الإفتتاحية

بقلم
التحرير الإصلاح
الإفتتاحية

 من ينبش في واقعنا العربي الاسلامي ويحاول أن يفهم أسباب الأزمة الحادّة التي يعيشها والصراعات المريرة التي تميّزه سيكتشف كما جاء في مقال الكاتب محمد الصالح الضاوي «نحن والديمقراطيّة» أنّه «متأزم على المستوى الواقعي والمعرفي، وعلى الصعيد السّياسي بالخصوص» وأنّ الدّيمقراطية التي رفعت شعارا للربيع العربي لم تجد طريقها إلى التطبيق  «حيث لا نزال في صراع مع أنفسنا من أجل تقبّلها، وإن كان شقّّ كبير من مجتمعنا يرفضها، لا لسبب، إلاّ لعدم انسجامه عقليّا معها... حيث تتمّ نشأتنا في سياق متناقض مع جوهر الدّيمقراطية، الذي يتلخّص في: المشاركة والمحاسبة».

ولقد أدّى غياب الثّقافة الدّيمقراطيّة في الذّهن العربي إلى تحوّل الثّورات العربيّة إلى أبشع أشكال الفوضى والعنف والصّراع، ويعتبر المثال السّوري خير دليل على ذلك، فقد تحوّلت مطالبة السّوريين بالدّيمقراطيّة وبحقهم في المشاركة السّياسية إلى صراع مسلّح مع النظام تطور بسرعة إلى فوضى عارمة مدمّرة أتت على الأخضر واليابس. فاضطر ملايين السوريين إلى الهجرة بحثا عن الأمن والعيش الكريم. يقول المستشار لطفي الدهواثي في مقاله «الدرس السوري»: «لقد دفع السّوريون دفعا للهجرة من وطنهم في أعقاب تحوّل ثورتهم من السّلمية إلى السّلاح والاقتتال» ويضيف : «وصل السّوريون هذه المرّة إلى أوروبا مطالبين بحقوقهم في الأمان والعيش الكريم وهم يعبّرون هذه المرّة عن رغبة حقيقيّة في إفهام الغرب حقيقة مأساتهم ووضعه أمام مسؤولياته التّاريخية في البحث عن حلّ ليس لهؤلاء المهاجرين فقط وإنّما لكلّ الشّعب السّوري الذي تزداد مأساته تفاقما مع كل صبح جديد». ويبدو كما يقول الباحث والخبير السوري في الشؤون الاستراتيجيّة الدكتور عبدالله التركماني في مقاله «حول المعطيات المستجدة لفوضى الحالة السورية» أنّ «سباقاً بوتيرة سريعة انطلق بين قوى دوليّة وإقليميّة، معنيّة بفوضى الحالة السّورية، لإعادة رسم خريطة النّفوذ في المنطقة في مرحلة ما بعد «بشّار الأسد»، حيث التّحالفات وإعادة رسم أدوار الدّول بعد الاتّفاق النّووي مع إيران» ومن بين  الدول التي لها دور وتأثير كبير في الحالة السورية «تركيا» بقيادة أردوغان الذي غيّر مؤخرا سياسته تجاه المسألة السوريّة باعلانه الحرب على «داعش» و«الاكراد» وذلك في محاولة منه لإنقاذ مكانة بلده الإقليميّة من جهة واستثمار ما يحدث على أرض الواقع في الانتخابات القادمة التي ستجري في غرة نوفمبر على أمل تغيير رأي النّاخب التركي نحو تمكين حزب العدالة والتنمية من الأغلبية التي افتقدها في انتخابات جوان الفارط. حول هذا الموضوع كتب المهندس فيصل العش مقالا تحت عنوان «أردوغان وفرصة الاستدراك» تطرّق فيه إلى ما يحدث في تركيا هذه الأيام استعدادا للانتخابات المبكّرة، مبيّنا الأسباب التي قد تحقّق لأردوغان وصحبه حلمهم في الحصول على أغلبيّة تسمح لهم بحكم البلاد من دون الدّخول في تحالفات قد تجعل الوضع التركي هشّا وهو ما يخشاه الجميع خاصّة في الوضع الإقليمي الراهن.
قراءة ممتعة.....