراء التربويين ـ بعد الثورة ـ مصادر أوليّة رئيسيّة سمحت ببلورة صورة صادقة عن مشكلات التربية والتّعليم في البلاد. وتؤكد شبكة «ريفورس» أنّها «لا تحتكر هذه مسألة إصلاح المنظومة التربوية بل تستأنس بمساهمة كل الطاقات العلمية الوطنية في كل الاختصاصات على اختلاف مشاربها الفكرية، كما تنصت باهتمام  الى مشاغل الأطراف كلّها من مربين وتلاميذ وأولياء وإداريين وأصحاب مؤسّسات اقتصادية». 
  لقد جاء كتاب شبكة التربية والتكوين والبحث العلمي نتيجة لعمل انكبت عليه الهيئة العلمية المركزيّة للشبكة المتكونّة من 21 شخصيّة لها علاقة مباشرة بالتّربية والتّعليم ببلادنا لعقود طويلة،عايشت مختلف الأطوار التي مرّت بها المنظومة التربوية التونسية من الاستقلال إلى اليوم. ويتضمّن بين دفّتيه بابا خّصص لتشخيص الواقع التربوي التونسي قبل الاستقلال (التّعليم المدرسيّ العامّ والتّعليم المدرسيّ الزّيتوني) وبعده (مشروع إصلاح التعليم التونسي عام 1958 وخلفيته، مشروع إصلاح التعليم بين الطموح والواقع خلال عشريّة 1958ـ1968، مشروع إصلاح التعليم 1991-2002، المحطة الثانية للإصلاح من 1991 إلى بداية الألفية الجديدة، المحطة الثالثة للإصلاح من 2002 إلى اليوم). وقد خصص الباب الثاني للبدائل والمقترحات الإصلاحيّة (التوصيات والمقترحات المجاليّة، الأهداف الكبرى للمنظومة التربويّة المستقبليّة، ملامح المتخرّج المنشود من المدرسة التونسيّة المستقبليّة، الطفولة والتربية ما قبل المدرسيّة، التكوين المستدام، البرامج التعليميّة والمناهج البيداغوجيّة، الإمتحانات ونظام التقييم والإرتقاء، الحياة المدرسيّة والبيئة التعليميّة، البنية التحتيّة للمؤسّسات التربويّة، الزّمن المدرسيّ، الأنشطة الثقافيّة والرياضيّة داخل المؤسّسات التربويّة، النظام التأديبيّ، الإدارة والحوكمة الرشيدة،التّعليم العالي والبحث العلميّ) وخصّصت الملاحق لتقديم التجربة الفنلندية والمراجع المعتمدة.
------
- عضو الهيئة العلمية لشبكة التربية والتكوين والبحث العلمي  ريفورس 
ismail_bsr2004@yahoo.fr